أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-6-2016
4317
التاريخ: 1-5-2019
2858
التاريخ: 9-4-2017
2802
التاريخ: 13-6-2016
5533
|
تشتمل الجزاءات المالية على انواع عديدة منها الغرامات التأخيرية ومصادرة التأمينات والتعويض عن الاضرار ويرى البعض الى ان النوع الأخير لا يعد من الجزاءات الادارية لأنه لا يخرج عن كونه تطبيقاً لأحكام القواعد العامة في القانون الخاص(1). والمقصود بالجزاءات المالية، هي تلك المبالغ التي يحق للادارة ان تستحصلها من المتعاقد الذي يخل بالتزاماته التعاقدية(2). الجزاءات المالية لا تقتصر على تعويض الضرر فقط فقد تكون نوعاً من العقاب على المتعاقد بغض النظر عن صدور خطأ منه او قد تعد ضماناً لانجاز المتعاقد مع الادارة عمله على اتم وجه(3).
الفرع الأول// الغرامات التأخيرية Les pen lites
تعد غرامة التأخير من اكثر الجزاءات المالية شيوعاً والتي توقعها الادارة على المتعاقد الذي يتراخى في تنفيذ العقد الإداري. وتعرف الغرامات التأخيرية بأنها عبارة عن مبالغ محددة ومنصوص عليها مقدماً في العقد جزاء يتم فرضه على الطرف الآخر في حالة تقصيره او إخلاله بأحد التزاماته التعاقدية(4). ويطلق على هذه المبالغ تسمية ( الغرامات التأخيرية) لأن الإدارة تلجأ إليها جزاء للتأخير في تنفيذ العقد ويرجع أساس فرضها الى ان الإدارة تحدد مواعيد خاصة لتنفيذ العقد وبناء على ذلك تقدر حاجة المرفق الى هذه المواعيد ولذا تلجأ إلى فرضها على المتعاقد معها لحثه على تنفيذ التزاماته في الميعاد المحدد(5) . فغرامة التأخير في العقد الإداري، تجد أصلها في القانون الخاص إذ تسمى بالغرامة التهديدية او التهديد المالي*(6). أما بخصوص الطبيعة القانونية للغرامات التأخيرية فهي منصوص عليها في العقد الإداري، أي إنها ذات طبيعة عقدية، كجزاء عقدي وتعويض اتفاقي في آن واحد تهدف إلى ضمان تنفيذ المتعاقد لما التزم به في العقد وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية العليا المصرية في حكم حديث لها صادر في 20/4/1993 الذي تذهب فيه ((ان الطبيعة القانونية لغرامة التأخير هي جزاء عقدي وانها صورة من صور التعويض الاتفاقي إذا تراخى المتعاقد في تنفيذ التزاماته التعاقدية، فهي مقررة ضماناً لتنفيذ هذه العقود في المواعيد المتفق عليها))(7). وتأسيسا على هذه الطبيعة الجزائية للغرامة ، فان ثمة نتائج تترتب عليها
أولاً. ان يتضمن العقد الإداري نصاً يعطي الإدارة الحق في فرض الغرامة التأخيرية وهذا يرجع إلى طبيعة الغرامات التأخيرية بكونها اتفاقية.
ثانياً. تأخر المتعاقد في تنفيذ العقد(19).
واجاز المشرع العراقي للمحكمة عدم الحكم بالغرامات اذ لم تتوفر شروط استحقاقها وقد اكدت محكمة التمييز العراقية ذلك في قرارها المرقم 573/ م3/ 98 والصادر في 17/5/1998 الذي تذهب فيه (ان الوقائع الثابتة في الدعوى ان المدعي لم يلحقه ضرر ترك المدعي عليه للعمل … وحيث ان الفقرة (2) من المادة (170) من القانون المدني نصت على ان التعويض الاتفاقي لا يكون مستحقاً اذا اثبت المدين ان الدائن لم يلحقه أي ضرر لذا تكون دعوى المدعي غير مؤسسة على سبب من القانون))(20). وفي هذا الصدد نثير التساؤل عن امكانية الادارة في ان تعفي المتعاقد من الغرامة التاخيرية ؟. وجواباً عن التساؤل نقول بان للإدارة ان تلجأ الى اسلوب التنفيذ المباشر في العقود الادارية كما يجوز لها ان تفرض على المتعاقد غرامة تاخيرية ، فاذا كان هذا الحق جائزاً لها فانه يكون من باب اولى الاعفاء منها. وتتعدد أسباب الاعفاء من غرامة التأخير ، فقد يكون التأخير لا يرجع الى خطأ المتعاقد وانما بفعل قوة قاهرة*او فعل الغير او فعل الادارة وكذلك إذا كان المتعاقد قد طلب رسمياً مهلة جديدة فوافقت الادارة دون ابداء أي تحفظ حيث يعد ذلك بمثابة تعديل للعقد ولا يجوز للإدارة ابداء أي تحفظ بذلك(21). وهذا ما أكدته اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات المصرية في المادة 84 التي تنص على ((ويعفى المتعاقد من الغرامة بعد اخذ رأي ادارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة اذا ثبت ان التأخير لاسباب خارجه عن ارادته وللسلطة المختصة في غير هذه الحالة بعد اخذ رأي الادارة المشار اليها اعفاء المتعاقد من الغرامة اذا لم ينتج عن المتعاقد تاخير))(22). وقد استقر القضاء الاداري الفرنسي على الحق في الاعفاء من غرامة التاخير وايدت الجمعية العامة لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة المصري ذلك في فتواها الصادرة بتاريخ 10مايو 1959 التي تذهب فيها الى ((ان غرامة التاخير صورة من التعويض الاتفاقي يرتضيه الطرفان سلفاً نظير الضرر الناشئ عن التأخير، وهو يفترض وقوعه بمجرد حصول التاخير ، غير ان قرينه الضرر ليست غير قابلة لاثبات العكس…))(23). أما في العراق فان الإعفاء من الغرامة التاخيرية معناه التصرف باموال الخطة الاقتصادية لغير اغراض الخطة وهذا ما اكدته محكمة التمييز العراقية في حكمها المرقم 355/ح /1965 في 26/11 /1966 الذي تذهب فيه الى (( يعتبر التاخير في اداء العمل ضاراً في جميع الحالات تستحق به الغرامة التاخيرية كاملة واستحقاقها بهذا