أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-2-2020
13274
التاريخ: 2023-05-04
1844
التاريخ: 2023-05-24
942
التاريخ: 2023-05-04
912
|
وبالرغم من ان منظري " نظرية التحديث " قد اشاروا الى الملامح الثقافية والنقص في عملية التنظيم الاجتماعي والمؤسساتي في الدول الفقيرة ، الا ان تركيز النظرية كان على الجوانب الاقتصادية ... مهملة الجوانب الاخرى وخاصة السياسية ، وروستو الاشهر ضمن هؤلاء المناصرين للنظرية ويعتقد ان التراكم المتزايد لرأس المال سوف يقود الى عملية التحديث التي سوف تأثر حينئذ في عناصر اخرى للمجتمع مثل السياسة والقيم ، ومن بين منظري الحداثة كان روستو الاكثر اقتصادياً في نظريته لعملية التنمية من وجهة نظر رأسمالية ، لقد كانت الوصفة التقليدية المحددة الى مناصري نظرية التحديث هي : استدان ، استورد ، قلد ، ثم رشد .
وللحصول على تدفق الاستثمارات ، ولدفع الامة خارج دائرة الفقر وعوز الاستثمار ، فإن على البلاد الفقيرة ان تسمح للشركات من البلاد الغنية بالدخول الحر الى اسواقها ، والاعتماد على القوة العاملة الرخيصة المحلية والموارد الخام المتوفرة والقريبة ، وبعض هذا الانتاج سوف يكون لإشباع الاسواق المحلية والبعض الآخر لأسواق التصدير ، وفي آخر هذه العملية فسوف يتدفق المال اخيراً الى حيث كان العوز الكلي قبل ذلك او حيث كان محبوساً في ايد متناثرة بالغة الحرص لنخبة من الاقطاعيين الأثرياء الذين لا يملكون اي خبرة في الصناعة ، ان عوز رأس المال الصناعي المركز يوعز بأن استدانة المال قد تكون ضرورية من اجل قفزة الانطلاق بالاقتصاد .
من اكثر النظريات الاقتصادية طموحاً بين النظريات ، نظرية رستو Rostow التي تعتبر من اشهر نظريات النمو الاقتصادي الذي قدمها عام 1960 حيث اكد على ان النمو الاقتصادي لا يتوقف فقط على مستوى الاستثمار وانما يتوقف بدرجة اكبر على مكوناته الداخلية والعلاقة بين قطاعاته المختلفة ، وقد اشار الى تلك الفكرة عند توضيحه لكيفية الانتقال من مرحلة الى اخرى من مراحل النمو الاقتصادي ، كما نظر الى التطور الاقتصادي باعتباره تفاعلاً بين القوى الاقتصادية وقوى اجتماعية وسياسية ومن ثم حصر مراحل النمو في خمس مراحل اساسية تمر بها جميع المجتمعات المتقدمة والنامية الا ان الرأي ينطوي على مغالطة كبيرة ، حيث انه لا يمكن تقليص التنمية لتصبح مقصورة على النمو بمعناه الكمي ، ورغم ان النمو له اهميته الا انه غير كاف للتنمية أنه لا يشتمل على العمليات الاجتماعية التي لايمكن تفسيرها من خلال مراحل صارمة من مراحل النمو كما أشار روستو .
وقد ارجع دانيل ليرنر Lerner التنمية الى عوامل سيكولوجية وسلوكية ولم يراع الأبعاد التاريخية والمجتمعية والعلاقات الدولية ، وكذلك لم يهتم بالجانب السلوكي حيث يرى ان تنمية الدول المتقدمة تتم في ضوء اكتساب خصائص سلوكية وسيكولوجية معينة (خصائص الغرب) وهي التحضر ، والتعليم ، والمشاركة في وسائل الاتصال ، والمشاركة السياسية ، والتعاطف مع الآخرين ، وذهب الى ان المجتمع الحديث هو المجتمع الذي يحقق درجة عالية على سلم هذه الخصائص ، اما المجتمع التقليدي فهو الذي لا يحقق سوى درجة ضعيفة على هذا السلم ، وان اكتساب المجتمع التقليدي لهذه الخصائص يعينه على تحقيق التنمية .
