المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24



مقاطعة قريش حتى استشهادها (عليها السلام)  
  
2279   03:00 مساءً   التاريخ: 13-3-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 616-620.
القسم : سيرة الرسول وآله / السيدة فاطمة الزهراء / شهادتها والأيام الأخيرة /

          بقيت فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعد تلك الاحداث - والى جنبها علي (عليه السلام)- باكية العين محترقة القلب بوفاة رسول الله (صلى الله عليه واله)، وكانت الصدمة، فيما حصل بعد الوفاة من احداث، عظيمة ومحزنة، فقررت مقاطعة قريش من الذين تولوا الامر بعد رسول الله (صلى الله عليه واله)، قال ابن قتيبة الدينوري : «فقال عمر لابي بكر : انطلق بنا الى فاطمة، فانا قد اغضبناها فانطلقا جميعاً فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما، فأتيا علياً (عليها السلام) فكلماه فادخلهما عليها، فلما قعدا عندها، حولت وجهها الى الحائط فسلما عليها فلم ترد السلام.

          فتكلم ابو بكر، فقال : يا حبيبة رسول الله، والله ان قرابة رسول الله احب الي من قرابتي، وانك لأحب اليّ من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات ابوك أني مت ولا ابقى بعده، افتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وامنعك حقك وميراثك من رسول الله، الا اني سمعت اباك رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : لا نوّرث ما تركناه صدقة.

          فقالت (عليها السلام) : أرأيتكما ان حدثتكما حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه واله) تعرفانه وتفعلان به ؟    

          قالا : نعم.

          فقالت (عليها السلام) : نشدتكما الله، ألم تسمعا رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : رضى فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن ارضى فاطمة فقد ارضاني، ومن أسخط فاطمة فقد اسخطني ؟

          قالا : نعم، سمعناه من رسول الله (صلى الله عليه واله).

          قالت (عليها السلام) : فاني أشهد الله وملائكته انكما اسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي (صلى الله عليه واله) لأشكونكما اليه.

          فقال ابو بكر : انا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة، ثم انتحب يبكي... وهي تقول : والله لادعون الله عليك في كل صلاة أصليها».

          روى احمد بن ابي طاهر طيفور بسنده عن عطية العوفي قال : «لما مرضت فاطمة (عليها السلام) المرضة التي توفيت بها دخل النساء عليها،  فقلن : كيف  اصبحت من علتك يابنت رسول الله ؟

          قالت (عليها السلام) : اصبحت والله عائفة (كارهة) لدنياكم، قالية (مبغضة) لرجالكم، لفظتهم بعد ان عجمتهم (نبذتهم بعد ان جربتهم) ، وشنئتهم بعد ان سبرتهم (ابغضتهم بعد ان اختبرتهم) ، فقبحاً لفلول الحد (ثلم السيف) ، وخور القنا (كسر الرماح) ، وخطل الرأي (فساده) ، وبئسما قدمت لهم انفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون، لا جرم لقد قلدتَهم ربقتها ، وشنت عليهم عارها ، فجدعاً وعقراً وبعداً للقوم الظالمين.

          ويحهم انى زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الروح الامين، الطبن (الخبير) بأمور الدنيا والدين ، الا ذلك هو الخسران المبين، وما الذي نقموا من ابي الحسن، نقموا والله منه نكير سيفه، وشدة وطأته، ونكال وقعته، وتنمره في ذات الله .

          والله لو تكافئوا على زمام نبذَهُ رسولُ الله (صلى الله عليه واله) لسار بهم سيراً سجحاً (سهلاً) ، لا يكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم نهلاً روياً فضفاضاً تطفح ضفتاه، ولاصدرهم بطاناً ، قد تحرى بهم الري غير متحل منهم بطائل بعمله الباهر، وردعه سورة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون، الا هلمنفأسمعن وما عشتن أراكن الدهر عجباً، الى اي لجا لجأوا واسندوا وبأي عروة تمسكوا ؟ ولبئس المولى ولبئس العشير.

          استبدلوا والله الذنابي بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغماً لمعاطس قوم{وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104] ، ويحهم (أفمن يهدي الى الحق احق ان يتبع أمن لا يهدي الا ان يُهدى ، فما لكم كيف تحكمون)  .