هو نتيجة اصدار قرار اداري بموجب شروط العقد لا تمتلك الدولة النزول عنه او التفريق به لانه اصبح من حقوق الدولة التي لا يجوز التنازل عنها))(24) . ومع ذلك نجد كثيراً من أحكام محكمة التمييز تؤكد على وجوب الاعفاء من الغرامة إذا كان هنالك سبب يحول بين المتعاقد وبين تنفيذ التزامه ومنها قرارها الصادر في 1/7/1971 الذي تذهب فيه ((ما دام المقاول قد دفع بان التأخير كان لسبب أجنبي فإذا ثبت ان التاخير كان لسبب اجنبي سقط عنه التعويض بموجب المادة (168 مدني) وهذا الحكم القانوني لا يعطله كون العقد إدارياً))(25). وبهذا المعنى تذهب المحكمة الى ((وذلك لان الخبراء بينوا اسباب التأخير فما كان فيها اجنبياً لا يد للمقاول فيه اعتبروا التاخير فيه مشروعاً ومالم يكن كذلك اعتبروا التاخير فيه غير مشروع))(26). وبدورنا نؤكد الاتجاه الذي سار عليه قضائنا العراقي لان اساس فرض الغرامة التاخيرية ما هو الا تطبيق لامتياز التنفيذ المباشر وان الادارة ملزمة باستخدام هذه السلطة لان غرامة التاخير اتفاقية فيجوز لمن شرعت لصالحه ان تتنازل عنها لان الهدف منها اصلا حث المتعاقد على تنفيذ ما التزم به . ولكن هل تعفي الادارة المتعاقد اذ كان التاخير ناجماً عنه وليس بسبب اجنبي ؟ الادارة تتمتع بسلطة تقديرية في نطاق العقد الاداري في اعفاء المتعاقد من الغرامة التاخيرية اذا تاخر في تنفيذ التزاماته التعاقدية، وهذا ما استقر عليه مجلس الدولة الفرنسي إلا ان محكمة المحاسبات في فرنسا انتقدت هذا الرأي استناداً إلى ان الغرامة تصبح من أموال الدولة بمجرد الإخلال الذي يبرر وقوعها(27)، وهذا ما اكدته فتوى القسم الاستشاري بمجلس الدولة الفرنسي في 23/10/1956 بقولها ((بان الجزاءات المالية المنصوص عليها في العقود الادارية نظير التأخير في تنفيذ احكامها تستحق وتصبح واجبة التوقيع بمجرد التاخير على انه اذ قررت جهة الادارة المختصة ان اعتبارات العدالة والصالح العام تقتضي التجاوز عن الغرامة كلها او جزء منها في هذه الحالة فانه يتعين عندئذ اتخاذ الاجراءات الواجبة قانوناً للتنازل عن مال مستحق للدولة))(28) إلا ان سرعان ما عدل مجلس الدولة المصري عن هذا الرأي منذ سنة 1959 إذ قررت الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع في 28/يناير 1959 التي تنص على (أن الإعفاء من الغرامة لا ينطوي على تصرف بالمجان في أموال الدولة ولايخضع لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1958 في شأن التصرف بالمجان في العقارات المملوكة للدولة والنزول عن أموالها المنقولة)، وهذا ما أكدته أيضاً المحكمة الادارية العليا في مصر في قرارها بتاريخ 21/ديسمبر/ 1961 الذي جاء فيه ((..ان اقتضاء الغرامات منوط بتقدير الجهة الادارية المتعاقد فيها مثلا ان تعذر الظروف التي يتم تنفيذ العقد وظروف المتعاقد فتعفيه من تطبيق الجزاءات … اذ هي قدرت ان لذلك محلا))(29). اما بالنسبة للحال في العراق فنجد بان موقف قضائنا العراقي موفقاً بخصوص عدم جواز الاعفاء من الغرامة اذ كان التاخير ناجماً عن المتعاقد لان الغرامة تصبح بمجرد صدورها من الادارة من حقوق الدولة التي لا يجوز التنازل عنها(30).
الفرع الثاني // التعويض Les dommagesinteret
التعويض هو عبارة عن مبالغ يحق للأدارة ان تطالب بها المتعاقد معها إذا أخل بالتزاماته التعاقدية في حالة سكوت العقد او دفاتر الشروط عن النص على جزاء مالي آخر مثل الغرامات لمواجهة هذا الإخلال(31). ويرى البعض ان التعويض لايدخل ضمن قائمة الجزاءات الإدارية لأنه مجرد تطبيق للقواعد العامة الواردة في المجموعة المدنية ان هذا الرأي يبدو وجيهاً ولكنه لم يصمد أمام الاتجاه القائل بسلطة الإدارة في فرض الجزاءات الادارية في مواجهة المتعاقد المقصر اصبح مبدأ مجمعاً عليه فقهاً وقضاءاً لذلك نعتقد ان للإدارة ان تمارس هذه السلطة بارادتها المنفردة والذي يعد التعويض من ضمن هذه الجزاءات. إذ ليس هناك أي مبرر او مسوغ قانوني من استثنائه من القاعدة العامة بإناطة فرض الجزاءات الإدارية بالإدارة وحدها وليس في الأمر تحيز هنا إذ أن المتعاقد قادر على مقاضاة الإدارة مما قد يشوب تصرفها في تقرير التعويض وتقديره من عيوب واخطاء او مبالغة(32). ويؤكد أكثرية الفقهاء ان التعويض في العقود الإدارية يقترب من فكرة التعويض في القانون الخاص فيما يتعلق بكيفية تقدير التعويض وفي اشتراط ركن الضرر ولكن النظامين يختلفان فيما يتعلق بطريقة تحديده وكيفية تحصيله(33). والأصل في نشأة التعويض هو القانون الخاص، ثم انتقل بعد ذلك إلى مجال العقود الإدارية ومجال القانون العام ويعد الجزاء الأصيل المقابل لأخلال المتعاقد بالتزاماته مما يلحق الضرر بالمشروع العام وهو بهذه المثابة يعد من الجزاءات المالية التي تهدف إلى تغطية الضرر الذي تتعرض له الإدارة نتيجة تقصير المتعاقد واخلاله بالتزاماته(34). والتعويض هو من الجزاءات المالية التي تهدف الى تغطية الضرر الذي تتعرض له الادارة جراء تقصير المتعاقد لهذا فان له طابعاً ضاغطاً والسبب في ذلك لأن الخوف من دفع مبلغ من النقود يجعل المتعاقد يفضل تنفيذ التزاماته طواعية وهذا الدور الضاغط للتعويض يعطي له أهمية في نطاق