أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-8-2020
1553
التاريخ: 4-7-2020
3602
التاريخ: 12-7-2020
1661
التاريخ: 20-9-2020
1216
|
سلمان والمجوسية
قال سلمان رضي الله عنه وأرضاه:
« كنت ابن دهقان * قرية جي من أصبهان ، وبلغ من حب أبي لي أن حبسني في البيت كما تحبس الجارية فاجتهدت في المجوسية حتى صرت قطن بيت النار .. » (1).
الذي يبدو من هذا النص أن سلمان اعتنق المجوسية في بادئ أمره عندما كان يعيش في ظل أبويه شأن أي إنسان يعتنق دين آبائه وأجداده حين لا يجد مندوحةً عن ذلك وحين يفتقد المرشد والموجّه ويعيش بعيداً عن آفاق المعرفة. ومع هذا فان ذلك لا يمكن جعله خدشةً في نقاء الذات التي كان يحملها سلمان ولا وصمةً في طهرها، سيما بعد أن يتضح لنا أن إرتباطه بالمجوسية كان شكلياً صورياً غير مستند إلى شيءٍ من قناعاته.
وقبل البحث في هذه الناحية لا بد لنا من المرور في تأريخ « المجوسية » بشكل عابر وسريع نظراً لارتباط سلمان بها تأريخياً ، ومن ثم إيقاف القارىء على حقيقتها ، إذ أن للمجوسية في أذهاننا صورة لم تشأ الذاكرة أن تحتفظ منها بأكثر من « بيوت النيران » وتقديس المجوس أو عبادتهم لها حيث لم يوفروا لأنفسهم من هذا الدين سوى طابع الوثنية وتأطيرهم أنفسهم به عبر العصور ، إذن طبيعة البحث تتطلب منا معرفة : ما هي المجوسية؟
المعروف عن المجوس أنهم المؤمنون بزرادشت ، وكتابهم المقدس ( أوستا ) غير أن تاريخ حياته وزمان ظهوره مبهم جداً كالمنقطع خبره ، وقد افتقدوا الكتاب باستيلاء الإسكندر على إيران ، ثم جددت كتابته في زمن ملوك ساسان ، فأشكل بذلك الحصول على حاق مذهبهم.
والمسلّم أنهم يثبتون لتدبير العالم مبدأين، مبدأ الخير ومبدأ الشر «يزدان وأهريمن» أو «النور والظلمة» ويقدسون الملائكة ويتقربون إليهم من غير أن يتخذوا لهم أصناماً كما يفعل الوثنيون، وهم يقدسون البسائط العنصرية وخاصةً النار، وكانت لهم بيوت نيران بإيران، والصين، والهند، وغيرها، وينهون الجميع إلى «أهورا مزدا» موجد الكل.» (2)
هل هم أصحاب كتاب؟
والجواب عن هذا السؤال تتكفل به الكتب الفقهية لما يحمل من أهمية تتصل ببعض الأحكام الشرعية المترتبة على ذلك نفياً أو إثباتاً.
فالمقصود بأهل الكتاب، هم الأمة أو الفئة الخارجة عن الشريعة الإسلامية، لكنها تعتنق شريعةً معينة تسندها إلى الخالق سبحانه بواسطة النبي المرسل إليها، وهؤلاء منهم من له كتاب محقق كاليهود والنصارى فان التوراة والإنجيل كتابان سماويان بلا شبهة. ومنهم من له شبهة كتاب، كالمجوس.
ولا يبعد أن المراد بالكتب الكتب المنزلة على أولياء العزم وهم: نوح، وأبراهيم، وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم، والذي بقي منها إنما هو التوراة والإنجيل لا غير، فاختص اتباعهما باسم « أهل الكتاب » في القرآن الكريم ، ولم يثبت أن الإنجيل لم تكن له نسخة في زمن نزول القرآن غير هذه النسخ الأربع التي هي ليست منه في خلٍ ولا خمر ، لأنها وضعت من جماعة بعد صعود المسيح (عليه السلام) بمدد طويلة.
فإنجيل « مرقس » كتب بعد سبعين عاماً من صعود المسيح إلى السماء ، وأنجيل « متى » كتب في أوائل القرن الأول من صعوده ، وانجيل « لوقا » كتب في أوائل القرن الثاني وهكذا انجيل « يوحنا » وهي تنقض بعضها بعضاً في نسب المسيح وغيره. (3)
أما المجوس، فالذي يظهر من كلام الشهرستاني أن كتابهم هو: صحف ابراهيم (عليه السلام)، لكن تلك الصحف قد رفعت لأحداثٍ أحدثوها.. (4)
والأخبار الواردة في كتب الفقه تؤكد على أنهم من أهل الكتاب، لكنها لا تشير إلى رفعه عنهم. فمن ذلك:
ما رواه الشافعي باسناده، أن فروة بن نوفل الأسجعي قال: على ما تؤخذ الجزية من المجوس، وليسوا بأهل كتاب؟
فقام إليه المستورد، فأخذ بتلبيبه فقال: عدو الله، أتطعن في أبي بكر وعمر وعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد أخذوا منهم الجزية، فذهب به إلى القصر فخرج علي (عليه السلام) ، فجلسوا في ظل القصر ، فقال : أنا أعلم الناس بالمجوس ، كان لهم علم يعلمونه ، وكتاب يدرسونه. (5)
ومنه: ما رواه أحمد بن عبد الله بن يونس عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة: أن علياً (عليه السلام) قال على المنبر « سلوني قبل أن تفقدوني » فقام إليه الأشعث فقال : يا أمير المؤمنين ، كيف تؤخذ الجزية من المجوس ، ولم ينزل عليهم كتاب ، ولم يبعث اليهم نبي؟.
فقال: بلى يا أشعث، قد أنزل الله عليهم كتاباً، وبعث إليهم نبياً .. (صلى الله عليه وآله)
ومنه: صحيحة أو موثقة سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: بعث النبي (صلى الله عليه وآله) خالد بن الوليد إلى البحرين فأصاب بها دماء قوم من اليهود والنصارى والمجوس، فكتب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) أني قد أصبت دماء قوم من اليهود والنصارى فوديتهم ثمانمائة درهم ثمانمائة ، وأصبت دماء قوم من المجوس ولم تكن عهدت إلي فيهم عهداً.
فكتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن ديتهم مثل دية اليهود والنصارى ، وقال : إنهم أهل الكتاب. (6) إلى غير ذلك من النصوص.
__________________
* الدهقان: أمير البيدر أو أمير الفلاحين. وقطن بيت النار: سادنها والمشرف عليها.
(1) شرح النهج 18 / 36 ومضمون هذا النص متفق عليه لدى أغلب المؤرخين.
(2) لاحظ الميزان في تفسير القرآن 14 / 358.
(3) طهارة أهل الكتاب ، مخطوط ص 7.
(4) الملل والنحل 1 / 208.
(5) طهارة الكتابي ص 13 نقلاً عن سنن البيهقي9/ 188.
(6) الوسائل 19ب 13 ح 7 ص 161.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|