المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

تلقيح ماشية الحليب (الابقار)
10-5-2016
NCBI
23-4-2019
أحمد بن محمد الصميري العماني
14-9-2020
جعفر بن أحمد بن أيّوب.
25-12-2016
سعادة حقيقية.. بلا مثيل
27-6-2022
الشيخ محمد قسام ابن محمد علي
20-8-2020


وفاة آخر الانبياء (صلى الله عليه واله) على الارض  
  
4099   03:17 مساءً   التاريخ: 7-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 549-553.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / شهادة النبي وآخر الأيام /

اتسمت الوفاة بصور اجتماعية وروحية وسياسية تحمل ابعاداً عميقة في المحتوى والاطار، فكانت الوفاة تخص اموراً خطيرة كالوحي، ووظيفة الجماعة، وطبيعة المقعد الجديد الذي سيشغل مقعد النبوة المفقود، وطبيعة الواجب الشرعي والاخلاقي للامة، والازمة الاجتماعية التي يُحتمل ان تخلّفها الوفاة.

          تناول الدين قضية الموت بكثير من العناية والاهتمام، وقدّم الاسلام قضية الانتقال من عالم الشهادة الى عالم الغيب، والعبور من الحياة الدنيا الى الحياة الآخرة بصورة القضية التكوينية التي تشمل جميع الخلق دون استثناء، فقال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185].

          الا ان موت حامل الرسالة السماوية ومبلّغها الصادق الامين (صلى الله عليه واله) يعدُّ حدثاً عظيماً هائلاً، لانه قد يولد شكوكاً حول الرسالة عند غياب قائدها، وقد تنبأ الذكر الحكيم بضخامة الحدث، فقال : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144].

أ - مقتضيات الوفاة :

          ومن اجل ادراك آثار الوفاة لابد من النظر الى الوضع الاجتماعي لمجتمع المدينة عبر ثلاثة اصعدة :

الاول : الصعيد الغيبي : وهو يعني توقف الوحي توقفاً تاماً عن الاتصال بالارض، واكتمال مقاصد القرآن الكريم في هداية الانسانية المعذبة في ذلك الزمان بل في كل زمان وحتى يوم القيامة، وكان يعني توقف عصر النبوة، فقد كان محمد بن عبد الله (صلى الله عليه واله) خاتم انبياء السماء.

الثاني : الصعيد الاجتماعي : ويعكس انقطاع دور النبوة التي يوحى لها، وبداية دور الامامة الموصى بها من قبل رسول الله (صلى الله عليه واله)، فكان المفترض ان يختبر المجتمع عصراً جديداً في الادارة الدينية رائده علي بن ابي طالب (عليه السلام)، وكان اول اختبار لعلي (عليه السلام) في ذلك هو كيفية الصلاة على جسد النبي الطاهر (صلى الله عليه واله)، فاشار (عليه السلام) عليهم بان رسول الله (صلى الله عليه واله) إمامنا حياً وميتاً، فاستجابوا له وصلى الناس صلاة الميت عشرة عشرة، وكان الاختبار الثاني هو عندما خاض المسلمون في موضع دفنه، فقال (عليه السلام) : «ان الله سبحانه لم يقبض نبياً في مكان الا وارتضاه لرمسه فيه، واني دافنه في حجرته التي قُبض فيها»، واستجاب له المسلمون في ذلك ايضاً، ولاشك ان هذين الاختبارين من الاختبارات الفقهية الشرعية التي لا ينهض باعبائها الا من كان كفؤً لها.

الثالث : الصعيد الشخصي : وهو اختيار رسول الله (صلى الله عليه واله) الرفيق الاعلى على الرجوع الى الدنيا، وهو اختيار يثبت نبوة المصطفى (صلى الله عليه واله) وحبه للقاء الله عز وجل.

          وبطبيعة الحال، فان رحيل النبي (صلى الله عليه واله) عن عالمنا الدنيوي هزّ التركيبة الاجتماعية للمجتمع الاسلامي في ذلك الزمان، فقد كان الناس حديثي عهد بالاسلام، ولم يفهموا معاني الموت بعد، بل كانت الجذور القَبَلية قبل الاسلام لا تزال سارية في نفوس بعض القوم ممن دخلوا الاسلام ظاهراً، وقلوبهم غير مهيّأة للدين.

ب - التجربة الخطيرة:

          ومن هنا كانت وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) اخطر تجربة مرت على المجتمع الوليد، فبعد كل التضحيات التي قُدمت من اجل الدين، وبعد كل وصايا الاستخلاف التي اوصاها رسول الله (صلى الله عليه واله) قبل خروجه الى تبوك، وتبليغ سورة براءة، ويوم الغدير، وحثهم على الخروج مع جيش اُسامة، ابى القوم الا ان يسلكوا سلوكاً مخالفاً لارادة النبي (صلى الله عليه واله) والرسالة الدينية.

          ومن الطبيعي، فان وفاة النبي (صلى الله عليه واله) ابرزت امرين متلازمين مع طبيعة الاشياء :

الاول : حالة الاحتضار التي مرّ بها (صلى الله عليه واله)، فقد تمثّلت بشكواه (صلى الله عليه واله) وضعفه وحالات الاغماء التي عانى منها (صلى الله عليه واله)، ووصاياه التي اوصى بها.

الثاني : وظيفة الجماعة والزاماتهم تجاه موت النبي (صلى الله عليه واله)، وقد كان الامام (عليه السلام) ملازماً له (صلى الله عليه واله) في مرضه حتى وفاته، وتولى بعد ذلك تغسيله والصلاة عليه ودفنه، فمثّل علي (عليه السلام) دور الامة في هذا الواجب الكفائي، واماط عنها العقاب الالهي.

          وهاتان الحالتان كانتا، في النظر العرفي، طبيعيتان ولم تخرجا عن مجاري الطبيعة، الاّ ان الاهم في وفاة خاتم الانبياء (صلى الله عليه واله) هو ان غياب شخصية بهذا الوزن وبتلك الاهمية الدينية، كان يهدد النظام الديني في المجتمع، ذلك ان دور النبوة الاجتماعي والديني لا يمكن تعويضه الا بدور مقارب من النبوة، حتى يستقر الدين في النفوس والقلوب استقراراً راسخاً الى اجل معلوم، فكانت الامامة الشرعية لعلي بن ابي طالب (عليه السلام) هي اقرب الادوار وانسبها لسد الفراغ الذي تركه موت رسول الله (صلى الله عليه واله)، ولاشك ان الخلافة السياسية والدينية لعلي (عليه السلام)، والارث الذي تركه رسول الله (صلى الله عليه واله) لفاطمة (عليه السلام)، وعلاقة الدم بين رسول الله (صلى الله عليه واله) والعترة الطاهرة كلها حاولت نقل المجتمع الاسلامي في عصر ما بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) نقلة يسيرة تحافظ على مكتسبات الرسالة واهدافها ووسائلها الشرعية.

          ومن هذا المنطلق نفهم ان تهيؤ النبي (صلى الله عليه واله) للموت واستقباله استقبالاً حسناً كما انه يدلّ على نبوته (صلى الله عليه واله) ويقينه بالله سبحانه وتعالى، فانه يدلُّ ايضاً على اهتمامه بالمجتمع الديني الذي سيتركه، فكانت اهم مقدمات الموت عند رسول الله (صلى الله عليه واله) هو وصيته بالخلافة للامام (عليه السلام)، وحثّه للبعض ممن كان يطمح لها بالالتحاق بجيش اسامة، والوصية في تلك الحالة كانت تعني تأكيداً على منهج مختار ينبغي ان يستمر بعد وفاة الموصي، وبمعنى آخر ان الوصية لعلي (عليه السلام) بالخلافة كانت تكيفاً شرعياً لتقلبات الحياة الاجتماعية بعد رحيل النبي (صلى الله عليه واله)، وبمعنى ثالث انها كانت تخطيطاً لآثار ما بعد موت رسول الله (صلى الله عليه واله)، وهذا يعني ان المصطفى (صلى الله عليه واله) لم يكن قلقاً على مصيره بقدر ما كان قلقاً على مصير الامة التي سيؤول امرها الى ضياع إن هي لم تلتزم باوامره ووصاياه.

          فكانت القضية الجوهرية التي واجهت المجتمع بعد وفاة شخصية سماوية عظيمة كشخصية النبي (صلى الله عليه واله) هي : من الذي سيحتل دوره الاجتماعي والارشادي ؟ ومن الذي سيؤدي وظيفته الاجتماعية والدينية او يقترب من اداء تلك الوظيفة ؟ فلسفياً يحاول المجتمع بعد وفاة خاتم الانبياء (صلى الله عليه واله) استمرار بناء مؤسسات النظام الاجتماعي ولكن بدون وجود النبي (صلى الله عليه واله)، وهنا ينبغي ان يتسلح الخليفة الموصى له بالوسائل التي تسمح له باستمرار البناء، فالوصية بالاستخلاف خلال غزوة تبوك، والغدير، ووصاياه (صلى الله عليه واله) وقت الاحتضار كانت تحاول ان تسلح المجتمع المدني الاسلامي بالصور والرموز المناسبة من اجل مرحلة ما بعد النبوة (صلى الله عليه واله)، وكانت تلك الوصايا تحاول ان تضع مؤشرات شرعية لسلوك الزامي ناضج للجماعة يُلحق عصر الامامة بعصر النبوة، ومن هنا كان التفريق بين الابعاد الشخصية لوفاة النبي (صلى الله عليه واله) والابعاد الاجتماعية والدينية لهذا الموضوع الخطير امراً مهماً للغاية.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.