المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



ندبات سيد الساجدين(عليه السلام)  
  
3960   05:51 مساءً   التاريخ: 11-04-2015
المؤلف : الشيخ عباس القمي
الكتاب أو المصدر : منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل
الجزء والصفحة : ج2,ص29-34.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / التراث السجّاديّ الشريف /

أشير الى بعض تلك الندب و اتبرك بها حيث قال (عليه السلام) في ندبته المرويّة عن الزهريّ  : يا نفس حتّام الى الدنيا سكونك، و الى عمارتها ركونك أ ما اعتبرت بمن مضى من أسلافك و من وارته الارض من آلافك؟ و من فجعت به من اخوانك و نقل الى الثرى من أقرانك؟

فهم في بطون الارض بعد ظهورها                محاسنهم فيها بوال دواثر

خلت دورهم منهم و أقوت‏  عراصهم‏              و ساقتهم نحو المنايا المقادر

و خلوا عن الدنيا و ما جمعوا لها                  و ضمتهم تحت التراب الحفائر

كم خرمت أيدي المنون من قرون بعد قرون؟ و كم غيّرت الارض ببلائها و غيّبت في ثرائها ممن عاشرت من صنوف شيعتهم الى الأرماس‏  ثم رجعت عنهم الى عمل أهل الافلاس.

و أنت على الدنيا مكب منافس‏             لخطابها فيها حريص مكاثر

على خطر تمسي و تصبح لاهيا           أ تدري بما ذا لو عقلت تخاطر

و ان امرأ يسعى لدنياه دائبا               و يذهل عن أخراه لا شك خاسر

فحتام على الدنيا اقبالك؟ و بشهواتها اشتغالك؟ و قد وخطك‏  القتير  و أتاك النذير و أنت عمّا يراد بك ساه، و بلذة يومك و غدك لاه، و قد رأيت انقلاب أهل الشهوات و عاينت ما حلّ بهم من المصيبات :

و في ذكر هول الموت و القبر و البلى‏             عن اللهو و اللذات للمرء زاجر

أبعد اقتراب الاربعين تربص‏                        و شيب قذال‏  منذر للكابر

كانك معني بما هو ضائر                                     لنفسك عمدا عن الرشد حائر

انظر الى الامم الماضية و الملوك الفانية كيف اختطفتهم عقبان الايام و وافاهم الحمام، فانمحت من الدنيا آثارهم و بقيت فيها اخبارهم و أضحوا رمما في التراب الى يوم الحشر و المآب :

أمسوا رميما في التراب و عطلت‏         مجالسهم منهم و اخلت مقاصر

و حلوا بدار لا تزاور بينهم‏                و أنّى لسكان القبور التزاور

فما أن ترى الا قبورا ثووا بها             مسطحة تسفى عليها الأعاصر

كم من ذي منفعة و سلطان و جنود و أعوان، تمكن من دنياه و نال ما تمنّاه، و بنى فيها القصور و الدساكر و جمع فيها الاموال و الذخائر و ملح السراري و الحرائر :

فما صرفت كف المنية إذ أتت‏                       ومبادرة تهوي إليه الذخائر

ولا دفعت عنه الحصون التي بنى‏                   وحف بها أنهاره و الدساكر

ولا قارعت عنه المنية حيلة                         ولا طمعت في الذب عنه العساكر

فالبدار البدار، و الحذار الحذار، من الدنيا و مكائدها و ما نصبت لك من مصائدها، و تحلت‏ لك من زينتها، و أظهرت لك من بهجتها و أبرزت لك من شهواتها، و أخفت عنك من قواتلها و هلكاتها :

وفي دون ما عاينت من فجعاتها          الى دفعها داع و بالزهد آمر

فجد و لا تغفل و كن متيقظا                فعمّا قليل يترك الدار عامر

فشمر و لا تفتر فعمرك زائل‏               وأنت الى دار الاقامة صائر

ولا تطلب الدنيا فانّ نعيمها                 وان نلت منها غبة  لك ضائر

كم قد غرّت الدنيا من مخلّد إليها، و صرعت من مكب عليها، فلم تنعشه من عثرته و لم تنقذه من صرعته و لم تشفه من ألمه، و لم تبره من سقمه، و لم تخلّصه من وصمه :

بل أوردته بعد عز و منعة                 موارد سوء ما لهنّ مصادر

فلمّا رأى أن لا نجاة و أنّه‏                  هو الموت لا ينجيه منه التحاذر

تندم إذ لم تغن عنه ندامة                  عليه و أبكته الذنوب الكبائر

إذ بكى على ما سلف من خطاياه، و تحسر على ما خلّف من دنياه، و استغفر حين لا ينفعه الاستغفار و لا ينجيه الاعتذار، عند هول المنية و نزول البلية :

أحاطت به أحزانه و همومه‏               و أبلس لما أعجزته المقادر

فليس له من كربة الموت فارج‏            و ليس له مما يحاذر ناصر

و قد جشأت خوف المنية نفسه‏           ترددها منه اللها  و الحناجر

هنالك خف عواده و أسلمه أهله و أولاده و ارتفعت البرية بالعويل و قد أيسوا من العليل، فغمضوا بأيديهم عينيه، و مدّ عند خروج روحه رجليه، و تخلّى عنه الصديق و الصاحب و الشفيق :

فكم موجع يبكي عليه مفجع‏               و مستنجد صبرا و ما هو صابر

و مسترجع داع له اللّه مخلصا             يعدد منه كل ما هو ذاكر

و كم شامت مستبشر بوفاته‏               و عمّا قليل للذي صار صائر

فشقّت جيوبها نساؤه، و لطمت خدودها إماؤه، و أعول لفقده جيرانه، و توجع لرزيته اخوانه، ثم اقبلوا على جهازه و شمروا لابرازه، كأنّه لم يكن بينهم العزيز المفدى و لا المجيب المبدى :

