المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



وقت تعلق الإرث بالتركة  
  
2358   01:17 صباحاً   التاريخ: 18-12-2019
المؤلف : نصير فريد محمد واصل
الكتاب أو المصدر : فقه المواريث والوصية
الجزء والصفحة : ص137-148
القسم : القانون / القانون الخاص / قانون الاحوال الشخصية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-22 801
التاريخ: 18-5-2022 2026
التاريخ: 23-5-2017 7377
التاريخ: 23-5-2017 8443

لا يلزم من كون الإرث رابع الحقوق المتعلقة بالتركة، ولا من تأخير الكلام عليه ، أن يكون تعلقه بالتركة بعد تعلق الحقوق الثلاثة المذكورة قبله، بل قد يكون تعلقه مع تعلق بعضها كالدين ، وقد يسبق بعضها كالوصية، وإنما الذي يتأخر عن هذه الحقوق الثلاثة مطلقا، هو قسمة التركة بين الورثة، لأن هذه القسمة لا تكون عند الجمهور والحنفية إلا بعد التجهيز وسداد الدين وإنفاذ الوصية .

والذي فهمته من كلام المتقدمين من الحنفية، والمتأخرين منهم أن الإرث له بالتركة تعلقان : الأول : يكون من أول مرض الموت، والثاني: يكون في آخر جزء من أجزاء الحياة أو بعد هذا الجزء، بأن يكون مع الموت أو بعده، لأنهم تكلموا على تعلقه في مرض الموت، وعلى تعلقه في آخر جزء من أجزاء الحياة، أو مع الموت أو بعده(1)

فأما تعلقة الأولى، وهو الذي يكون من أول مرض الموت، فقد اختلف فيه ، هل هو تعلق بمالية التركة، أم بذاتها؟

قال الصاحبان : إنه متعلق بالمالية، أي بقيمة التركة التي يقومها بها المقومون وأهل الخبرة، ولا يتعلق بعين التركة، فيصح بيع المريض بمثل القيمة للأجنبي وللوارث، لأنه ليس في تصرفه إبطال حق الورثة عن شيء مما يتعلق به حقهم، وهو المالية، فكان الوارث الأجنبي فيه سواء.

وقال أبو حنيفة : أنه يتعلق تارة بالمالية، وتارة بعين التركة، فإذا كان تصرف المريض مع غير وارث، كان تعلق حقهم بالمالية، ولذا جاز له أن يبيع للأجنبي يمثل القيمة، لا بأقل، وإذا كان تصرفه مع وارث، فإن حقهم يتعلق بعين التركة، فلا يؤثر أحدا بشیء منها، ولو بالبيع له بمثل القيمة، لأن الإيثار كما يكون بالعطاء بغير عوض يكون بما يختار له من الأعيان، ولو كان بمثل القيمة(2)  وبالموازنة بين قول الصاحبين وقول الإمام نرى أن الراجح قول الإمام عملا بقاعدة المذهب الحنفي، وهي أنه إذا لم يذكر ترجيح، فالراجح قول الإمام، ولان تفصيل الإمام أنسب لأنه إذا كان تصرف المريض مع غير الوارش، فالعبرة فيه بها بحفظ حق الورثة في المالية، ولا ضرر عليهم في عدم تعلق حقهم يعين التركة، لأن تصرفه بالبيع للأجنبي يمثل القيمة مثلا لا يمس حق القيمة، لا بأقل، وأما إذا كان تصرفه مع وارث فإن حق الورثة أظهر في التعلق بعين التركة، لأن هذا التعلق يمنع من إيثار بعضهم، ذلك الإيثار الذي يؤدي إلى الحقد والحسد، ويسير في نفوسهم الضغينة والبغضاء وقد نهى الله عن ذلك.

