المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Affinity Chromatography
15-1-2021
علة إظهار البرق وإنشاء السحاب
3-06-2015
شهر رمضان شهر المغفرة
2024-10-10
هورمونات الفص الوسطي للغدة الدرقية
2-6-2016
عمليات تحرك المواد على المنحدرات- تحرك المواد بالانزلاق
8/9/2022
إبراهيم بن عقبة
28-8-2016


عناية القرآن ببيان صفات النبي (صلى الله عليه واله وسلم)  
  
3785   01:54 صباحاً   التاريخ: 30-01-2015
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : مفاهيم القران
الجزء والصفحة : ج3 ، ص498-506.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / آداب قراءة القرآن /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2014 2172
التاريخ: 9-11-2020 2673
التاريخ: 2024-04-14 854
التاريخ: 2023-09-21 1367

لم تكن عناية القرآن ببيان نواح من حياة النبي الجليلة وشؤونه الدقيقة بأقل من عناية المسلمين ضبطاً وتسجيلاً ، فإنّ القارئ يجد في مختلف السور والآيات ، صوراً واضحة رائعة من صفات النبي وفضائل أخلاقه وكرائم نعوته إلى حد يقف الانسان على روحياته ونفسياته ومختلف أقواله وأفعاله ، ويقدر مع التدبر التام فيما نزل في حقه من الآيات على الاحاطة بمراحل حياته منذ بعث بل منذ نعومة أظفاره إلى أن فارقها إلى الرفيق الأعلى ، ولعلنا نرجع إلى ذلك في مستقبل الأيام (1)

 

فالرجوع إلى نفس القرآن واستخراج سيرة النبي وصفاته ونفسياته وأفعاله من خلال آياته الكريمة ، أوثق وأسد الطرق لدراسة شخصية النبي الأعظم ، فالتدبر في هذا القسم من الآيات ، يعطي لنا صورة واضحة عن حياة النبي وشخصيته الفذة ، وعبقريته النادرة ، وما أودعه الله فيها من مواهب وقوى خلقية ونفسية وعقلية ، بلغت الذروة والروعة والعظمة ، ويغنينا عن المبالغات التي يعمد إليها بعض فرق المسلمين من غير سند وثيق.

 

إنّ تلكم الآيات تصلح أن تكون رداً حاسماً وقوياً على الموقف المنكر الذي يقفه المغرضون من المبشرين والمستشرقين من أخلاق النبي وفضائله ، إذ يتجاهلون أو يغفلون عن ما في القرآن من نصوص ، ويتمسكون دونها بالروايات التي ربّما تكون مخترعة أو مدسوسة ومزوّرة ، فينسبون إلى ساحة النبي الأكرم ما هو بري منه ، في حين أنّ في القرآن من الآيات ما فيه كل المقنع لمن لم يختم الله على قلبه بما كان عليه من الرحمة والصدق والبساطة والتجرد والزهد والاستغراق في الله والتحلّي بالمثل العليا واعطاءه القدوة الحسنى لذلك كله.

 

فقد أشار سبحانه إلى مكانته المرموقة ولزوم توقيره وتكريمه ، وأنّه لا يصلح دعاؤه كدعاء بعضنا بعضاً بقوله سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ } ( الحجرات : 2 ) وبقوله سبحانه : { لاَّ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا } ( النور ـ 63 ) ، وإلى حرمة التسرّع في ابداء الرأي والبدء في العمل بقوله عزّ وجلّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ( الحجرات ـ 1).

 

وإلى تأثّره وغمّه وهمّه وحزنه من عدم استجابة قومه لدعوته واهتدائهم بهداه بقوله سبحانه : { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الحَدِيثِ أَسَفًا } ( الكهف ـ 6 ) ، وبقوله : { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } ( الشعراء ـ 3 ) ، وإلى تحمسه وثباته في المعارك الطاحنة وما فيه من شجاعة وثبات جنان في مواقف الشدة وميادين الكفاح ، وإلى موقفه أمام العدو حين ما دارت الدائرة على المسلمين وانهزموا وتفرّق كثير من أعيانهم وأبطالهم ، ووقف النبي وثبت في ميدان المعركة ، ومعه من لا يتجاوز عدد الأصابع بقوله سبحانه : { إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } ( آل عمران ـ 153)

 

فكان النبي قطب الرحى في هذا الموقف العصيب إذ ثبت ثبات الجبال ، رابط الجأش ، مطمئن النفس ، فصار اسوة حسنة للمؤمنين.

 

وإلى أنّه بلغ من الكمال إلى حد ، صار إماماً وقدوة للمؤمنين يتأسون به في قيمه الروحية ومثله العليا بقوله : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا } ( الأحزاب ـ 21 ).

