أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-5-2016
2277
التاريخ: 10-5-2016
4053
التاريخ: 10-5-2016
18550
التاريخ: 24-5-2016
4811
|
يترتب على قيام السبب الأجنبي سواء أكان قوة قاهرة أم خطأ الدائن أم خطأ الغير، انقضاء الالتزام الملقى على عاتق المدين بموجب العقد. ذلك انه ينقضي العقد تبعا لوجود ذلك السبب، وقد قضت محكمة النقض المصرية الموقرة:" القوة القاهرة بالمعنى الوارد في المادة 165 من القانون المدني تكون حربًا أو زلزالا أو حريقًا، كما قد تكون أمر إداريًا واجب التنفيذ، بشرط أن يتوافر فيها استحالة التوقع واستحالة الدفع، وينقضي بها التزام المدين من المسئولية العقدية"( 1 ). فإذا حصلت الاستحالة ينقضي الالتزام، وقد نصت على ذلك المادة ( 373 ) مدني مصري التي جاء فيها:" ينقضي الالتزام إذا اثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه"(2) والمادة ( 373 ) مدني مصري تقرا إلى جانب المادة ( 215 ) من نفس القانون التي جاء فيها:" إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه"(3) ونصا القانون المدني المصري ( 4 ) و( 5 ) يجب أن يقرأ إلى جانب نص المادة (159 ) مدني مصري حيث جاء فيها:" في العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المقابلة له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه"( 534 ). وهذا النص كما هو واضح يوضح حكم الاستحالة، وحكمها كما هو وارد في النص (الانفساخ)، ذلك أن العقد ينفسخ، ولا يتحمل المدين تبعا لهذا الانفساخ أية مسؤولية عقدية( 6 ). وشروط الانفساخ هي :
استحالة التنفيذ استحالة مطلقة، وأن تكون هذه الاستحالة في تاريخ لاحق لقيام العقد، ذلك أن وجود الاستحالة وقت العقد يعني أن العقد لم ينعقد فهو باطل. وأن تكون الاستحالة كاملة، أما إذا كانت جزئية فيثبت الخيار للدائن بين الفسخ والتنفيذ العيني لما بقي من محل الالتزام، وهذه المسألة على تفصيل أعرض له أدناه. ويشترط كذلك أن تكون الاستحالة لسبب أجنبي لا يد للمدين فيه، أما إذا كان لأحد المتعاقدين يد في الاستحالة فلا ينفسخ العقد، ويصار إلى التنفيذ بطريق التعويض إن كان له مقتضى(7) وقد تصيب الاستحالة بسبب أجنبي جزء من العقد، وهي ما تعرف بالاستحالة الجزئية، وفي هذه الحالة لا ينفسخ العقد بحكم القانون بكليته، بل يجب على الدائن إذا أراد فسخ العقد أن يلجأ إلى القضاء من أجل هذه الغاية، وقد نصت على هذا الحكم المادة ( 173/1) من المشروع التي جاء فيها: "إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا في جزء منه جاز للدائن التمسك بانقضاء ما يقابله من التزام أو يطلب من المحكمة فسخ العقد". فللدائن حق في التمسك بالانقضاء الجزئي للعقد، إلا أنه لا يملك فسخ العقد بكليته إلا بواسطة القضاء، ومثاله هلاك جزئي في المبيع، فالقاضي لن يحكم بالفسخ إلا إذا وجد أن النقص الذي استحال تنفيذه من الجسامة بحيث لو علم به المشتري قبل العقد لما تعاقد( 8 ). ونص المادة ( 173/1) من المشروع لا مقابل له في المدني المصري، وحسنا فعل المشروع بإضافة هذا النص. ويذهب الفقه المصري إلى انه إذا كانت الاستحالة جزئية في التنفيذ لا تمس سوى بعض التزامات المدين، فإن المدين يعفى في حدود الاستحالة، أما باقي الالتزامات فتبقى قائمة( 9 ). وهو ما نصت عليه المادة ( 173 ) من المشروع(10) وأرى أن موقف المشروع كونه لم يمنح الدائن سلطة فسخ العقد من تلقاء نفسه، قد حافظ على التوازن في المصالح بين الطرفين، فاعتبر العقد منفسخا فيما يتعلق بالجزء المستحيل، وفي ذلك مراعاة لجانب الدائن. كما سلب الدائن الحق في فسخ العقد بكليته إلا عن طريق القضاء، أو عن طريق الاتفاق بالطبع لكن ليس بإرادة الدائن وحده- وفي ذلك مراعاة لجهة المدين.على أنه في حالة الاستحالة الجزئية يجب على القاضي أن يطبق القاعدة العامة في إنقاص العقد الواردة في المادة ( 143 ) مدني مصري(10) كما قد يقتصر أثر الاستحالة على مدة معينة في عقود المدة، وهو ما يعرف بالاستحالة الوقتية، وقد عالج المشروع الاستحالة الوقتية في المادة ( 173/2) التي جاء فيه ا:" إذا كانت الاستحالة وقتية في العقود المستمرة جاز للدائن أن يطلب من المحكمة فسخ العقد ". يلاحظ أن هذه المادة لم توضح مصير الفترة الفاصلة بين الاستحالة وبين طلب الفسخ، وهنا يرجع إلى القاعدة العامة في أن انقضاء التزام ينقضي معه الالتزام المقابل. ويترتب على انفساخ العقد الملزم للجانبين، إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد. وفي ذلك تقول المادة ( 160 ) مدني مصري:" إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة ( التي كانا عليها قبل العقد، فإذا استحال ذلك جاز الحكم بالتعويض". يطابقها نص المادة ( 174) من المشروع. وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع:"يترتب على فسخ العقد بالاتفاق أو بحكم أو بنص القانون انعدامه وعده كأن لم يكن، سواء بالنسبة للماضي أو المستقبل هذا بخصوص العقود الفورية، ولا يجري الحكم على العقود المستمرة حيث يقتصر أثره على المستقبل ولا يتناول الماضي، فمثلا إذا فسخ عقد بيع وهو من العقود الفورية فيعني هذا إعادة المتعاقدين إلى ما كانا عليه قبل التعاقد، إذ يجب على كل منهما أن يرد ما استلمه نتيجة العقد .