العقد الإداري باعتباره جزاء مرن يسهل تطبيقه وتناسبه مع مدى خطورة الخطأ(35) الا ان هناك من يذهب خلاف هذا الرأي بقوله (ان التعويض في الحقيقة جزاء مالي يقصد به تغطية الأضرار التي تلحق الطرف المتعاقد المضار قد لا يكون مقابلاً حقيقياً لقيمة الضرر و لاسيما ما يلحق المرافق العامة، لكنه ليس جزاء ذا طبيعة إدارية أي ليس من نوع الجزاءات التي تستطيع الإدارة ان تفرضها بارادتها المنفردة)(36) وبدورنا نرى بان هذا الرأي سليم من الوجهة القانونية لانه على الرغم من الدور الضاغط الذي يطغى على التعويض كجزاء إداري تفرضه الإدارة ولكن دوره التعويضي في نطاق العقود الإدارية اقل مما هو عليه في القانون الخاص والسبب في ذلك يرجع الى ان الضرر الذي يلحق المنتفعين من المرفق العام لا يمكن تعويضهم عنه بشكل دقيق وبذلك لا يشكل عوضاً عادلاً لهم حيث لا يهم المنتفعين من المرفق العام الحصول على مبلغ من النقود بقدر ما يهم هو ان تقوم المرافق العامة بخدماتها. أما فيما يتعلق بكيفية تقدير التعويض فان مجلس الدولة الفرنسي لم يكتفِ باعطاء الادارة الحق باللجوء الى القضاء لتقدير التعويض بل انه ذهب الى ابعد من ذلك بإعطاء الإدارة سلطة تحصيل قيمة التعويضات بمقتضى أوامر دفع تصدرها بارادتها المنفردة (Leprocede’ delarrete de’ de’be’t) (37) أما في مصر فأننا نلاحظ في نطاق التشريعات المطبقة لديها خلوها من النص على تخويل الادارة بهذا لذلك يصبح من المتعين على الإدارة اللجوء إلى القضاء للحصول على حكم بالتعويض وهذا يطبق بشكل خاص في نطاق العقود الخاصة بالتعهد بالتدريس مدة معينة بعد التخرج من بعض المعاهد الحكومية والنتيجة المترتبة على ذلك هو اختلاف سلطة الإدارة في تحصيل التعويض في فرنسا عنه في مصر يجعل عدم إعطاء الإدارة في فرنسا الحق في ان تخصم مبلغ التعويض من مبلغ التأمين المودع لضمان التنفيذ إلا في حالة وجود نص في العقد او في تشريع من التشريعات يسمح للإدارة بهذا الحق اما في مصر فنظراً لأن الإدارة لا تمتلك سلطة تقدير مبلغ التعويض بنفسها لذلك من باب أولى لا تستطيع ان تخصم التعويض من مبلغ التامين الا بعد صدور حكم القضاء(38) وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية العليا المصرية في حكمها الصادر 21/12/1966 الذي تذهب فيه (( …فان المحكمة تقدر التعويض المستحق للمؤسسة في ذمة الادارة، بمراعاة مدى جسامة الخطأ الذي ارتكبه كل منهما))(39). وسارت محكمة النقض على الاتجاه نفسه إذ قضت على (( …ولئن كان تقدير التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع الا ان مناط ذلك ان يكون هذا التقدير قائماً على أساس سائغ مردودٍ الى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التي يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يبدو متكافئاً مع الضرر وليس دونه وغير زائد عليه))(40). أما في العراق فان الإدارة تلجأ إلى القضاء للحكم بالتعويض عن الأضرار التي تصيب الإدارة لأنه لا يوجد في العراق ما يعطي الإدارة الحق في تقدير التعويض وخصمه من مستحقات المتعاقد او تأميناته دون مراجعه القضاء. وفي الوقت نفسه الإدارة لا تستطيع المطالبة به إلا بعد أعذار المدين استناداً إلى حكم المادة (256) من القانون المدني حيث تنص ( لا يستحق التعويض إلا بعد أعذار المدين ما لم ينص القانون على غير ذلك)(41). وهذا الاتجاه معمول به في فرنسا ومصر استناداً للمادتين 1146 من القانون المدني الفرنسي و 218 من القانون المدني المصري حيث ان التعويض لا يستحق إلا بعد اعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك (42). وإذا كان الأعذار شرطاً لاستحقاق التعويض في القانون المدني العراقي وحسب نص م/256 مدني الا ان بعض التشريعات وخاصة الجرمانية وبعض التشريعات اللاتينية تذهب خلاف هذا الحكم حيث قد أخذت تعدل عن الأعذار وتجعل مجرد حلول الآجل كافياً لأشعار المدين بضرورة التنفيذ دون حاجة لأعذاره. اما تقديرنا لهذا الاتجاه فنذهب إلى ضرورة الاعذار الذي تتقيد به الإدارة قبل تحصيل التعويض وذلك بسبب الدور الضاغط الذي يمارسه التعويض على المتعاقد وفي الوقت نفسه فان المتعاقد لا يؤاخذ على تراخيه في التنفيذ الأمن وقت أعذاره وابتداءً من هذا الوقت فقط يستحق التعويض العقدي . واذ كان القضاء يلعب دوراً مهما في تقدير التعويض فهنالك من يذهب الى عدة مخاطر على هذه السلطة الممنوحة للقضاء ومنها الحكم بتعويضات متفاوتة تفاوتاً كبيراً في قضايا وحالات مشابهة ظاهرياً فان علاج تلك المخاطر لا يكون بتحويل هؤلاء القضاة إلى مجرد آلة لتطبيق النصوص القانونية التي يفترض فيها توقع كل شيء وفي الوقت نفسه ان منح القاضي تلك السلطة خير وسيلة لتمكينه من حسم اكبر عدد ممكن من القضايا وخاصة التي تتعلق بالتعويض(43) وهنالك العديد من الأحكام الصادرة من القضاء والتي تؤكد بان القاضي يتمتع بسلطة تقديرية في تقدير التعويض فالقضاء المدني المصري المتمثل بمحكمة النقض المصرية تخول محاكم الموضوع حرية كافية في تقدير التعويض فقد جاء في حكم لها ((تقدير التعويض من مسائل الواقع استقلال قاضي الموضوع به حسب أحكام قضائه عن أسباب سائغة تكفي لحمله))(44).
أما عن موقف القضاء العراقي فان محكمة التمييز قد أكدت في حكم لها على مبدأ السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في تقدير التعويض إذ تقول بأنه (( تقدير الأضرار مسألة وقائع تستقل بها محكمة الموضوع بموجب سلطتها التقديرية))(45) ولم يقتصر الامر على ذلك بل أعطت نفسها الحق في التدخل لتخفيض مقدار التعويض المحكوم به متى ما رأت انه قد جاء مغالياً فيه فقد ذهبت الى ان ((محكمة التمييز تقوم بتخفيض مقدار التعويض المحكوم به إذ كان يزيد عن ما أصاب المشتكي من اضرار))(46). وحسنا فعلت لان اعمال السلطة التقديرية للقضاء في هذا المجال يعد نوعاً من الرقابة اللاحقة التي يمارسها القضاء حيث تمارس المحكمة رقابتها على مدى توافر عناصر التعويض ، وليس لها أن تغفل أياً منها والا عد قرارها قابلا للنقض. وقد اتجه القضاء العراقي الى جعل الحكم بالتعويض بانه كاشف للحق وليس منشئاً له بوصفه يفصل في نزاع قائم وهذا واضح في حكم لمحكمة التمييز تذهب فيه الى ان ((الأحكام التي تفصل في نزاع تعتبر مقرره للحق لا منشئة له))(47). واتجاه القضاء العراقي المتقدم ذكره مطابقاً لموقف القضاء الفرنسي الذي اعتبر الحكم الصادر بالتعويض مقرراً للحق وليس منشئاً له وهذا ما تؤكده محكمة النقض الفرنسية في حكمها الذي تذهب فيه ((ان الحق في التعويض ينشأ ابتداء من وقت وقوع الضرر او من الوقت الذي يصبح فيه محققاً ان الضرر سيقع ويعتبر الحكم بالتعويض مقرراً للحق وليس منشئاً له))(48) ونحن بدورنا نرى صحة اتجاه القضائين العراقي والفرنسي بشأن اعتبار الحكم بالتعويض يثبت من تاريخ وقوع الضرر وليس من تاريخ الحكم الصادر بالتعويض، واذا كانت الغرامة التأخيرية والتعويض ينخرطان في سلك الجزاءات المالية الا ان الاخير يختلف عنها من حيث ان فرضه يستند إلى أساس الضرر على أساس التعويض مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بنظرية المسؤولية العقدية كما هو الحال في القانون الخاص يقدر على وفق لجسامة الضرر الذي أصاب الإدارة مع مراعاة الأخطاء المتبادلة لكل من الطرفين استناداً للقواعد المدنية(49) وانه حتى في نطاق القانون الجنائي نجد ((ان التعويض يرتبط بالضرر ويدور معه عدماً ووجوداً حيث إن الأصل في التعويض أن يكون بقدر الضرر فقط ولا يتجاوزه))(50). كما ان التعويض يعد ذا طابع قضائي اذ لا تستحقه الادارة الا بصدور حكم من القضاء المختص ، بينما الغرامة التأخيرية تفرضها الادارة على المتعاقد بإرادتها المنفردة من دون الحاجة للجوء الى القضاء(51). والتساؤل الذي يثار بهذا الخصوص عن مدى إمكانية الإدارة في ان تجمع بين التعويض والجزاءات الأخرى؟. والإجابة على هذا التساؤل المطروح يكون بجواز الجمع بين مصادرة التأمين والتعويض لأن لكل منهما طبيعة ووجهه وغاية مختلفين وايضاً اختلاف الأساس القانوني لكل منهما وهذا ما يجعل الجمع بينهما ممكن لأن التعويض كما هو معروف يستمد السند القانوني له من القاعدة العامة التي تلزم من ارتكب الخطأ بتعويض كافة الأضرار الناتجة عنه وفي الوقت نفسه نرى انه يجوز الجمع بين الفسخ والتعويض على أساس إن فسخ العقد يستند إلى قاعدة قانونية عامة مؤداها إن للدائن في حالة فسخ العقد أن يرجع بالتعويض عما أصابه من ضرر على المدين(52).
التأمينات ((عبارة عن مبالغ مالية تودع لدى جهة الإدارة تتوقى بها آثار الأخطاء التي يرتكبها المتعاقد أثناء تنفيذ العقد الإداري ويضمن لها ملاءمته لمواجهة المسؤوليات الناتجة عن تقصيره))(53). والتأمين على نوعين تأمين مؤقت وتأمين نهائي والتأمين المؤقت عادة ما يكون نسبة محددة من قيمة العطاء موضوع التعاقد وهو ما يستدل به على جدية المتقدم للعطاء، أما التأمين النهائي فهو ضمان للأدارة تجاه المتعاقد في تنفيذ ما التزم به في العقد الإداري وهذه التأمينات تعد نهائية لأن المتعاقد يلزم بتقديمها بعد إحالة المناقصة إليه بصورة قطعية ضماناً لحسن التنفيذ(54). وقد الزم المشرع الأردني في المناقص تقديم ( كفالة حسن التنفيذ) خلال أسبوعين من تاريخ تبليغه باحالة المناقصة عليه بذلك تمهيداً لتوقيع العقد وفي حالة عدم حضوره خلال تلك الفترة فيعد ممتنعاً وتتم مصادرة كفالة المناقصة(55). أما بالنسبة للتأمين فقد الزم نظام الأشغال الحكومية صاحب العطاء المقبول أن يودع ( تأمين حسن التنفيذ) يوازي 10% من القيمة الإجمالية للوازم المحالة عليه وان يودع تأميناً آخر يسمى تأمين صيانة لا يقل عن قيمة اللوازم المكفولة(56). وتنص المادة السابعة فقرة (2) من تعليمات تنفيذ ومتابعة مشاريع واعمال خطط التنمية القومية على (ان مقدار التأمينات الاولية تكون بمبلغ مقطوع يتراوح بين (2% الى 5%) من الكلفة التضمينية للمشروع)(57). واكد هذا المضمون نص المادة (9) فقره (5) من قانون بيع وايجار اموال الدولة رقم 32 لسنة 1986 التي حددت مقدار التأمين التي يجب على المتقدم للمزايدة ايداعها لدى الدائرة المختصة بما لا يقل عن (20%) من القيمة المقدرة وفي حالة نكول المتقدم الذي رست عليه المزايدة ولم يحصل راغب اخر في الشراء والاستئجار فتعتبر التأمينات التي دفعها الناكل ايراداً الى الجهة مالكة المال