          اما لعمر الهكن لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ، ثم احتلبوا طلاع العقب دماً عبيطاً (طرياً)، وذعافاً ممقراً ، هنالك يخسر المبطلون، ويعرف التالون غب (عاقبة) ما اسس الاولون، ثم اطيبوا عن أنفسكم نفساً، واطمئنوا للفتنة جأشاً (نفساً)، وابشروا بسيف صارم وبقرح شامل، واستبداد من الظالمين يدع فيكم زهيداً، وجمعكم حصيداً، فيا حسرة لكم، وأنى بكم، وقد عميت عليكم انلزمكموها وانتم لها كارهون، ثم امسكت (عليها السلام) » .

          وعندما حضرتها الوفاة كتبت (عليها السلام) وصيتها ووضعتها عند رأسها، يقول الخوارزمي : «وكشف علي (عليها السلام) عن وجه فاطمة فاذا برقعة عند رأسها فنظر فيها، فاذا فيها : بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد، أوصت وهي تشهد ان لا اله الا الله وان محمداً عبده ورسوله وان الجنة حق وان النار حق وان الساعة آتية لاريب فيها، وان الله يبعث من في القبور، ياعلي، انا فاطمة بنت محمد زوجني الله منك لاكون لك في الدنيا والآخرة، فانت أولى بي من غيرك، فحنّطني وكفنّي وغسلني بالليل وصلّ عليّ وادفني بالليل ولاتُعلم احداً واستودعك الله واقرأ على ولدي السلام الى يوم القيامة» .

          وقد روي ان فاطمة (عليها السلام) لما حضرتها الوفاة اغتسلت وتطهرت ، وروى الخوارزمي باسناده عن اسماء بنت عميس : «ان فاطمة (عليها السلام) اوصت ان يغسلها زوجها علي، فغسلها هو واسماء بنت عميس، قال احمد بن الحسين : وهذا اشبه لان غسل الميت في مذاهب اهل العلم انما يجب بالوفاة فلا يقوم الغسل قبلها مقامه» .

          وعندما دفنها زوجها (عليها السلام) قال : «ياارض استودعك وديعتي هذه بنت رسول الله...» ، وقيل انها عاشت بعد النبي (صلى الله عليه واله) اربعين يوماً  ، وقيل شهرين ، وعلى اية حال، فقد استشهدت ولها ثماني عشر سنة وخمسة واربعون يوماً على الارجح ، دفنت ليلاً وصلى عليها علي (عليها السلام)، ولا يزال قبرها مجهولاً الى اليوم، وكذلك يوم وفاتها.

          عندما اكمل علي (عليها السلام) دفنها، وحاول ازالة آثار القبر «نفض يده من تراب القبر، هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خديه، وحول وجهه الى قبر رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال :

          السلام عليك يارسول الله مني، والسلام عليك من ابنتك وحبيبتك، وقرّة عينك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك، المختار الله لها سرعة اللحاق بك، قلَّ يارسول الله عن صفيتك صبري، وضعفَ عن سيدة النساء تجلدي، الا ان في التأسي لي بسنتك، والحزن الذي حلّ بي لفراقك موضع تعزِّ.

          ولقد وسدتك في ملحود قبرك بعد ان فاضت نفسك على صدري، وغمضتك بيدي وتوليت امرك بنفسي، نعم، وفي كتاب الله أنعم القبول، وانا لله وانا اليه راجعون، قد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، وأختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء يارسول الله.

          اما حزني فسرمد، واما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن من قلبي، او يختار الله لي دارك التي فيها مقيم، كمد مقيح، وهمّ مهيج، سرعان ما فرق بيننا والى الله اشكو، وستنبؤك ابنتك بتظافر امتك عليَّ، وعلى هضمها حقها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد الى بثه سبيلاً، وستقول وسيحكم الله وهو خير الحاكمين.

          سلام عليك يارسول الله، سلام مودع لاسأم ولا قال، فان انصرف فلا عن ملالة وان أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، والصبر أيمن واجمل، ولولا غلبة المستولين علينا، لجعلت المقام عند قبرك لزاماً، والتلّبث عنده معكوفاً، ولأعولت اعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن ابنتك سراً، ويُهتضم حقها قهراً، وتمنع جهراً، ولم يطل العهد، ولن يخلق منك الذكر، فالى الله، يارسول الله، المشتكى، وفيك اجمل العزاء، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته» .

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.