أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-12-2018
925
التاريخ: 11-08-2015
899
التاريخ: 9-08-2015
943
التاريخ: 16-4-2018
720
|
الصراط - و هو من ضروريات الدين - لا خلاف فيه بين أحد من المسلمين والآيات فيه متضافرة، والأخبار به متواترة.
وقد ورد في روايات العامة والخاصة انه جسر على جهنم أحدّ من السيف وأدق من الشعرة، و عليه عقبات كثيرة وهو صراطان، ظاهري وهو ما ذكر، وباطني و هو النبي و الأئمة، كما ورد عنهم نحن الصراط ، وقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أنا الصراط الممدود بين الجنة النار. وعن الصادق عليه السّلام: الصراط المستقيم أمير المؤمنين عليه السّلام. فمن كان متمسكا بولائهم ومحبتهم ومتابعتهم في أقوالهم وافعالهم فقد هدي إلى الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة، ومن خالفهم زل وضل. وفي معاني الأخبار عن المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد اللّه عن الصراط فقال هو الطريق إلى معرفة اللّه عز وجل، وهما صراطان صراط في الدنيا وصراط في الآخرة فأما الصراط الذي في الدنيا فهو الإمام المفروض الطاعة من عرفه في الدنيا و اقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراطفي الآخرة فتردى في نار جهنم. وفي تفسير العسكري: الصراط المستقيم صراطان، صراط في الدنيا وصراط في الآخرة، فأما الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قصر من الغلو وارتفع عن التقصير واستقام فلم يعدل إلى شيء من الباطل، وأما الصراط في الآخرة فهو طريق المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم لا يعدلون عن الجنة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنة.
وقال الصدوق في العقائد: اعتقادنا في الصراط انه حق، وأنه جسر جهنم، وان عليه ممر جميع الخلق، قال اللّه عز وجل: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71].
والصراط في وجه آخر اسم حجج اللّه ، فمن عرفهم في الدنيا وأطاعهم أعطاه اللّه عز وجل جوازا على الصراط الذي هو جسر جهنم يوم القيامة، وقال النبي لعلي: إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرائيل على الصراط فلا يجوز على الصراط إلا من كانت معه براءة بولايتك.
وقال الشيخ المفيد رحمه اللّه في شرحه: الصراط في اللغة هو الطريق فلذلك سمي الدين صراطا لأنه طريق إلى الثواب، وله سمي الولاء لأمير المؤمنين و الأئمة من ذريته صراطا.
ومن معناه قال أمير المؤمنين: أنا صراط اللّه المستقيم وعروته الوثقى التي لاانفصام لها.
يعني ان معرفته والتمسك به طريق اللّه سبحانه.
وقد جاء الخبر بأن الطريق يوم القيامة إلى الجنة لجسر تمر به الناس، وهو الصراط الذي يقف عن يمينه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم وعن شماله أمير المؤمنين، ويأتيهما النداء من اللّه تعالى ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.
وجاء الخبر انه لا يعبر الصراط يوم القيامة إلا من كان معه براءة من علي بن أبي طالب من
النار.
وجاء الخبر بأن الصراط أدق من الشعرة و أحد من السيف على الكافر، والمراد بذلك أنه لا يثبت لكافر قدم على الصراط يوم القيامة من شدة ما يلحقهم من أهوال القيامة ومخاوفها، فهم يمشون عليه كالذي يمشي على الشيء الذي هو أدق من الشعرة وأحدّ من السيف، وهذا مثل مضروب لما يلحق الكافر من الشدة في عبوره على الصراط، وهو طريق إلى الجنة وطريق إلى النار، يسير العبد منه إلى الجنة ويرى من أهوال النار، وقد يعبر عنه إلى الطريق المعوج، فلهذا قال اللّه تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: 153]. فميّز بين طريقه الذي دعي إلى سلوكه من الدين، وبين طرق الضلال وقال اللّه تعالى فيما أمرعباده من الدعاء وتلاوة القرآن: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } [الفاتحة: 6].
فدل على أن سواه صراط غير مستقيم، وصراط اللّه دين اللّه، وصراط الشيطان طريق العصيان، والصراط في الأصل على ما بيناه هو الطريق، والصراط يوم القيامة هو الطريق للسلوك إلى الجنة و النار على ماقدمناه. انتهى كلامه رحمه اللّه.
ولا يخفى انه لا اضطرار في تأويل كونه أدق من الشعرة و أحدّ من السيف بما ذكره رحمه اللّه.