غير المنقول(58). ومما تجدر الاشارة إليه إن دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي معفاة من تقديم التأمينات الأولية والنهائية المنصوص عنها في المادة السابعة من تعليمات تنفيذ ومتابعة مشاريع وأعمال خطط التنمية القومية لسنة 1988(59). ووقد اشارت المادة (14) من قانون المناقصات المصرية المرقم 89 لسنة 1998 على ان ((التامين النهائي هو ما يودعه من رسى عليه العطاء بعد اخطاره بقبول عطائه ، ضماناً لملاءمته ازاء المسؤوليات التي قد يتعرض لها من جراء عدم قيامه بتنفيذ العقد على الوجه الاكمل …)) اما المادة (18) منه فتذهب الى ((على صاحب العطاء المقبول ان يؤدي خلال عشرة ايام – تبدأ من اليوم التالي لاخطاره بكتاب موصي عليه بعلم الوصول بقبوله عطائه – التامين النهائي الذي يكمل التأمين الى ما يساوي (5%) من قيمة العقد …))(60). والسؤال الذي يثار بهذا الخصوص حول الطبيعة القانونية لمصادرة التأمين وهل يعد تعويضاً اتفاقياً أم تختلف عنه؟ ان مصادرة التأمين عبارة عن شرط جزائي متفق عليه في العقد مقابل إخلال المتعاقد بالتزاماته التعاقدية ويختلف عن التعويض الاتفاقي المنصوص عليه في القانون المدني وذلك لأن الإدارة تستطيع فرضه بارادتها المنفردة دون الحاجة إلى صدور حكم من القضاء ودون اثبات الضرر منها وبذلك تتشابه مع الغرامات التأخيرية في نطاق العقود الإدارية وكل منهما فكرة قائمة بذاتها وهذا السبب الذي دفع القضاء الإداري إلى إعطاء الحق للإدارة في جواز الجمع بينهما(61) وتأسيساً على ما تقدم يتضح لنا بان مصادرة التأمين يعد احد الجزاءات المالية التي تملكها الادارة تجاه المتعاقد المقصر في تنفيذ العقد ، ولا يعد تعويضاً وهذا ما اكده الفقه الفرنسي بوصفه أحد الجزاءات التي تملكها الادارة دون اللجوء الى القضاء(62). ويتطلب استعمال الادارة لهذه السلطة وجوب صدور قرار بالمصادرة وبعد هذا القرار إفصاحاً عن نية الادارة في توقيع هذا الجزاء(63).وترجع هذه السلطة إلى سلطة الإدارة في التنفيذ المباشر وان الإدارة لا تملك التنازل عن هذا الامتياز في دائرة جزاءات العقد وهذا ما أشارت إليه المحكمة الإدارية العليا المصرية في حكمها الصادر في27/4/1963 الذي تذهب فيه الى ((للإدارة الحق في توقيع جزاء المصادرة بنفسها دون انتظار لحكم القضاء)) وأيضاً حكمها الصادر في 22/4/1961 الذي تذهب فيه ((ان مصادرة التأمين لا ترتبط بالضرورة بفسخ العقد، فلا يوجد ما يحول دون مصادرة التأمين بعد إتمام التنفيذ لسبق تراخي المتعهد أو تقصيره أو التنفيذ على غير الوجه المطلوب أو يعد الميعاد المحدد او غير ذلك))(64). ويلوح من العرض السابق جملة من المبادئ القانونية التي قررها القضاء الاداري وجرى ايضاً العمل بها في الحياة العملية بخصوص التأمينات ومنها :-
_______________
1- د.خالد خليل الظاهر، القانون الاداري، الكتاب الثاني، ط1،دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة،عمان،1997، ص262.
2- د.سليمان الطماوي ، الاسس العامة للعقود الادارية، ط4، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984، ص 461.
3- د. حسين درويش، النظرية العامة للعقود الادارية ، ج2، القاهرة، 1958،ص30.
4- ينظر:
5- محمود خليل خضر، الغرامات التاخيرية في العقود الادارية، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية القانون – جامعة بغداد، 1991، ص 48 .
* ) التهديد المالي هو (الحكم على المدين بناءً على طلب الدائن بمبلغ معين عن كل يوم – او اية وحدة زمنية يتأخر فيها حتى يقوم المدين بالتنفيذ او يتضح اصراره على عدم التنفيذ) د. محمد علي الطائي طبيعة الشرط الجزائي في العقدين المدني والاداري بحث منشور في مجلة القضاء ، ع1-2، س39، 1984، ص103.
6- د.عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني-آثار الالتزام –المجلد الثاني-ج2، القاهرة، 1982، ص48 .
والجدير بالذكر بان التهديد المالي المعروف في عقود القانون الخاص لا يطبق في مجال العقود الادارية ويؤيد مجلس الدولة الفرنسي ذلك ويؤسس قضاءه على اعتبار ان الادارة تملك سلطات تهديدية كافية اشد قسوة من نظام التهديد المالي، وتستطيع ان تمارسها في حالة تقصير المتعاقد ويوافق هذا الاتجاه الدكتور عبد المجيد فياض الذي يذهب الى (ان الادارة في مصر في غنى عن مشقة اللجوء الى القاضي بطلب الحكم بهذه الغرامة ضد متعاقدها، وذلك بالنظر الى ان لائحة المناقصات والمزايدات حافلة بالاجراءات الجزائية التي تستطيع الادارة بها ان تضمن – بنحو سهل وسريع – تنفيذ العقد عينا) ، ص198.
7- انظر حكم المحكمة الادارية العليا المصرية المرقم 1889لسنة 32ق عليا-جلسة 20/4/1993 الموسوعة الادارية الحديثة، الجزء35، ص411 وحكمها المرقم 9226 والمؤرخ في 23/4/1996 والذي تذهب اليه (( بان غرامة التأخير في العقود الادارية مقررة ضماناً لتنفيذ هذه العقود في المواعيد المتفق عليها- تعد صورة من صور التعويض الاتفاقي الا انها تتميز عنه بافتراض وقوع الضرر بمجرد حدوث التأخير) أشار اليه د. حسان عبد السميع هاشم، الجزاءات المالية في العقود الادارية، دار النهضة العربية،القاهرة، 2002، ص62 .
