المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



الشعر وأدواته  
  
1202   04:01 مساءً   التاريخ: 18-1-2020
المؤلف : عيار الشعر
الكتاب أو المصدر : ابن طباطبا العلوي
الجزء والصفحة : ص3
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2018 15397
التاريخ: 18-1-2020 1433
التاريخ: 23-3-2018 11471
التاريخ: 4-10-2015 9454

 

الشعر- أسعدك الله- كلام منظوم، بائن عن المنثور الذي يستعمله الناس في مخاطباتهم، بما خص به من النظم الذي إن عدل عن جهته مجته الأسماع، وفسد على الذوق. ونظمه معلوم محدود، فمن صح طبعه وذوقه لم يحتج إلى الاستعانة على نظم الشعر بالعروض التي هي ميزانه، ومن اضطراب عليه الذوق لم يستغن من تصحيحه وتقويمه بمعرفة العروض والحذق به، حتى تعتبر معرفته المستفادة كالطبع الذي لا تكلف معه. وللشعر أدوات يجب إعدادها قبل مراسه وتكلف نظمه. فمن تعصت عليه أداة من أدواته، لم يكمل له ما يتكلفه منه، وبان الخلل فيما ينظمه، ولحقته العيوب من كل جهة.

فمنها: التوسع في علم اللغة، والبراعة في فهم الإعراب، والرواية لفنون الآداب، والمعرفة بأيام الناس وأنسابهم، ومناقبهم ومثالبهم، والوقوف على مذاهب العرب في تأسيس الشعر، والتصرف في معانيه، في كل فن قالته العرب فيه؛ وسلوك مناهجها في صفاتها ومخاطباتها وحكاياتها وأمثالها، والسنن المستدلة منها، وتعريضها، وإطنابها وتقصيرها، وإطالتها وإيجازها، ولطفها وخلابتها، وعذوبة ألفاظها، وجزالة معانيها وحسن مبانيها، وحلاوة مقاطعها، وإيفاء كل معنى حظه من العبارة، وإلباسه ما يشاكله من الألفاظ حتى يبرز في أحسن زي وأبهى صورة. واجتناب ما يشينه من سفساف الكلام وسخيف اللفظ، والمعاني المستبردة، والتشبيهات الكاذبة، والإشارات المجهولة، والأوصاف البعيدة، والعبارات الغثة، حتى لا يكون متفاوتا مرقوعاً، بل يكون كالسبيكة المفرغة، والوشي المنمنم والعقد المنظم، واللباس الرائق، فتسابق

معانيه ألفاظه، فيلتذ الفهم بحسن معانيه كالتذاذ السمع بمونق لفظه، وتكون قوافيه كالقوالب لمعانيه، وتكون قواعد للبناء يتركب عليها ويعلو فوقها، فيكون ما قبلها مسوقاً إليها، ولا تكون مسوقة إليه،

 

3

 

فتقلق في مواضعها، ولا توافق ما يتصل بها، وتكون الألفاظ منقادة لما تراد له، غير مستكرهة، ولا متعبة، لطيفة الموالج، سهلة المخارج. وجماع هذه الأدوات كمال العقل الذي به تتميز الأضداد، ولزوم العدل وإيثار الحسن، واجتناب القبيح، ووضع الأشياء مواضعها.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.