أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-9-2016
1047
التاريخ: 5-9-2016
783
التاريخ: 18-8-2016
906
التاريخ: 5-9-2016
992
|
...وهو أن يحصل ظنّ بحكم فرعي، وظنّ آخر بعدم حجيّة الظنّ الأوّل، مثل أن يظنّ بنجاسة العصير العنبى، ثمّ حصل الظنّ الآخر بأنّ هذا الظن ليس بحجّة، وهذا البحت مبنيّ على أن تكون مقدّمات الانسداد منتجة وأن يقال بتعميم النتيجة للواقع والطريق.
أمّا على تخصيصها بالأوّل فالأمر واضح، وعلى التخصيص بالثاني يتمحّض محلّ البحث في ما إذا كان متعلّق الظنّين هو الطريق، مثل أن يحصل ظنّ من الشهرة بحجّية الأولوّية، ثمّ حصل ظنّ من الاستقراء بأنّ الظنّ الحاصل من الشهرة ليس بحجّة.
وكيف كان فعلى التعميم لا إشكال في أنّ معيار الحجيّة موجود في كلا الظنّين ولا يمكن اجتماعهما في الحجيّة، فإنّ مفاد أحدهما أنّ العصير نجس، ومفاد الآخر أنّه لا يمكن التعويل على هذا الظن ويكون ساقطا عن درجة الاعتبار، وهذان مضمونان متنافيان لا يمكن شمول الحجيّة للظن بكليهما، وحينئذ فهل الحجّة هو الظنّ المانع أو الممنوع؟
فنقول: أمّا بناء على القول الغير المختار من أنّ النتيجة كون الظنّ حال الانسداد كالعلم نفيا وإثباتا فهو نظير ما إذا حصل العلم بفرع، ثمّ حصل العلم بأنّ العلم الأوّل لا يكون حجّة، وهذا وإن كان فرضا غير ممكن التحقّق، لكن لو فرض وقوعه فلا إشكال أنّ العقل لا يحكم بحجيّة أحدهما ووجوب العمل به بالخصوص، لتساويهما في الملاك، فتعيين أحدهما ترجيح بلا مرجّح، فكذا على المبنى المذكور يكون حال الظنّ حال العلم، فمع فرض التساوي في الملاك ليس للعقل إلّا التوقّف ولا حكم له بالحجيّة على شيء منهما.
لكن قد يقال حينئذ بأنّ المتعيّن حجيّة الظن المانع وعدم حجيّة الممنوع، ويقاس ذلك بالشكّ السببي والمسبّبي، فكما أنّ حكم الأصل يختصّ بالشكّ السببي دون المسبّبي، كذلك حكم العقل في المقام أيضا يشمل الظنّ المانع دون الممنوع.
وتقرير ذلك أنّ وجه الاختصاص بالشك السببي أنّ إجراء «لا تنقض» في الماء المسبوق بالطهارة يكون من اثره شرعا طهارة الثوب المتنجّس المغسول به، وأمّا إجرائه في الثوب لا يكون من أثره نجاسة الماء، فالشكّ في الثوب بإجراء «لا تنقض» في الماء يرتفع موضوعا، فيكون خارجا عن دليل الاستصحاب من باب التخصّص، والشك في الماء على فرض إجراء «لا تنقض» في الثوب يكون باقيا بحاله، فلا محيص عن التزام عدم إجراء الحكم فيه من باب التخصيص، وإذا دار الأمر بين التخصّص والتخصيص فالأوّل أولى.
وهذا الوجه أعني دوران الأمر بين التخصّص والتخصيص جار في ما نحن فيه، فإنّ الحجيّة لو شمل الظنّ المانع يصير الممنوع ظنّا قام الدليل على عدم حجيّته، فيخرج عن موضوع حكم العقل؛ لأنّ موضوعه الظن الذي لم يقم الدليل على عدم حجيّته، فيكون خروجه من باب التخصّص، وأمّا لو تعلّق الحجيّة بالممنوع فلا يصير المانع ممّا قام الدليل على عدم حجيّته، فإنّ الممنوع ليس مفاده عدم حجيّة المانع، بل حكم مربوط بالمسألة الفرعيّة، غاية الأمر لا يجامع حجيّته مع حجيّة المانع، وبمجرّد ذلك لا يدخل المانع في عنوان ما دلّ الدليل على عدم حجيّته، فلا حجّة يكون خارجا عن حكم العقل مع كونه من افراد موضوعه، فيكون خروجه من باب التخصيص.
بل التحقيق كما يأتي في محلّه إن شاء اللّه تعالى عدم ابتناء الحكم في المقيس عليه أعني تقدّم الشكّ السببي على المسبّبي في عبارة «لا تنقض» على كونه مستلزما للتخصّص وخلافه للتّخصيص، بل الحكم كذلك وإن قلنا بعدم استلزام الإجراء في المسبّب أيضا إلّا لخروج السبب من باب التخصّص، كما لو اخترنا القول بحجيّة الأصل المثبت أو قلنا بكون الاستصحاب حجّة من باب الطريق، فإنّه حينئذ وإن لم يكن نجاسة الماء من آثار استصحاب النجاسة في الثوب المغسول به شرعا، إلّا انّه لا شكّ فى كونها ملازما لنجاسة الماء، فيؤخذ بهذا الملزوم أيضا عند استصحاب نجاسة الثوب، فيكون الشكّ في الماء أيضا مرتفعا موضوعا باجراء الأصل في الثوب كالعكس، ووجه تقدّم السبب مع ذلك بحيازة الأصل سبقه رتبة على المسبّب، فإنّ الشكّ في الثوب معلول الشكّ في الماء، فيكون رتبته متأخّرة عن رتبة علّته، فيكون الشكّ المسبّبي في درجة حكم الشكّ السببي لا في درجة نفسه.
وحينئذ نقول: قد تقرّر في مسألة العلّتين والمعلول الواحد أنّه لو تحقّق علّتان وكان كلّ منهما صالحا لحيازة المعلول وكان إحدى العلّتين متقدّمة في الرتبة على الاخرى اختصّ هي بحيازة المعلول، فهنا أيضا يكون كلّ من الشكّ السببي والمسبّبي علّة لحكم «لا تنقض» فإذا كان السببي متقدّما في الرتبة على المسبّبي اختصّ هو بحيازة هذا المعلول وبقي المسبّبي بلا أثر لا محالة.
والحقّ أنّ قياس الظنّ المانع والممنوع بالشكّ السببي والمسبّبي مع الفارق، فإنّ إجراء حكم الأصل في السبب يوجب خروج المسبّب عن الموضوع دون العكس كما مرّ من أنّ «لا تنقض» لو اجري في الماء صار الثوب ممّا قام الدليل على طهارته وخرج عن عنوان المشكوك، ولو اجري في الثوب لم يصر الماء ممّا قام الدليل على نجاسته وكان مشكوكا مع ذلك، فهذا مستلزم للتخصيص، والأول للتخصص.
وأمّا ما نحن فيه فكما أنّ حكم الحجيّة العقليّة لو اجري في المانع يصير الممنوع ممّا قام الدليل على عدم حجيّته، فكذلك لو اجري في الممنوع يصير المانع ممّا قام الدليل على عدم حجيّته، لأنّهما مشتركان في أنّ كلا منهما صار تحت الدليل العقلي يصير الآخر مقطوعا عدم حجيّته وممّا قام القطع على عدم حجيّته، فدخول كلّ منهما لا يستلزم إلّا التخصّص في الآخر.
ثمّ لو سلّمنا في الشكّ السببي والمسبّبي أيضا أنّ دخول كلّ يوجب التخصّص في الآخر لا التخصيص كما على حجيّة الأصل المثبت أو حجيّة الاستصحاب من باب الطريقيّة فنقول كما تقدّم: أنّ الترجيح مع ذلك لجانب السبب لأسبقيّته في الرتبة، فيكون أولى بحيازة «لا تنقض» عند عدم السبيل إلّا إلى «لا تنقض» في جانب واحد وعدم إمكان الجمع كما هو المقرّر في العلّتين المترتبتين في الوجود مع وحدة المعلول، حيث يحيز المعلول أسبقهما ويبقى الآخر بلا محلّ، ولا مجرى لذلك أيضا في المقام، لأنّ الظنّين في رتبة واحدة وليس بينهما ترتّب أصلا لحصولهما من سببين غير مرتبطين، كما لو حصل الشهرة على نجاسته العصير من تتبّع الأقوال وحصل الظنّ بعدم حجيّة الشهرة من الاستقراء مثلا، هذا.
