أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-12
753
التاريخ: 2023-03-10
1142
التاريخ: 20-4-2022
1637
التاريخ: 2023-03-10
708
|
حكومات العالم بهذا الموضوع حيث تمخض عنه وثيقتان هما: إعلان ستوكهولم للمبادئ البيئية الأساسية التي ينبغي أن تحكم السياسة، وخطة عمل مفصلة فضلا عن إنشاء برنامج الأمم المتحدة البيئي United Nations Environmental Program (UNEP) كأول وكالة بيئية دولية (كالفرت و كالفرت 2002: 424).
وبرغم أن المؤتمر قد اعترف (في البند 21) بالحقوق السيادية للدول لاستغلال مواردها وفقا لسياستها البيئية الخاصة بها، إلا أنه طلب من الدول عند استغلال مواردها ضمان عدم استنزاف الموارد غير المتجددة، وحماية الموارد الطبيعية من خلال التخطيط الحذر لصالح الجيل الحالي والأجيال القادمة كما ورد في (البندين الثاني والخامس). ولتحقيق ذلك التغير وجهت الدول نحو "تبني اقتراب متكامل ومتناسق لتخطيطها التنموي لكي تضمن توافق التنمية مع الحاجة إلى حماية وتحسين البيئة" (انظر: البند 13). ولذا كان إعلان استوكهولم أول محاولة لتقييد حق الدول في استغلال مواردها الطبيعية وخاصة تلك المتسمة بطبيعة غير متجددة، بطريقة غير معيقة.
وتبرز أهمية مؤتمر استوكهولم في أنه حدد علاقة مشتركة بين استنزاف الموارد بهدف التنمية وحماية البيئة، وهي علاقة تم تبنيها لاحقا في استراتيجية الحماية البيئية الدولية التي بلورت ولأول مرة مفهوم "التنمية المستدامة"، عندما أكدت على أنه "لكي تكون التنمية مستدامة فلابد أن تأخذ في الحسبان العوامل الاجتماعية والبيئية فضلا عن الاقتصادية." وقد مثلت تلك الاستراتيجية بدورها الخلفية الإطارية لتقرير بروندتلاند الذي منح المفهوم شعبية واسعة ومهد الطريق أمام تبنيه بإجماع دولي منقطع النظير في مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية البيئية The United Nations Conference on Environment and Development (UNCED) ثم من خلال إعلان ريو وأجندة 21.
ومع أن استجابة غالبية الحكومات لنداءات المهتمين بحماية البيئة كانت بطيئة جدا خلال العقد الذي أعقب مؤتمر ستوكهولم فضلا عن التقدم الضئيل الذي حدث في مجال البيئة، عندما تمت الموافقة في عام 1972م على المعاهدة الدولية للاتجار بالأحياء البرية النباتية والحيوانية المهددة بالانقراض Convention on International Trade in Endangered Species of Wild Fauna and Flora (CITES)، إلا أن قضية البيئة شهدت انتكاسة غير متوقعة في عام 1974م عندما تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الوثيقة المتعلقة بحقوق وواجبات الدولCharter of Economic Rights and Duties of States (CERDS) التي أكدت على "حقوق" الدول في التنمية، لكنها تحاشت أي إشارة للمعايير البيئية(كالفرت وكالفرت 2002: 425) . ومما زاد الطين بلة أن نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات قد شهدت تجاهلا واضحا للقضية البيئية في الدول الأكثر تقدما مع تأكيد حكوماتها المتزايد على "حلول" السوق الحرة، بالتزامن مع تخلي تلك الدول عن مسئوليتها عن النتائج البيئية السلبية للعمليات الاقتصادية. ولذا يمكن القول بأن الاتجاه السائد في تلك المرحلة كان بعيدا عن أي إجماع دولي تجاه قضايا البيئة.
