أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-04-2015
1718
التاريخ: 18-5-2016
2220
التاريخ: 14-4-2016
21088
التاريخ: 2-9-2016
2396
|
لو أدرك الناس كافة معنى الاسلام ، وفقهوا كنه ما يرمي إليه ، لما بقي على وجه الأرض يدين بدين آخر ، لأنه مطلوب كل روح ومرمى كل قابلية ، وانشودة كل استعداد ، ومطمأن كل إحساس ، ومنتهى كل عقل من معنى الدين والإيمان ، وهذا سر قوله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [سبأ : 28] .
ولو لا أنّ الاسلام دين ينطبق على كل قابلية واستعداد ، ويلائم كل عاطفة وإحساس ، لما كلف الخالق به عموم خلقه من إنس وجن ، وهو سبحانه وتعالى القائل بلسان الرحمة : {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة : 286]
فالقلب يشعر بوجود خالق لهذا الكون البديع أقامه على هذا السمت المدهش ، فتهتز في العقل عاطفة تعطفه لأن يتعقله ويدركه ، فيستعين بالفكر في إيتائه تلك الانشودة ، فيجول صاحبنا الفكر في فيافي التصورات فيعتضد بالخيال في شطحاته ، فيلبيه الخيال بنشاط بعد أن يعدّ كافة جنوده المعنوية ، فتثور في داخلية الانسان ثورة تتيقظ لها سائر عواطف النفس وقواها ، لأنّ الموضوع ماس بها من أخص جهاتها ، فتهب الحواس الخارجة أيضا من سباتها ، فتنظر العين إلى أبعد مدى تصل إليه ، فإذا كلت وحسرت تركت ما بعد قواها لجياد التصور والفكر ، فإذا عجزا دعوا الخيال لينفذ إلى حيث لم يصلا إليه ، وهكذا حتى يصل الأنسان لتصوير خالقه بأكمل صورة يشعرها ، ويهبه من الصفات أكمل ما يدرك أنه كمال. فإذا ارتقى عقله درجة أدرك أنه وصف إلهه وصوّره بما لا يحسن ، فيصلح من خطئه.
ثم يرتقي عن ذلك أيضا فيرجع للتغيير والتحوير. وهذا ما تريناه فلسفة التاريخ في جميع أطوار النوع الانساني ، وليس هذا موضوع بحثنا ، فإنا إنما نريد أن نصور لقارئنا الكريم صورة موجزة من صور انفعال قوى النفس وعواطفها لتأثيرات العقيدة بوجود الخالق ، توطئة لإدراك كنه ذلك الأدب الالهي الذي تهبه عقيدة التوحيد والتنزيه على سائر تلك القوى والعواطف.
ولهاتين العقيدتين أثر على نفس معتقدهما من جهة التأديب النفساني والتكميل الخلقي ، لا يدرك خطورته إلّا من أشرقت عليه لمعة من نوره وحفت به نفحة من جلاله. فهما إكسيران إلهيان ، وروحان سماويتان ، تنزلان من النفس الانسانية منزلة الشمس من سمائها ، فتطرد من دياجير الرعونات البشرية وتزيل من أدران المقتضيات السفلية ، ما لا تستقل بوصفه الأقلام ولا تتطلع لمداه الأفهام.
ومتتبع القرآن الكريم يجد حشدا عظيما من الآيات التي تلفت نظر العقلاء بشدة إلى التأمل في كل شيء تتناوله يد البحث العلمي بالدراسة والتأمل ، وحول هذه الأشياء تتجمع حشود العلوم الكونية ، التي ينتقل الباحثون المنصفون المتتبعون للحقيقة من ظواهرها إلى الايمان باللّه خالقها ومحكم نظامها ، والايمان بعظيم صفاته جلّ وعلا ، كما ينتفعون منها في مجال حياتهم الدنيا.
فيما يلي طائفة من النصوص الاسلامية الكثيرة التي تدفع الناس إلى البحث العلمي الشامل :
1- قوله تعالى في سورة البقرة : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة : 233]
2- وقوله تعالى في سورة لقمان : {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان : 14]
3- وقوله تعالى في سورة الأحقاق : {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف : 15].
4- وقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل الغذاء للرضيع حليب امّه».
ففي هذه النصوص من كتاب اللّه وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) دعوة إلى البحث العلمي بما يترتب على الرضاعة وما لحليب الام من فوائد جليلة للطفل. وإنّها أفضل بكثير من الرضاعة الصناعية التي انتشرت وشاعت في مجتمعاتنا الاسلامية.
ومما هو بعيد عن الانصاف كل البعد اتهام الاسلام أو المسلمين بالجمود ، لأنّ دورا من أدوار الانحطاط أصاب الشعوب الاسلامية بالتخلف بعد أن تراكبت عليهم مجموعة من الأسباب والعوامل الداخلية والخارجية فساقتهم إليه.
ويمكن وصف هذه الأسباب والعوامل جميعها بأنها امور دخيلة عليهم ، وليست من جوهر تعاليم الاسلام ، ولا من اسس تربيتهم الأسلامية التي توارثوها من منبعها الأساسي الذي تفجر مع فجر الاسلام بالخير والخصب والعلم ، وبكل عمل نافع ، وبكل تقدم حضاري كريم ، وكل حياة سعيدة رغيدة طاهرة من الاثم والشر والفساد في الأرض.
هذه التربية الاسلامية التي قام عليها أول الأمر رسول اللّه (صلوات اللّه عليه وآله) ، ثم تلاميذ مدرسته التاريخية من بعده ، فقدّمت للعالم معجزة تأريخية لا تطاولها معجزة اخرى.
