أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-8-2020
23649
التاريخ: 31-8-2020
5816
التاريخ: 1-9-2020
13467
التاريخ: 31-8-2020
9602
|
قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَو يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58) وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} [الكهف: 57 - 59]
قال سبحانه { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا} معناه: ليس أحد أظلم لنفسه ممن ذكر أي وعظ بالقرآن وآياته ونبه على أدلة التوحيد فأعرض عنها جانبا { وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} أي: نسي المعاصي التي استحق بها العقاب وقيل معناه تذكر واشتغل عنه استخفافا به وقلة معرفة بعاقبته لأنه نسي ذلك ثم قال سبحانه { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} وهي جمع كنان { أَنْ يَفْقَهُوهُ} أي: كراهة أن يفقهوه أولئلا يفقهوه.
{ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} أي: ثقلا وقد تقدم بيان هذا فيما مضى وجملته أنه على التمثيل كما قال في موضع آخر وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كان في أذنيه وقرا فالمعنى كان على قلوبهم أكنة أن يفقه وفي آذانهم وقرا أن يسمع { وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا } أخبر سبحانه أنهم لا يؤمنون أبدا وقد خرج مخبره موافقا لخبره فماتوا على كفرهم.
{ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} معناه: وربك الساتر على عباده الغافر لذنوب المؤمنين ذوالنعمة والإفضال على خلقه وقيل: الغفور التائب ذوالرحمة للمصر بأن يمهل ولا يعجل وقيل: الغفور لا يؤاخذهم عاجلا ذوالرحمة يؤخرهم ليتوبوا { لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ} في الدنيا { بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ} وهو يوم القيامة والبعث { لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا } أي: ملجأ عن ابن عباس وقتادة وقيل محرزا عن مجاهد وقيل منجا ينجيهم عن أبي عبيد قال : يقال لا وألت نفسه أي لا نجت قال الأعشى :
وقد أخالس رب البيت غفلته وقد يحاذر مني ثم لا يئل
وقال الآخر :
لا وألت نفسك خليتها للعامريين ولم تكلم (2)
{ وَتِلْكَ الْقُرَى} إشارة إلى قرى عاد وثمود وغيرهم { أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} بتكذيب أنبياء الله وجحود آياته { وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ} أي: وجعلنا لوقت إهلاكهم أولوقت هلاكهم { مَوْعِدًا} معلوما يهلكون فيه لمصلحة اقتضت تأخيره إليه وإنما قال سبحانه { وَتِلْكَ الْقُرَى} ثم قال { أَهْلَكْنَاهُمْ } ولم يقل أهلكناها لأن القرية هي المسكن نحوالمدينة والبلدة وهي لا تستحق الهلاك وإنما يستحق الهلاك أهلها ولذلك قال { لَمَّا ظَلَمُوا} يعني أهل القرية الذين أهلكناهم .
_______________
1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص359-360.
2- كلمه كلماً:جرحه.
{ ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها ونَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ } .
أوضح سبحانه الدلائل على وجوده ووجوب طاعته بشتى الأساليب ، وضرب الكثير من الأمثال على ذلك ، وأمر الإنسان بالخير ونهاه عن الشر ، وان يتوب مما أسلف من الذنوب ، وحذره من مخالفة الأمر والنهي والإصرار على الذنب ، ولكنه أعرض ونأى بجانبه ، وأهلك نفسه بفساده وعناده { إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وفِي آذانِهِمْ وَقْراً } . تقدم نظيره مع التفسير في الآية 25 من سورة الأنعام ج 3 ص 176 والآية 46 من سورة الإسراء .
{ وإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً }. وكيف يهتدون ؟ وعلى قلوبهم أغطية ، وفي آذانهم صمم . وكل من لا ينتفع بالموعظة الحسنة فهو وأعمى القلب والعين والأصم سواء.
{ ورَبُّكَ الْغَفُورُ ذُوالرَّحْمَةِ لَويُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ } . تقدم نظيره مع التفسير في الآية 61 من سورة النحل ج 4 ص 525 { بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً } أي ملجأ ، والمراد بالموعد هنا وقت اللقاء عند اللَّه الذي لا خلف له ، ولا مفر عنه ، قال الإمام علي ( عليه السلام ) مخاطبا ربه : « أنت الأبد لا أمد لك ، وأنت المنتهى لا محيص عنك ، وأنت الموعد لا ملجأ منك إلا إليك ، بيدك ناصية كل دابة ، واليك مصير كل نسمة » .
{ وتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً }. المراد بالقرى قرى عاد وثمود وغيرهما من الأمم الخالية ، والمهلك الهلاك ، والمعنى ان اللَّه جعل لهلاك الظالمين وقتا معينا ، فإذا جاء لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون .
______________
1- تفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص 141.
قوله تعالى:{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} إعظام وتكبير لظلمهم والظلم يعظم ويكبر بحسب متعلقه وإذا كان هو الله سبحانه بآياته فهو أكبر من كل ظلم.