 

وإلى أنّه قد رزق الكوثر والخير الكثير من كل جوانب الحياة ومظاهرها فرزقه الله من بنت واحدة ، ما ملأ الخافقين بقوله : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ } ( الكوثر ـ 1 ) وغيرها من الخيرات التي لا تعد ولا تحصى فلمّا رماه خصمه بأنّه الابتر ، فرمى شانئه بأنّه أولى بذلك لا نبي العظمة.

 

وقد بلغ من العظمة موقفاً إلى أنّ الله وملائكته يصلّون عليه ، فأمر الله سبحانه المؤمنين أن يصلّوا عليه ويسلّموا تسليماً وقال سبحانه : { إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ( الأحزاب ـ 56).

 

روى الشافعي عن أبي هريرة أنّه قال لرسول الله كيف نصلّي عليك ؟ قال : « تقولون : اللّهمّ صلّ على محمد وآل محمد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ثمّ تسلمون عليّ » (2)

 

قال ابن حجر صح عن كعب بن عجرة قال : لما نزلت هذه الآية قلنا : يا رسول الله قد عرفنا كيف نسلّم عليك فكيف نصلّي عليك ؟ قال : قولوا اللّهم صلّ على محمد وآل محمد ـ إلى أن قال ـ وروي عنه (صلى الله عليه واله وسلم) أنّه قال : لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال : تقولون : اللّهمّ صلّ على محمد وتمسكون ، بل قولوا : اللّهمّ صلّ على محمد وآل محمد (صلى الله عليه واله وسلم) (3)

 

وقد نسب الزرقاني هذين البيتين إلى الإمام الشافعي  :

 

يا آل بيت رسول الله حبّكم                   فرض من الله في القرآن أنزله

 

كفاكم من عظيم القدر أنّكم                   من لم يصلّ عليكم لا صلاة له (4)

 

وإلى أنّه وصل إلى الذروة من عظمة الخلق وقوة الروح وصفاء النفس ورجاحة العقل بقوله : { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } ( القلم ـ 4).

 

غير أنّ من المحتمل أن يكون « الخلق » بمعنى الدين ، أي أنّك على دين عظيم كما عليه قوله سبحانه : { إِنْ هَٰذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ } ( الشعراء ـ 137 ) فالمقصود اكبار الدين الذي بعث النبي لبيانه وابلاغه ، ويؤيده قوله سبحانه بعده : { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ المَفْتُونُ } أي فسترى يا محمد ويرون الذين رموك بالجنون { بِأَييِّكُمُ المَفْتُونُ } أي أيكم المجنون الذي فتن بالجنون أأنت أم هم ، وحيث إنّك على دين عظيم يؤيدك الله وينصرك عليهم (5) .

 

وإلى دماثة خلقه وحسن معاشرته ورأفته وعطفه على أعدائه ، وتنزهه عن فظاظة الخلق ، وغلظة القلب بقول سبحانه : { وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ } ( آل عمران ـ 159).

 

وإلى ما رزق من قلب نقي وسريرة طيّبة ورغبة شديدة في خير المؤمنين وعظم ثقته بحسن نياتهم بقوله : { وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ } ( التوبة ـ 61 ).

 

وإلى حيائه وصبره على ما يؤذي نفسه من أصحابه وتجنّبه من كسر قلوبهم وجرح عواطفهم بقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ } ( الأحزاب ـ 53).

 

وإلى ما فطر من رحمة ورأفة وبر وحرص شديد على مصلحة قومه وشعوره بما يلم بهم من آلام وما ينالهم من مشاق ، وما يلقي من جهد وعنت في سبيل ازالة آلامهم وتخفيف ما يشق عليهم ، واشتياقه إلى ارشاد الناس وهدايتهم واشفاقه ورأفته بالمؤمنين وعطفه عليهم بقوله : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } ( التوبة ـ 128).

 

وإلى غزارة علمه بقوله سبحانه : { وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا } ( النساء ـ 113).

 

وإلى طهارة روحه وأهل بيته من الرجس ودرن الشرك والمعاصي بقوله سبحانه :

 

{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } ( الأحزاب ـ 33) .

 

وإلى عكوفه على عبادة ربّه وتهجّده في الليل وسهره في طريق طاعة الله بقوله سبحانه : { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ } ( المزمل ـ 20) .

 

وإلى أنّه رسول الله إلى الناس كافة وخاتم النبيين وأنّ الله سبحانه حافظ لدينه وكتابه إلى يوم القيامة بقوله : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } ( سبأ ـ 28 ) ، وبقوله : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } ( الأحزاب ـ 40 ) ، وبقوله : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ( الحجر ـ 9).

 

وإلى أنّه مصدق لما بين يديه من الكتب بقوله : { وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } ( البقرة ـ 101).

