أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-5-2020
1206
التاريخ: 1-8-2016
913
التاريخ: 23-8-2016
762
التاريخ: 23-8-2016
740
|
إعلم أوّلا أنّ محلّ الكلام ما إذا رتّب الأثر في الدليل على صرف وجود الطبيعة المعرّى عن خصوصيّة جميع الأفراد، وعن خصوصيّة الحدوث والبقاء، كما إذا ورد: إذا كان الإنسان موجودا في الدار فافعل كذا.
وحينئذ نقول: لا يمكن الاستشكال في أنّه في صورة القطع بوجود زيد وارتفاعه واحتمال حدوث عمرو في الدار مقارنا لارتفاعه قد وقعت قضيّة «الإنسان موجود» في الزمان الأوّل مقطوعة، وفي الزمان الثاني المتّصل بالأوّل والغير المتخلّل بينهما بزمان مشكوكة.
ولا يمكن القول بأنّ ما قطع بحدوثه وارتفاعه حصّة من وجود الإنسان، وما يحتمل حدوثه في الآن المقارن لارتفاع الأوّل حصّة اخرى، وليس لنا معنى واحد محفوظ في كلا المقامين موجود في الخارج.
نعم هذا المعنى عند التحليل الذهني يكون موجودا في الذهن، وأمّا الخارج فحيث إنّ الوجود فيه مساوق مع التشخّص فلا محالة تكون الطبيعة فيه مرهونة بالتشخّص، وليس لها وراء وجود التشخّصات وجود آخر لم يكن مرهونا بالتشخّص، فإذا ارتفع فرد خارجي فقد انعدم بما فيه، وإذا حدث فرد فقد حدث بما فيه، فلم يجتمع اليقين بالحدوث والشكّ في الارتفاع بأمر واحد في الخارج.
وذلك لأنّا نقطع بأنّ بين تلك الوجودات جامعا وليست متباينة بالكنه، وهو أمر خارجي متّحد معها منطبق عليها، فالذي ينتزعه العقل بذاته موجود في الخارج، نعم بوصف تجرّده غير موجود.
وعلى هذا فذلك المعنى إذا انعدام أحد تلك الوجودات لا ينعدم ولا يصحّ نسبة العدم المطلق إليه إلّا بعد انعدام تمام تلك الوجودات، وإذن فإذا قطع بوجود زيد في الآن الأوّل وارتفاعه في الثاني ووجود عمر ومكانه في الآن الثاني، فالقطع بوجود الإنسان قد تعلّق بشيء واحد في كلا الآنين، فكذلك لو شكّ في وجود عمر ومقارنا لارتفاع زيد، فالقطع والشكّ بملاحظة الزمانين قد تعلّقا بأمر واحد خارجي، وإنكار هذا لا يليق صدوره من العالم.
نعم هنا مطلب آخر وهو أن يدّعى أنّ موضوع الأثر الواقعي وإن كان نفس وجود الطبيعة المعرّى من جميع التشخّصات، ومن القلّة والكثرة ومن الحدوث والبقاء، ولكن قد اخذ في موضوع الاستصحاب كون الشكّ متعلّقا ببقاء ما كان في السابق.
وفي المثال المفروض أعني ما إذا قطع بوجود زيد في زمان وارتفاعه بعده، واحتمال حدوث عمرو مقارنا له مع عدم تخلّل زمان بين الزمانين وإن كانت هنا قضيّة واحدة تحت اليقين والشكّ بملاحظة الزمانين، بمعنى أخذ الزمانين ظرفا لمتعلّق اليقين والشكّ، لا لنفسهما، لكن ليس هذا ملازما مع الشكّ بعنوان بقاء الكلّي.
وجه العدم أنّه لا يمكن انتزاع الشيء من وجود أمرين كلاهما ضدّان منافيان له، وفي المقام، المفروض أنّ زيدا قد ارتفع، وعمروا على فرض الوقوع قد حدث، وكلّ من الارتفاع والحدوث أمر منافر مع البقاء، فكيف يؤخذ من هذين المنافرين عنوان البقاء ويسند إلى الطبيعة.
فإن قلت: فإذا لم يسند البقاء فلا بدّ من صحّة إسناد الارتفاع إليها، وهذا التزام بانتفاء الطبيعة مع عدم انتفاء جميع أفرادها.
قلت: فرق بين الارتفاع والانتفاء، فإنّ الأوّل صفة وجوديّة؛ إذ هو عبارة عن انعدام الوجود السابق في الآن اللاحق، فخصوصيّة الوجود السابق مأخوذ فيه، وأمّا الثاني فهو مطلق الانعدام في مقابل أصل الوجود.
بقي أنّا نرى صحّة إطلاق البقاء في أمثال هذه الموارد، أ لا ترى صحّة قولنا: نوع الإنسان باق من لدن خلقة آدم على نبيّنا وآله وعليه السلام إلى يومنا هذا؟.
ويمكن الجواب بأنّه مبنيّ على المسامحة، وتنزيل تلك الوجودات المتغايرة بمنزلة وجود واحد ممتد، نظير المسامحة في بقاء الزمان مع كونه غير قارّ الذات.
وعلى هذا فتفصيل شيخنا المرتضى قدّس سرّه الشريف- بين ما إذا احتمل حدوث الفرد الآخر مقارنا لزوال الفرد المقطوع، فلا يجرى استصحاب الكلّي، وبين ما إذا احتمل وجود فرد آخر مقارنا لوجود ذلك المقطوع، واحتمل بقائه بعد ارتفاعه، فيجري استصحابه- يكون متوجّها، هذا.
