أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-4-2017
8522
التاريخ: 2024-04-14
805
التاريخ: 1-9-2020
5703
التاريخ: 16-1-2019
4907
|
تعتبر الرقابة القضائية على أعمال الإدارة أكثر أنواع الرقابة أهمية وفعالية، نظرا لما يتمتع به القضاء من استقلال وضمانات قانونية، واتصافه بالحياد والموضوعية، وتوليه مهمة تحقيق العدالة بواسطة ما يصدره من أحكام تحوز قوة الشيء المقضي فيه بإعتبارها عنوان الحقيقة، وحكم القانون في موضوع النزاع (1) .
ومن المعلوم أن سلطة الإدارة في إنهاء العقد الإداري بالإرادة المنفردة يجب أن تستند إلى دواعي المصلحة العامة وليس إلى أي سبب آخر سواها، فالمصلحة العامة دائما هي باعث الإدارة الوحيد الذي يؤدي إلى إنهاء العقد الإداري ، وٕان قرار الإدارة بالإنهاء يخضع لرقابة القضاء الإداري من حيث مد مشروعيته ومد التزام الإدارة بتطبيق القانون .
الفرع الأول: تحديد القاضي المختص بالرقابة
يختلف الأمر بشأن تحديد القاضي الإداري المكلف بممارسة سلطة الرقابة القضائية على قرار الإدارة بإنهاء العقد الإداري في حالتي الطعن من المتعاقد مع الإدارة أو الطعن المقدم من الغير الذي يعتبر أجنبيا عن العقد هذا من جهة، ومن جهة أخر لا بد من معرفة أمام أي دعوى نحن، هل أمام دعوى الإلغاء أم دعوى التعويض، معنى آخر هل قوم المتعاقد بتحرك الدعوى أمام قاضي العقد أو دعوى القضاء الكامل؟(2)
للإجابة عن هذه الأسئلة علينا الإشارة إلى أن مجال المنازعات الإدارة صفة عامة يشمل كل النزاعات الناجمة عن نشاط الأشخاص المعنوية العامة أو الهيآت الإدارية، والتي يعود الفصل فيها للقاضي الإداري حسب قواعد إجرائية معينة.
أما فيما يتعلق بالقرارات التي تصدرها الإدارة بشأن العقود الإدارة بصفة عامة فهناك نوعين وهما:
النوع الأول: القرارات التي تصدرها الإدارة في مرحلة تكوين العقد وقبل إبرامه، وهو ما يسمى بالقرارات الإدارية المنفصلة، وهذه القرارات تكون في حالة عدم وجود خطأ من المتعاقد، حيث أن الإدارة تصدر في هذه الحالة قرار الفسخ بوصفها صاحبة سلطة وسيادة، حيث اعتبرت أن هذا القرار هو قرار منفصل بالرغم من صدوره خلال مرحلة التنفيذ.
النوع الثاني: القرارات التي تصدرها الإدارة في مرحلة تنفيذ العقد وهو ما سمى القرارات المتصلة ذات العلاقة بالرابطة التعاقدية، وهذه القرارات تكون في حالة خطأ المتعاقد وهنا تصدر الإدارة قرار الفسخ اعتبارها طرف في العقد وليس بوصفها صاحبة سلطة، أو تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة (3) .
أن هناك حالتين فيما يتعلق بموضوع رفع الطعن، فتتمثل هاتين الحالتين فيما يلي:
أولا: الطعن المقدم من المتعاقد مع الإدارة: المتعاقد مع الإدارة الذي يرغب في إلغاء قرار الإدارة بإنهاء العقد الإداري ، ليس أمامه إلا قاضي العقد، وهذا ما استقر عليه القضاء الإداري في فرنسا ومصر، لأن الأمر يتعلق بتنفيذ وأنهاء العقد الإداري ، حيث أن دعوى القضاء الكامل المقامة أمام قاضي العقد هي الوسيلة الوحيدة التي ملكها المتعاقد للطعن في قرار الإدارة الإنهاء الانفرادي للعقد الإداري دون أن يملك في هذا الصدد تحريك دعوى الإلغاء أمام قاضي الإلغاء (4) .