والمراد بنسيان ما قدمت يداه عدم مبالاته بما يأتيه من الإعراض عن الحق والاستهزاء به وهو يعلم أنه حق، وقوله:{ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} كأنه تعليل لإعراضهم عن آيات الله أوله ولنسيانهم ما قدمت أيديهم، وقد تقدم الكلام في معنى جعل الأكنة على قلوبهم والوقر في آذانهم في الكتاب مرارا.
وقوله:{ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا } إياس من إيمانهم بعد ما ضرب الله الحجاب على قلوبهم وآذانهم فلا يسعهم بعد ذلك أن يهتدوا بأنفسهم بتعقل الحق ولا أن يسترشدوا بهداية غيرهم بالسمع والاتباع، والدليل على هذا المعنى قوله:{ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} حيث دل على تأييد النفي وقيده بقوله:{إذا} وهو جزاء وجواب.
قال في روح المعاني،: واستدلت الجبرية بهذه الآية على مذهبهم والقدرية بالآية التي قبلها.
قال الإمام: وقل ما تجد في القرآن آية لأحد هذين الفريقين إلا ومعها آية للفريق الآخر، وما ذاك إلا امتحان شديد من الله تعالى ألقاه الله على عباده ليتميز العلماء الراسخون من المقلدين. انتهى.
أقول: وكلتا الآيتين حق ولازم ذلك ثبوت الاختيار للعباد في أعمالهم وانبساط سلطنته تعالى في ملكه حتى على أعمال العباد وهو مذهب أئمة أهل لبيت (عليهم السلام).
قوله تعالى:{ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} إلى آخر الآية، الآيات - كما سمعت - مسرودة لتهديدهم بالعذاب وهم فاسدون في أعمالهم فسادا لا يرجى منهم صلاح وهذا مقتض لنزول العذاب وأن يكون معجلا لا يمهلهم إذ لا أثر لبقائهم إلا الفساد لكن الله سبحانه لم يعجل لهم العذاب وإن قضى به قضاء حتم بل أخره إلى أجل مسمى عينه بعلمه.
فقوله:{ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} صدرت به الآية المتضمنة لصريح القضاء في تهديدهم ليعدل به بواسطة اشتماله على الوصفين: الغفور ذي الرحمة ما يقتضي العذاب المعجل فيقضي ويمضي أصل العذاب أداء لحق مقتضيه وهو عملهم، ويؤخر وقوعه لأن الله غفور ذو رحمة.
فالجملة أعني قوله:{ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} مع قوله:{ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ} بمنزلة متخاصمين متنازعين يحضران عند القاضي، وقوله:{ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا} أي ملجأ يلجئون منه إليه بمنزلة الحكم الصادر عنه بما فيه إرضاء الجانبين ومراعاة الحقين فأعطي وصف الانتقام الإلهي باستدعاء مما كسبوا أصل العذاب، وأعطيت صفة المغفرة والرحمة أن يؤجل العذاب ولا يعجل وعند ذلك أخذت المغفرة الإلهية تمحو أثر العمل الذي هو استعجال العذاب، والرحمة تفيض عليهم حياة معجلة.
ومحصل المعنى: لويؤاخذهم ربك لعجل لهم العذاب لكن لم يعجل لأنه الغفور ذوالرحمة بل حتم عليهم العذاب بجعله لهم موعدا لا ملجأ لهم يلجئون منه إليه.
فقوله:{ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ} إلخ كلمة قضاء وليس بحكاية محضة وإلا قيل: بل جعل لهم موعدا إلخ فافهم ذلك.
والغفور صيغة مبالغة تدل على كثرة المغفرة، وذوالرحمة - ولامه للجنس - صفة تدل على شمول الرحمة لكل شيء فهي أشمل معنى من الرحمن والرحيم الدالين على الكثرة أوالثبوت والاستمرار فالغفور بمنزلة الخادم لذي الرحمة فإنه يصلح المورد لذي الرحمة بإمحاء ما عليه من وصمة الموانع فإذا صلح شمله ذوالرحمة، فللغفور السعي وكثرة العمل ولذي الرحمة الانبساط والشمول على ما لا مانع عنده، ولهذه النكتة جيء في المغفرة بالغفور وهو صيغة مبالغة وفي الرحمة بذي الرحمة الحاوي لجنس الرحمة فافهم ذلك ودع عنك ما أطنبوا فيه من الكلام في الاسمين.
قوله تعالى:{ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} المراد بالقرى أهلها مجازا بدليل الضمائر الراجعة إليها، والمهلك بكسر اللام اسم زمان.
ومعنى الآية ظاهر وهي مسوقة لبيان أن تأخير مهلكهم وتأجيله ليس ببدع منا بل السنة الإلهية في الأمم الماضين الذين أهلكهم الله لما ظلموا كانت جارية على ذلك فكان الله يهلكهم ويجعل لمهلكهم موعدا.
ومن هنا يظهر أن العذاب والهلاك الذي تتضمنه الآيات ليس بعذاب يوم القيامة بل عذاب دنيوي وهو عذاب يوم بدر إن كان المراد تهديد صناديد قريش أوعذاب آخر الزمان إن كان المراد تهديد الأمة كما مر في تفسير سورة يونس.
