شغل العصر الحجري القديم الأعلى جزءاً صغيراً من دهر البلايستوسين، فيرجع زمنه إلى الأطوار الأخيرة من العصر الجليدي الرابع، وهو العصر الأخير المسمى "ورم"، الذي استغرق من حدود 120,000 إلى 15,000 إلى 10,000 ق.م، في حين أن هذا العصر الحجري لا يتعدى 40,000. وأهم ما يميز صناعة هذا العصر الحجري تطور أساليب التشظية واتقانها وصنع الأدوات التي تسمى النصال أو الأدوات النصلية (Blades).

اهم ما يميزه:

ويميز المختصون من هذه الأدوات التي هي عبارة عن شظايا طويلة مستدقة عدة أصناف وأنواع أبرزها نوع من المقاشط (End-of-blade scrapers) والمزارف (Burins) والنصال ذات الحافات المثلومة أو ذات الحد الواحد (Backed blades). ووجدت في أوروبا أدوات كثيرة مصنوعة من العظام والخشب بالإضافة إلى الأدوات المصنعة من الحجر. وظهر في هذا العصر ولا سيما في أوروبا فن الرسم والصور في جدران الكهوف.

مواقعه الاثرية واهم اسمائه:

أطلق مصطلح الدور "البرادوستي" (نسبة إلى جبال برادوست في شمالي العراق) على هذا العصر في العراق وسيأتي الكلام على ذلك. كما يضاهي العصر الحجري القديم الأعلى الدوران المسميان الدور "القفصي" والدور" الوهراني" في  شمالي إفريقيا حيث الأول منها يعم الاجزاء الداخلية والثاني الاجزاء الساحلية. وقد سبق أن عددنا أدوار هذا العصر في أوروبا فلا حاجة للكلام عليها لأنها خارج موضوعنا.

وحدث في العصر الحجري القديم الأعلى تطور بيولوجي خطير في حياة الإنسان حيث ظهر نوع الإنسان الحديث الذي سبق أن أشرنا إليه باسم الإنسان العاقل (Homo sapiens)، واختفى نوع إنسان "النياندرتال" الذي كان سائداً في العصر الحجري القديم الأوسط. ويختلف الباحثون في علاقة هذا الإنسان الحديث بالأنواع بالبشرية السابقة، فهل تطور منها أو أنه ظهر بطريقة التغيير البيولوجي الفجائي، وأنه قضى على تلك الأنواع وأبادها، أو أنه نشأ بطريقة التزاوج أو التهجين ما بين بعض تلك الأنواع البائدة.