هذا وقد أجاز قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946، الوصية للوارث كالأجنبي، فسوى بينهما وأجاز محاباة الوارث، وإيثاره بشیء من عين التركة، فقد أجاز أن يوصي بتقسيم التركة، وتخصيص نصيب لكل فرد، وذلك في المادة (۱۳) منه، وهذا نصها: "تصح الوصية بقسمة أعيان التركة على ورثة الموصی، بحيث يعين لكل وارث أو لبعض الورثة قدر نصيبه وتكون لأزمة بوفاة الموصی ، فإن زادت قيمة ما عين لأحدهم عن استحقاقه في التركة، كانت الزيادة وصية .

وكما اختلف الحنفية في كون حق الورثة في مرض الموت متعلقا بمالية التركة، أم بعينها، اختلفوا في نوع هذا الحق، هل هو حق ملكية أم هو مجرد الحق في الخلافة؟

ا- قال المتقدمون منهم: هو حق ملكية، ويستدل لهم بقوله صلى الله عليه واله وسلم : «إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم في آخر أعماركم " فإنه يدل على أن ملكية التركة قد زالت عن المورث، في الثلثين إلى وارثه، ولم تبق له إلا في الثلث الذي تصدق الله به عليه، وبدلالة الإجماع على أن تبرعه في مرض الموت لا ينفذ إلا من الثلث، ولو كان ملكه في الثلثين باقيا لنفذ تبرعه بالأكبر من الثلث، ولكن هذه الملكية لا تظهر إلا بعد الموت، فعدم نفاذ تبرعه بالزيادة على الثلث، دليل على زوال ملكيته ولا تزول ملكيته إلا إلى مالك وهو الورثة لأنهم خلفاؤه،(3)  قال الزيلعي : "لأن الوارث خليفة الميت، حتى يرد بالعيب ويرد عليه به ويصير مغرورا بشراء المورث)(4) أهـ.

2 - وقال المتأخرون منهم: أن حق الوارث في مرض الموت هو مجرد حق في الخلافة، صيانة لثلثي التركة له، وهذا الحق يمنع المريض من التصرف فيه بعد الموت، ولذا لا تنفذ وصيته بأكثر من الثلث إلا بإجازة الورثة، والدليل على أنه مجرد حق هو الإجماع على أن تبرعه في مرض الموت لا ينقض في حياته، ولكن ينقض بعد موته، ولو كان لهم ملكية قبل الموت لكان لهم نقضه، ولأنه لو كان حق ملكية لمنع من الميراث من كان غير وارث وقت مرض الموت بمانع كالكفر مثلا ثم أسلم قبل الموت مباشرة، مع أنه يرث بالاتفاق، فلو كانت الملكية ثابتة للورثة من أول مرض الموت لما ورث، لأن باقي الورثة قد ملكوا الميراث وزالت ملكيته عن المورث الأصلي(5) وبالموازنة بين ما ذهب إليه المتقدمون من الحنفية، وما ذهب إليه المتأخرون منهم، يظهر وجاهة قول المتأخرين، وهو أن حق الورثة من مرض الموت ليس حق ملكية، وإنما هو مجرد حق في الخلافة وذلك لقوة حجتهم ولأنه لم يعهد في الشرع، أن يكون الشيء الواحد ملكا لشخصين في وقت واحد ملگا خالصا لكل منهما وأن ثبوت مجرد الحق في الخلافة ثابته ضرورة لحفظ حق الوارث في الثلثين، وفي جواز أن ينقض بعد موت المورث تصرفاته في مرض موته، وما كان الضرورة يقدر بقدرها لا يعدوها، فلا يكون ملكا، لأن مجرد الحق في الخلافة ، كاف لحفظ حقه في الثلثين، وفي جواز نقضه لتصرفات المورث بعد موته (6)