وأكد ليرنر الى ان التحديث الاقتصادي والاجتماعي يعني القضاء على الأمية وارتفاع مستوى التعليم وانتشار وسائل الاعلام ، مما يؤدي الى اكتساب الناس نظرة اوسع تسامحاً تجاه الآخرين واكثر انفتاحاً على الحياة العامة وانشغالاً بالنشاط السياسي ، كنتيجة للتدفق المتنوع للمعلومات وامكانية الحصول عليها وفق ما اسهب في شرحه في كتابه " تجاوز المجتمع التقليدي " الذي يعد احد معالم نظرية التحديث التي آمن بها الكثير من المثقفين العرب ، فالتقدم الاقتصادي والاجتماعي وفقاً لهذه النظرية يوسع مدارك الناس ، ويدعم اتجاه التسامح عندهم ويحول دون اقتناعهم بالمذاهب المتفرقة ، ومن ثم يزيد من قدرتهم على الاختيار العقلاني وفقاً لسيمون مارتن ليبست في كتابه الانسان السياسي : الاسس الاجتماعية للسياسة وقد عبر رواد التحديث عن التقدم الاقتصادي والاجتماعي باستخدام مجموعة كبيرة من المؤشرات ، اهمها معدل الدخل القومي الاجمالي ، ومستوى التصنيع ، والتحضر (التمدين) ، والتعليم ، وسائل الاعلام ، وطالما انه من الممكن تحقيق كل ذلك كما اعتقدوا ، كان من الطبيعي ان يتوقعوا حصول تقدم سريع نحو التحديث ، ونمو طبقة وسطى عصرية تحل محل النخب التقليدية من ملاك ارض وشيوخ عشائر ومساجد وقادة محليين ، وتصوروا انه في مثل هذا السياق يمكن ان توجد فرص أفضل لإشباع حاجات مختلف الجماعات ، ولحل مشكلات توزيع الدخل ، مما يدعم الاتجاه نحو التسامح والتعاون والمواءمة السياسية ، كما انه عندما يستطيع الناس تجاوز بيئاتهم التقليدية المغلقة والتعامل مع غيرهم ، ستزداد الاتجاهات الديموقراطية المنفتحة حسب ما اعتقده وليام كارنهاوزر في كتابه " سياسات المجتمع الجماهيري " .
ومما يتضح لنا ان النمو الاقتصادي يمكنه ان يحدث من خلال الزيادات التي تحقق الانتاج وان بدأت في قطاعات محددة فإنه لا يثبت ان يأخذ في الانتشار بعد فترة الى عدد اكبر من القطاعات والى عدد اكبر من السكان ، ومن ثم تأخذ مشكلات الفقر والبطالة وسوء توزيع الدخل لا بد ان يتدهور في المراحل النمو الاقتصادي قبل ان يأخذ في التحسن والاعتدال في مراحله المتأخرة وهذا ما اشار اليه والت روستو ، من ناحية اخرى لم تساعد النمو الاقتصادي السريع لبعض البلدان النامية على تنفيذ وضعها في الاقتصاد العالمي ، بل ان تبعيتها للسوق العالمي الداعي قد ترسخت .
وفي هذا الاطار يشير هذا الاتجاه الى ان الانسان التقليدي غير قادر على صنع التغيير Chang بنفسه ، انه يحتاج الى عون من الثقافة الغربية الحديثة Modernization Western Culture حيث تحوله من انسان تقليدي غير قادر على الاختيار الحر والتفكير الخلاق الرشيد ، الى انسان حديث Modern man منجز وحر وفاعل ، قادرعلى تصور ما هو واجب عليه وما هو حق له .
وأضاف اليكس انجلز Inkeles بعض الخصائص التي تميز الانسان الحديث وهي : الاستعداد للخبرات الجديدة ، وتقبل التجديدات والتغيير ، والعقل المفتوح الليبرالي ، والتوجه الديموقراطي ، والمحافظة على الوقت والمواعيد ، والتوجه نحو التخطيط ، والالتزام والاعتقاد في التقدم ، والايمان بالعلم والتكنولوجيا .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|