هذه هي التربية العجيبة التي استطاعت أن تحول في ربع قرن شعبا متخلفا في ثقافته وحضارته ومدنيته ، فتجعل منه شعبا قائدا رائدا للعالم المتحضر يومئذ ، فاتحا فكره للعلم وقلبه للانسانية جمعاء ، ونفسه لحب الخير والسعي إليه حيث كان ، ومقدما جميع قواه وطاقاته للعمل المثمر في سبيل مجد الانسانية وسعادتها الدنيوية الاخروية ، وفي سبيل تحرير الانسان من العبوديات المختلفة ، وربطه- فقط- بعبوديته للقوة القاهرة ، العليمة الحكيمة غير المتطورة ، وهي العبودية للّه وحده لا شريك له ، وهي العبودية الاعتقادية والعملية الموافقة للحقيقة التي عليها واقع كل مخلوق.
فدار بهم الزمن آنئذ دورة حضارة راقية خالية من الشر والاثم والضر ، ورافقتها أفضل مدنية عرفتها تلك العصور ، فلم يدعوا مجالا من مجالات المعرفة التي تيسرت لهم حينئذ إلّا خاضوا غماره ، ولا ميدانا من ميادين السبق العلمي إلّا كانوا مجلين فيه ، بينما كانت أوروبا وسائر الشعوب تغط في نوم التخلف العميق ، وظلام الجهل الدامس. وشواهد ذلك كثيرة جدا ، من النصوص الاسلامية ، والتاريخ الصحيح.
أضافت الرضاعة الصناعية مشكلة جديدة إلى المشاكل الاجتماعية والصحية التي تعصف مجتمعاتنا الاسلامية. بعد أن تركت تعاليم القرآن الكريم وما جاء به من إرشادات صحية ، وتوجيهات اجتماعية ، مما يؤكد أنّ الارضاع الطبيعي هو الأفضل والأصلح لتكامل الاسرة ، وحلقة قوية من حلقات الصرح الاسروي السعيد.
فالرضاعة شوق الام لرضيعها واشتياق الرضيع لصدر امه. فهي عملية حب وشوق إلهي لا يحس بها إلّا الام والرضيع ، حيث تتجلى فيها أسمى المعاني الانسانية التي غرزها اللّه في قلب الام وعقلها وشعورها.
وبالجملة ، هي المعجزة التي تتكرر على مر العصور ، لكي تثبت للانسان أنّها سر إلهي للذي أتقن كل شيء.
وبعد التنبيه إلى هذه الرضاعة الطبيعية لا بدّ أن نلفت النظر إلى أنّ المرأة عنصر هام من عناصر المجتمع الاسلامي ، المسؤول عن بناء الحضارة الاسلامية بناء واقعيا ، على اسسها الفكرية الراسخة ، ولذلك يجب العناية بها عناية كبرى ، وإعداد المجتمع النسائي المسلم الذي يحمل نصيبه من العمل لاقامة البناء الحضاري المطلوب بهمة وصدق وإخلاص.
وبعد أن تبينّا موقف الاسلام من الابتكار والتحسين في مختلف مجالات الحياة ، لا بدّ أن نقضي العجب من الذين يفترون على الاسلام فيقولون : نريد أن نتخلص من القيود الاسلامية لندخل في عالم الصناعة الحديثة والاختراع والابتكار من أوسع الأبواب ، كأنّ الاسلام في نظرهم عدوّ الصناعة والاختراع والابتكار.
قرأت ما كتبه المنصفون من أبناء الغرب الناقمون على واقع حياتهم وما وصلوا إليه ، هذه استاذة في جامعة (انديانا) وصلت إلى مركز لا يحلم بمثله الرجال ..
تقول بعد أن بلغت (50) عاما من عمرها : كنت أسير خلف سراب الأوهام وما يرسمه لنا الرجال بالمشاركة العملية والمساواة بهم ، فأدركت بعد أن وصلت إلى هذه المكانة أنهم يضعوننا العوبة يتلهون بنا ، فبعد أن ذبل العود أو كاد لم أجد تلك الكلمات الرنانة .. إن امنيتي في الحياة أن أسمع أحلى نغمة تقرع سمع المرأة «ماما» وأن أستقر في بيت تظله الأسرة وحنانها .. ولكن ما ذا .. بعد فوات الأوان؟؟ ..
واخرى في مدينة (لوس انجلوس) الأمريكية لا يسعفها من المرض الذي تسبب عنه إغماء عند باب شقتها إلّا طالب مسلم ينقلها للمستشفى ، وعند ما سئلت عن أولادها إذا هم من علية المجتمع : استاذ جامعي ، طبيب ، صاحب محل تجاري ، بنتان متزوجتان وتسكنان بجوارها في نفس الشارع ، ولكنها لم تر هؤلاء من أكثر من سنة .. لسبب واحد لأنها في أول حياتها انصرفت عنهم بالعمل فضعفت الرابطة ، وشعروا بعد الامتزاج بفقدان الحنان في الصغر.
لهذا نرى أنّ العدول عن الرضاعة الطبيعية يسبب خللا واضحا في العلاقة بين الام ورضيعها ، وفتورا في المشاعر والأحاسيس.
واليوم بدا جليا بعد الدراسات الطويلة والأبحاث العديدة في الحقول الطبية ، أنّ ما جاء به القرآن حول الرضاعة الطبيعية من الام هو الأفضل والأحسن.
فشكرا للّه على إرشاده لنا ولطفه الدائم علينا.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|