أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-6-2019
3257
التاريخ: 25-3-2016
4793
التاريخ: 23-3-2016
4584
التاريخ: 22-4-2017
13710
|
من المتفق عليه تشريعا وقضاء وفقها أنه لا يكفي لقيام القصد الجنائي العلم بالعناصر القانونية المكونة للجريمة، بل يتطلب فضلا عن ذلك اتجاه الإرادة إلى ارتكاب الأنشطة الإجرامية طواعية، دون أن تكون مجبرة في ذلك(1)، أي أن يكون النشاط المكون للركن المادي للجريمة إراديا، وبالتالي فكل نشاط أو سلوك خارج عن الإرادة لا يعتد به قانونا(2) والجريمة المنظمة العابرة للحدود لما كانت من الجرائم الشكلية التي لا تتطلب نتيجة فإن القصد الجنائي يتحقق بصداها بمجرد اتجاه الإرادة إلى ارتكاب سلوك من السلوكيات المكونة للركن المادي في هذه الجريمة. ( تعرف الإرادة بأنها نشاط نفسي يتجه إلى تحقيق غاية معينة باستعمال وسيلة معينة(3) وهي بذلك قوة نفسية تتحكم في سلوك الإنسان وتوجهه، عن طريق حسم الاختيار من جهة ونقل الفكرة من الذهن إلى الواقع من جهة أخر(4) يكتسي عنصر الإرادة أهمية كبرى في نطاق القانون الجزائي، إذ أن القانون يعنى بالأعمال الإرادية، ومن هذا المنطلق إذا تجرد سلوك الإنسان من الإرادة فلا يعتد به في مجال القانون الجزائي، ولو أدى إلى إلحاق الضرر بالمجتمع وأصابته بأبشع الخسائر(5) ذلك أن الإرادة جوهر القصد وأبرز عناصره(6)، تعبر في الجريمة المنظمة العابرة للحدود عن الحالة أو الرابطة الذهنية التي تجمع بين الجناة، تترجم من خلال إرادة الاتفاق وإرادة التداخل.
أولا: إرادة الاتفاق.
لا يكفي لقيام القصد الجنائي في الجريمة المنظمة العابرة للحدود مجرد العلم بالاتفاق بل لابد من اتجاه إرادة الأشخاص إلى هذا الاتفاق(7)، فجوهر تكوين وتنظيم جماعة إجرامية منظمة يتجلى في توافر عدد من الإرادات الإجرامية المتطلبة قانونا نحو تحقيق أهداف معينة وتضافرها في ذلك، الأمر الذي من شأنه أن يكون جريمة جماعية قائمة على تداخل مجموعة من السلوكيات، كل على حسب مهمته قصد تحقيق مشروع إجرامي واحد. يترتب على اعتبار أن الاتفاق في الجريمة المنظمة العابرة للحدود يتطلب تلاقي عدة إرادات إجرامية، أنه لا يمكن تصور قيامه على مجرد توارد الخواطر لدى بعض الأشخاص نحو تحقيق غاية واحدة دون أن تتقابل إرادتهم أو يعقد العزم بينهم بشأنها، ذلك لأن القانون لا يعاقب على مجرد الخواطر. كما لا يقوم الاتفاق في حالة اجتماع عدة أشخاص للتفاهم على ارتكاب أنشطة إجرامية أو على الأفعال المجهزة أو المسهلة لارتكابها، إذا اختلفوا فيما بينهم وتشتت أراءهم ولم تتحدد إرادتهم حول أمر من الأمور التي اجتمعوا من أجلها(8) ما تجب الإشارة إليه أن التعبير عن الإرادة في الاتفاق اللازم لقيام الجريمة المنظمة العابرة للحدود يتخذ شكل إيجاب وقبول من شخصين أو أكثر، بغض النظر عن الشكل المتخذ، إذ لا فرق أن يتم بالكتابة أو شفاهه، ولا أن يكون صريحا أو ضمنيا، متى أمكن الاستدلال على ذلك من خلال الملابسات والظروف المحيطة بالجريمة.
ثانيا: إرادة التداخل.