وروى الصدوق في الأمالي بإسناد معتبر عن الصادق عليه السّلام قال: الناس يمرون على الصراط طبقات، يعني على أقسام و الصراط أدق من الشعرة و من حد السيف فمنهم من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل عدو الفرس، ومنهم من يمر حبوا، ومنهم من يمر مشيا، ومنهم من يمر متعلقا قد تأخذ النار منه شيئا وتترك شيئا.
وروى الصدوق وعلي بن إبراهيم بأسانيدهما عن الباقر قال: لما نزلت هذه الآية : بالنسبة إلى المظالم الأخر أو يكون الأول في حقوق اللّه والثاني في حقوق الناس ولا يبعدان يكون المراد بالرحم رحم آل محمد كما ورد ما يشهد له في بعض الأخبار، وبالأمانة عدم الخيانة في العهد والميثاق والبيعة التي في أعناقهم ، حيث قدمها على الصلاة وعقبة الولاية التي هي أعظم العقبات، ووردت في أخبار أخر لم تذكر هنا وهو ما يؤيد ان المراد بالأمانة عدم الخيانة في عهد الإمامة، ويمكن ان يقال إن ذلك بالنسبة إلى المؤمنين، وأما الكفار والمشركون والمخالفون ففي جهنم قبل الولوج في الصراط وفي أوله.
وروى ابن شهر آشوب في المناقب من طرق المخالفين عن الشافعي عن مالك عن حميد عن أنس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في قوله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد: 11] ان فوق الصراط عقبة كئودا طولها ثلاثة آلاف عام، ألف عام هبوط، وألف عام شوك و حسك وعقارب و حيات، و ألف عام صعود، أنا أول من يقطع تلك العقبة، و ثاني من يقطع تلك العقبة علي بن أبي طالب.
وقال صلّى اللّه عليه و آله و سلم بعد كلام لا يقطعها في غير مشقة إلا محمد و أهل بيته. وعن تفسير مقاتل عن عطا عن ابن عباس في قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ} [التحريم: 8] لا يعذب اللّه محمدا و الذين آمنوا معه، أي لا يعذب علي بن أبي طالب و فاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر، نورهم يسعى يضيء على الصراط لعلي وفاطمة ومثل الدنيا سبعين مرة، فيسعى نورهم بين أيديهم ويسعى عن أيمانهم و هم يتبعونها، فيمضي أهل بيت محمد وآله زمرة على الصراط مثل البرق الخاطف، ثم قوم مثل الريح، ثم قوم مثل عدوالفرس، ثم يمضي قوم مثل المشي، ثم قوم مثل الحبو، ثم قوم مثل الزحف و يجعله اللّه على المؤمنين عريضا و على المذنبين دقيقا. قال اللّه تعالى: {يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } [التحريم: 8] حتى نجتاز به على الصراط. قال فيجوز أمير المؤمنين في هودج من الزمرد الأخضر و معه فاطمة على نجيب من الياقوت الأحمر لها سبعون ألف حوراء كالبرق اللامع.
وروى الشيخ الطوسي رحمه اللّه في أماليه من طرق المخالفين عن أنس عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال إذا كان يوم القيامة و نصب الصراط على جهنم لم يجز عليه إلا من كان معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب عليه السّلام، وذلك قوله تعالى: { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: 24] يعني عن ولاية علي بن أبي طالب.
وفي تفسير الإمام عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: ان اللّه تعالى إذا بعث الخلائق من الأولين و الآخرين نادى منادي ربنا من تحت عرشه، يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم لتجوز فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين على الصراط، فتغض الخلائق كلهم أبصارهم فتجوز فاطمة على الصراط لا يبقى أحد في القيامة إلا غض بصره عنها إلا محمد و علي والحسن والحسين عليهم السّلام والطاهرون من أولادهم فانهم محارمها فإذا دخلت الجنة بقي مرطها ممدودا على الصراط طرف منه بيدها و هي في الجنة، وطرف في عرصات القيامة فينادي منادي ربنا يا أيها المحبّون لفاطمة تعلقوا بأهداب مرط فاطمة سيدة نساء العالمين، فلا يبقى محب لفاطمة إلا تعلق بهدبة من أهداب مرطها، حتى يتعلق بها أكثر من ألف فئام وألف فئام. قالوا و كم فئام واحد. قال ألف ألف ينجون من النار.
وفي الكافي عن الباقر عليه السّلام عن أبي ذر قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم يقول حافتا الصراط يوم القيامة الرحم و الأمانة، فإذا مر الوصول للرحم المؤدي للأمانة نفذ إلى الجنة، وإذا مر الخائن للأمانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل و تكفئ به الصراط في النار.
وفي الكافي باسناد معتبر عن الصادق عليه السّلام قال: ألا تحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن في القيامة خمسين موقفا كل موقف مثل ألف سنة مما تعدون، ثم تلا هذه الآية: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} [السجدة: 5] قال العلامة المجلسي رحمه اللّه: لا يبعد ان يكون مكث أكثر الكفار في القيامة ألف سنة، فيكون اليوم بالنظر إليهم كذلك، ويكون مكث جماعة من الكفار خمسين ألف سنة فهو منتهى زمان هذا اليوم، ويكون مكث بعض المؤمنين ساعة فهو كذلك بالنسبة إليهم. وهكذا بحسب اختلاف أحوال الأبرار و الفجار. ويحتمل أيضا كون الألف زمان مكثهم في بعض القيامة، كالحساب مثلا.
وقال الصدوق في العقائد: اعتقادنا في العقبات التي على طريق المحشر ان كل عقبة منها اسم فرض و أمر و نهي، فمتى انتهى الإنسان إلى عقبة اسمها فرض وكان قد قصر في ذلك الفرض حبس عندها و طولب بحق اللّه فيها، فإن خرج منه بعمل صالح قدمه ، أو برحمة تداركه نجا منها إلى عقبة أخرى، فلا يزال يدفع من عقبة إلى عقبة، ويحبس عند كل عقبة فيسأل عمّا قصر فيه من معنى اسمها فإن سلم من جميعها انتهى إلى دار البقاء، فيجيء حياة لا موت فيها أبدا، و سعد سعادة لا شقاوة معها أبدا، وسكن في جوار اللّه مع أنبيائه وحججه والصديقين والشهداء والصالحين من عباده. وان حبس على عقبة فطولب بحق قصر فيه فلم ينجه عمل صالح قدمه و لا أدركته من اللّه عز و جل رحمة زلت به قدمه عن العقبة فهوى في جهنم نعوذ باللّه منها وهذه العقبات كلها على الصراط واسم عقبة منها الولاية يوقف جميع الخلائق عنده فيسألون عن ولاية أمير المؤمنين والأئمة عليهم السّلام من بعده، فمن أتى بها نجا وجاوز و من لم يأت بها بقي فهوى. وذلك قول اللّه عز و جل : { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: 24] وأهم عقبة منها المرصاد، وهو قول اللّه عز و جل: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } [الفجر: 14] ويقول اللّه عز و جل و عزتي و جلالي لا يجوز في ظلم ظالم، واسم عقبة منها الأمانة، واسم عقبة منها الرحم، واسم عقبة منها الصلاة، وباسم كل فرض أو أمر أو نهي عقبة يجلس عندها العبد فيسأل.
وقال الشيخ المفيد رحمه اللّه في شرحه: العقبات عبارة عن الأعمال الواجبة و المسائلة عنها و المواقفة عليها، وليس المراد بها جبال في الأرض تقطع، وإنما هي الأعمال شبهت العقبات و جعل الوصف لما يلحق الإنسان في تخلصه من تقصيره في طاعة اللّه، كالعقبة التي يجهده صعودها وقطعها. قال اللّه تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 11 - 13]. فسمّى سبحانه الأعمال التي كلفها العبد عقبات تشبيها بالعقبات والجبال، لما يلحق الإنسان في أدائها من المشاق كما يلحقه في صعود العقبات و قطعها.
وقال أمير المؤمنين عليه السّلام: ان أمامكم عقبة كئودا و منازل مهولة لا بد من الممر بها و الوقوف عليها، فإما برحمة اللّه نجوتم، وإما بهلكة ليس بعدها انجاء، أراد عليه السّلام بالعقبة تخلص الإنسان من العقبات التي عليه، وليس كما ظنه الحشوية من ان في الآخرة جبالا و عقبات يحتاج الإنسان إلى قطعها ماشيا وراكبا، وذلك لا معنى له فيما توجبه الحكمة من الجزاء ولا وجه لخلق عقبات تسمى بالصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها من الفرائض يلزم الإنسان ان يصعدها ، فإن كان مقصرا في طاعة اللّه حال ذلك بينه و بين صعودها، إذ كان الغرض في القيامة المواقفة على الأعمال و الجزاء عليها بالثواب و العقاب، وذلك غير مفتقر إلى تسمية عقبات و خلق جبال و تكليف قطع ذلك و تصعيبه أو تسهيله مع انه لم يرد خبر صحيح بذلك على التفصيل، فيعتمد عليه و تخرج له الوجوه و إذا لم يثبت خبر كان الأمر فيه ما ذكرناه. انتهى.
قال المحقق المجلسي رحمه اللّه بعد نقله و نعم ما قال تأويل ظواهر الأخبار بمحض الاستبعاد بعيد عن الرشاد و للّه الخيرة في معاقبة العاصين من عباده بأي وجه أراد. انتهى.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|