و حل أحب القوم كان بقربه‏                يحث على تجهيزه و يبادر

و شمر من قد أحضروه لغسله‏            و وجه لما فاض للقبر حافر

و كفن في ثوبين و اجتمعت له‏            مشيعة اخوانه و العشائر

فلو رأيت الاصغر من أولاده، قد غلب الحزن على فؤاده و يخشى من الجزع عليه، و خضبت الدموع عينيه و هو يندب أباه و يقول : يا ويلاه وا حرباه :

لعاينت من قبح المنية منظرا               يهال لمرآه و يرتاع ناظر

اكابر أولاد يهيج اكتئابهم‏                  إذا ما تناساه البنون الأصاغر

و ربه نسوان عليه جوازع‏                مدامعهنّ فوق الخدود غوازر

ثم اخرج من سعة قصره الى ضيق قبره، فلمّا استقر في اللحد و هيّئ عليه اللبن، احتوشته اعماله، و أحاطت به خطاياه، و ضاق ذرعا بما رآه، ثم حثوا بأيديهم عليه التراب، و اكثروا البكاء عليه و الانتحاب، ثم وقفوا ساعة عليه، و آيسوا من النظر إليه و تركوه رهنا بما كسب و طلب :

فولوا عليه معولين و كلهم‏                لمثل الذي لاقى أخوه محاذر

كشاء رتاع‏  آمنين بدالها                   بمديته بادى الذراعين حاسر

فريعت و لم ترتع قليلا و أجفلت‏           فلمّا نأى عنها الذي هو جاذر

عادت الى مرعاها و نسيت ما في اختها دهاها، أ فبأفعال الانعام اقتدينا؟ أم على عادتها جرينا؟ عد الى ذكر المنقول الى دار البلى، و اعتبر بموضعه تحت الثرى المدفوع الى هول ما ترى :

ثوى مفردا في لحده و توزعت‏            مواريثه أولاده و الاصاهر

و أحنوا على أمواله يقسمونها            فلا حامد منهم عليه و شاكر

فيا عامر الدنيا و يا ساعيا لها             و يا آمنا من أن تدور الدوائر

كيف أمنت هذه الحالة و أنت صائر إليها لا محالة، أم كيف ضيعت حياتك، و هي مطيتك الى مماتك، أم كيف تشبع من طعامك و أنت منتظر حمامك، أم كيف تهنأ بالشهوات و هي مطيّة الآفات.

 و قال (عليه السلام) في ندبة أخرى : أين السلف الماضون و الاهلون و الاقربون و الاولون و الآخرون و الأنبياء و المرسلون، طعنتهم و اللّه المنون، و توالت عليهم السنون، و فقدتهم العيون، و إنّا إليهم صائرون فانّا للّه و انّا إليه راجعون :

إذا كان هذا نهج من كان قبلنا                      فانا على آثارهم نتلاحق‏

فكن عالما ان سوف تدرك ما مضى‏                ولو عصمتك الراسيات الشواهق‏

فما هذه دار المقامة فاعلمن‏                        ولو عمّر الانسان ما ذر شارق‏

أين من شق الانهار و غرس الاشجار و عمر الديار؟ أ لم تمح منهم الآثار و تحل بهم دار البوار، فاخش الجوار و لك اليوم بالقوم اعتبار فانّما الدنيا و الآخرة دار قرار :

تخرمهم ريب المنون فلم تكن‏                       لتنفعهم جنّاتهم و الحدائق‏

و لا حملتهم حين و لوا بجمعهم‏                   نجائبهم و الصافنات السوابق‏

و راحوا عن الاموال صفرا و خلفوا               ذخائرهم بالرغم منهم و فارقوا

أين من بنى القصور و الدساكر، و هزم الجيوش و العساكر، و جمع الاموال و الذخائر، و حاز الآثام و الجرائر؟ أين الملوك و الفراعنة و الأكاسرة و السياسنة؟ أين العمال و الدهاقنة؟ أين ذوو النواحي و الرساتيق و الاعلام و المناجيق و العهود و المواثيق :

كان لم يكونوا أهل عز و منعة                     و لا رفعت اعلامهم و المناجق‏

و لا سكنوا تلك القصور التي بنوا                  و لا أخذت منهم بعهد مواثق‏

و صاروا قبورا دارسات و أصبحت‏                منازلهم تسفى عليها الخوافق‏

و لقد أخذ منها من قال :

أين الملوك و ذو التيجان من يمن‏         و أين منهم اكاليل و تيجان‏

و أين ما شاده شداد في الارم‏             و أين ما ساسه في الفرس ساسان‏

و أين ما حازه قارون من ذهب‏            و أين عاد و شداد و قحطان‏

أتى على القوم أمر لا مردّ له‏              حتى قضوا فكان القوم ما كانوا

و صار ما كان من ملك و من ملك‏        كما حكى عن خيال الطيف أسنان‏

و قال (عليه السلام) في ندبة أخرى :

فانظر بعين قلبك الى مصارع أهل البذخ، و تأمل معاقل الملوك و مصانع الجبارين و كيف عركتهم الدنيا بكلاكل الفناء، و جاهرتهم بالمنكرات و سحبت عليهم اذيال البوار، و طحنتهم طحن الرحا للحلب، و استودعتهم هوج الرياح تسحب عليهم اذيالها فوق مصارعهم في فلوات الارض، فتلك مغانيهم و هدى قبورهم توارثها اعصارها و حريقها.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.