وما احتج به المتقدمون من الحديث ، وعدم نفاذ تبرعه، وكون الوارث خليفة الميت، لا يدل على الملكية، لأن عدم تصرفه في الثلثين، وعدم نفاذ تبرعه لتعلق هذا الحق به، وثبوت خلافته عن الميت بالرد بالعيب والرد به عليه لهذه الخلافة التي توجت بالملك بالوفاة ولو كانت له ملكية لكانت له ولاية معه حال حياته ،  ولم يقل أحد به، وما ذلك إلا لأنه لا ملك له مع وجوده، بلي هو مجرد حق في الخلافة وأما التعلق الثاني للإرث بالتركة، وهو ما يكون في آخر جزء من أجزاء الحياة، أو بعد هذا الجزء فهو حق ملكية، ولكن اختلف في تعيين رقت هذا التعلق بالتركة، وفي أن يمنع هذه الملكية، أم لا؟  قال الشافعية : الإرث يتعلق بالتركة وقت الموت، لا قبله، ولا بعده ، بل هو مقارنة للوفاة، لأن الوارث خلیفة الميت ، فيقترن ملك الخليفة بزوال ملك من يخلفه، حتى لا يبقى الشيء المملوك بلا مالك. ولهم في كون الدين يمنع من الملكية ، أم لا، ثلاثة أقوال: قال في شرح الترتيب (7): وهل يمنع الدين الإرث أم لا، أقوال : والأصح لا يمنعه، فستتقل التركة إلى ملك الوارث مشغولة بالدين والثاني: يمنعه فلا تنتقل إلى ملكه ، والثالث: موقوف، فإن برئ من الدين تبين أن الملك للورثة، وإلا تبين أنهم لم يملكوها.  وقد وافق الشافعية على القول الأصح، بعض الحنابلة، ففي شرح منتهی الإرادات : "أن الدين الذي على ميت سواء أكان لله كالزكاة، أو لآدمى، لا يمنع من انتقال التركة إلى ملك ورثته، وذلك لأن تعلق الدين بالتركة لا يزيل ملك مالكها، وهو حي، فكذلك لا يمنع من انتقال هذا الملك للوارث، متى جاء سببه وهو وفاة مورثه)(8) واختلف الحنفية في وقت هذا التعلق، هل هو في آخر جزء من أجزاء الحياة ، أو بعد هذا الجزء، بأن يكون مع الموت، أو بعده؟ قال محمد: هو قبل موته في آخر جزء من أجزاء الحياة، وهو قول زفر ومشايخ العراق، لأن الإرث يجري بين الزوج والزوجة، والزوجية ترتفع بالموت ، أو تنتهي على حسب ما اختلفوا ، فبأي سبب يجرى الإرث بينهما .

وعند البعض يجرى الإرث مع موت المورث. لا قبله، ولا بعده ، وقد اختار شارح الفرائض العثمانية، لأن أنتقال الشيء إلى ملك الوارث مقارن لزوال ملك المورث عن ذلك الشيء، فحين يتم الزوال يحصل الانتقال والإرث، لأن الشيء المملوك لا يبقى بلا مالك، وهذا القول موافق لقول الشافعية حكما وتعليلا.

وقال أبو يوسف، وهو قول لمحمد: يثبت الإرث بعد الوفاة، وعليه مشایخ بلخ، لأنه مالك لجميع أمواله ما دام حيا، فلو ملكها الوارث في هذه الحالة، أدى إلى أن يصير الشيء الواحد مملوكا لشخصين في وقت واحد، ملكا خالصا لكل منهما، وهذا غير معهود في الشرع، لكن عند محمد ملك الوارث يتعقب الموت، وعند أبي يوسف لا يتعقبه، بل يتحقق إذا استغنى الميت عن ماله، يتجهيزه، وسداد ديونه، لأن كل جزء يجوز أن يكون محتاجا إليه، بتقدير هلاك الباقي(9) . ومع اختلاف الفقهاء في تعيين هذا الوقت، فقد اتفقوا على أن هذه الخلافة خلافة تامة، أي خلافة ملك إذا كانت التركة خالية من الدين، ففي هذه الحالة ينفرد بها الوارث، ويتصرف فيها كما يشاء. وأما إذا كان على التركة دين ، فقد اختلفوا في هذه الخلافة.

