أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-12-2021
1989
التاريخ: 8-10-2021
2456
التاريخ: 31-12-2021
4324
التاريخ: 2-1-2022
1972
|
لم تستطع الدولة الصغيرة أن تخرج من قيود الدور المحدود في صناعة سياستها الخارجيّة، وذلك لضعف عوامل الاقتدار من حيث عدد السكان أو الموارد الطبيعية أو القدرة الاقتصادية أو العسكرية، لذلك سعت هذه الدولة إلى تعويض ذلك باجتراح سياسة خارجية تعتمد على التكتل الاقتصادي أو اللجوء إلى التجمع الإقليمي (Barston, 1971؛ Hey, 2003). هذه الأوضاع عكست ظروفاً وحقائق طبعت السياسة الخارجيّة للدول الصغيرة بسمات تكاد تنحصر في الآتي:
1- عجز الدول الصغيرة عن منافسة الدول الكبيرة في مجال الانخراط في الشؤون الدولية، وذلك بسبب محدودية الإمكانات من حيث المعلومات والقدرة على فرض دبلوماسيتها على الأحداث العالمية، وذلك عائد إلى صغر حجم تمثيلها الدبلوماسي، سواء ما كان من قلة عدد السفارات أم الدبلوماسيين الذين يديرونها، إضافة إلى ضعف قدرتها العسكرية، هذه القدرة التي أصبحت هذه الأيام أحد المكوّنات الرئيسية في عملية تنفيذ العديد من قرارات السياسية الخارجيّة، إضافة إلى أنها لا تملك الموارد المالية أو القوّة الماديّة أو المستوى التقني الذي يمكنها من المشاركة الفعّالة في السياق الدولي، الأمر الذي يفرض على هذه الدول الصغيرة أن تختار مجالات محدودة، أو دولاً قليلة توازيها في القوّة للتشارك معها في اتباع سياسات خارجيّة ملائمة.
هذا بالإضافة إلى أن الدول الصغيرة لا تملك الخيارات في انتقاء آليات تمكنها من التأثير الخارجي. لذلك نرى أن محاولات هذه الدول، في فرض ذاتها، لا تتجاوز حدوداً معينّة مما يعني محدودية هذه القرارات إنْ لم يكن عدميّة فائدتها، هذا إذا لم تترك هذه القرارات احتمالات قيام تهديدات خطرة ضدها (East, 1973). ولمواجهة ذلك تضطر الدولة الصغيرة إلى التوجّه نحو تبني استراتيجيّات إقليمية (لا تكون فيها دول كبيرة) من أجل التحرر من الضغوطات الدولية.
بل وأحياناً تميل إلى التزام الحياد لتتجنب مواجهة الإرادات الدولية الكبيرة، وهذا يعني الأخذ بالدبلوماسية متعددة الجوانب والاهتمامات، والتنسيق الجماعي وفي سبيل ذلك تسعى إلى تجميع المزيد من الوسائل السلمية للوصول إلى درجة من القدرة التي تغطي أوضاعها الهزيلة في النسق الدولي.
ولتحقيق ذلك، نراها تعمل جاهدة على دعم النشاطات الدولية، والإفادة من عمليات المشاركة في المحافل الدولية لتخفيف الضغوط والقيود، الأمر الذي يجعلها في حالة دائمة تعتمد فيها على اغتنام الفرص المتاحة. وهذا يجعلها تجهد في الإصرار على تفعيل قواعد القانون الدولي التي ترى فيها إمكانات للمحافظة على ذاتها، ومن ذلك مثلاً دعمها لمؤسسة المحكمة الدولية وتطوير الوسائل السلمية في التغيير. وهذا يعني السعي الحثيث نحو مساندة الشرعية الدولية وتعظيم قيمها، وتنشيط الفعّاليات التي تقوم بها المنظمات الدولية، والدعوة إلى استخدام المناهج الأخلاقية والأدبية في حل القضايا الدولية (شلبي، 2008).
ومن الملاحظ أن بعض هذه الدول قد استطاعت أن تثبت وجودها الدبلوماسي النشط على المستوى الدولي والإقليمي، واستطاعت الحصول على وزن ودور وذلك عندما نهجت في إعداد نفسها كقوة داعمة للجهود التي تبذل دون اللجوء إلى الأعمال العسكرية رغم انكشافها، ورغم خطورة التهديدات الاقتصادية حتى الفاقة والتبعية، والخوف من تهديد هويتها الوطنية وتكاملها الاجتماعي وانتهاك إقليمها والخشية على سلامته (الشنفري، 1995؛ الإبراهيم، 1982؛ Allouche,1989)، وذلك لأن تضاءل الموارد البشرية والمادية للدولة يعني، بالضرورة، ازدياد الصعوبات التي تواجهها، وضيق خياراتها، وبالتالي سهولة تهديد بقائها عضواً مستقلاً كاملاً في المجموعة الدولية.