 

وإلى صبره في طريق هداية الاُمّة بقوله : { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } ( النحل ـ 127).

 

وإلى أجره عند الله سبحانه بقوله :{ وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ } (القلم ـ 3) .

 

وإلى قربه منه سبحانه ، وتأثير استغفاره في حق الاُمّة ، وأنّهم لو طلبوا منه أن يستغفر لهم ، لوجدوا الله تواباً وغافراً لذنوبهم بقوله سبحانه : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا } ( النساء ـ 64).

 

إلى أن عاد القرآن فأشار إلى عظمة قدره وجلالة شأنه بتوصيفه بأنّه : رسول نبي اُمّي ، مكتوب اسمه في التوراة والانجيل ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ، ويضع عنهم الاصر ، ويرفع عنهم الاغلال حيث قال سبحانه : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ } ( الأعراف ـ 157).

 

كما وصفه بأنّه (صلى الله عليه واله وسلم) ، شاهد ، مبشر ، نذير ، داع إلى الله ، سراج منير ، ورحمة للعالمين ، وأنّه أحد الأمانين في الأرض ، وأنّه سبحانه لا يعذّب الناس وهو فيهم تجد كل هاتيك الصفات والثناء في الآيات التالية :

 

{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا } ( الأحزاب : 45 ـ 46).

 

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } ( الأنبياء ـ 107).

 

{ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ( الأنفال ـ 33).

 

وفي الوقت نفسه لا يقتصر القرآن على بيان روحياته ونفسياته فقط بل يطري النبي ويصفه كوصف محب متجلد فيوجه نظره السامي إلى تسمية أعضائه الظاهرة المهمة.

 

فيصف بصره بقوله : { مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } ( النجم ـ 17).

 

ووجهه بقوله : { قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا } ( البقرة ـ 144 (.

 

وقلبه بقوله : { مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ } ( البقرة ـ 97).

 

وفؤاده بقوله : { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } ( النجم ـ 11).

 

وصدره بقوله : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ } ( الانشراح : 1 ـ 3).

 

وصوته بقوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ } ( الحجرات ـ 2)

 

إلى أن يعود القرآن فيحلف بعمره ويقول : { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } ( الحجر ـ 72).

 

ويصف سيره وعروجه في الليل إلى المسجد الأقصى ومنه إلى السموات العلى بقوله : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا } ( الإسراء ـ 1 ) (6) .

 

ويبين نهاية سيره وأنّه قد بلغ إلى سدرة المنتهى التي عندها جنة المأوى قال سبحانه : { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ * عِندَ سِدْرَةِ المُنتَهَىٰ * عِندَهَا جَنَّةُ المَأْوَىٰ * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ * لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ } ( النجم : 13 ـ 18).

 

ويصف أوليات حياته وأنّه لم يزل محروساً بعين الله سبحانه ومشمولاً لعنايته ، قال سبحانه : { وَالضُّحَىٰ * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ * وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَىٰ * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ * وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَىٰ * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَىٰ * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } ( الضحى : 1 ـ 11).

 

كما يصف شرح صدره لتحمل عبء النبوّة ، ورفع الوزر الذي انقض صدره فقال : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ * فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب } ( الشرح : 1 ـ 8).

 

ويشير إلى نزول الوحي عليه وأنّ معلّمه شديد القوى إذ قال سبحانه : { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَىٰ } ( النجم : 1 ـ 7).

 

وقال سبحانه : { ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ } ( آل عمران ـ 44).

 

وإلى براءته من كل ما يلصق به من تهمة ، فقال سبحانه : { فَلا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ * الجَوَارِ الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ المُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } ( التكوير : 15 ـ 25).

 

وإلى لزوم الاستجابة لدعوته وإنّ فيها حياتهم ، قال سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } ( الأنفال ـ 24 ) وقال سبحانه : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ( آل عمران ـ 31). 

 

___________________________

 

(1) وقد وقفنا بعد ما كتبنا هذا الفصل على ما ألفه « محمد عزة دروزة » في هذا المضمار وأسماه « سيرة الرسول » وهي صورة مقتبسة من القرآن الكريم وذكر في مقدمة الكتاب ، الحوافز التي دفعته إلى تأليف كتابه وقد طبع في مطبعة الاستقامة بالقاهرة في جزءين وقد راجعنا هذا الكتاب بعض المراجعة عند تقديم هذا الفصل إلى الطبع.

 

(2) مسند الشافعي ج 2 ص 97.

 

(3) الصواعق ص 144.

 

(4) شرح المواهب ص 7.

 

(5) راجع مجمع البيان ج 5 ص 233.

 

(6) راجع في قصة المعراج إلى سورة النجم الآية السادسة إلى الثامنة عشر.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .