أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-2-2019
2430
التاريخ: 14-10-2015
3987
التاريخ: 4-3-2019
2600
التاريخ: 17-2-2019
2106
|
عندما ابلغت السماء أوامرها لرسول الله (صلى الله عليه واله) بانذار عشيرته الاقربين من بني عبد المطلب بالقول: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، فانها لحظت كليات انسانية ثابتة في مباني القرابة والعشيرة. ذلك ان القرابة لعبت دوراً مهماً في تماسك افراد العشيرة وتضامنهم في المجتمع الانساني، لان نظامها كان يصوغ لوناً من الحقوق والواجبات المشتركة بين اعضائها. وكان بنو هاشم مصداق العشيرة التي تحمل تلك الكليات الثابتة. فمن مصاديقها: شرف بني هاشم، واعتراف قريش بها كعشيرة، وقوة نظامها المعترف به اجتماعياً، ووجود أبي طالب في زعامتها.
شرف العشيرة:
فالمعروف ان عشيرة بني هاشم كانت من أشراف عشائر مكة على الاطلاق. فكان فيهم هاشم «عمرو العلا» الذي هشم الطعام وثرد الثريد عندما اصابت مكة السنة الجدباء، وكان فيهم عبد المطلب الذي حفر بئر زمزم فسقى الحجيج الاعظم ووقف بوجه ابرهة عام الفيل من أجل حماية الكعبة، وكان فيهم ساقي الحجيج ابو طالب، وكان فيهم حمزة سيد فرسان العرب وأشرفهم. فدعوتهم الى الرسالة الجديدة كان لها تأثيراً عظيماً على قبائل العرب وأشرافها. واذا قامت عليهم الحجة تعدّت الى غيرهم.
وكانت قريش تعترف ببني هاشم كعشيرة لها جذورها الممتدة الى ابراهيم الخليل (عليه السلام)، وقد اشار تعالى الى نسل النبي محمد (صلى الله عليه واله) بقوله: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 218، 219]. وظاهره تقلبه (صلى الله عليه واله) في الساجدين الموحدين من نبي الى نبي حتّى أخرجه نبيّاً.
ولا شك انّ للعشيرة في تلك الحقبة الزمنية، نظاماً ادارياً قويّاً يمنح الحقوق ويفرض الواجبات. ولذلك أقر الاسلام بعضاً من تلك الاعراف لانها كانت متناغمة مع مباني العقلاء. فكان من الالزام العرفي الاخلاقي دعوة عشيرته الى أفضل ما جاء به رجل لقومه وهو الاسلام والنجاة من غضب الله سبحانه وتعالى، ولذلك قال (صلى الله عليه واله) لهم مخاطباً: «يا بني عبد المطلب، اني والله ما اعلم انساناً من العرب جاء قومه بافضل ممّا جئتكم به، انّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن ادعوكم...». ولكنهم تنكّروا له واستخفوا بدعوته عدا أبي طالب وابنه علي (عليه السلام).
موقفا أبي طالب (رضي الله عنه) وابنه علي (عليه السلام):
وكان وجود أبي طالب (رض) في ذلك المجلس الذي ضمّ أربعين رجلاً من شيوخ العشيرة كالعباس والحمزة، اضافة الى أبي لهب، قد اكسب الاجواء المترقبة وضعاً خاصاً. فأبو طالب يعدُّ بالنسبة الى محمد اليتيم (صلى الله عليه واله) الأب الاجتماعي. والفرق بين الأب الفسلجي والأب الاجتماعي هو أن الأب الاجتماعي يتحمّل مسؤوليّات اجتماعية ويتوقّع منه الزامات على صعيد الجماعة. فاليتيم الذي حُرِمَ من الأبوّة البيولوجية يحتاج خلال خروجه الى المجتمع الى أبوّة اجتماعية يقوم بها ولي أمره الموكّل بتربيته. ولذلك عندما قام أبو لهب مخاطباً القوم: لقد سحركم صاحبكم، قام له أبو طالب مستهيناً باستنكاره وموجّهاً الخطاب لرسول الله (صلى الله عليه واله) قائلاً: «ما أحبّ الينا معاونتك، واقبالنا لنصيحتك وأشدّ تصديقنا لحديثك. وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وانما أنا احدهم غير اني أسرعهم الى ما تحبّ، فامضِ لما أمرت به فوالله لازال احوطك وامنعك...». وكان ذلك الموقف احد موقفين عظيمين حصلا في ذلك اللقاء. فكان هذا الموقف المشرف للأب «ابي طالب». وكان الموقف الثاني لابنه اليافع علي (عليه السلام).
والموقف الثاني هو عندما دعاهم الى تلك الكلمتين الخفيفتين على اللسان الثقيلتين في الميزان فيملكون بهما العرب والعجم، وتنقاد إليهم بهما الأمم، ويدخلون بهما الجنة وينجون بهما من النار: شهادة أن لا اله الا الله، وأنه (صلى الله عليه واله) رسول الله، فمن منهم يكون وزيره وناصره؟ لم ينهض منهم الا علي (عليه السلام) _ وهو في بداية بلوغه _ بكل حماسة واندفاع، فامضى (صلى الله عليه واله) استجابته تلك - بعد أن اقعده ثلاث مرات لاتمام الحجة عليهم- بالقول: «يا ابا الحسن، أنت لها، قُضي القضاء، وجفّ القلم. يا علي اصطفاك الله بأوّلِها، وجعلك وليَّ آخرها».
لقد كانت دعوة العشيرة بسادتها الى مأدبة طعام، ثم دعوتهم الى الايمان بعقيدة جديدة كان فيها خروج على العرف العشائري السائد الذي كان يقرر بأن زعيم العشيرة هو الذي يدعوها الى مناسبة كتلك. ولكن نور النبوّة وجلالها وجمالها الذي كان طاغياً على رسول الله (صلى الله عليه واله) هو الذي جبر تلك العملية الشاقة.
آثار دعوة العشيرة:
وهنا كسر الاسلام بشخصي رسول الله (صلى الله عليه واله) وعلي (عليه السلام) أول حواجز العشيرة في العصر الجاهلي، ألا وهو حاجز الطاعة العمياء لسلطة العشيرة. فأصبح علي (عليه السلام)، منذ ذلك اليوم، سيد القوم بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو لا يزال أحدثهم سنّاً وأرمضهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً. ومنذ ذلك اليوم، أصبحت الطاعة للدين ومن يمثله لا لسادة العشيرة ولا لزعمائها.
وهذا المعنى وضع فكرة العشيرة في الموضع الصحيح. فرابطة الدم والرحم لا غبار عليها، بل ان الدين يؤكدها ويشدد على أخلاقيتها، ولكن الطاعة ينبغي أن تكون لمن له الشرف والرفعة والمنـزلة في الدين. فالشريف في الدين - حتى لو كان صغيراً في السن كعلي (عليه السلام)- لابد أن يُطاع من قبل عشيرته حتى من قبل سيدها أبي طالب، وغيره من وجهاء العشيرة واكابرها.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|