أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-04-15
953
التاريخ: 12-10-2017
4682
التاريخ: 17-1-2019
3084
التاريخ: 8-6-2016
3326
|
على القاضي الإداري عندما يمارس رقابة على القيمة الذاتية للسبب يمارس رقابة شرعية ؟ أم أنه يتدخل في صلاحيات موكلة لسلطة الضبط الإداري ؟ بخصوص الجواب على هذه الإشكالية، ظهر في الفقه اتجاهين اتجاه يعتبر هذه الرقابة خارجة عن الشرعية واتجاه آخر يعتبرها رقابة شرعية في بعض الأحيان.
أولا : رقابة القيمة الذاتية للسبب لم تعد رقابة شرعية
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن القاضي عندما يفحص الوجود المادي للوقائع وتكييفها القانوني، فهو يبقى داخل مهمته المتمثلة في الرقابة على الشرعية وبكن عند مراقبته وفحصه لقيمة الأسباب فإنه ينزلق إلى رقابة ملائمة، وبذلك ينصب نفسه كسلطة رئاسية عليا للإدارة (1) وقد برر البعض استثناء قرارات الضبط وإخضاعها لرقابة ملائمة إنما تجد مبررها في الرغبة الأكيدة لدى القضاء الإداري في تحقيق ضمانة لحقوق المواطنين وحرياتهم، ولذلك فإن سلك مجلس الدولة حيال قرارات الضبط الإداري المحلي في فرنسا لا تفسره أية اعتبارات قانونية، وإنما تبرره اعتبارات عملية تتعلق في مجموعها بأن السلطات المحلية باعتبارها سلطات منتخبة، كثيرا ما تدفعها الظروف المحلية إلى إساءة استخدام سلطتها إرضاء للناخبين ولاتجاهات الرأي العام المحلي حتى ولو كان على حساب الحريات العامة أحيانا (2) فالرقابة التي يمارسها القاضي على الأسباب من حيث مدى أهمية وخطورة السبب، وضرورة تناسبه مع تدبير الضبط الذي يجب أن يكون فعالا ومناسبا، تدخل في صميم عمل الإدارة، فمن حيث المبدأ فإن سلطة الضبط الإداري تعرف وقت تدخلها، ومناسبات هذا التدخل والكيفية التي تتدخل بها، فعندما يأتي القاضي الإداري فيما بعد ويراجع ويمحص في ظروف اتخاذ القرار وأسبابه، وهل كان إجراء الضبط متناسبا مع الخطر، فإنه بذلك يمارس رقابة ملائمة ويبتعد بذلك عن رقابة الشرعية.
ثانيا : رقابة شرعية
أصحاب هذا الرأي أو الاتجاه يرون أن الرقابة على قيمة الأسباب قد تكون في بعض الأحيان رقابة شرعية، وعلى هذا الأساس فإنه نميز بين نوعين من قرارات الضبط الإداري نميز فيها بين قرارات ضبط فيها ارتباط بين الشرعية والملائمة وأخرى لا يوجد فيها ارتباط واستنادا إلى هذا التمييز فإننا نجد نوعين من قرارات الضبط الإداري :
1- قرارات ضبط إداري لا تكون فيها الملائمة شرط للشرعية، فهناك استقلال تام بين الفكرتين وتكون هذه القرارات شرعية حتى ولو كانت غير ملائمة، وبذلك فإن الرقابة على قيمة الأسباب التي تأخذ طابع رقابة ملائمة لا تكون لها علاقة بالشرعية، وبذلك يستنتج أن القاضي لا يمكنه رقابة قيمة الأسباب في هذه القرارات من زاوية الشرعية بل يتعلق الأمر برقابة ملائمة.
2- قرارات ضبط إداري تكون فيها الملائمة شرط للشرعية ولا تكون هذه القرارات شرعية إلا إذا كان يتوفر فيها عنصر الملائمة. فبالنسبة للنوع الثاني من القرارات فهو يتعلق بالأنشطة الأساسية للأفراد التي حماها الدستور التشريعي وبذلك تتأكد حماية بعض الحريات الأساسية التي يطلق عليها الحريات "المحدودة" أو "المسماة" مثل حرية الفكر والعقيدة، وحرية عقد الاجتماعات، وفي هذه الحالات سلطات الضبط الإداري لا يمكنها المساس بهذه الحريات إلا في حالة الضرورة، أما عكس ذلك فإنها تخالف إرادة المشرع أو الدستور، وهي من الأساس فإن القاضي يفحص قيمة الأسباب من حيث خطورتها ومن حيث ملائمة التدبير مع الظروف التي اتخذ فيها القرار. وبذلك فهو يراقب الملائمة باعتبارها شرطا للشرعية، أي البحث في مسألة قانونية تتمثل في الشروط الشرعية لتقييد هذه الحريات التي كفلها القانون فيمكن وصف هذه الرقابة بأنها رقابة شرعية على القيمة الذاتية للأسباب. أما بالنسبة للنوع الأول فيجد تطبيقاته في الأنشطة التي يكون لها قيمة أقل ولا تتمتع بتنظيم خاص من طرف المشرع أو الدستور، فأسباب تدخل سلطات الضبط الإداري هنا تكون لها قيمة ضئيلة ومحدودة والقرارات بخصوصها لا تكون بجاحة لعنصر الملائمة حتى تكون شرعية. فحرية التظاهر، والمواكب في الطرقات العامة لا تحضى بضمانة المشرع ففي حالة منع التظاهر من طرف سلطات الضبط الإداري في الطرقات العامة المشكل هنا يطرح على أساس معرفة هذا المنع إن كان بسبب وقائع مادية أملت هذا القرار وبذلك فإن الرقابة لا تكون رقابة بما أن القانون ترك لسلطة الضبط الإداري اتخاذ القرار بناء على ما تراه كافيا من الأسباب التي تشكل مساس بالنظام العام، فعند رقابة القضاء للقيمة الذاتية للأسباب فإنه يمارس رقابة ملائمة بما أن عنصر الملائمة لا يرتبط بشرعية القرار، عكس الفئة الأولى من الحريات المعرفة التي يوجد فيها ارتباط بين عنصر الملائمة والشرعية (3) وعلى ضوء هذا التمييز بنا أصحاب هذا الاتجاه رأيهم فما يخص طبيعة الرقابة على القيمة الذاتية للأسباب غبر تفرقهم بين الأنشطة التي تشكل حريات أساسية معرفة ومحددة وأخرى لها قيمة أقل. ونخلص مما تقدم أنه رغم الاختلاف حول طبيعة الرقابة على عنصر السبب من حيث كونها رقابة شرعية أو كونها رقابة ملائمة فإنه يمكن القول أن الطبيعة المميزة لقرار الضبط الإداري تستدعي أن يمارس القاضي الإداري رقابة أعمق، ولو وصفت بأنها رقابة ملائمة، لأن الأمر بتعلق هنا بحريات الأفراد، فالملائمة تدخل في هذا المجال ضمن الشرعية، وبذلك فإن القاضي يؤدي دوره الإيجابي ويمارس سلطاته الكاملة حامي للحريات العامة والتمكين لدولة القانون.
_______________
1- Jean Castagne. Op. Cit. p 180.
2- البنا محمود عاطف، حدد سلطات الضبط الإداري، مجلة القانون والاقتصاد، مطبعة جامعة القاهرة، 1980 ،ص69
3- Jean Castagne. Op. Cit. p 187.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|