______________
1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج13،ص269-271.
لا استعجال في العقاب الإِلهي:
الآيات السابقة كانت تتحدَّث عن مجموعة مِن الكافرين المُتعصبين والمظلمة قلوبهم; والآيات التي بين أيدينا تستمر في نفس البحث.
ففي البداية قوله تعالى: {ومَن أظلم ممن ذكّر بآيات ربَّه فأعرضَ عنها ونسي ما قدَّمت يداه}.
إِنّ استخدم تعبير (ذكّر) يوحي إِلى أنَّ تعليمات الأنبياء(عليهم السلام) هي بمثابة التذكير بالحقائق الموجودة بشكل فطري في أعماق الإِنسان، وإِنَّ مهمّة الأنبياء هي رفع الحجب عن نقاء وشفافيه هذه الفطرة.
هذا المعنى ورد في الخطبة الأُولى مِن خطب نهج البلاغة حيث يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام): «ليَسْتَأدُوهُم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا إِليهم بالتبليغ، ويُثيروا لهم دفائن العقول».
الطريف في الأمر أنَّ الآية الكريمة رسمت ثلاثة مسالك ليقظة هؤلاء وإِعادتهم إلى نور الهداية، هي:
أوّلا: إِنَّ هذه الحقائق تلائم بشكل كامل ما هو مكنون في فطرتكم ووجدانكم وأرواحكم.
ثانياً: إِنّها جاءت مِن قبل خالقكم.
ثالثاً: عليكم أن لا تنسوا أنّكم اقترفتم الذنوب، وأنَّ مِنهاج عمل الأنبياء هو فتح باب التوبة مِن الذنوب والهداية للصواب.
لكن هذه الفئة مِن الناس لم تؤمن برغم كل ذلك: {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا}(2) وبذلك لا تنفع معهم دعوتك: {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}.
ولا نعتقد أننا بحاجة إلى أن نوضح أن سبب إِنعدام قابلية التشخيص والقدرة والإِحساس والسمع لدى هؤلاء، إِنّما كانَ مِن عندَ الله، ولكن بسبب (مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) وبسبب الأعمال التي قاموا بها سابقاً، وهذا هو الجزاء المباشر لأعمالهم ولما كسبت أيديهم. بعبارة أُخرى: إِنَّ الأعمال القبيحة السيئة والمخزية تحوَّلت إِلى ستار وثقل، أي (كنان ووقر) على قلوبهم وآذانهم، وهذه الحقيقة تذكرها الكثير مِن الآيات القرآنية، إِذ نقرأ على سبيل المثال قوله تعالى في الآية (155) مِن سورة النساء: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}.
ولكن هناك مَن يتذَرَّع بشتى الحجج والذرائع لإِثبات فكرة الجبر ودعم مذهبه في ذلك، دون أن يأخذ بنظر الاعتبار بقية هذه الآية، وسائر الآيات القرآنية الأُخرى التي تفسرها، بل يعتمد على ظواهر ألفاظ الآيات ويتخذها سنداً لإِثبات مقولة الجبر، في حين أنَّ الجواب على ذلك ـ كما أسلفنا ـ واضح بدرجة كبيرة.
إِنَّ البرانامج التربوي للخالق جلَّوعلا هو أن يُعطي لعباده الفرصة بعد الأُخرى، وهو جلَّ وعلا لا يُعاقب بشكل فوري مِثل الجبارين والظالمين، بل إِنَّ رحمته الواسعة تقتضي دوماً إِعطاء أوسع الفرص للمذنبين، لذا فإِنّ الآية التي بعدها تقول: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ).
{لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ}. فاذا كانت الإِرادة الإلهية تقتضي انزال العذاب بسبب ارتكابهم للذنبوب لتحقّق ذلك فوراً.
{بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا }(3).
فغفرانه تعالى يقضي أن يرحم التوابين، ورحمته تقضي أن لا يعجّل عذاب غيرهم، إِذ مِن المحتمل أن يلتحق بعضهم بصفوف التوابين، إِلاَّ أن عدالته تعالى تقتضي مجازاة المذنبين العاصين الظالمين عندما يصل طُغيانهم وتمردهم إلى أقصى درجاته، وعندما يكون بقاء مثل هؤلاء الأفراد الفاسدين المفسدين الذين لا يوجد أمل في إصلاحهم، عبثاً وبدون فائدة، لذا ينبغي تطهير الأرض منهم، ومِن لوث وجودهم.
_________________
1- تفسير الامثل،ناصر مكارم الشيرازي،ج7،ص538-540.
2 ـ كما قُلنا سابقاً (أكنة) جمع (كنان) على وزن كتاب، وتعني الستار أو الحجاب و(وقر) تعني ثقل الأذن عن السماع.
3 ـ (موئل) مِن كلمة (وئل) وتعني الملجأ ووسيلة النجاة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|