ولكنّ الحقّ خلاف الدعوى المذكورة، فإنّ تعريف القوم بأنّ الاستصحاب إبقاء ما كان وإن كان يساعدها، ولكن ليس في الأخبار ما يستظهر منه هذا القيد؛ فإنّ المستفاد منها ليس بأزيد من توارد اليقين والشكّ على أمر واحد ولو لم ينطبق عليه في الآن الثاني البقاء، كما في الزمان والزماني، إذ لو لم يعامل في الآن الثاني حينئذ معاملته في الآن الأوّل يصدق أنّه نقض يقينه عملا.
وهذا هو المعيار في جريانه، وهو مطّرد مع وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة ولو لم يكن في البين بقاء، هذا هو الكلام في جريان الاستصحاب بحسب الذات.
وأمّا فعليّته فمبنيّ على عدم محكوميّته باستصحاب عدم حدوث الفرد المحتمل الحدوث مقارنا لوجود مقطوع الزوال أو لزواله وقد عرفت أنّ هذا الاستصحاب حاكم في الجوامع الشرعيّة.
وعلى هذا فلو غسل الثوب المتنجّس بالدم مرّه، واحتمل ملاقاته مع البول في حال تنجّسه بالدم أو مقارنا للغسل مرّة، فاستصحاب أصل النجاسة ليرتّب عليه المانعيّة للصّلاة وإن كان جاريا ذاتا، ولكن استصحاب عدم ملاقاة البول يرفع هذا الشكّ، ويترتّب عليه بعد وجدان حدوث الدم أنّ الغسل مرّة كاف لطهارة المحلّ وارتفاع نجاسته، وهذا واضح من التقرير السابق، فراجع.
ثمّ إنّ شيخنا المرتضى بعد ما اختار التفصيل المتقدّم قال: ويستثنى من عدم الجريان في القسم الثاني ما يتسامح فيه العرف، فيعدّون الفرد اللاحق مع الفرد السابق كالمستمرّ الواحد، مثل ما لو علم السواد الشديد في محلّ وشكّ في تبدّله بالبياض أو بسواد أضعف من الأوّل، فإنّه يستصحب السواد، إلى أن قال: وبالجملة، فالعبرة في جريان الاستصحاب عدّ الموجود السابق مستمرّا إلى اللاحق ولو كان الأمر اللاحق على تقدير وجوده مغايرا بحسب الدقّة للفرد السابق، انتهى المقصود من كلامه الشريف.
وقال المحقّق الخراساني في ما علّقه هنا: بل يجري في مثله مع ابتنائه (أي الاستصحاب) على المداقّة، بناء على ما هو التحقيق من أصالة الوجود، لما حقّق في
محلّة من أنّ الوجود عليه في جميع المراتب المتبدّلة شدّة وضعفا واحد شخصي ما دام متّصلا ولم يتخلّل العدم في البين وإن انتزعت عنه ماهيّات مختلفة وأنواع متفاوته، انتهى كلامه الشريف.
قال شيخنا الاستاد دام أيّام إفاداته الشريفة: حال الشدّة والضعف في الأعراض بعينها حال الزيادة والنقصان في الجواهر، مثل البحر والقطرة، ولا يخفي أنّ ما هو المادّة لتلك المراتب المتكثّرة، ممّا دون القطرة إلى ما فوق البحر ليس له فعليّة الوجود إلّا في حال تلبّسه بإحدى تلك الصور، وإلّا فإن لم يكن مرهونة في فعليّة الوجود بها فاللازم أن يكون البحر فعليّات ووجودات غير متناهية، غير أنّها متّصفة باتّصال كلّ منهما بالآخر، فإذا فرق بينهما فلم يتبدّل إلّا الوصف العرضي هو الاتّصال، وإلّا فعين الوجودات السابقة باقية بحالها، وهذا هو محلّ التشاجر بين المشّائيين والإشراقيين.
قال المحدّث الأسترآبادي في كلامه الذي نقله شيخنا المرتضى في بحث حجيّة القطع: ومن الموضحات لما ذكرنا من أنّه ليس في المنطق قانون يعصم من الخطاء في مادّة الفكر، أنّ المشّائيين ادّعوا البداهة في أنّ تفريق ماء كوز إلى كوزين إعدام لشخصه وإحداث لشخصين آخرين، وعلى هذه المقدّمة بنوا إثبات الهيولى، والإشراقيين ادّعوا البداهة في أنّه ليس إعداما للشخص الأوّل وفي أنّ الشخص الأوّل باق، وإنّما انعدمت صفة من صفاته وهو الاتّصال، انتهى.
فتحصّل أنّ الهيولى موجودة، لكن بعين وجود البحر أو القطرة، وليس لها وجود منحاز، نعم هي بالقوّة موجودة بوجود القطرة، والوجود الفعلي خاصّ بالبحر، وكذا العكس، نظير وجود العلقة في ضمن النطفة بالقوّة.
وبالجملة، فعليّة الوجود بالحدّ، فما لم ينضمّ إليه الحدّ الكذائي فلا وجود ولا فعليّة، نعم له شأنيّة الوجود واستعداده وقوّته، فإذا ارتفع الحدّ ارتفع ذلك الشخص من فعليّة الوجود وحدث مقارنا لزواله شخص آخر من الفعليّة المتقوّمة بالحدّ الآخر الحادث.
ثمّ لا فرق في ذلك بين الجواهر والأعراض، لاشتراك الملاك في البابين، كما هو واضح.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|