أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2014
3510
التاريخ: 16-12-2014
3845
التاريخ: 16-12-2014
3771
التاريخ: 20-5-2022
1917
|
بقيت فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعد تلك الاحداث - والى جنبها علي (عليه السلام)- باكية العين محترقة القلب بوفاة رسول الله (صلى الله عليه واله)، وكانت الصدمة، فيما حصل بعد الوفاة من احداث، عظيمة ومحزنة، فقررت مقاطعة قريش من الذين تولوا الامر بعد رسول الله (صلى الله عليه واله)، قال ابن قتيبة الدينوري : «فقال عمر لابي بكر : انطلق بنا الى فاطمة، فانا قد اغضبناها فانطلقا جميعاً فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما، فأتيا علياً (عليها السلام) فكلماه فادخلهما عليها، فلما قعدا عندها، حولت وجهها الى الحائط فسلما عليها فلم ترد السلام.
فتكلم ابو بكر، فقال : يا حبيبة رسول الله، والله ان قرابة رسول الله احب الي من قرابتي، وانك لأحب اليّ من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات ابوك أني مت ولا ابقى بعده، افتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وامنعك حقك وميراثك من رسول الله، الا اني سمعت اباك رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : لا نوّرث ما تركناه صدقة.
فقالت (عليها السلام) : أرأيتكما ان حدثتكما حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه واله) تعرفانه وتفعلان به ؟
قالا : نعم.
فقالت (عليها السلام) : نشدتكما الله، ألم تسمعا رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : رضى فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن ارضى فاطمة فقد ارضاني، ومن أسخط فاطمة فقد اسخطني ؟
قالا : نعم، سمعناه من رسول الله (صلى الله عليه واله).
قالت (عليها السلام) : فاني أشهد الله وملائكته انكما اسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي (صلى الله عليه واله) لأشكونكما اليه.
فقال ابو بكر : انا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة، ثم انتحب يبكي... وهي تقول : والله لادعون الله عليك في كل صلاة أصليها».
روى احمد بن ابي طاهر طيفور بسنده عن عطية العوفي قال : «لما مرضت فاطمة (عليها السلام) المرضة التي توفيت بها دخل النساء عليها، فقلن : كيف اصبحت من علتك يابنت رسول الله ؟
قالت (عليها السلام) : اصبحت والله عائفة (كارهة) لدنياكم، قالية (مبغضة) لرجالكم، لفظتهم بعد ان عجمتهم (نبذتهم بعد ان جربتهم) ، وشنئتهم بعد ان سبرتهم (ابغضتهم بعد ان اختبرتهم) ، فقبحاً لفلول الحد (ثلم السيف) ، وخور القنا (كسر الرماح) ، وخطل الرأي (فساده) ، وبئسما قدمت لهم انفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون، لا جرم لقد قلدتَهم ربقتها ، وشنت عليهم عارها ، فجدعاً وعقراً وبعداً للقوم الظالمين.
ويحهم انى زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الروح الامين، الطبن (الخبير) بأمور الدنيا والدين ، الا ذلك هو الخسران المبين، وما الذي نقموا من ابي الحسن، نقموا والله منه نكير سيفه، وشدة وطأته، ونكال وقعته، وتنمره في ذات الله .
والله لو تكافئوا على زمام نبذَهُ رسولُ الله (صلى الله عليه واله) لسار بهم سيراً سجحاً (سهلاً) ، لا يكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم نهلاً روياً فضفاضاً تطفح ضفتاه، ولاصدرهم بطاناً ، قد تحرى بهم الري غير متحل منهم بطائل بعمله الباهر، وردعه سورة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون، الا هلمنفأسمعن وما عشتن أراكن الدهر عجباً، الى اي لجا لجأوا واسندوا وبأي عروة تمسكوا ؟ ولبئس المولى ولبئس العشير.
استبدلوا والله الذنابي بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغماً لمعاطس قوم{وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104] ، ويحهم (أفمن يهدي الى الحق احق ان يتبع أمن لا يهدي الا ان يُهدى ، فما لكم كيف تحكمون) .
اما لعمر الهكن لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ، ثم احتلبوا طلاع العقب دماً عبيطاً (طرياً)، وذعافاً ممقراً ، هنالك يخسر المبطلون، ويعرف التالون غب (عاقبة) ما اسس الاولون، ثم اطيبوا عن أنفسكم نفساً، واطمئنوا للفتنة جأشاً (نفساً)، وابشروا بسيف صارم وبقرح شامل، واستبداد من الظالمين يدع فيكم زهيداً، وجمعكم حصيداً، فيا حسرة لكم، وأنى بكم، وقد عميت عليكم انلزمكموها وانتم لها كارهون، ثم امسكت (عليها السلام) » .
وعندما حضرتها الوفاة كتبت (عليها السلام) وصيتها ووضعتها عند رأسها، يقول الخوارزمي : «وكشف علي (عليها السلام) عن وجه فاطمة فاذا برقعة عند رأسها فنظر فيها، فاذا فيها : بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد، أوصت وهي تشهد ان لا اله الا الله وان محمداً عبده ورسوله وان الجنة حق وان النار حق وان الساعة آتية لاريب فيها، وان الله يبعث من في القبور، ياعلي، انا فاطمة بنت محمد زوجني الله منك لاكون لك في الدنيا والآخرة، فانت أولى بي من غيرك، فحنّطني وكفنّي وغسلني بالليل وصلّ عليّ وادفني بالليل ولاتُعلم احداً واستودعك الله واقرأ على ولدي السلام الى يوم القيامة» .
وقد روي ان فاطمة (عليها السلام) لما حضرتها الوفاة اغتسلت وتطهرت ، وروى الخوارزمي باسناده عن اسماء بنت عميس : «ان فاطمة (عليها السلام) اوصت ان يغسلها زوجها علي، فغسلها هو واسماء بنت عميس، قال احمد بن الحسين : وهذا اشبه لان غسل الميت في مذاهب اهل العلم انما يجب بالوفاة فلا يقوم الغسل قبلها مقامه» .
وعندما دفنها زوجها (عليها السلام) قال : «ياارض استودعك وديعتي هذه بنت رسول الله...» ، وقيل انها عاشت بعد النبي (صلى الله عليه واله) اربعين يوماً ، وقيل شهرين ، وعلى اية حال، فقد استشهدت ولها ثماني عشر سنة وخمسة واربعون يوماً على الارجح ، دفنت ليلاً وصلى عليها علي (عليها السلام)، ولا يزال قبرها مجهولاً الى اليوم، وكذلك يوم وفاتها.
عندما اكمل علي (عليها السلام) دفنها، وحاول ازالة آثار القبر «نفض يده من تراب القبر، هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خديه، وحول وجهه الى قبر رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال :
السلام عليك يارسول الله مني، والسلام عليك من ابنتك وحبيبتك، وقرّة عينك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك، المختار الله لها سرعة اللحاق بك، قلَّ يارسول الله عن صفيتك صبري، وضعفَ عن سيدة النساء تجلدي، الا ان في التأسي لي بسنتك، والحزن الذي حلّ بي لفراقك موضع تعزِّ.
ولقد وسدتك في ملحود قبرك بعد ان فاضت نفسك على صدري، وغمضتك بيدي وتوليت امرك بنفسي، نعم، وفي كتاب الله أنعم القبول، وانا لله وانا اليه راجعون، قد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، وأختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء يارسول الله.
اما حزني فسرمد، واما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن من قلبي، او يختار الله لي دارك التي فيها مقيم، كمد مقيح، وهمّ مهيج، سرعان ما فرق بيننا والى الله اشكو، وستنبؤك ابنتك بتظافر امتك عليَّ، وعلى هضمها حقها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد الى بثه سبيلاً، وستقول وسيحكم الله وهو خير الحاكمين.
سلام عليك يارسول الله، سلام مودع لاسأم ولا قال، فان انصرف فلا عن ملالة وان أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، والصبر أيمن واجمل، ولولا غلبة المستولين علينا، لجعلت المقام عند قبرك لزاماً، والتلّبث عنده معكوفاً، ولأعولت اعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن ابنتك سراً، ويُهتضم حقها قهراً، وتمنع جهراً، ولم يطل العهد، ولن يخلق منك الذكر، فالى الله، يارسول الله، المشتكى، وفيك اجمل العزاء، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته» .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|