2- الميل نحو تفضيل الأدوات والاعتبارات الاقتصادية والتنموية على الأدوات والاعتبارات السياسية في علاقاتها الدولية، لذلك غالباً ما يلجأ قادة هذه الدول إلى استخدام الخطابات السياسية التي تقول بأن استراتيجياتهم تلتزم بالشؤون التنمويّة الاقتصادية واعتبارها أولوية في صدارة مناهجهم المتعلقة بالسياسة الخارجية (Fauriol, 1984)، وذلك تحت ضغوطات حاجات مواطنيهم المتعلقة بالغذاء والعمل والصحة والرعاية الاجتماعية، في ظل عجز بيّن في الصناعات المتطورة، وغياب تنوع الموارد وضعف الأسواق المحلية، والشح في موارد التمويل، وغالباً ما يرافق ذلك خلل في مواكبة الاحتياجات المعيشيّة، خاصة وأن معظم دخل الدولة إنّما يأتي عن طريق تصريف الموارد الأولية التي هي في الأصل ضعيفة، والتي تكون متركزة في سلعة واحدة في كثير من الأحيان. كل هذا يؤدي إلى الاضطرار إلى البحث عن مساعدات وقروض من الدول ذات الإمكانات، الأمر الذي يعني حالة من التبعية، التي تفضي إلى الإضرار بالاستقرار الداخلي، بعد أن تسقط هذه الدول في علاقات تتميز بعدم المساواة التبادليّة.
إن ذلك كله يخلق معضلات وأزمات تتمثل في:
أ- العجز عن تحقيق الأهداف المرسومة، التي هي في الأصل، أهداف متواضعة، وبالتالي تزداد الهوّة بين الإمكانات وبين القدرات. وغالباً ما يقود ذلك إلى الإحباط ثم التمرد اللذين يُترجمان إلى تآكل شرعية الأنظمة السياسية، إن كانت هناك شرعية.
ب- العجز عن ضمان وضع أمني يضمن الاستقرار والصيانة والوحدة للدولة، خاصة وأن التهديد يشكل خطورة متنامية في المجتمع الدولي هذه الأيام، وفي ظل سعي أطراف الاستقواء الدولي إلى احتلال المزيد من الأفلاك والساحات. وهنا تجد الدول الصغرى نفسها في ارتباك كبير إذا ما حاولت الاختيار بين أشكال العلاقات مع الدول الأخرى (Wagner, 2010)، وذلك عندما تضيق البدائل لديها.
ج- ظهور تكتلات اقتصادية عالمية ضخمة تتمثل في هيمنة الشركات المتعددة الجنسيّة، ومراكز المؤسسات الماليّة العالمية، التي باتت تتحكم في مصائر الكثير من الدول الصغيرة، وتشترط رهن الاستقرار السياسي وفرض التبعيّة المقيّدة مقابل تقديم المعونات لها. وقد دعت هذه الدول، للخروج من هذا المأزق، إلى إنشاء نظام دولي اقتصادي جديد، وذلك سعياً لتصحيح الاختلالات الهيكليّة والقضاء على واقع عدم المساواة. ومن ضمن هذه المحاولات أيضاً، سعت هذه الدول، إلى إقامة سلسلة من الحوارات بين الشمال والجنوب، بعد تحسين وضع العلاقات الاقتصادية بين دول الجنوب نفسه (Wagner, 2010; Weinstein, 1972؛ هلال، القرني، 1994).
3- الاضطرار إلى تبني تقنيات منخفضة التكلفة مثل اللجوء إلى استخدام المنظمات الدولية، والاعتماد عليها حتى تتمكن هذه الدول الصغيرة من تقوية قدراتها وزيادة نفوذها، كون هذه المنظمات تدعو إلى تعظيم معايير الشرعية الدولية.
4- تتسم الأنظمة السياسية في الدول الصغيرة بوقوعها تحت إرادة القيادة السياسية فيها، وذلك لغياب المؤسسات الديمقراطية الفاعلة، الأمر الذي أدّى إلى شخصنة القرارات السياسية الخارجية، التي تكون، في الغالب غير مؤهلة لقيادة الدولة خاصة في الشؤون الدوليّة. ويؤدّي هذا، بالضرورة، إلى عدم الاستقرار خاصة إذا ما وقعت تقلبات مفاجئة في هرم السلطة، كتغيير الزعيم إثر الانقلاب أو موت هذا الزعيم (فضّة، 1983).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|