أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2014
10100
التاريخ: 16-10-2014
4281
التاريخ: 16-10-2014
2673
التاريخ: 20-09-2015
3759
|
أبو بكر محي الدين محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد اللّه الحاتمي الطائي الأندلسي ، المعروف بابن عربي (560 هـ- 638 هـ) كان من كبار شيوخ الصوفية حتى لقب بالشيخ الأكبر.
إلا أنه لم يسلم من هجومهم نظرا لآرائه الكلامية المتطرفة لا سيما في القول بوحدة الوجود وغيرها ، وله العديد من المصنفات المختلفة (1).
أما تفسيره المنسوب إليه «تفسير ابن عربي» فقد اختلف العلماء والمحققون حول نسبته إليه، فمن قائل إنه هو الذي وضعه، ومن قائل إنه لم يضعه وإنما نسب إليه (2). ويرجع ذلك لسببين :
أ- اغترارهم واعتمادهم على ما سمّوه صحاحا حيث لا يميلون إلى غيره.
ب- ومن نتائج تلك بعد فهمهم عن العرفان ومعانيه فكان كعادتهم الهجوم على الآخرين.
وعلى ضوء ذلك يمكن الرد على أسلوب مدعي السنة المغالي أنا الحق وغيري باطل أنا .. الخ.
فهذا الحجر وذاك الجمود ينافي الموضوعية فضلا عن حصر فهم الكتاب بموروثهم الذي سموه صحاحا وإن جاء مليئا بالموضوعات والإسرائيليات؟! كما أن إعجاز الآيات قد يستفاد منها كثير من الآفاق المتوافقة مع الظاهر!! وقد وفق في ذلك العلّامة الطباطبائي غاية التوفيق.
وعليه فيمكن حمل مرادات ابن عربي وغيرهم من أهل العرفان على المحامل الحسنة إذ استفدنا منه ذلك ضمن شروط شرعية سيأتي بيانها.
فمثلا قد ذكر ابن عربي في تفسير قوله تعالى { وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ} [البقرة : 188]. يقول : لا تأكلوا معارفكم ومعلوماتكم بباطل شهوات النفس ولذاتها، بتحصيل مآربها، واكتساب مقاصدها الحية والخير إليه باستعمالها، وترسلوا إلى حكام النفوس الإمارة بالسوء (3).
وفي قوله تعالى { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً } [آل عمران : 96] يرى أن البيت هنا إشارة إلى القلب الحقيقي (4).
إن هذا التجوز الفضفاض في الكلمات والمعاني والدلالات جعل كثيرا من علماء مدعي السنة- أعداء ما جهلوا- يصفون الصوفية بالجهل تارة وبالكفر أخرى.
بينما تجد علمائنا يوجهون تلك التجوزات بأحسن توجيه، شأنها شأن علم الكلام وغيره! وحجة الصوفية في منهجهم التفسيري المعتمد على الباطن رواية يروونها عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «لكل آية ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع» (5).
ولعمري أن هذا الحديث ليس بأقل صحة من كثير مما سموه صحاحا؟! إن علماء الشرع قد يقبلون بعض التفسير الصوفي، أو الإشاري أو الرمزي إذا توافرت فيه شروط أربعة :
أ- أن لا يكون التفسير منافيا لظواهر النظم القرآني.
ب- أن يكون شاهد شرعي يؤيده.
ت- أن لا يكون له معارض شرعي أو عقلي.
ث- أن لا يدعي أن المراد وحده دون الظاهر(6).
نعم أما غرائب التفسير، وشواذ التأويل، مما يعرفه المفسر الحصيف المستند على ركن وثيق، فلا تؤخذ بعين الاعتبار ولا يقوم دليل نصي أو تاريخي على صحتها كما في تفسير قوله تعالى {رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ} [البقرة : 286].
أما إذا جئنا إلى أمثاله من رجالهم في هذا الفن فترى العجائب والخرافات والأباطيل بما يكاد أن يكون كفرا أو هو الكفر بعينه؟! أمثال الشيخ عبد القادر الجيلاني والبسطامي وحتى الآلوسي ... الخ.
ففي حلقات الدروشة يروون أن «عبد القادر» حمل اللّه ... وأنه فقأ عين ملك الموت .. وأنه يشافي كل مريض ... وأن أصحابه رأوا روحه طارت كالطير فسمّوه بالباز ...؟!
ولم أسرد ذلك للتعريض أو التهجم بل لتوضيح أمر، وذلك أنهم إذا وجدوا ما هو أقل من ذلك بكثير أو عند رجل جاهل متخلف، إلا أنه محسوب على أهل بيت النبوة عليهم السّلام! جعلوها ذريعة للنيل منا زنادقة، مشركين فرقة باطلة ... الخ.
بينما يكون المقياس عندهم رجالهم، حيث لا يبالون بعدم تنزيه الباري سبحانه وتعالى، ولا تعظيم رسوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ولا مراعاة الإجماع أو احترام العقل، إذا ما صدر عن رجالهم قول أو فعل- كما مرّ عليك سابقا- وهنا مثلا ادعاء الآلوسي رأى اللّه ثلاث مرات في منامه؟! إنه الحب والعشق (7)! وهذا ابن عربي وإن كان يعتبر من أفضل رجالهم في هذا المجال، لأنه إذا استثنيا من هم دونه- إلا أنه لم يسلم من الطعون الكثيرة لوجود الشطحات الخطيرة في هذا المجال الحساس والدقيق؟! منها ادعاؤه بأن له ما يشبه معراج النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وكعادتهم فقد اتهمه متعصبو أهل السنة (...) بالزندقة والكفر والإلحاد، وطالبوا باستئصاله وتخليص المجتمع منه ومن أمثاله وحرموا على العامة قراءة تصانيفه، مما أدى إلى حبسه وإيذائه (8) ؟! كذلك اختلف العلماء منهم في التفسير المنسوب إليه «تفسير ابن عربي» لما فيه من غرائب وتجاوزات منها قوله في (الفتوحات المكية) كنت نائما في منام إبراهيم عليه السّلام وإذا يقاتل من الأرواح - أرواح الملأ الأعلى- يقول لي عن اللّه : ادخل مقام إبراهيم (9) ؟! فمن قائل إنه هو الذي وضعه، ومن قائل إنه لم يضعه وإنما نسب إليه (10).
وذلك لأنه جمع فيه بين التصدق النظري والعملي، ولم يتعرض فيه لظاهر الكلام- وهذه كما أشرنا إليها تمثل الانحراف إلى التأويل المتكلف- والموضوعات والإسرائيليات الذين عجزوا عن مجارات وصد الغزو الثقافي الأجنبي على الإسلام واكتفوا بالسباب والتكفير؟! كمال الانحراف: وذلك عند ما حصل له خلط بين شطحاته الصوفية وبين موضوعات مدعي السنة، عند ما قال في تفسيره لسورة النجم في الآيتين { عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى } [النجم : 5، 6].