قال الجمهور منهم: إن الدين يمنع من الملكية، فهي خلاقة ناقصة، لا ملك فيها إذا كان الدين محيطا بالتركة، لأن الدين المحيط يمنع ملك الوارث، وتكون التركة باقية على ملك الميت حكما، متعلقا بها حق الغرماء ، لقوله تعالى: " من بعد وصية يوصي بها أو دین  " فإنه يدل على أن الميراث بعد الدين، لا يتقدم عليه ولأن الوارث إنما يكون خليفة الميت في غير المشغول بحاجته، وأما المشغول بحاجته كالدين، فلا يخلفه في ملكيته، بل الميت مالك له حكما، لأنه مشغول بحاجته ، فلا يثبت للوارث إلا مجرد الخلافة، لا حقيقة الملك، بحيث يصح له أن يبقى التركة، ويستخلصها لنفسه، ويقضي ما عليها، وليس للدائن أن يرفض أو يعترض  وإذا كان الدين غير محیط بالتركة، فيمنع الملكية والمشغول بالدين ولا يمنعها في الجزء الذي لا يقابله الدين وقال بعضهم: القياس يمنع من دخول شيء من التركة في ملك الوارث ، لأن كل جزء من أجزائها مشغول بالدين لعدم الأولوية بالصرف إلى جزء دون جزء فصار كالدين المستغرق، والاستحسان لا يمنع ، لأن الإنسان لا يخلو من دین قليل، فلو منع الدين غير المستغرق تلك الورثة أدى إلى الحرج أو إلى أن لا يملكوا أصلا، فقلنا: أنهم يملكون دفعا للضرر عنهم، وإذا أرادوا القسمة فلهم ذلك استحسانا ويرفعون من التركة قدر الدين، ويترك حتى يقضى به الدين کي لا يحتاجوا إلى نقض القسمة (10) .

وقال الإمام أبو حنيفة في قوله الآخر : الدين لا يمنع ملك الوارث بأي حال، أي ولو كان مستغرقا للتركة، قال في المبسوط (11) «الدين إذا كان متحيطا بالتركة، وإن لم يكن محيطا فكذلك في قول أبي حنيفة - رحمه الله - الأول، وفي قوله الآخر: لا يمنع ملك الوارث بحال ، لأنه يخلف المورد في المال والمال كان مملوكا للميت في حال حياته مع اشتغاله بالدين كالمرهون، فكذلك يكون ملكا اللوارث أهـ..

وعلى هذا يتضح بالنسبة لوقت ملكية الوارث وفي كون الدين يمنع هذه الملكية أم لا بأننا أمام نظريتين شرعيتين:

النظرية الأولى : نظرية جمهور الحنفية وبعض الحنابلة وقد وافقهم المالكية وهي : أن الوارث يملك مجرد الوفاة، وأن الدين يمنع ملكيته في المشغول به لأن الموت وإن كان سببا  للتوريث وملك الوارث، إلا أن الدين مانع من هذه الملكية، فلم يعمل السبب عمله، ولا يملك إلا الجزء الذي لا يقابله الدين، وأما المشغول به سواء أكان كل التركة، أم بعضها، فإنه يبقى على حكم ملك الميت، لأن له ذمة تبقى إلى أن تسدد ديونه، ويستغني عن مالك استغناء تاما(12).

النظرية الثانية : نظرية الشافعية، وهي القول الأصح عندهم، وقول البعض من الحنفية، والقول الآخر للإمام أبي حنيفة، وهي أن الوارث يملك بمجرد الوفاة وأن الدين لا يمنع ملك الوارث بأي حال، ولو كان مستغرقا للتركة كلها، لأن الموت سبب للتوريث، والمسببات لا تتأخر عن أسبابها إلا لمنع، وعلى ذلك يثبت ملك الوارث بالوفاة، لتحقق السبب وهو الوفاة، وقد انتفى المانع، لأن تعلق الدين بالتركة غير مانع، لأن هذا التعلق للاستيثاق كالرهن، والرهن لا يمنع ملكية المدين للعين المرهونة ، فكذلك الذين لا يمنع ملكية الوارث، لأن الاستيثاق حاصل بتتبع التركة، فكل جزء من الدين يتتبع الجزء الذي يقابله من التركة، وهذا قول من الشافعية بتجزؤ الضمان(13) .