التداخل حالة نفسية تنشأ وتتبع كأثر للاتفاق الحاصل بين الجناة، تتجلى في اتجاه إرادة الجاني المنضوية تحت جماعة إجرامية منظمة إلى تحقيق الأهداف والأغراض التي من أجلها تكونت هذه الجماعة(9) من أجل قيام القصد الجنائي في الجريمة المنظمة العابرة للحدود، يتعين توافر إرادة التداخل، بمعنى أن تتجه نية وإرادة الفاعل إلى الدخول في عضوية الجماعة الإجرامية المنظمة على حسب السلوك الإجرامي المكون لهذه الجريمة، فالتأسيس يقتضي إتحاد إرادات إجرامية بغية خلق كيان إجرامي، أما الانضمام فيشترط أن تكون لدى المنضم إرادة تحمله على قبول ارتكاب الأنشطة الإجرامية المطلوبة منه، أما بالنسبة للاتصال فيتطلب أن تكون لدى المتصل إرادة تتجه إلى معاونة ومآزره ومساعدة الفاعلين.
أقرت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية بضرورة توافر الإرادة من خلال المادة 5 منها المتعلقة بالمشاركة في جماعة إجرامية منظمة، حيث قضت في فقرتها الأولى بضرورة أن تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم الأفعال المشمولة بهذه المادة عندما ترتكب عمدا، سواء تجلت الإرادة في مرحلة الاتفاق، وذلك بقيام شخص مع آخر أو أكثر بالاتفاق على ارتكاب جريمة خطيرة لغرض له صلة مباشرة أو غير مباشرة بالحصول على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى أو تجسدت الإرادة في مرحلة ما بعد الاتفاق من خلال قيام الشخص عن علم بهدف جماعة إجرامية منظمة وبنشاطها الإجرامي العام أو بعزمها على ارتكاب الجرائم بدور فعال في هذه الأنشطة أو في أنشطة أخرى تضطلع بها الجماعة الإجرامية، مع علمه بأن مشاركته تساهم في تحقيق الهدف الإجرامي لهذه الجماعة. انطلاقا مما سبق، تنشأ الجريمة المنظمة العابرة للحدود بمجرد اتحاد الإرادات الإجرامية وصبها في قالب واحد، إذا صحت لدى المساهم نية التداخل في ارتكابها بعلمه بنشاط غيره من الفاعلين وموافقته على الإسهام في تحقيق النشاطات الإجرامية المزمع ارتكابها، أما في حالة فقدان نية وإرادة التداخل فإن هذه الجريمة تفقد وحدتها بالنسبة للجناة وبالتالي لا يسأل المتهم إلا في حدود النشاط الذي قام به وما إذا كان يشكل جريمة(10) والجدير بالذكر أنه حتى يعتد بالإرادة وجب أن تكون جادة في انتمائها إلى عضوية الجماعة الإجرامية، أما إذا لم تكن كذلك بأن كان صاحبها ينوي إبلاغ السلطات العامة أو كشف المجرمين فإن القصد الجزائي ينعدم لتخلف أحد عنصر (11) .
______________
1- فائزة يونس الباشا، الجريمة المنظمة عبر الوطنية، ط الأولى، دار الشروق للطباعة والنشر، القاهرة مصر، سنة 2004. ص 236 .
2- سليمان عبد المنعم، النظرية العامة لقانون العقوبات، دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان، سنة 2003. ص 515 .
3- محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات (القسم العام)، المجلد الأول، ص 562.
4- عبد الله سليمان، شرح ق.ع.ج (القسم العام)، الجزء الأول: الجريمة، ط السادسة، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر، سنة 20 ص 258
5- عبد الله سليمان، شرح قانون العقوبات (القسم العام)، مرجع سابق. ص 258 .
6- محمد محي الدين عوض، جرائم غسل الأموال، ط الأولى، مركز الد راسات والبحوث، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض المملكة العربية السعودية، سنة 2004 ص 215 .
7- جهاد محمد البريزات، الجريمة المنظمة، دراسة تحليلية، ط الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان الأردن، سنة 2008 .ص 59 .
8- هشام سعد الدين، ص60 .
9- فائزة يونس الباشا، الجريمة المنظمة ، مرجع سابق. ص 239
10- محمد عبد الله حسين العاقل، النظام القانوني الدولي للجريمة المنظمة عبر الدول، دراسة نظرية تطبيقية، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، سنة 20 ص 196.
11- أكرم نشأت إبراهيم، ص 231
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|