أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-02-2015
7339
التاريخ: 24-02-2015
7033
التاريخ: 24-02-2015
13914
التاريخ: 25-02-2015
1817
|
حلف سبحانه في سورة البروج بأُمور أربعة :
أ : {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ } [البروج : 1] : المنازل.
ب : { الْيَوْمِ المَوْعُودِ } : القيامة.
ج : شاهد .
د : مشهود .
قال سبحانه : {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج : 1 - 8].
فأقسم سبحانه بالعالم العلوي وهو السماء وما فيها من المنازل التي هي أعظم الأمكنة وأوسعها ثمّ أقسم بأعظم الأيّام وأجلّها الذي هو مظهر ملكه وأمره ونهيه وثوابه وعقابه ، ومجمع أوليائه وأعدائه والحكم بينهم بعلمه وعدل.
ثم أقسم بكلّ شاهد ومشهود ـ إذا كان اللام للجنس ـ فيكون المراد كلّ مدرِك ومدرَك وراع ومرعي ، والمصداق البارز له هو النبي الذي سمّي شاهداً كما سيوافيك ، كما أنّ المصداق البارز للمشهود هو يوم القيامة ، فلنرجع إلىٰ تفسير الآيات.
أمّا السماء : فكلّ شيء علاك فهو سماء ، قال الشاعر في وصف فرسه :
واحمر كالديباج أمّا سماؤه فريّاً وأمّا أرضه فمحول
وقال بعضهم كلّ سماء بالإضافة إلى ما دونها فسماء ، وبالإضافة إلىٰ ما فوقها فأرض وسمي المطر سماءً لخروجه منها.
وأمّا البروج واحدها برج ويطلق على الأمر الظاهر وغلب استعماله في القصر العالي لظهوره على الناظرين ، ويسمّى البناء المعمول على سور البلد للدفاع برجاً ، والمراد هنا مواضع الكواكب من السماء.
وربما يفسر بالمنازل الاثنىٰ عشر للقمر ، لأنّ القمر يصير في كلّ برج يومين وثلث يوم ، وذلك ثمانية وعشرون يوماً ، ثمّ يستتر ليلتين ثمّ يظهر.
وربما يفسر بمنازل الشمس في الشمال والجنوب ، ولكن الأولىٰ ما ذكرناه منازل النجوم على وجه الإطلاق.
واليوم الموعود عطف على السماء وهو يوم القيامة الذي وعد الله سبحانه أن يجمع فيه الناس ويوم الفصل والجزاء الذي وعد الله به علىٰ ألسنة رسله وفيه يتفرد ربّنا بالملك والحكم.
وقد وعد الله سبحانه به في القرآن الكريم غير مرّة وقال : {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [يونس : 48]
وقال : {أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [يونس : 55].
وقال تعالى : {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [الكهف : 21].
إلى غير ذلك من الآيات التي سمّى الله سبحانه فيها ذلك اليوم بوعد الله.
وشاهد ومشهود ، اللفظان معطوفان على السماء والجميع قسم بعد قسم ، وأمّا ما هو المقصود ؟ فالظاهر انّ الشاهد هو من عاين الأشياء وحضرها ، وأوضحه مصداقاً هو النبي (صلى الله عليه واله) لأنّه سبحانه وصفه بكونه شاهداً ، قال : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } [الأحزاب : 45].
نعم تفسيره بالنبي الخاتم (صلى الله عليه واله) من باب الجري والتطبيق على أفضل المصاديق وإلاّ فله معنى أوسع ، يقول سبحانه : {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة : 105] فقد عدّ المؤمنين شهوداً على الأعمال ، فإنّ الغاية من الرؤية هو الشهود.
وتدل الآيات علىٰ أنّ نبي كلّ أُمّة شاهد علىٰ أُمّته ، قال سبحانه : {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء : 159].
وأمّا المشهود فالمراد منه يوم القيامة ، لأنّه من صفات يومها ، قال سبحانه :
{ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} [هود : 103] والمراد به { ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ } أي يجمع فيه الناس كلّهم الأوّلون والآخرون منهم للجزاء والحساب والهاء في له راجعة إلى اليوم { وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } أي يشهده الخلائق كلّهم من الجن والإنس وأهل السماء وأهل الأرض أي يحضره ولا يوصف بهذه الصفة يوم سواه وفي هذا دلالة على إثبات المعاد وحشر الخلق (1).
هذا كلّه حول المقسم به ، وأمّا المقسم عليه فيحتمل أن يكون أحد أمرين :
أ : { قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ } وفسره بقوله : { النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ } أي أصحاب الأُخدود هم أصحاب النّار التي لها من الحطب الكثير ما يشتد به لهيبها ، ويكون حريقها عظيماً ، ولهيبها متطايراً.
ثمّ أشار إلىٰ وصف آخر لهم { إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ } أي أحرقوا المؤمنين بالنار وهم قاعدون حولها يشرفون عليهم وهم يعذبون بها ويوضحه قوله في الآية اللاحقة : { وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ } أي أُولئك الجبابرة الذين أحرقوا المؤمنين كانوا حضوراً عند تعذيبهم يشاهدون ما يُفعل بهم ، وفي هذا إيماء إلى قسوة قلوبهم ، كما فيه إيماء إلىٰ قوة اصطبار المؤمنين وشدّة جلدهم ورباطة جأشهم.
وأمّا الصلة بين ما حلف به من السماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود وجواب القسم فهي انّه سبحانه حلف بالسماء ذات البروج والبروج آية الدفاع حيث كان أهل البلد يدافعون من البروج المبنية على سور البلد عن بلدهم ، قال سبحانه : {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} [الحجر: 16، 17].
فحلف سبحانه بالسماء ذات البروج في المقام مبيناً بأنّ الله الذي كما يدفع بالبروج عن السماء كيد الشياطين كذلك يدفع عن إيمان المؤمنين كيد الشياطين وأوليائهم من الكافرين.
ثمّ أقسم باليوم الموعود الذي يجزي فيها الناس بأعمالهم فهو يجزي أصحاب الأُخدود بأعمالهم ، وأقسم بالشاهد الذي يشاهد أعمال الآخرين ، وأقسم بمشهود أي كل ما يشهده الشاهد وهو انّه سبحانه تبارك وتعالى يعاين أعمالهم ويشاهدها.
ويمكن أن يكون جواب القسم ، قوله سبحانه : {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ } [البروج : 10، 11].
فالله سبحانه يوعد الكفّار ويعد المؤمنين.
وأمّا وجه الصلة فواضح أيضاً بالنسبة إلىٰ ما ذكرنا في الوجه الأوّل ، ويحتمل أن يكون الجواب قوله : { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} [البروج : 12، 13] ، والمناسبة تلك المناسبة فلا نطيل.
ويحتمل أن يكون الجواب محذوفاً يدل عليه الآيات المتقدمة ، والمحذوف كالتالي :
إيعاد الفاتنين ووعد المؤمنين وهكذا.
__________________
(1) مجمع البيان : 5 / 191.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|