علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
التدرّج في الطلب لطالب الحديث
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 669 ـ 671
2025-08-17
62
[التدرُّج في الطلب]:
وكُلَّما مرَّ اسم أو لفظ بحثَ عنه، ويحفظُهُ بقَلْبهِ وكِتَابَتِهِ (1)، ويحفظ الحديثَ قَلِيلًا قليلًا مَع الأيّامِ واللَّيالي (2).
قال الزهريّ: "مَن طَلَب العلمَ جُملةً فاتَه جُملةً، وإنَّما يُدْرَكُ العِلمُ حَديثًا وحَديثين"(3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قوله: "وكتابته" من زيادات النووي (1/ 522) وتبعه ابن جماعة (109) وتبعهما المصنّف، وزاد ابن الصلاح: "فإنّه يجتمع له بذلك علم كثير في يُسْرٍ".
(2) التّدرّج في الطلب سنّة متّبعة، ولا ترسخ القدم إلّا بسلوكها، ولذا كان معمر يقول: "من طلب الحديث جملة ذهب منه جملة" أخرجه عبد الرزاق (2/ 325) وبنحوه عن قتادة عند ابن نقطة في "التقييد" (1/ 461) والمزي في "تهذيب الكمال" (23/ 512) وقلَّ أن يُفلِحَ من اقتصر على الفكر والتعقّل بحضرة الشيخ خاصّة ثم يتركُهُ ويقوم، ولا يعاوده، وذكر ابن السبكي في "طبقاته" (3/ 166) عن محمد بن سعيد الشافعي قال: "حضرتُ مجلس الشيخ أبي إسحاق المروزيّ، فسمعته يقول: قال لنا الإمام أبو العبّاس بن سُريج: بأيِّ شيء يتخرَّجُ المرءُ في التعلّم؟ فأعيى أصحابنا الجوابُ، فقلتُ أنا: يتفكّر في الفائدة التي تجري في المجلس، فقال: أصبْتَ! بهذا يتخرّج المُتعلِّم". واعلم أنّه ممّا أضرّ بالطلبة في التحصيل والوقوف على غاياته: كثرةُ التآليف، واختلاف الاصطلاحات ثم مطالبة المتعلّم والتلميذ باستحضار ذلك، فيحتاج المتعلّم إلى حفظها كلّها أو أكثرها، ومراعاة طرقها، ولا يفي عمره بما كتب في صناعة واحدةٍ إذا تجرّد لها، فيقعُ القصورُ – ولابُدَّ - دون رُتبة التحصيل، أفاده ابن خلدون، وزاد قوله في "مقدّمته" (ص 502): "اعلم أنّ تلقين العلوم للمتعلّمين إِنّما يكون مفيدًا؛ إذا كان على التدريج شيئًا فشيئًا وقليلاً قليلاً، يلقي عليه أوّلًا: مسائلَ من كلّ باب من الفنّ هي أصولُ ذلك الباب، ويقرّبُ له في شرحها على سبيل الإِجمال، ويراعي في ذلك قوَّة عقله واستعداده لقبول ما يَرِدُ عليه حتّى ينتهي إلى آخرِ الفنّ، وعند ذلك يحصل له ملكة في ذلك العلمِ؛ إلا أنَّها جزئيّة وضعيفة، وغايتها أنَّها هيَّأته لفهم الفن ثانيةً فيرفعه في التلقين عن تلك الرتبةِ إلى أعلى منهما، ويستوفي الشرحَ والبيانَ، ويخرج عن الإِجمالِ، ويذكر له ما هنالك من الخلافِ ووجهِهِ إلى أن ينتهي إلى آخر الفن، فتجودَ مَلَكَتُه ثُمَّ يرجعُ به وقد شَدَا (أي: أخذ طرفًا من العلم) فلا يترك عويصًا ولا مُبْهَمًا ولا مَعَلقًا إلا وضّحه وفتحَ له مُقْفَلَهُ؛ فيخلص من الفن وقد استولى على مَلَكَتِهِ. هذا وجهُ التعليم المفيدِ، وهو كما رأيتَ إِنمَا يحصل في ثلاثِ تكراراتٍ، وقد يحصلُ للبعض في أقلّ من ذلك بحسبِ ما يُخلَقُ له ويتيسَّرُ عليه. وقد شاهدنا كثيرًا من المعلّمين لهذا العهدِ الذي أدركنا يجهلون طرقَ التعليم وإفادتِهِ ويحضرون للمتعلمِ في أوّلِ تعليمه المسائِلَ المقفَلَةَ من العلمِ ويطالبونه بإحضارِ ذهنِهِ في حَلِّها ويحسبون ذلك مِرَانًا على التعليمِ وصوابًا فيه، ويكلّفونه وَعْيَ ذلك وتحصيلَه، ويخلطون عليه بما يلقون له من غاياتِ الفنونِ في مبادئها، وقبل أن يستعدَّ لفهمها. فإِنَّ قبولَ العلم والاستعدادتِ لفهمه تنشأ تدريجًا، ويكون المتعلِّمُ أوّلَ الأمر عاجزًا عن الفهم بالجملةِ إلّا في الأقلّ وعلى سبيلِ التقريبِ والإجمالِ وبالأمثلةِ الحسيّة. ثم لا يزال الاستعدادُ فيه يتدرَّجُ قليلًا قليلًا بمخالفةِ مسائلِ ذلك الفنّ وتكرارِها عليه والانتقالِ فيها من التقريبِ إلى الاستيعاب الذي فوقه، حتّى تتمَّ المَلَكَةُ في الاستعدادِ ثمَّ في التحصيلِ، ويحيط هو بمسائلِ الفنّ. وإذا ألقيت عليه الغاياتُ في البداياتِ، وهو حينئذٍ عاجزٌ عن الفهمِ والوعي، وبعيدٌ عن الاستعدادِ له كَل ذهنُه عنها، وحَسِبَ ذلك من صعوبةِ العلم في نفسهِ فتكاسلَ عنه، وانحرفَ عن قبوله، وتمادى في هجرانه، وإنَّما أتى ذلك من سوءِ التعليمِ. ولا ينبغي للمُعلِّمِ أَنْ يزيد متعلِّمه على فهمِ كتابه الذي أكبّ على التعليمِ منه بحسب طاقته، وعلى نسبة قبوله للتعليمِ مبتدئًا كان أو منتهيًا، ولا يخلط مسائلَ الكتابِ بغيرها حتَّى يَعِيَهُ من أوَّلِهِ إلى آخرِهِ ويُحصِّلَ أغراضَه ويستولي منه على مَلَكةِ بها ينفذ في غيره؛ لأنَّ المتعلِّمَ إذا حصَّلَ مَلَكةً ما في علمِ من العلومِ استعدَّ بها لقبولِ ما بقي، وحصلَ له نشاطٌ في طلب المزيد والنهوضِ إلى ما فوق، حتّى يستولي على غاياتِ العلمِ، وإذا خُلطَ عليه الأمرُ عجزَ عن الفهم، وأدركه الكلالُ، وانطمس فِكْرُه، ويئسَ من التحصيل، وهجرَ العلمَ والتعليمَ، واللهُ يهدي مَنْ يشاء. وكذلك ينبغي للمعلِّمِ ألّا يطوِّلَ على المتعلِّمِ في الفن الواحدِ بتفريق المجالسِ، وتقطيعِ ما بينها؛ لأنّه ذريعة إلى النسيانِ وانقطاعِ مسائلِ الفنّ بعضها من بعضٍ، فيعسر حصولُ المَلَكَةِ بتفريقها. وإذا كانت أوائلُ العلم وأواخرُهُ حاضرةً عند الفكرةِ مُجانبةً للنسيانِ كانت المَلَكَة أيسرَ حصولًا وأَحكمَ ارتباطًا وأقربَ صبغةَ؛ لأنّ المَلَكَاتِ إنَّما تحصلُ بتتابعِ الفعلِ وتكرارهِ، وإذا تُنوسي الفعلُ تُنوسيت المَلَكَةُ الناشئةُ عنه، والله علّمكم ما لم تكونوا تعلمون.
ومن المذاهب الجميلةِ والطرقِ الواجبةِ في التعليم ألّا يُخلطَ على المتعلّمِ علمان معًا؛ فإِنّه حينئذٍ قلّ أن يظفرَ بوَاحدٍ منهما؛ لما فيه من تقسيمِ البالِ وانصرافهِ عن كلّ واحدٍ منهما إلى تفهمِ الآخَرِ، فيستغلقان معًا ويستصعبان، ويعود منهما بالخيبة، وإذا تفرّغ الفكرُ لتعليمِ ما هو بسبيله مقتصرًا عليه، فربَّما كان ذلك أجدر بتحصيله، والله سبحانه وتعالى الموفّقُ للصواب". وانظر: "الجامع" للخطيب (1/ 231 - 232).
(3) أخرجه المبارك بن عبد الجبار في "الطيوريّات" (رقم 1336 - انتخاب أبي طاهر السلفيّ) والخطيب في "الجامع" (1/ 232) رقم (450). و"حديثًا وحديثين" كذا في الأصل! وحقّها - كما في المصادر- : "حديث وحديثان".
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