ومن المسلم به أن المنازعات المتعلقة العقود الإدارة تنتمي أصلا إلى القضاء الكامل، حيث يختص القاضي الإداري ، النظر في كافة المنازعات القضائية الناشئة بين طرفي العقد باستثناء تلك المسائل الأولية التي تدخل بطبيعتها في اختصاص القضاء العاد مثل أهلية المتعاقد مع جهة الإدارة.
ومن ثم فإن قاضي العقد هو الذي يختص بنظر في المنازعات المتعلقة بتنفيذ العقد وإنهائه.
ثانيا: الطعن المقدم من غير المتعاقد مع الإدارة: الطعن المقدم من غير المتعاقد مع الإدارة الذي هو خارج عن دائرة العقد الإداري ، لا قبل منه أمام قاضي العقد مقتضى دعوى القضاء الكامل، لأن هذا الشخص يعد غريبا عن العلاقات التعاقدية الناشئة بين الإدارة والمتعاقد، لذا نجد أن جانبا من الفقه الإداري لا يجيز للغير أن يطعن في القرارات الصادرة عن الإدارة المتعاقدة والمتعلقة بتنفيذ أو نهاية العقد الإداري أمام قاضي الإلغاء استنادا إلى فكرة القرار المنفصل، وذلك سبب أن القرارات الإدارة السابقة لا تعتبر قرارات منفصلة عن العقد أو عن العلاقات التعاقدية بين طرفي العقد (5) .
وهذا ما قضي به مجلس الدولة الفرنسي في حكمه بتارخ 24/10/1952 والذ جاء فيه :" لا يقبل من الغير أن يطعنوا أمام قاضي الإلغاء في قرار متعلق بالتنفيذ العقد، ولكن أن يتدخلوا في الدعوى المرفوعة من المتعاقد أمام قاضي العقد "
وفي مرحلة أخرى اعترف مجلس الدولة الفرنسي قبول الطعن المقدم من الغير أمام قاضي الإلغاء في جميع القرارات المتعلقة بإبرام العقد، أو المتعلقة بتنفيذه من خلال الدفع عدم مشروعيته، على أساس أن هذه القرارات تعتبر منفصلة عن هذا العقد بالنسبة للغير وهو ما قضي به ضمنا في حكمه الصادر بتارخ 11 يناير 1984 الذي جاء فيه " باعتبار ان قرار الإدارة برفض فسخ العقد قرارا منفصلا عن العقد يجوز للغير الطعن فيه استقلالا بمقتضى دعوى الإلغاء أمام قاضي الإلغاء".
ومن ذلك يبين لنا أن القضاء الإداري الفرنسي استثناءا من القاعدة العامة أجاز الطعن الإلغاء ضد القرارات الإدارة السابقة على انعقاد العقد والتي تساهم في إبرامه، أو تحول دونه، كقرارات لجان فحص العطاءات، وقرارات لجان البت، وقرارات إرساء المناقصة، التي تعرف في الفقه والقضاء الفرنسي بنظرة القرارات الإدارة المنفصلة.
وبالتالي يجوز للغير أن يطعن بالإلغاء في هذه القرارات بشرط أن يكون الطعن المقدم مؤسس على عدم المشروعية فقط ، وليس على أساس حقوق شخصية ناتجة عن العقد نفسه (6) .
الفرع الثاني: نطاق رقابة القاضي ودوره في مواجهة قرار الفسخ الإداري
تتوسع سلطات القاضي الإداري في حالتي الاعتداء المادي والاستيلاء غير الشرعي على الملكية، بحيث يستطيع القاضي الإداري الحكم على الإدارة غرامة تهديدية، كما يستطيع أن يوجه لها أوامره، ويصدر عليها أحكامه سواء ان الإلغاء أو التعويض.