وبقي الأمر هكذا حتى جاءت نقطة التحول الحاسمة في عام 1983م عندما طلب الأمين العام للأمم المتحدة من رئيسة وزراء النرويج آنذاك، جرو هارلم بروندتلاند Gro Harlem Brundtland تشكيل لجنة للبحث عن أفضل السبل التي تمّكن كوكبنا الذي يشهد نموا سكانيا متسارعا من أن يستمر في الإيفاء بالاحتياجات الأساسية من خلال صياغة افتراضات عملية تربط قضايا التنمية بالعناية بالبيئة والمحافظة عليها، وترفع من مستوى الوعي العام بالقضايا ذات الصلة بالموضوع. ومع نشر الوكالة (التي أصبحت تعرف بالوكالة العالمية للبيئة والتنمية، والمعروفة اختصارا WCED ) لتقريرها " مستقبلنا المشترك"Our Common Future" في عام 1987م، الذي جاء متزامنا مع الصدمة البيئية الأكبر للرأي العام العالمي المتمثلة في اكتشاف ثقب الأوزون "ozone hole" فوق القارة المتجمدة الجنوبية والتي دفعت إلى الاتفاق في نفس العام على بروتوكول مونتريال لمعاهدة فينا حول حماية طبقة الأوزون بهدف تنظيم استخدام وإطلاق المواد المستنفدة للأوزون مثل غازات الكلوروفلوروكربون (CFCs) والهالون Halons، أصبح مفهوم "التنمية المستدامة أو المتواصلة Sustainable Development" مفهوما محوريا للتفكير المستقبلي(كالفرت وكالفرت 2002: 425) . ومن ثم يمكن القول أن هذه التطورات المقلقة والشعور بأن بقاء البشر ومصيرهم مرتبطان ببقاء ومصير الكائنات الحية الأخرى وكذلك باستمرار كوكب الأرض ومنظوماته مكاناً صالحاً للحياة، فضلا عن الإدراك العالمي بمدى ما وصلت إليه الأمور من سوء منذ عام 1973م قد أسهمت بشكل مباشر في انعقاد أول قمة بيئية عالمية من نوعها هي قمة الأرض في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية عام 1992م.
وتكمن أهمية أول قمة للأرض في ريو في أنها قد وضعت حجر الأساس لرؤية عالمية جديدة عن البيئة محولة الأجندة الكونية إلى التنمية المستدامة من خلال إثارة اهتمام الرأي العام العالمي بالعلاقة المتبادلة بين الأبعاد البيئية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية للتنمية، كما مهدت الطريق أمام مفهوم التنمية المستدامة لاختراق الخطاب الاقتصادي والسياسي. ففي تلك القمة ألزم المجتمع الدولي نفسه بمفهوم التنمية المستدامة وقام بالفعل بصياغة قانون دولي بيئي، فمثلا تلزم مادة 27 من إعلان ريو حول التنمية والبيئة الدول والشعوب بتطوير "قانون دولي في مجال التنمية المستدامة"، كما تنعكس الخطوط العريضة لطبيعة ومحتوى القانون الدولي في مجال التنمية المستدامة بشكل واضح في اتفاقيتين تم تبنيهما في مؤتمر الأمم المتحدة عن البيئة والتنمية UNCED، وهما اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغير المناخي واتفاقية التنوع البيئي اللتان تمثلان أدوات قانونية دولية لمعالجة المسائل الاقتصادية والبيئية بأسلوب متكامل (Sands 1995: 53).
فقد تم الاعتراف بأهمية التنمية المستدامة وعلاقتها بالتغيرات المناخية ضمن الاتفاق الإطاري للأمم المتحدة بشأن التغير المناخي الذي يهدف أساسا إلى العمل على استقرار تركز الغازات الدفئية GHGs في الغلاف الجوي. حيث يشير البند الرابع من المادة الثالثة إلى أن:
للأطراف حق تعزيز التنمية المستدامة وعليها هذا الواجب. وينبغي أن تكون السياسات والتدابير، المتخذة لحماية النظام المناخي من التغير الناجم عن نشاط بشري، ملائمة للظروف المحددة لكل طرف، كما ينبغي لها أن تتكامل مع برامج التنمية الوطنية، مع مراعاة أن التنمية الاقتصادية ضرورية لاتخاذ تدابير لتناول تغير المناخ (أنظر: اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ 1992).
كما ألزمت أطراف الملحق 1 من الاتفاق الإطاري أنفسها في بروتوكول كيوتو 1997م بالمستويات المحددة للانبعاث بهدف تثبيت انبعاث الغازات الدفئية وتعزيز التنمية المستدامة (كما تشير المادة 2 من بروتوكول كيوتو). ومع مصادقة روسيا عليه في 2005م بدأ العمل بالبروتوكول وبدأت بعض الأطراف بالفعل في سن تشريعات ومعايير قومية للإيفاء بالتزاماتها تجاه البروتوكول، من خلال وضع حدود قومية قصوى لمستويات الانبعاث فضلا عن أنشاء نظم تبادل الانبعاث.