فقال : عَلَّمَهُ روح القدس الذي هو شَدِيدُ الْقُوى قاهر لما تحته من المراتب فَاسْتَوى فاستقام على صورته الذاتية ... لاستحالة تشكل الروح المجردة في مقام القلب إلا بصورة تناسب الصورة المثقلة في مقامه، ولهذا كان يتمثل بصورة (دحية الكلبي؟!) .. أن لو لم يتمثل بصورة يمكن انطباعها في الصور لم يفهم القلب كلامه، ولم ير صورته (11)؟!! وكذلك في تفسير، للآيتين (29- 30) من سورة الفجر {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 29، 30] حيث يقول: «... ادخلي جنتي التي هي ستري، وليست جنتي سواك فأنت تسترني - يا ابن عربي- بذاتك الإنسانية فلا أعرف إلا بك، كما أنك لا تكون إلّا بي، فمن عرفك عرفني ... فأنت عبدا رأيت ربا، وأنت رب لمن فيه أنت عبد، وأنت رب، وأنت عبد لمن في الخطاب عهد(12) ؟! علما أن الكلام الذي قال ما هو قريب من هذا القول، حيث أدى إلى الحكم بزندقته وقتله ! ومن جانب آخر نجد أن من جعلوا أنفسهم وكلاء عن السنّة، يكفرون هذا ويتهمون ذلك مع العلم أن الذي عندهم هو أسف وأكفر ويسمّوه صحاحا وقائله إماما، فمثلا أنهم يتهموننا بمختلف التهم لأجل أحد المفسرين وهو الفيض الكاشاني، عند ما يؤول الآيات المناسبة قريبة لأهل البيت النبوة، ورغم ذلك تصدى له كثير من علمائنا- كما سيجيء- بالردّ عليه ؟! ولكن استمع إلى ابن عربي، في نفس الآيتين يؤولها فلسفيا وصوفيا من غير مناسبة، ولكنه محض لانتمائه إلى أهل السنة والجماعة فقد قال :
في تفسير الآيتين (29، 20) من سورة الرحمن {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن : 19، 20] يقول : مرج البحرين، بحرا الهيولى الجسمانية الذي هو الملح الأجاج، وبحر الروح المجرد، الذي هو العذب الفرات يلتقيان في الوجود الإنساني {بَيْنَهُما بَرْزَخٌ} هو النفس الحيوانية (13) ؟!! وبالنتيجة فليس هو بأسوإ حال من ناقديه فهو لم يحسن الأخذ من الفلاسفة وهم أخذوا بالموضوعات والإسرائيليات وسموها صحاحا، والأمر الذي فقدوا فيه التمييز بينه وبين النبوي الصحيح؟! وأخيرا فيمكن القول بل الردّ على المعترضين من سمّوا أنفسهم أهل السنة أنه لا مجال لشن حملات التكفير والزندقة وغيرها، على ابن عربي وغيره من الصوفية، وذلك لأنكم قد وقعتم قبلهم في الشراك التي نصبها أقطاب اليهود لتقسيم الإسلام إلى فرق منحرفة عن السنة النبوية الأصيلة، وكل فرقة تغالي برواياتها ورواتها ورجالها لا بأهل الحق حقا؟!
وقد مر سابقا بما فيه الكفاية عن اختراق الإسرائيليات وبكثرة في التراث لدى السنة بالشكل الذي ظهر عيانا حتى عندهم؟! وبذلك يأتي الخوض في مجال التصوف لرجالهم وسلفهم مكملا للمخططات اليهودية الواضحة التأثير في مناهجهم ومذاهبهم.
إذ أن من كبار اليهود الذين كانوا يخططون للمؤامرات على الإسلام بواسطة التصوف، والذي ظهرت بصماته الواضحة على ما أسلفناه هو- إبراهيم بن موسى بن ميمون- تولى طائفة اليهودية في مصر بعد أبيه، فألف كتابه، (كفاية العابدين) وهو موسوعة في الصوفية، وغاية الزلفى عنده الاتحاد باللّه تعالى؟! وليس معرفة اللّه (14)؟!
______________________________
(1) شذرات الذهب 5/ 191، طبقات المفسرين للسيوطي ص 38.
(2) تفسير المنار 1/ 18، التفسير والمفسرون 2/ 400.
(3) ابن عربي، تفسير القرآن الكريم 1/ 137.
(4) المصدر السابق نفسه 1/ 23.
(5) الاتقان- السيوطي- 4/ 195.
(6) التعبير الفني في القرآن- أمين بكري- ص 122.
(7) السيوطي، الاتقان 4/ 203.
(8) مقدمة تفسير ابن عربي 1/ 14.
(9) المصدر السابق نفسه.
(10) تفسير المنار 1/ 18.
(11) تفسير ابن عربي: 2/ 554.
(12) المصدر السابق نفسه: 1/ 191.
(13) تفسير ابن عربي: 2/ 280.
(14) للمزيد راجع كتاب - موسوعة فلاسفة ومتصوفة اليهود - د. عبد المنعم الحنفي.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|