ومن ثمرة اختلاف النظريتين :

1- على نظرية الشافعية ومن وافقهم، تكون المنافع الحاصلة بعد الموت، وقبل سداد الدين، كالنماء، والغلات، ملكا للورثة، لأنها ثمرة ملكهم، ولا يتعلق بها حق الدائنين، لأن دينهم تعلق برقية التركة، لا بمنافعها، وعلى نظرية جمهور الحنفية تكون تابعة للتركة ، يتعلق بها حق الغرماء .

۲- على نظرية الشافعية يكون على الورثة نفقات التركية سواء أكانت هذه النفقات للحفظ أم للإبقاء، لأنهم هم المالكون فعليهم نفقة ملكهم، وعلى نظرية جمهور الحنفية تكون النفقات من التركة نفسها، لأن ملكيتها لم تنتقل إلى الورثة.

3- إذا كان في التركة حصة شائعة في عقار فباع شريك الميته حصته بعد موته ، وقبل سداد الدين، فإن للورثة حق الشفعة، على رأي الشافعية، لأنهم مالكون للعين التي بها الشفعة، ولا تثبت لهم، على نظرية جمهور الحنفية ، لأن الدين منع ملكيتها، فلا شفعة بها، حيث لم يملكوها بعد(14).

الترجيح والاختيار

والذي يظهر لي اختياره نظرية الشافعية وهي القول الأصح عندهم ووافقهم عليها بعض الحنابلة، وقول البعض من الحنفية، والقول الآخر للإمام أبي حنيفة ، وهي أن وقت تعلق الإرث بالتركة هو وقت الموت مستندا إلى أول مرض الموت، ولذا كان للورثة حق الاعتراض في المرض على تصرفات المريض، إذا كانت ضارة بحقوقهم، ولهم نقضها بعد الوفاة وأن الذين لا يمنع ملكية الوارث بأي حال، ولو كان مستغرقا للشركة كلها، بل تنتقل التركة من ملك المورث إلى ملك الوارث، مشغولة بدينها.

أما كون الملك وقت الوفاة، فلأن الوفاة هي سبب التوريث، والمسببات لا تتأخر عن أسبابها إلا مانع، ولا مانع هنا، لأن تعلق الدين بالتركة غير مانع لأن هذا التعلق للاستيثاق كالرهن، والرهن لا يمنع ملكية المدين للعين المرهونة ، فكذلك الدين لا يمنع ملكية الوارث، لأن الاستيشاق حاصل يتتبع التركة، فكل جزء من الدين يتبع الجزء الذي يقابله من التركة(15).

ولأن الإرث لو كان في آخر جزء من أجزاء الحياة، يقوم عليه المحذور السابق، وهو أن الشيء الواحد يصير مملوكا لشخصين في وقت واحد ملكا كاملا خالصا لكل منهما، وهذا غير معهود في الشرع، وتوريث الزوجين للمقارنة وهي كافية، ولو كان بعد الوفاة يلزم عليه محذور آخر، وهو أنه يلزم أن يكون الشيء بلا مالك بعد أن كان مملوگا۔ وأما كون الدين يمنع ملكية الوارث، فإنا نعلل بما علل به الإمام أبو حنيفة ، وهو أن الوارث يخلف المورثة في التركة، والتركة كانت مملوكة للمورث حال حياته مع شغلها بالدين كالمرهون، فكذلك تكون ملكا للوارث.