ومع أن البروتوكول يتضمن آليات قضائية واقتصادية من أجل مواجهة موضوع إيقاف أو لجم انبعاث الغازات إلا أن تقديمه لأدوات اقتصادية مثل تبادل الانبعاثات وعدد أخر من الوسائل المرنة (كما تشير الفقرات 12،11،10 من المادة الثالثة من بروتوكول كيوتو 2005) قد تسبب في ظهور مقايضات عالمية من أجل الحصص التبادلية، وحقوق الانبعاث، ونشوء سوق جديدة بالكامل للتلوث. فنظرا للعواقب الاقتصادية لنظام التغير المناخي تتفاوض البلدان وفقا لمصلحتها الذاتية بحيث أن كلا منها يميل إلى افتراض المؤشرات الأكثر فائدة لمصالحها الذاتية(Grubb 1998, 140-146).
وتعتبر الآثار الاقتصادية للمناخ المرتبطة بالتنظيم حاسمة نظرا لأن الخفض الكوني للغازات الدفئية يمس جوانب حساسة مثل الصناعة، والطاقة، والمواصلات في كل من الدول المتقدمة والنامية. ومع أن خفض مستويات التلوث والحفاظ على الرواسب الكربونية الطبيعية مرتبطان معا بالإطار الأوسع للتنمية المستدامة، إلا أن التركيز على مستويات الانبعاث كان أكثر حضورا نظرا لهيمنة مصالح البلدان الصناعية. وبرغم أن الروابط بين التنمية المستدامة والتغير المناخي قد استقطبت اهتماما متزايدا إلا أن هناك قيودا وعقبات متأصلة فيما يتعلق بتطوير اقتراب عملي يدمج بين إيقاف التغير المناخي وتعزيز التنمية المستدامة. وبرغم أن كل المحاولات التي تمت في هذا المجال قد أدعت أنها متطابقة مع الهدف الأساس للميثاق إلا أنه أصبح واضحا أنه حتى السؤال الأكثر أساسية والمتعلق بكيفية التوفيق بين التنمية الاقتصادية وحماية الغلاف الجوي للأرض بقي دون إجابة إلى حد كبير.
ويمكن القول بأن هناك عائقان في طريق إيجاد نظام فعال للتحكم في التغير المناخي. يتمثل أولهما في أن إيجاد مثل ذلك النظام يتطلب حدوث تغيير ما في المفهوم التقليدي لسيادة الدولة إلا أنه كان واضحا في المفاوضات خلال المؤتمرات أن مبدأ سيادة الدولة لا يزال مهيمنا وهذا يعني أنه لا يلزم أن تعلن أي دولة صراحة التزامات محددة بل أن الدول حرة في رفض أو قبول التزامات المعاهدة.
أما العائق الثاني فيتمثل في الخلاف العميق في الآراء بين الدول المشاركة فيما يتعلق بالمعايير المطلوبة والطريقة التي من خلالها يتم توزيع المسئولية. ويعكس اتفاق الإطار هذه الاختلافات من خلال استهداف كل من الحماية البيئية وتشجيع التنمية الاقتصادية. فمن خلال السعي لتحقيق الهدف الجوهري للاتفاق الإطاري تدفع الفقرة الثالثة من المادة الثانية من بروتوكول كيوتو بهذا الاختلاف قدما، فمع أن البروتوكول يهدف إلى الحد الكمي لانبعاث الغازات الدفئية GHGs إلا أنه يؤكد من جهة أخرى على الحاجة لتقليص الآثار السلبية لتلك السياسة على التجارة الدولية فضلا عن الآثار الاقتصادية والاجتماعية الأخرى(كما ورد في بروتوكول كيوتو 2005).
وتبعا لهذه الطبيعة الواسعة وغير المحددة لاتفاقية الإطار وهدف البروتوكول فقد منحت الدول المعنية قدرا واسعا من الحرية فيما يتعلق بكل من التفسير والتطبيق. فمع أن الامتثال لاتفاق الإطار يتطلب من الحكومات الوطنية أن تجري بعض التعديلات على سياساتها الوطنية وخاصة في مجالي الطاقة والمواصلات، إلا أن الغموض المحيط بمفهوم التنمية المستدامة يفتح الباب واسعا لاحتمالات المزاعم الاقتصادية حول التكلفة، والفعالية، والتفاؤل التي توظف بشكل مهيمن لرفض أو تأجيل تطبيق سياسات الحد من الانبعاث. وهذه هي الذريعة التي دفعت الكونجرس الأمريكي لرفض المصادقة على بروتوكول كيوتو مما جعل البرنامج البيئي العالم يبكامله في مهب الريح. وحتى في الحالات التي يتم فيها التطبيق ضمن النظم القضائية الوطنية فإن القوانين تبقى ضعيفة، مع منحها الأجهزة الإدارية الوطنية المختلفة، مثل الوزارات ووكالات السيطرة على التلوث ووكالات مقايضة التلوث قدرا واسعا من حرية الاختيار فيما يتعلق بالتفسير أو التطبيق.
ومع أن مفهوم التنمية المستدامة كان يمثل المحور الأساس للنقاش في قمة الأرض الثانية حول التنمية المستدامة التي انعقدت في جوهانسبرج في أغسطس من عام 2002م وحضرها ممثلون لأكثر من 160 بلدا، بهدف إزالة التناقضات بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة فضلا عن تطوير مزيد من الاتفاقيات في مجال التنمية المستدامة، إلا أن التوقعات منها كانت، وبعكس قمة ريو التي عقدت في 1992م، أقل من المتوقع ثم جاءت النتائج مخيبة للآمال. حيث لم يقتصر الإخفاق على الفشل في التوفيق بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة بل تجاوزه إلى تأكيد عدد كبير من الدول المشاركة، صراحة أو ضمنا، باستحالة تجنب حدوث المزيد من التدهور في الأنساق البيئية للأرض والماء وارتفاع مستويات انبعاث الغازات الدفئية Greenhouse Gases والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية. ويلاحظ، في هذا السياق، أنه برغم الالتزام الكوني بالعمل على استقرار تركز تلك الغازات في الجو إلا أن جزءا ضئيلا فقط من إنتاج الطاقة العالمي اليوم يستند إلى استخدام مواد غير عضوية. ومن ثم يمكن القول أن تزايد وتيرة التدهور البيئي الكوني فضلا عن تزايد معدلات الفقر وتفاقم حال فقراء العالم تشير جميعها إلى حالة ركود في ممارسة أنماط إنتاجية واستهلاكية مستدامة.
ولا يزال الجدال مستمرا. ففي الوقت الحاضر تهيمن الاعتبارات الاقتصادية على أجندة الاستدامة الدولية والوطنية على حد سواء، مما يجعل مسألة حماية البيئة تحتل موقعا هامشيا. فبينما تستمر معدلات صافي الدخل القومي للبلدان الصناعية في النمو وتستمر الشركات عبر القومية في التوسع تتفاقم الضغوط على الأنساق البيئية الطبيعية والموارد. وبدلا من مواجهة تحدي تطوير أسلوب مستدام للحياة يستطيع تلبية احتياجات الناس الأساسية في كل مكان دون القضاء على الأنساق البيئية، يتركز الاهتمام في الوقت الحاضر على تحقيق مزيد من النمو الاقتصادي دون الاعتراف بمحدودية الموارد الطبيعية. إن هيمنة المصالح الاقتصادية و "النمو من أجل النمو فقط"، كما يؤكد ليستر براون، قد تغلغل في كل أنحاء الكرة الأرضية(Brown 1998: 4).
ويمكن القول باختصار أن العالم قد بدأ بالفعل وبصعوبة طريقه تجاه التنمية المستدامة خلال العقد الأول بعد قمة ريو، كما باشر عدد من الحكومات بحماس التزاماتها تجاه توصيات القمة وتنفيذ ما ورد في إعلان ريو وأجندة 21، إلا أن الإنجازات التي تحققت كانت بشكل عام غير كافية ولا يزال هناك الكثير الذي يجب القيام به لمواجهة التحديات المختلفة والمتعددة التي تواجه الحياة المستدامة على كوكب الأرض.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|