أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-2-2018
2487
التاريخ: 14-10-2015
5191
التاريخ: 25-2-2018
2863
التاريخ: 10-4-2016
4279
|
كانت السياسة المالية في عهد الامام (عليه السلام) تستند على عدّة اسس، هي:
الاول: توزيع ما كان يتجمع في بيت المال من النقدين _ الذهب والفضة_ على الموارد التي ذكرتها الآية، وكان اغلب ذلك من الصدقات.
الثاني: توزيع الفيء _ من مواد نقدية او عينية _ على المقاتلين، او الذين يحضرون القتال ويقومون بشؤون خدماتية للجيش، وكان عددهم ضخماً.
وكانت الثروة العينية الاوسع المتمثلة بزكاة الغلات والانعام توزع على الفقراء ايضاً، وتلك السياسة تمثل سياسة في الضمان الاجتماعي لجميع الافراد في المجتمع الاسلامي.
ولا شك ان مقدار تلك الثروة المتجمعة في بيت مال المسلمين كان ضخماً، فكان يتطلب وجود نوع من الادارة لتنظيم صرف ذلك المال وحسن توزيعه، من قبيل وجود الكتّاب والدفاتر التي كانت تدرج فيها اسماء الافراد الذين يستلمون من بيت المال.
خذ مثلاً على ضخامة العملية الادارية في التوزيع، فقد كان جيش الامام (عليه السلام) الذي شارك في صفين قد بلغ اكثر من مائة وعشرين الف مقاتل، وهذا العدد الضخم كان يحتاج الى سجلات باسمائهم ومقدار عطاياهم.
الثالث: ضبط السوق التجاري عبر حثّه (عليه السلام) الباعة واصحاب الحوانيت على عدم الغش، والتحكم بالمكيال بالحق، والمحافظة على الاسعار، ومحاربة الاحتكار، فقد كان (عليه السلام) يكثر المرور على سوق الكوفة فيحثّ الباعة على ضبط الميزان وعدم الغش.
ولا شك ان السوق التجاري في الكوفة _ عاصمة دولة امير المؤمنين (عليه السلام)_ كان فرعاً رئيسيا من فروع مجرى النقد في المجتمع. لان بيت المال كان في الكوفة، ولا شك ان البيع والشراء يتطلب دوماً نشاطاً في الحركة النقدية،وانتقالاً مستمراً للمال بين ايادي مختلفة.
الرابع: محاربة الربا، الذي حرمه الاسلام عبر قوله تعالى في الكتاب المجيد: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] في نفس الوقت الذي شجع فيه على الكسب الحلال في الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات.
ولذلك كان الامام (عليه السلام) يدعو التجار الى التفقه في احكام التجارة، فيقول لهم: «يا معشر التُجار: الفقه ثم المتجر...». ويقول (عليه السلام) لهم ايضاً: «من اتجرَ بغيرِ فقه فقد ارتطم في الربا».
الخامس: كان النقد المسكوك (ذهباً كان او فضةً) في ذلك الزمان، يمثل المال الحقيقي لا المال الاسمي.
أي ان كمية النقد الموجودة في المجتمع آنذاك تستطيع ان تشتري الحاجات الاساسية للناس، فقراء كانوا او اغنياء؛ لان العملة المسكوكة كانت محدودة بحدود ما يمكن تملكه، ظاهراً. على عكس النقد الورقي اليوم، الذي يُعد مالاً اسميا اكبر من حجم مجموع المواد التي يمكن ان تُشترى في المجتمع.
وبمعنى آخر، لو ان فرداً جمع العملة الورقية اليوم وارد ان يشتري ممتلكات العالم باجمعه، لأمكنه شراء كل ممتلكات العالم وبقي من العملة الورقية مبلغاً كبيراً ايضاً، فبنوك العالم المعاصر تصنع عملة ورقية اكبر مما يحتاجها المجتمع في البيع والشراء، والنكتة في ذلك ان الثراء في عالم اليوم هو ثراء وهمي وليس حقيقي، ولذلك يشهد العالم الاقتصادي المعاصر ازمات مستمرة.
السادس: ان دوران النقد في المجتمع في خلافة امير المؤمنين (عليه السلام) كان دوراناً نشطاً. فهو ما ان يخرج من بيت مال المسلمين الى الفقراء، حتى يجد طريقه الى السوق، لان الفقراء _ بحكم عوزهم _ كانوا يصرفون ذلك المال القليل خلال فترة وجيزة، وعندما يدخل المال في حوزة اصحاب المتاجر ، فان جزءً منه يرجع الى المزارعين وبقية العمال وجزءً آخر ارباحاً الى اصحاب المتاجر. وفي النهاية، فان اجزاءً من المال سوف ترجع الى بيت المال عبر الصدقات. وهذا الدوران للمال كان له دور في تنشيط حركة الحياة في مجتمع المسلمين.
وتلك السياسة المالية ادت الى تحريك النظام الاقتصادي وتكامله من خلال تحريك السيولة النقدية وعدم تكديسها، وادت الى اشباع الفقراء والاغنياء وتضييق الفارق الطبقي بين الفئتين.
وبكلمة، فان وجود المال الحقيقي على شكل نقد: ذهب وفضة، كان يسهل الامر على الحكومة في تحقيق العدالة الحقوقية بين الناس، فالمال الحقيقي يعني ايجاد قوة شرائية للمواد الموجودة فعلا في السوق كالطعام واللباس، بينما لا يؤدي المال الاسمي في الدولة الحديثة الى تحقيق اهداف الحكومة في العدالة الاجتماعية؛ لان الادخار الاجمالي للمال الاسمي الاجتماعي ما هو الا ادخار وهمي يشجع على انشاء طبقات اجتماعية متفاوتة في حيازة الثروة. وخير شاهد على ما نقول هو حالات انهيار اسواق البورصة في عالم اليوم.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|