المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

القيود الواردة على تأسيس الشركة التضامنية .
9-10-2017
إِنارة الحالك في قراءة ملك ومالك
2024-08-30
حسن التكليف وعمومه
20-11-2014
تؤمن لنا تكنولوجيا الدنا المشوب مصدرا غنيا للإنزيمات
2-6-2021
إثارة كولوم
18-12-2021
التعقيب‌
30-9-2016


رسالة توحيد المفضّل  
  
4034   02:33 مساءً   التاريخ: 17-04-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص314-315.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام جعفر بن محمد الصادق / التراث الصادقيّ الشريف /

كان الإمام الصادق قد بحث في العلوم الطبيعية، وقد توصل إلى نتائج أعجبت العلماء المعاصرين أيضاً، والشاهد على هذا الأمر فضلاً عن تعليمات جابر هو كتاب توحيد المفضّل الذي أملاه خلال أربعة أيّام على المفضل بن عمر الكوفي، واشتهر باسم توحيد المفضّل ؛ وقد قال المفضّل في مقدمة الرسالة : كنت ذات يوم بعد العصر جالساً في الروضة بين القبر والمنبر في مسجد النبي وأنا مفكّر فيما خص اللّه تعالى به سيدنا محمد (صلَّى الله عليه وآله) من الشرف والفضائل ؛ فأنّي لكذلك إذ أقبل ابن أبي العوجاء وهو من زنادقة ذلك العصر فجلس حيث أسمع كلامه، فلمّا استقر به المجلس إذ رجل من أصحابه قد جاء فجلس إليه، ثمّ دار بينهما الحديث عن نبي الإسلام ثمّ قال ابن أبي العوجاء : دع ذكر محمد (صلَّى الله عليه وآله) فقد تحيّر فيه عقلي، وضلّ في أمره فكري، وحدّثنا في ذكر الأصل الذي نمشي له ، ثمّ راحا يتحدثان عن مبدأ العالم ، وانتهيا إلى حيث إنّه لا صانع ولا مدبّر لهذا العالم، بل الأشياء تتكون من ذاتها بلا مدبّر، وعلى هذا كانت الدنيا لم تزل ولا تزال .

قال المفضّل : فلمّا سمعت هذا الكلام الباطل من ذلك المطرود من رحمة اللّه لم أملك نفسي غضباً وغيظاً وحنقاً، فقلت : يا عدو اللّه ألحدت في دين اللّه وأنكرت الباري جلّ قدسه الذي خلقك في أحسن تقويم، وصوّرك في أتم صورة، ونقلك في أحوالك حتى بلغ إلى حيث انتهيت، فلو تفكّرت في نفسك وصدقك لطيف حسّك، لوجدت دلائل الربوبية وآثار الصنعة فيك قائمة، وشواهده جلّ وتقدّس في خلقك واضحة، وبراهينه لك لائحة.

فقال ابن أبي العوجاء : يا هذا إن كنت من أهل الكلام وهم الذين يبحثون في العقائد ويعلمونها والمتمرسون في البحث والجدل كلّمناك، فإن ثبتت لك حجّة تبعناك، وإن لم تكن منهم فلا كلام لك، وإن كنت من أصحاب جعفر بن محمد الصادق فما هكذا يخاطبنا، ولا بمثل دليلك يجادل فينا، ولا تعدّى في جوابنا، وانّه الحليم الرزين العاقل الرصين لا يعتريه خرق ولا طيش ولا نزق، يسمع كلامنا، ويصغي إلينا، ويتعرّف حجتنا، حتى إذا استفرغنا ما عندنا وظننا انّا قطعناه، دحض حجتنا بكلام يسير وخطاب قصير، يلزمنا به الحجة ويقطع العذر، ولا نستطيع لجوابه رداً، فإن كنت من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه.

قال المفضل : فخرجت من المسجد محزوناً مفكّراً فيما بلي به الإسلام وأهله من كفر هذه العصابة وتعطيلها، فدخلت على مولاي الصادق (عليه السَّلام) فرآني منكسراً فقال : مالك ؟ فأخبرته بما سمعت من الدهريين.

فقال : يا مفضّل لألقين عليك من حكمة الباري جلّ وعلا وتقدّس اسمه في خلق العالم والسباع والبهائم والطير والهوام و كلّ ذي روح من الأنعام والنبات والشجرة المثمرة وغير ذات الثمر والحبوب والبقول المأكول من ذلك وغير المأكول ما يعتبر به المعتبرون، ويسكن إلى معرفته المؤمنون، ويتحيّر فيه الملحدون، فبكّر عليّ غداً .

راح المفضّل بعد ذلك يتردّد على الإمام الصادق مدة أربعة أيّام متتالية، وظلّ الإمام يلقي عليه بحوثاً حول خلق الإنسان منذ بدء الخلق والقوى الظاهرية والباطنية وصفاته الفطرية وكيفية خلق أعضائه وخلق أنواع الحيوان وخلق السماء والأرض وحول فلسفة الآفات ومواضيع وأبحاث أُخرى، و كان المفضل يكتب كلّ ذلك وقد طبعت رسالة توحيد المفضل مستقلة مرات عديدة، وترجمها العلاّمة المجلسي وبعض آخر من العلماء المعاصرين إلى الفارسية.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.