ولأن نظرية الشافعية هذه في حد ذاتها، تسير على منطق واحد، سواء أكان الذين محبطا بالتركة، أم غير محیط تنسيقا للأحكام، فهي تجوز تجزؤ الضمان، فكل جزء من التركة يسير الجزء الذي يقابله من الدين، فقد جمعت بين دفع الضرر عن الورثة، والاستيثاق الغرماء في استيفاء ديونهم، حيث انتقلت التركة إلى الورثة محملة بدينها(16).

وأما نظرية الحنفية ومن وافقهم من المالكية والحنابلة. فلا تنسيق للأحكام فيها، حيث لا تسير على منطق واحد. في جواز القسمة وعدم جوازها، فإنها تمنع القسمة إذا كان الدين محيطا بالتركة، وتجوزها إذا كان غير محيط بها استحسان (17)

وما استدل به الجمهور من قوله تعالى: " من بعد وصية يوصى بها أو دين " على أن الدين يمنع ملك الوارث، فإنه لا يدل على مدعاهم، بل يدل على أن قسمة التركة تكون بعد سداد الدين، وإنفاذ الوصية، ولا يمنع من انتقال ملكية التركة من المورث إلى الوارث، محملة بدينها، ولو كان الدين محيطا بها.

وخلاصة ما اخترناه فيما يتعلق بحق الوارث بالتركة، أن حق الوارث في مرض الموت يتعلق بقیمة التركة وما ليتها، إن كان تصرف المريض مع غير وارث ويتعلق بعينها إن كان مع وارث، وأنه ليس حق ملكية بل هو مجرد حق في الخلافة، وأما تعلقه بالوفاة، فإنه يكون معها، لا قبلها ولا بعدها، بل هو مقارن لها، مستندا إلى أول مرض الموت، وأنه حق ملكية، وليس مجرد حق في الخلافة، وأن الدين لا يمنع ملكية الوارث بأي حال ولو كان مسترا للتركة كلها, وهذا التعلق الذي يكون عند الوفاة مستندا إلى أول مرض الموت يغنى عن القول بالتعلق من أول مرض الموت، فهو يجوز الاعتراض في الحياة، والنقض بعدها، وعلى ذلك فالمنافع الحاصلة بعد الموت وقبل سداد الدين، تكون كلها للورثة ولا يتعلق بها حق الغرماء. وعليهم نفقات التركة إبقاء وحفظا ولا يلزم الغرماء بشيء، ولهم حق الشفعة بأعيانها، لأنهم في كل ذلك هم المالكون للتركة.

________________

1-الميراث المقارن ص 134

2- يراجع كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري على اصوله فخر الإسلام على البزدوی 4/1249في السراجية بقول الصاحبين ولم ينكر خلال الإمام كما في الميراث المقارن ص ۱۳۵ .

3- يراجع البدائع ۳/ ۲۱۸، ۲۱۹، والميراث المقارن ص 136

4- الزيلعي 6/260  وبهامشه: قالى الشلبي: يعني لو اشترى رجل جارية ، ثم مات واستولدها وارثه ، ثم استحقت الجارية، فإنه يتمكن من الرجوع على بائع الميت ويكون الولد حرا، ولو لم يكن خليقة الميت لما ثبت له ولاية الرجوع على بائع الميتة. كا في الممرات المقارن ص136 .

5- الميراث المقارن ص۱۳۷.

6- الميراث المقارن ص۱۳۷ .

7-  ج1 ص 9و وتراجع حاشية الخضرى على شرح الشنشوري على الرحبية ص 40

8- نقلا عن الميراث المقارن ص۱۳۸.

9-  حاشية الفتاوى على شرح السيد علي السراجية من 40، 46، بنوع من التصرف. والميراث المقارن

10- يراجع الزيعلي 5/2  والميرات المقارن ص140.

11- للسرخسي 29/137 ، والميراث المقارن ص14.

12- الميراث المقارن ص 141.

13- المرجع السابق ..

14-الميراث المقارن ص142

15- الميراث المقارن ص 143.

16- الميراث المقارن ص143

17- الميراث المقارن ص 144.




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .