أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-10-2015
3884
التاريخ: 2023-12-17
1732
التاريخ: 2023-12-26
1182
التاريخ: 1-5-2016
4087
|
كانت حصون خيبر من أقوى الحصون المسلحة في الجزيرة العربية. فقد كان اليهود يفضلون الحياة مع حبك المؤامرات ضد أعدائهم، على القتال وجهاً لوجه. والمعروف عنهم انهم كانوا ولا يزالون يشعلون الحروب ولا يشتركون فيها على صعيد المعارك. ولذلك فقد بذلوا اموالاً طائلة في بناء حصون منيعة تحميهم من عوادي الزمن وتجنبهم آلام الحروب المضادة. وكان لذلك الاندفاع نحو بناء الحصون المنيعة منشأ نفسي حيث بنوا حياتهم على اساسه. فالمشهور عنهم الخيانة والغدر، ولذلك كانوا لا يؤمنون على أنفسهم من احد.
وقد قال تعالى في وصف اجلاء بني النضير من اليهود عن المدينة لما نقضوا العهد بينهم وبين المسلمين: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2]، {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [الحشر: 14].
وقد بدا واضحاً حجم الضرر الذي اصاب المسلمين من تحالف اليهود مع المشركين. فكانت واقعة خيبر بالنسبة لليهود حرباً مدمرة ومربكة في نفس الوقت. كانت حرباً مدمرة لانها كانت آخر ضربة قاتلة وجّهت من قبل المسلمين لدولتهم المصغّرة بسبب خيانتهم وغدرهم وتحالفهم مع المشركين والمنافقين. وكانت حرباً مربكة، لان شجاعة علي (عليه السلام) واستدراجه لابطالهم قد اربكتهم واخرجتهم عن طورهم في التحصن بالقلاع المنيعة وعدم منازلة العدو.
فكان دور علي (عليه السلام) في معركة خيبر حاسما،ً لانه وضع دويلتهم على حافة الانهيار والضمور ككيان مستقل. وبدأت الحرب الابتدائية الاسلامية _ بفضل بطولته الفريدة (عليه السلام) _ تظهر وكأنها وصلت الى مرحلة عالية من الطاقة التدميرية التي تهدد القوى العظمى في عالم ذلك الزمان وهي بلاد فارس ودولة الروم بالاضافة الى قريش.
المستجدات الحربية:
ان فتح خيبر وشجاعة علي (عليه السلام) مهّدت الطريق نحو ظهور ثلاثة مستجدات:
الاول: على مستوى المحاربين المسلمين: فقد برزت اجواء الافتخار والعزم على مواصلة القتال من اجل تطييب الارض من رجس المشركين. فطالما وُجد بطل مثل علي (عليه السلام) قدوة في الاخلاص والتفاني والاقدام، فان النصر سيكون حليفهم دون شك. وان انتظار دولة الاسلام العالمية المنصورة سوف لن يكون طويلاً. ويؤيد ذلك التوجه شعور المقاتلين المسلمين نحو الامام (عليه السلام) عند قتل مرحب وقلع الباب ومحاولة افناء العدو عن بكرة ابيه ، كما لمسنا ذلك في الروايات التي قرأناها في صدر هذا الفصل.
الثاني: على مستوى العالم: فان انتصاراً من هذا القبيل كان يخلق الاجواء الذهنية لتقبل بروز ادارة دينية واجتماعية جديدة للعالم في ذلك الوقت. وهذا يساعد الدين الجديد على احتلال موقعه الطبيعي في قلوب الناس.
الثالث: على مستوى الردع: والانتصار الساحق لجيش المسلمين يقلل من فرص ظهور قوى تحالف جديدة منافسة للاسلام، عدا القوى التقليدية التي تحاول الصمود بأي ثمن.
وقد كان جيش المسلمين بقيادة رسول الله (صلى الله عليه واله) يحاول كسب نصر حاسم في كل معركة رئيسية مع طرف من اطراف العداء الديني ضد الاسلام. ذلك لان النصر العسكري الحاسم يقنع الناس من اصحاب القلوب الضعيفة المترددة، بأحقية الدين في الوجود. والاصل في ذلك، ان الفرد اذا لم يقتنع بالطريق الذهني والدليل العقلي فلابد من قوة مادية _ حربية على الاغلب _ تقنعه بصحة متبنيات الرسالة السماوية الجديدة.
وهذا لا يقتصر على قوة دون اخرى. بل يشمل كل القوى التي كانت تحارب الاسلام كقوى المشركين ، والمنافقين ، واليهود، والروم، والفرس. وكان على الاسلام _ من أجل ان يبقى _ ان يحقق نصراً حاسماً على كل طرف من تلك الاطراف المناوئة. ولذلك كان القرآن الكريم يحثّ على القتال، على ما سندرسه في الفصل التاسع عشر من هذا الكتاب، باذنه تعالى.
فالمشكلة التي كانت تواجه الدين الجديد لا تكمن فقط في الاقناع القلبي والذهني عبر اعجاز القرآن الكريم، وهو لا شك اقناع اعجازي هائل. بل كان لابد من معارك طاحنة ضد الذين اغلقوا قلوبهم واذهانهم للدليل الشرعي القرآني. فكانت الشجاعة الخارقة والبطولة الفريدة المتميزة مطلوبة وحاسمة في تقرير مصير تلك المعارك. وعندها كانت تلك الشجاعة وتلك البطولة من العوامل الحاسمة في تقرير مصير الدين ايضاً. ومن هذا المنطلق نلمس اهمية شخصية الامام (عليه السلام) القتالية في الميدان. فلولا تلك الشخصية الفريدة في البطولة والاقدام والتضحية والاقتداء برسول الله (صلى الله عليه واله) لكان الدين في وضع آخر يختلف عمّا نراه اليوم.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|