وإذا فسخ عقد الإيجار- وهو من العقود الزمنية- فلا يسري الفسخ على الماضي، بل يسري على المستقبل وهذا يعني أن ما ترتب من آثار على هذا العقد لا يمس بل يظل قائما، ولذلك فان الأجرة في عقد الإيجار الذي فسخ، والتي استحقت عن المدة السابقة لوقوع الفسخ، تأخذ صفة الأجرة لا صفة التعويض، ويرجع ذلك إلى أن طبيعة العقود المستمرة تعني عد الزمن ركن فيه، وما فات منه لا يمكن الرجوع فيه"( 11 )و( 12 ). وهو ما ذهبت اليه محكمة التمييز الاردنية( 13) ويذهب غالبية الفقه والقضاء، إلى أن الفسخ في العقود الزمنية لا يرتب آثاره إلى الماضي أيضا( 14 ). بل ويذهب رأي إلى أبعد من ذلك، حيث يرى الفقيه البلجيكي (دي باج) أنه ليس هناك مبرر لرجعية أثر الفسخ –حتى- في العقود الفورية، ذلك أنه لو طبقنا نظرية تحمل التبعة، فان الانفساخ يحدث أثره كمبدأ من اللحظة التي حدث فيها العائق الذي جعل تنفيذ الالتزامات مستحيلا( 15 ). إلا أن غالبية الفقه الفرنسي والمصري، تذهب إلى القول برجعية أثر الفسخ في العقود الفورية( 16 ). ويجب باعتقادي في هذا المقام التفرقة بين الاستحالة الكاملة، وبين الاستحالة الجزئية، فإذا كانت الاستحالة كاملة، سرى أثر الانفساخ بشكل رجعي لتعذر أي تنفيذ. أما في الاستحالة الجزئية، فإنني أرى أنه يجب عند الأخذ بالأثر الرجعي أو بالأثر المستقبلي للانفساخ في العقود الفورية، مراعاة ما تم تنفيذه من العقد، فإذا كان ما تم تنفيذه قبل تحقق الاستحالة لا يتأثر بها، سرى الانفساخ بأثر مستقبلي، أما إذا كان ما تم تنفيذه يتأثر بالاستحالة، فيسري الأثر بشكل رجعي. ويتحمل المدين تبعة الاستحالة، فإذا هلك المبيع لسبب أجنبي ( 17 )، لا يستطيع البائع مطالبة المشتري بشيء، وإنما للمشتري رد الثمن إن كان سلمه للبائع، فان لم يكن قد سلمه بعد، فلا شيء عليه، لأن التزامه يكون قد انقضى بانقضاء الالتزام المقابل، وهو تسليم المبيع (18) كذلك يتحمل المؤجر تبعة هلاك المأجور، ولا يتحمل المستأجر عن الفترة اللاحقة للهلاك أي شيء. هذا في العقد الملزم لجانبين، أما في العقد الملزم لجانب واحد، فالحكم مختلف، حيث يتحمل الدائن تبعة الهلاك، ففي عقد الوديعة بغير اجر، إذا هلك الشيء المودع لدى المودع لديه بسبب أجنبي، عندئذ ينقضي التزام المودع لديه (المدين) ويتحمل الدائن بالتالي تبعة الهلاك(19) .
_________________
1- الفقرة الثانية من الطعن رقم 0423 لسنة 41 بتاريخ 29 /1/1976 سنة المكتب الفني 27
2- يقابل هذا النص، نص المادة ( 409 ) من المشروع التي جاء فيها:" ينقضي الالتزام إذا اثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي عنه". يلاحظ أن نص المشروع استثنى العبارة الأخيرة التي أوردها النص المصري وهي( لا يد له فيه). ولم توضح المذكرة الإيضاحية للمشروع سبب استثناء تلك العبارة من النص رغم انه ورد في الم ذكرة الإيضاحية: "ويجب أن تعود استحالة التنفيذ إلى سبب أجنبي لا يد للمدين فيه. (المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 480إلا أن المشروع أضاف عبارة ( لا يد له فيه) في المادة ( 237 ) منه.
3- أضافت المادة ( 237 ) من المشروع فقرة إضافية إلى ما ورد في 215 المدني المصري، حيث جاء في نص المشروع:" إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه أو نفذه تنفيذا جزئيا أو معيبا".
4- أخذ المشروع بهذا الحكم في المادة ( 172 ) منه.
5- فودة، عبد الحكم: إنهاء القوة الملزمة للعقد، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية ، ص 597 .
6- ألشواربي، عبد الحميد: فسخ العقد في ضوء القضاء والفقه، ط 3، الإسكندرية، منشاة المعارف، 1997 ، ص 54.
7- مشروع القانون المدني الفلسطيني ومذكراته الإيضاحية، إعداد: موسى أبو ملوح وخليل احمد قتادة، ديوان الفتوى والتشريع في فلسطين، 2003 ، ص 274 .
8- الاهواني، حسام الدين: النظرية العامة للالتزام،ج 1، مصادر الالتزام ط 2 ، 1995 ص 437 .
9- عالج المدني الأردني الاستحالة الجزئية، إلا انه منح الدائن السلطة في فسخ العقد بعد إعلام المدين، حيث نصت المادة ( 247 ) مدني أردني بأنه:" في العقود الملزمة للجانبين إذا طرأت قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا انقضى معه الالتزام المقابل له وانفسخ العقد من تلقاء نفسه فإذا كانت الاستحالة جزئية انقضى ما يقابل الجزء المستحيل ومثل الاستحالة الجزئية الاستحالة الوقتية في العقود المستمرة وفي كليهما يجوز للدائن فسخ العقد بشرط علم المدين ". وقد تعرض موقف المدني الأردني للنقد من قبل الفقه، وفي ذلك يقول الأستاذ أنور سلطان: (ما دام الأمر يتعلق بالفسخ وليس بالانفساخ، فيجب اللجوء إلى القضاء حتى لا يتعسف الدائن في استعمال حق الفسخ … إن الاستحالة الجزئية في تنفيذ . الالتزام قد تكون من التفاهة أو البساطة بحيث لا تستأهل فسخ العقد) سلطان، أنور: مصادر الالتزام، الموجز في النظرية العامة في الالتزام، بيروت، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1983 ، ص 298
10- يقابلها في المشروع المادة (141)
11- المذكرات الإيضاحية للمشروع، ص 196 .
12- أنا لا أتفق مع هذه العلة، فباعتقادي انه يمكن الرجوع حتى في العقود المستمرة، وإلا كيف نتصور إعادة الحالة التي كانت عليها في العقد الباطل؟ وإنما تكمن العلة في أسباب أخرى سنعرض لها في السياق.
13- تمييز حقوق رقم القرار: 20 /1987 المنشور في: مجلة نقابة المحامين لسنة: 1987 صفحة رقم: 2081
14- زكي، محمود جمال الدين: الوجيز في النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني المصري، القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة، 1978 ، ص 417 . السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني، نظرية الالتزام بوجه عام ، ج 1 مصادر الالتزام، بيروت، دار إحياء التراث، دون سنة نشر ، ص 727 .
15- مشار إليه: فودة، القوة الملزمة، مرجع سابق، ص 598 ، الحاشية رقم 1 .
16- سلطان، أنور: مصادر الالتزام، الموجز في النظرية العامة في الالتزام، بيروت، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1983 ، ص 299 . أبو ملوح، موسى: مرجع سابق، ص 275 . فودة، القوة لملزمة مرجع سابق، ص 598 . السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص598.
17- قررت محكمة النقض المصرية:" قاعدة الهلاك على المالك إنما تقوم إذا حصل الهلاك بقوة قاهرة - أما إذا نسب إلى البائع تقصير فإنه يكون مسئولا عن نتيجة تقصيره" الفقرة السابعة من الطعن رقم 0379 لسنة 22 بتاريخ 28/6/ 1956 سنة المكتب الفني 07
18- الاهواني، النظرية العامة، مرجع سابق، ص 442 . سلطان، مصادر الالتزام، مرجع سابق، ص 299 .
19- منصور، امجد محمد: النظرية العامة للالتزامات ، ط 1، عمان، الدار العلمية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر والتوزيع، 2001 ،ص 218
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|