ففي قضاء الإلغاء يباشر القاضي الإداري عن طر الطعن في قرار إداري معين وطلب إلغائه سبب عدم مشروعيته، و عرف هذا الطعن اسم الطعن بسبب تجاوز السلطة، وهنا الطعن قد يكون على قرار لائحي عام أو قرار إداري فردي .
وفي القضاء الكامل أيضا ملك القاضي الإداري سلطات أكثر من مجرد الإلغاء إذ أنه يستطيع أي يعدل أو يقوم أو يستبدل القرارات الإدارية التي تسببت في أضرار لحقوق ذوي الشأن، وأيضا له أن يحكم بتعويضات مختلفة في مقابل ما سببته قرارات الإدارة من أضرار لحقوق الطاعن الشخصية (7) .
لكن رغم هذه السلطات الواسعة للقاضي إلا أنها ليست مطلقة بل هي مقيدة، حيث أن القاضي الإداري عند مواجهته لقرار الفسخ الإداري ، فإن سلطته هنا هي مراقبة هذا القرار من زاوية المشروعية فقط للتحقيق من مدى وجود أسباب المصلحة العامة هذا إذا كان قرار الإنهاء مبني على أساس دواعي المصلحة العامة.
حيث تكون سلطة القاضي مقيدة في البحث عن سبب المشروعية دون التطرق لمدى الملائمة، معنى أن رقابة القاضي هنا تقتصر على التحقيق من وجود سبب المصلحة العامة الذي يبرر الإنهاء اضافة الى صحة اركان القرار الاداري ولكنها لا تتضمن تقدير ملائمة لسبب المصلحة العامة لإنهاء العقد أي مدى كفاية السبب لإنهاء العقد. (8).
وعليه فعندما يتعلق الأمر بممارسة سلطة تقديرية مثل سلطة الإنهاء الإنفرادي للعقد الإداري لدواعي المصلحة العامة فإن القاضي يباشر الحد الأدنى من الرقابة.
لقد وضع مجلس الدولة الفرنسي قاعدة عامة مفادها: "حتى وٕان كان القرار غير مشروع، فلا يمكن للإدارة أن تحكم بإلغاء القرار بالفسخ، وٕان عدم المشروعية المنسوبة إلى هذا القرار ما يمكن في أي حال أن تنشئ لصاحب الحق في التعويض عن الضرر الذي أحدثه هذا القرار ".
وهذه القاعدة تسري خاصة على عقد الأشغال العامة، حجة أن الإدارة العامة هي صاحبة الأشغال وأنها لها حرية التصرف.
فحسب هذه القاعدة لا يمكن للقاضي إلغاء قرار الفسخ، لكن هناك إستثناء عن ذلك، بحيث يمكن له أن يحكم بتعويضات مناسبة و كاملة للمقاول المفسوخ عقده لدواعي المصلحة العامة.
___________________
1- عبد الغني بسيوني عبد لله، القضاء الإداري، الطبعة الثالثة، شركة الجلال للطباعة، الإسكندرية، 2006 ، ص 68
2- محمد صغير يعلي، العقود الإدارية، دار العلوم للنشر والتوزيع، الجزائر، 2005 ، ص 25 ومايليها.
3- عبد العزيز عبد المنعم خليفة، مسؤولية الإدارة عن تصرفاتها القانون ة (لقرارات والعقود الإدارية في الفقه وقضاء مجلس الدولة)، منشأ المعارف الإسكندرية، مصر، 2007 ، ص 21
4- عبد الحميد خليفة مفتاح، إنهاء العقد الإداري ، دار المطبوعات الإسكندرية، مصر، 2007 ، ص 38
5- عبد العزيز عبد المنعم خليفة، مرجع سابق ، ص ص 21
6- عبد الحميد مفتاح خليفة، مرجع سابق ، ص 39
7- عبد الغني بسيوني عبد لله، مرجع سابق ، ص ص 411
8- عبد الحميد مفتاح خليفة، نفس المرجع، ص 404
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|