مع أنّا لو سلّمنا أنّ المقام أيضا مثل مسألة الشكّين في دوران الأمر بين التخصّص والتخصيص نقول: مع ذلك لا يلزم من الحكم بتقدّم السبب هناك بقاعدة تقدّم التخصّص على التخصيص الحكم بتقدّم المانع هنا لتلك القاعدة؛ فإنّ القاعدة المذكورة إنّما يفيد في مقام الإثبات بعد أخذ الحكم من الحاكم، فإنّ القاعدة حينئذ يقتضي أنّ الحكم ما دام الموضوع باقيا يحكم بثبوته، إلّا أن يدّل دليل على الخلاف، وبعبارة اخرى أن يؤخذ بعموم الحكم لكلّ فرد إلّا ما دلّ الدليل على تخصيص الحكم فيه، فلا جرم إنّما يفيد في ما دار الأمر بين فردين من عام ورد الحكم به كان أحدهما مخرجا للآخر عن الموضوع دون الآخر.
فحينئذ قضيّة تلك القاعدة تعيين الأوّل، فإنّه لا يستلزم إخراج الموضوع عن تحت الحكم بلا دليل، بل رفعه عمّا ليس بموضوع، فليس فيه مخالفة لقاعدة العمل بالعموم مهما أمكن، بخلاف الثاني، فإنّه رفع الحكم عن فرد الموضوع وتخصيص بلا دليل، وأمّا المقام فهو مقام تأسيس الحكم.
وبعبارة اخرى: الكلام هنا مع الحاكم فى حكمه، فيقال: أيّها الحاكم الذى هو العقل بعد فرض أنّ هذين الظنّين كلاهما على السواء في ملاك حكمك وتساويهما في القوّة والضعف فما المرجّح لتقديمك المانع على الممنوع في مرحلة الحكم؟ ولا عبرة بأنّ الممنوع يخرج عن الموضوع بتقديم المانع دون العكس، فإنّ هذا إنّما هو بالنظر إلى ما بعد الحكم والفراغ عنه والكلام مع قطع النظر عنه، ولا شكّ أنّ كلاهما في هذه المرحلة فرد الموضوع، فلا جرم لا يكون ترجيح أحدهما على الآخر إلّا ترجيحا بغير مرجّح.
والحاصل أنّ المسألة المتقدّمة مقام استفادة المراد بالقواعد المقرّرة مع الجهل بالملاك، فالمقصود سدّ باب الاحتجاج على الحاكم، فإنّه لو رجّح في مقام الإثبات الشكّ السببي ليس له المؤاخذة على ذلك، إذ للعبد أن يجيب بأنّه يكون فيه السلامة عن محذور التخصيص في كلا الفردين، بخلاف ما لو رجّح المسبّب، فإنّ للمولى أن يقول: لم رجّحته على السبب وخصّصت عمومي فى السبب.
وأمّا مسألتنا فالنزاع فيها مع الحاكم في مرحلة أصل الحكم ومقام واقعه وثبوته، ومن المعلوم أنّ القاعدة غير مربوطة بهذا المقام، فعلم أنّ المسألتين بينهما كمال البينونة لا وجه لتشبيه أحدهما بالاخرى.
ثمّ هذا كلّه بناء على ما هو خلاف المختار في نتيجة المقدّمات من كون الظنّ حال الانسداد كالعلم نفيا وإثباتا، وقد عرفت أنّ الحقّ عليه هو طرح كلا الظنّين، لاستلزام تقديم كلّ منهما الترجيح بغير مرجّح.
بقي الكلام على ما هو قضيّة القاعدة وإن كان على خلاف المشهور من أنّ النتيجة إنّما هي لزوم الامتثال الظنّي على قدر المعلوم إجمالا من التكاليف، فيعمل في باقي الظنون فضلا عن الشك والوهم بالتكليف بأصالة البراءة، أو أنّ النتيجة إنّما هي الظنّ بعدم المخالفة على مقدار المتيقّن من العلم الإجمالي ليلزم العمل بجميع مظنونات التكليف ومشكوكاته وبعض موهوماته.
فنقول: أمّا على التقدير الأوّل فلا شكّ أنّ العمل على عدم التكليف في موارد الظنون المتعلّقة بعدم التكليف لا يكون من باب العمل بالظنّ بل لحصول الظنّ بالموافقة على قدر المعلوم بالإجمال بدون العمل بهذا التكليف.
نعم في الظنون المتعلّقة بالتكليف على القدر المذكور يكون العمل عملا بالظن؛ إذ اللازم على المكلّف هو الظنّ بالموافقة المذكورة على ما هو الفرض، وحينئذ فإذا كان الظنّ الممنوع من الظنون المتعلّقة بالعدم فإذا قطع بعدم حجيّته أو حرمة العمل به لا يضرّ بعمل المكلّف وبنائه على العدم، لأنّه غير معتمد على الظنّ فضلا عن الظنّ بعدم حجيّته أو حرمة العمل به، وهذا واضح.
وأمّا إذا كان الممنوع من الظنون المتعلّقة بالثبوت فإن كان الظنّ المانع متعلّقا بمجرّد أنّ الممنوع ليس بحجّة فلا شكّ أنّه إذا أتى على طبق الممنوع فقد حصل الظنّ بالموافقة الذي هو المطلوب، فيكون العمل على الممنوع، وإن كان المانع متعلّقا بأنّ الظنّ الممنوع محرّم العمل نفسا فلا يخلو إمّا أنّ هذا التكليف التحريمي يكون من أطراف العلم الإجمالى، وإمّا لا يكون، فإن كان من الأطراف فالمتعيّن العمل بالمانع، لأنّ في ترك العمل به والعمل بالممنوع ظنا بمخالفة هذا التكليف، أعني حرمة العمل بالممنوع وإن كان يحصل الظنّ بموافقة الواقع.
لا يقال: كذلك الحال فى ترك العمل بالممنوع، فانّ فيه الظنّ بمخالفة التكليف الذي هو الواقعي وإن كان ظنّا بموافقة الظاهري.
لأنّا نقول: ليس هكذا، فإنّ الظنّ المانع إذا قام على حرمة العمل بالممنوع فمعناه أنّ التكليف على فرض ثبوته ليس في تركه عقاب ولا يؤاخذ الشارع عليه، فيكون متعلّق الممنوع تكليفا بظنّ يعدم فعليّته على تقدير ثبوته، وأمّا المانع فمتعلّقه تكليف فعلي، إذ لم يرد ظنّ آخر على حرمة العمل به، فهو باق على فعليّته، ويرفع فعليّة الممنوع، وإذن ففي ترك العمل بالمانع ظن بمخالفة التكليف الفعلي وظنّ بموافقة التكليف الغير الفعلي، وفي ترك العمل بالممنوع ظن بمخالفة الغير الفعلى وظنّ بموافقة الفعلي، ومن المعلوم تعيّن الثاني، وأمّا إن لم يكن هذا التكليف الظاهري من أطراف العلم فالمتعيّن هو العلم بالممنوع لأصالة البراءة عن هذا التكليف.
وأمّا على التقدير الثاني فلا يخفى أنّ العمل بالتكليف في موارد الظنون المثبتة لا يكون من باب العمل بالظن، بل لأجل تحصيل الاطمينان بعدم المخالفة على قدر المعلوم بالإجمال، نعم البناء على عدم التكليف في موارد الاطمينان بالعدم يكون عملا بالظنّ من حيث هو ظنّ، إذا للازم العمل بالاطمئنان المذكور على ما هو الفرض وحينئذ فيكون الأمر هنا على عكسه على التقدير المتقدّم.
فان كان الظن الممنوع من الظنون المثبتة فلا فرق بين أن يكون مفاد المانع عدم حجيّة الممنوع أو حرمة العمل به في كون عمل المكلّف على ثبوت التكليف، بل ومع القطع بعدم الحجيّة أيضا كذلك، إذ لا أقلّ من الشكّ وقد كان اللازم عليه على هذا التقدير الاحتياط في المشكوكات أيضا.
وأمّا إن كان الممنوع من جملة الظنون الاطمئنانيّة بالعدم فحينئذ إن كان مفاد المانع مجرّد عدم الحجيّة فلا ضير في العمل بالممنوع، إذ معه يحصل المطلوب من الاطمئنان بعدم المخالفة بالوجدان، وإن كان مفاده الحرمة النفسية وكان هذا التكليف من الأطراف تعيّن العمل بالمانع، إذ فى ترك العمل به الظنّ بمخالفة هذا التكليف وإن كان يحصل الظنّ بعدم مخالفة الواقع، وهذا بخلاف ترك العمل بالممنوع؛ إذ هو ظن بعدم مخالفة كلا التكليفين، وإن لم يكن من الأطراف فالأصل البراءة عنه، فالعمل على الممنوع.
فتحقّق أنّ على هذين التقديرين الكلام في مسألة الظنّ المانع والممنوع خال عن شوب الإشكال رأسا، ويتّضح الحال على كلّ حال ولا يبقى التّردد والخفاء في صورة حتّى نتكلّم فيها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|