8- د. زكي محمد النجار ، حدود سلطات الادارة في توقيع عقوبة الغرامة ، دار النهضة العربية، القاهرة 1999- 2000 ، ص59.
9- د. محمد علي الطائي ، الظروف الطارئة وأثرها على تنفيذ العقد الإداري ، بحث منشور في مجلة القضاء ، ع1-2-3-4 ، س37 ، 1982 ، ص112-113 وانظر حكم محكمة التمييز العراقية المرقم 723 / ح 65 في 1/11/1965 التي توضح مدى الخلاف بين الشرط الجزائي والغرامة التأخيرية حيث تذهب الى ((للدائرة استقطاع المبالغ المشروطة في المقاولة من الغرامة التاخيرية عند تأخير المقاول العمل الذي تعهد به وذلك دون الحاجة الى انذاره او اللجوء الى القضاء ويعتبر الضرر مفترضاً ولاتكلف الدائرة باثباته لان هذه الغرامة ليست شرطاً جزائياً)) منشور في قضاء محكمة التمييز – المجلد الثالث، ص124 وانظر كذلك الدكتور صبري حمد خاطر الذي يذهب بالقول الى (ان الشرط الجزائي يعد في عقود القانون المدني التزاماً تبعيا وليس اصلياً وهذا يعني اختلافه عن الغرامات التاخيرية من حيث نوع الالتزام التي تعد التزاماً اصلياً يفرض جنباً الى جنب مع التزامات المتعاقد في حالة تاخره في تنفيذ التزاماته) ولمزيد من التفاصيل راجع بحثه الموسوم، نحو اتجاه جديد في تحديد حكم الشرط الجزائي في فسخ العقد ، منشور في مجلة العلوم القانونية والسياسية، مجلد 12، ع1 و2 ، 1997. ص136-137.
10- انظر حكم محكمة التمييز رقم 7203/حقوقية/1965 في 1/11/1965. منشور في مجلة ديوان التدوين القانوني العراقي، ع1-2، 1965، ص314.
11- انظر استاذنا الدكتور، محمد علي الطائي، مرجع سابق ، ص103.
12- انظر حكم المحكمة الادارية العليا المصرية المرقم 94 لسنة 11/12/1965 مشار اليه د.حسان عبد السميع هاشم، مرجع سابق، ص 65 .
13- د.عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون الجديد، الجزء الاول، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة، 1964، ص 189 . وانظر كذلك قرار محكمة التمييز المؤرخ في 6/6/1964 والذي يقرر هذا الرأي حيث تذهب فيه ( ... اما ما يتعلق بمقدار الغرامات التأخيرية فقد ورد ذكرها في الشروط العامة للمقاولة ولا يصلح القول بانها غير مستندة الى عقد ) منشور في مجلة ديوان التدوين القانوني، العدد1، السنة الخامسة 1966، ص190 .
14- د.سليمان الطماوي، النظرية العامة للقرارات الادارية، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984، ص52 .
15- انظر المحكمة الادارية العليا المصرية -جلسة 23/12/1972-المجموعة رقم 1163 ، س14ق مشار اليه د.حسان عبد السميع هاشم، مرجع سابق، ص67 وانظر كذلك حكم حديث للمحكمة الادارية العليا المرقم1295 والمؤرخ في 29/6/1993 والذي تؤكد فيه ان غرامة التأخير تلقائية توقع بمجرد حصول التأخير ولو لم يترتب ضرر والذي تذهب فيه (ان غرامة التأخير تستحق بمجرد التأخير في التوريد-حتى ولو رخصت الجهة الادارية للمتعاقد في مهلة اضافية- لا تشترط اثبات الضرر من التأخير او أي اجراء آخر) أشار إليه د.حسان عبد السميع هاشم، المرجع نفسه، ص 68 .
16- د. عبد المجيد فياض، نظرية الجزاءات في العقد الاداري، ط1، دار الفكر العربي القاهرة، 1975، ص 174-175.
17- انظر م/8 من تعليمات تنفيذ ومتابعة مشاريع واعمال خطط التنمية القومية 1988 .
18- انظر حكم محكمة التمييز المرقم 3712 / م1/ 98 في 14/1/1999 (غير منشور) .
19- فائق حطاب ضمد، الغرامة التأخيرية في العقد الاداري وموقف القضاء العراقي منها بحث منشور في مجلة العدالة، ع 4، س5،ص1070-1074 . وانظر كذلك استاذنا الدكتور محمد علي الطائي الذي يذهب بالقول الى (ان الادارة في العقود الادارية تستحق الغرامة التأخيرية التي وردت في العقد دون الحاجة لاثبات الضرر لانه يعد متحققا حكما في هذه العقود) بحثه الموسوم الشرط الجزائي المدني والاداري ، مرجع سابق ، ص113.
20- انظر حكم محكمة التمييز العراقية المرقم 573/م3/98 في 17/5/1998(غير منشور).
* القوة القاهرة: عبارة عن حدث فجائي يقع مستقلاً عن ارادة المتعاقد ولم تستطع احد اطراف العقد توقعه او انهاؤه ، يكون من شأن جعل التزامه مستحيلا في تنفيذه.
ويترتب على تحقيق هذا الحدث الفحائي (القوة القاهرة) تحلل المتعاقد من التزامه خلال مده وجوده ، ويعود الالتزام بالتنفيذ بالظهور من لحظة انتهائها والقوة القاهرة على هذا النحو، كما يتصور تحققها بالنسبة للمتعاقد مع الادارة ، مثل اضراب العاملين او تخريب المنشات .. يمكن تحققها – ايضاً – بالنسبة لكل من طرفي العقد الاداري بشرط ان تكون خارجة عن ارادة المدين ولا يمكن توقعها او منعها واخيراً يجب ان يكون تنفيذ الالتزام مستحيلا بصفه مطلقه وبهذا تتميز القوه القاهرة عن الطوارئ التي لا تقابل سوى صعوبات وقتية او جزئية في تنفيذ العقد. راجع بهذا الخصوص استاذنا الدكتور محمد علي الطائي بحثه الموسوم الظروف الطارئة واثرها على تنفيذ العقد الاداري ، منشور في مجلة القضاء، ع1– 2- 3- 4 ، س37، 1982، ص86 وما بعدها.
21 ينظر:
- حسن حنتوش رشيد الحسناوي، التعويض القضائي في نطاق المسؤولية العقدية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1999،ص49 .
- د.رياض عبد عيسى الزهيري، مظاهر سلطة الادارة في تنفيذ المقاولات العامة، الطبعة الاولى، مطبعة العربي الحديثة، بغداد، 1976، ص203 ومابعدها.
22- انظر المادة ( 84 ) من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات المصرية رقم 89 لسنة 1998 مشار اليه د. حسان عبد السميع هاشم، الجزاءات المالية في العقود الادارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص70.
23- انظر مجموعة فتاوي الجمعية العمومية للقسم الاستشاري في عشر سنوات 1960-1970 والمشار اليها د. حسان عبد السميع هاشم، المرجع نفسه، ص68-69 .
24- انظر حكم محكمة التمييز المرقم 355/ح/1965 والصادر في 26/11/1966 مشار اليه د. محمود خلف الجبوري، العقود الادارية، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1998، ص115 . وراجع كذلك المواد 168 و169 من القانون المدني العراقي.
25- انظر حكم محكمة التمييز العراقية الصادرة في 1/7/1971 مشار اليه استاذنا الدكتور محمد علي الطائي، الظروف الطارئة واثرها على تنفيذ العقد الاداري ، مرجع سابق ، ص95-96.
26- د. محمد علي الطائي ، الظروف الطارئة واثرها على تنفيذ العقد الاداري، المرجع نفسه ، ص96-97.
27- سليمان الطماوي، الاسس العامة للعقود الادارية، ط4، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984، ص467.
28- د. حسان عبد السميع هاشم، مرجع سابق، ص69 .
29- د. محمود حلمي، العقد الاداري، ط2، دار الفكر العربي، 1977، ص91-92 ويرى الدكتور عبد المجيد فياض عكس ذلك حيث يذهب بالقول (انه لا حجة في القول بان اعفاء الادارة متعاقدها من الغرامة يعني تنازلا عن دين محقق الوجود مملوك للدولة يتم بغير الطريق المرسوم له، لاننا لسنا ابداء دين نشأ من علاقة مديونية عادية، وانما امام جزاء عقدي يقصد به – في المقام الاول- حث المتعاقد على تنفيذ التزاماته في مواعيدها المقررة) مرجع سابق، ص180.
30- والجدير بالذكر ان تعليمات تنفيذ ومتابعة مشاريع واعمال خطط التنمية القومية العراقية سنة 1988 اعطت للادارة السلطة التقديرية في الاستمرار او فرض الغرامة التاخيرية على المتعاقد اذ تاخر في تنفيذ الغرامات التعاقدية بموجب المادة (8) اولاً فقرة (ب).
31- Andre de Laubadere :contrats administratifs, T I I, paris, 1956, p147 .
33- د.أحمد عثمان عياد، مظاهر السلطة العامة في العقود الادارية، دار النهضة العربية، القاهرة،1973،ص345 .
32- Andre de Laubadere :contrats administratifs, op.cit, p145.
34- د. عزيزه الشريف، دراسات في نظرية العقد الاداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1982، ص164. وانظر كذلك المواد (170) و(221) و(222) من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 وتعديلاته.
35- د. عزيز الشريف، مرجع سابق، ص164.
36- انظر د.ابراهيم طه الفياض، العقود الادارية، النظرية العامة وتطبيقاتها في القانون الكويتي والمقارن مع شرح قانون المناقصات رقم 37لسنة 1964 ،مكتبة الفلاح، الكويت، 1981، ص208 .
37- د. سليمان الطماوي، الأسس العامة للعقود الإدارية، مرجع سابق، ص462.
38- د.سليمان الطماوي، الاسس العامة للعقود الادارية، مرجع سابق،ص462-463.
39- انظر حكم المحكمة الادارية العليا الصادر في 21/12/1966 واشار اليه د.حسان عبد السميع هاشم، مرجع سابق، ص119 .
40- نقض مدني رقم 2743لسنة 61ف جلسة8/4/1997 اشار اليه د.حسان عبد السميع،المرجع نفسه، ص119
41- حسن عزيز عبد الرحمن، حق الادارة في توقيع الجزاءات المالية على المتعاقد بحث منشور في مجلة العدالة، العدد الرابع، س4،1978، ص703-704 .
42- انظر د.عبد المجيد فياض ، مرجع سابق، ص186 .
43- والجدير بالاشارة الى ان نظام التعويض في القانون المدني يطبق في العقود الادارية ، الطريقة نفسها ، فلا يحكم به القاضي الا اذاثبت ان هنالك ضررا قد لحق الادارة ، كما ان التعويض يقدر تبعاً لجسامة الضرر الذي اصاب جهة الادارة بسبب اخلال المتعاقد بالتزاماته فهنالك جملة من المعايير التي تؤخذ بنظر الاعتبار في تقدير التعويض (حتى في نطاق السلطة التقديرية للقضاء) ولمزيد من التفاصيل راجع الفصل الثالث من رسالتنا ، ص171-176.
44- انظر حكم محكمة النقض المصرية رقم الطعن1360 لسنة 48ق في 4/11/1981 مشار اليه فتحية محمود قرة، مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة النقض المصرية ، ص475 .وقرار آخر بالمعنى نفسه رقم 158 لسنة48 ق في30/6/1982 منشور في مجلة ادارة قضايا الحكومة عدد1، س28، 1984، ص184.
45- حكم محكمة التمييز381/ استئنافية/969 في 18/5/1971، النشرة القضائية، ع2 س1، 1971، ص131.
46- حكم محكمة التمييز 720/تمييزيه/973 في 29/12/1973،النشرة القضائية،ع4،س4،1973،ص104.
47- حكم محكمة التمييز 1200/ح/1966 في 8/12/1966 قضاء محكمة التمييز مجلد4، ص68 .
48- قرار محكمة النقض الفرنسية، الصادر في 21 أبريل 1971 اشار اليه في سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني ، ط2، مطبعة السلام ، القاهرة، 1987 ،ص534.
49- انظر د.عبد المجيد فياض، مرجع سابق، ص182 .وانظر كذلك د.سليمان الطماوي، الاسس العامة للعقود الادارية، مرجع سابق، ص461. والجدير بالاشارة ان الغرامة التأخيرية والتعويض يعتبر ان تعويض اتفاقيا لذى يحظر الجميع بينها لان ذلك يؤدي الى حصول الدائن على تعويض مزدوج.
50- نقلاً عن طالب نور عبود الشرع، الجريمة الضريبية، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون جامعة بغداد، 2000 ، ص207.
51- د. محمود حلمي، مرجع سابق، ص96-97.
52- حسن عزيز عبد الرحمن، مرجع سابق، ص407 . وانظر كذلك حكم المحكمة الادارية العليا المصرية الصادر 22/2/1964 أشار اليه د.حسان عبد السميع هاشم ، مرجع سابق، ص111.
53- حكم المحكمة الإدارية في 2/1/1965 المجموعة السنة العاشرة رقم 34 ص313.
54- حسن عزيز عبد الرحمن، م/رجع سابق، ص704-705 وانظر كذلك د.حسان عبد السميع هاشم، مرجع سابق، ص74 الذي ذهب (بأن خطاب الضمان يعتبر من احد ضمانات الادارة في اقتضاء التأمين وهو تعهد نهائي يصدر من احد البنوك بناء على طلب عميله (الامر) بدفع مبلغ نقدي بمجرد ان يطلب المستفيد ذلك منه خلال مدة محددة دون توقف على شرط آخر واذ كان خطاب الضمان محدداً بمدة معينة فانه يجوز للجهة الادارية خلال مدة سريانه طلب مد مفعوله لمدة اخرى)هذا ما أكدته المحكمة الادارية العليا المصرية في حكمها الصادر في 28/3/1995 حيث تذهب ((.. ان خطاب الضمان وان كان يقوم مقام التأمين النقدي، إلا أنه ليس اداة وفاء كالشيك … وانما هو اداة ضمان فقط)).
55- د. نواف كنعان، القانون الاداري، الكتاب الثاني، عمان، 2003، ص 361.
56- انظر المادة الخامسة فقرة (أ) من تعليمات عطاءات الأشغال الحكومية رقم(71) لسنة 1987 والتي تحدد ( كفالة حسن التنفيذ تكون بنسبة 10% من قيمة العقد ) أشار اليه د.محمود خلف الجبوري، النظام القانوني للمناقصات العامة، دراسة مقارنة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1999 ، ص198 .
57- م/ 7 فقرة (2) من تعليمات تنفيذ ومتابعة مشاريع واعمال خطط التنمية القومية وراجع الفقرة (3) من المادة نفسها التي حددت نسب التأمينات النهائية وعلى النحو الاتي (8% عن النصف الاول 6% عن النصف الثاني 5% عن المليون الثاني 4% عن المليون الثالث فاكثر).
58- م/ 9ف (5) وم/19 ف (2) من قانون بيع وايجار اموال الدولة رقم 32 لسنة 1986 .
59- م(7) ف(4) من تعليمات تنفيذ ومتابعة مشاريع واعمال خطط التنمية القومية ، ص14 .
60- المواد (14، 18) من قانون المناقصات المصرية المرقم 89 لسنة 1998 واشار اليه د. حسان عبد السميع هاشم، مرجع سابق، ص100.
61- د. محمود خلف الجبوري، العقود الادارية، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1998ص126 .
62- Andre de Labadadere ; contrats adminstratifs, op.cit, P: 13b
وانظر كذلك حكم محكمة القضاء الاداري الصادر في 7 / 4/ 1957 الذي تذهب فيه (ان هذا الحق يختلف عن التعويض الاتفاقي في القانون المدني في ان الادارة توقعه بنفسها دون حاجة لصدور حكم من القضاء) اشار اليه د. حسان عبد السميع هاشم مرجع سابق ، ص105 .
63- انظر حكم المحكمة الادارية العليا المصرية المرقم 1157 والصادرة في 1/2/1986 والذي تذهب فيه ((… وكل ما افصحت عنه الاوراق المودوعة ملف الدعوى التي تتمسك بها الهيئة كسند لطعنها ان الامر لم يعد مجرد اقتراحات ابدتها ادارتها المعينة لانخاذ هذا لاجراء ضد الشركة دون ان ينتهي بحثها الى صدور القرار الحاسم بمصادرة خطاب الضمان المشار اليه)) اشار اليه د. حسان عبد السميع ، المرجع نفسه ، ص107.
64- انظر حكم المحكمة الادارية العليا المصرية الصادر في 27/4/1963 وكذلك حكمها الصادر في 22/4/1961 اشار اليه د.حسان عبد السميع هاشم، مرجع سابق، ص105 .
65- د. السيد محمد مدني، القانون الاداري الليبي، دار النهضة العربية ، القاهرة 1964-1965، ص450.
66- محمود خلف الجبوري، العقود الادارية، مرجع سابق، ص126-127 . والجدير بالذكر (ان استخدام الادارة التأمينات بمثابة رسوم ماليه وضمان على الالات والادوات التي يستخدمها المقاول يقترب من فكرة العربون في القانون الخاص، فالعربون قد يستخدم للدلالة على ثبوت العقد أي ما دفع منه يعد بدء في التنفيذ في العقد ، فهنا لا التباس بينه وبين التأمين ، لانه يعد في هذه الحالة تاكيد على انعقاد العقد . اما اذا كان العقد من العربون احتفاظ كل من المتعاقدين بحق العدول عن العقد ، فقد يختلط في هذه الحالة بالتأمينات، ويحمل على انه تقدير لتعويض كحالة الرجوع عن العقد ، ولكن هنالك ثمه فروق جوهرية بينهما تتجلى في جهة فرضها والاساس والنتيجة التي يؤولان اليهما ، فالادارة تنفرد في فرض التأمينات على المتعاقد وتستند في ذلك إلى الضرر المفترض ولا تخضع التأمينات للقاعدة المطبقة في العربون (برد العربون من دفعه ورده مضاعفا لمن قبضه) لان الادارة تقوم بمصادرة التأمينات لتتولى اثار اخلال المتعاقد لذلك فالعربون يعد البدل في التزام بدلي اما مصادرة التامينات فهي التزام اصلي) راجع د. محمد علي الطائي ، طبيعة الشرط الجزائي في العقدين المدني والإداري ، بحث منشور في مجلة القضاء ، ع1-2 ، س39 ، 1984 ، ص102-103.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|