أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-18
1539
التاريخ: 12-10-2014
1755
التاريخ: 27-04-2015
1585
التاريخ: 4-1-2016
6680
|
علينا أن نتعرف على النسخ لغة واصطلاحا ومعنى ، وما ذا يعني في مدلول الفكر الإسلامي وما الهدف منه ؟
النسخ لغة :
التعاريف اللغوية جاءت جميعا لتشير إلى حقيقة واحدة وذلك من خلال ملاحظة المعاجم اللغوية التي تتحدث عن هذه الكلمة، فقد يعرف «بإبطال شيء وإقامة آخر مقامه، يقال نسخت الشمس الظل أي أذهبته وحلت محله».(1) والنسخ يأتي بمعنى الإزالة، ومنه قوله تعالى : {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ } [الحج : 52]
ويأتي بمعنى التبديل {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل : 101] وبمعنى التحويل كناسخ المواريث، ويأتي أخيرا بمعنى النقل من موضع إلى موضع ، ومنه نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه حاكيا للفظه وخطه».(2)
النسخ اصطلاحا :
ليست الشريعة بعيدة عن اللغة بل هناك تقارب في المؤدي والنتيجة فتعريف الشريعة للنسخ وإن اختلفت مع اللغة في هذا التعريف شيئا ما : لا أنهما متقاربان.
فقال شيخ الطائفة : «أن استعمال هذه اللفظة في الشريعة على خلاف موضوع اللغة وإن كان بينهما تشبيها. ووجه التشبيه أن النص إذا دل على أن مثل الحكم الثابت بالنص المتقدم زائل على وجه لولاه لكان ثابتا بمنزلته المزيل لذلك الحكم، لأنه لولاه لكان ثابتا» (3) والإزالة ليست حقيقية وإنما من باب التشبيه كما قال.
وعن السيد الخوئي قدس سره قال : «هو رفع أمر ثابت في الشريعة المقدسة بارتفاع أمده وزمانه سواء أ كان ذلك الأمر من الأحكام التكليفية أم الوضعية وسواء أ كان من المناصب الإلهية أم من غيرها من الأمور التي ترجع إلى اللّه تعالى بما انه شارع». (4)
وعن الفخر الرازي : «أن الناسخ هو اللفظ الدال على ظهوره انتفاء شرط دوام الحكم الأول.
و عن الغزالي : هو الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتا مع تراضيه». (5)
النسخ في المفهوم الإسلامي :
يتصور البعض أن النسخ نقص في التشريع الإسلامي، فحينما يتبدل الحكم الأول إلى رأي آخر ويلغي فيصبح الحكم الثاني ساري المفعول لخطأ أو نقص في التشريع، فلا يمتاز الأول بالشمولية والكمال فتبدل إلى ما هو احسن، وقد يكون الثاني يحتاج إلى إعادة نظر وهكذا يتبدل إلى ثاني وثالث ما دام احتمال الخطأ والنقص وارد.
وهذا التصور قد ينطبق على أولئك الذين يضعون القوانين أو يستنبطون الأحكام دون أن يحيطوا علما بالمصلحة والمفسدة فلا يمتلكون الإحاطة الشاملة بالواقع وبما وراءه من الأمور والخفايا، أما بالنسبة لعلام الغيوب ربّنا سبحانه وتعالى المحيط بكل شيء {يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران : 5] فلا ترد عليه هذه الأمور فهو العالم بالخفايا قبل الخلق وبعد الخلق مكانا وزمانا وطولا وعرضا فيمتنع عليه الخطأ، ويستحيل عليه النقص، أو يفوته أمر ما يكون غافلا عنه، فحاشا للّه ذلك. إذا ما ذا يعني تبديل الحكم هل هو نسخ فعلا أم تبديل لحكم مؤقت وتشريع محدود من أول الأمر حيث انه سبحانه لم يشرعه إلا وهو يعلم أن له مدة محددة وإن المصلحة اقتضت التشريع المؤقت.
يقول العلامة الطباطبائي : «النسخ في القرآن معناه : انتهاء زمن اعتبار الحكم المنسوخ ونعني بهذا أن للحكم الأول كانت مصلحة زمنية محددة واثر مؤقت بوقت خاص تعلن الآية الناسخة انتهاء ذلك الزمن المحدود وزوال الأثر» .(6)
ولعل هذه الطريقة في تغيير الحكم بما يناسب المجتمع وفق الحالات التي يمر فيها، وكأنما الحكم الأول والثاني كلاهما ضمن سياق واحد أو دائرة واحدة، أو قل كلاهما حكم واحد صدرا من الخالق في علمه فكانا في اللوح المحفوظ في علمه في آن واحد ولكن حسب الترتيب، فحينما تنتهي فترة الأول يبدأ الثاني، ثم أن اللّه قادر على تبديل حكمه وفق المتغيرات والظروف التي يمر فيها المجتمع، وذلك بهدف التدرج في الرسالة ثم تعويد المسلمين على تلقي الحكم.
والنسخ في الحقيقة كما يقول آية اللّه المدرسي : «هو تطوير أسلوب الحكم بما يتناسب مع تطور الحياة بالرغم من وجود ذات الحكم مثل حكم الصلاة كانت إلى المسجد الأقصى في الشرائع السابقة فتحولت إلى الكعبة فالصلاة هي الصلاة ولكن تغيرت قبلتها» .(7)
فالمصلحة اقتضت أن يوجد الحكم الأول إلى وقت محدد ثم انتهى ذلك الوقت بناء على المصلحة وجاءهم الحكم الثاني كما في آية التوجه في قوله تعالى : {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة : 115] فيذكر في تفسير ابن كثير في تفسيره لهذه الآية عن ابن عباس )8) : أنها منسوخة بقوله تعالى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } [البقرة : 144]
وعن تفسير النعماني الذي نقله المجلسي ولخصه السيد علم الهدى في رسالة المحكم والمتشابه
عن علي (عليه السلام) : أنه كان رسول اللّه في أول مبعثه يصلي إلى بيت المقدس جميع أيام بقائه بمكة وبعد هجرته إلى المدينة بأشهر فعيّرته اليهود وقالوا : أنت تابع لقبلتنا فأحزن رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) ذلك منهم فانزل اللّه تعالى عليه، وهو يقلب وجهه في السماء وينتظر الأمر {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة : 144] .(9)
_______________________
1. مجمع البيان (ج1-2) ص 345 .
2. مباحث في علوم القرآن ص 259 .
3. عدة الأصول (ج2) ص 25 .
4. مجمع البيان ص 277 .
5. الفصول في الأصول ص 232 .
6. القرآن في الإسلام ص 65 .
7. من هدى القرآن (ج1) ص 229 .
8. تفسير ابن كثير (ج1) ص 157 .
9. بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص 221 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|