اكد ممثل المرجعية الدينية العليا الجمعة، ان استهداف المدنيين عن طريق التفجيرات يمثل اسلوب الجبناء الذين لايستطيعون المواجهة فيستخدمون طرق دنيئة، وعلى الجهات الامنية ان تكون حذرة وتتعامل بمستوى عال من المهنية والحرفية.
وقال السيد احمد الصافي خلال خطبة صلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف في (15 /9 /2017) "في البدء نقدم احر التعازي والمواساة الى ذوي ضحايا العملية الارهابية في ذي قار، مع دعائنا وتمنياتنا للجرحى بالشفاء العاجل".
واضاف "ان العدو الداعشي بعد ان تم سحقه على ايدي ابطال العراق في ساحات الوغى، يحاول الانتقام من المدنيين الابرياء بهذه الاعمال الوحشية، وعليه فمن الضروري ان تتخذ الحكومة المركزية والمسؤلون في المحافظات اجراءات مناسبة وجدية لحماية المواطنين من الارهابيين".
وتابع " التفجيرات تمثل اسلوب الجبناء، مبينا ان هذا الاسلوب يحتاج من الجهات الامنية ان تكون حذرة لان الانسان الشجاع حتى وان كان له عدو الا انه لديه طريقة في التعامل مع عدوه، اما الانسان الجبان لاتوجد لديه طريقة معينه ويحاول دائما ان يغدر ويستهدف الابرياء ولايفرق بين طفل رضيع او شيخ كبير لانه خارج عن منطق الانسانية".
واكد السيد الصافي " لابد من وجود رصد دائم لحركته ومنعه من ان يصل الى اهدافه، لانه اظهر نفسه بواسطة هذه العمليات خلال السنوات السابقة عن طريق استهداف الازقة والمدارس والاسواق والاطفال، وان همه الاكبر حصد ارواح اكثر".
واوضح ان "الناس لاتخلو من التجمعات سواء في الاسواق او الزيارات او المواكب خصوصا اننا مقبلون على شهر محرم الحرام، مبينا ان هذه مسالة مهمة ولابد ان يكون الاخوة المعنيون بمستوى عال من المهنية والحرفية وان تتكاتف الاجهزة الامنية فيما بينها".
واكد ان على الجهات الامنية لاتجعل هذا المشهد يتكرر لان هنالك اباء وامهات مفجوعين يحبو ان تتوفر لهم ابسط الحقوق وهي "الامن والامان".
واستوقف خطيب جمعة كربلاء عند قوله تعالى" وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ "، مبينا ان الاية المباركة تشير الى ضرورة الاعتصام بحبل الله وعدم التفرقة.
واشار الى ان الاية استعملت فعل الامر (اعْتَصِمُوا) للدلالة على اهمية الاعتصام الذي يعني ان يلجأ الانسان الى الله لاعتقاده ان المشكلة تحل عنده وهو نعم المعتصم به، مبينا ان الخطاب غير محدد بل انه موجه للجميع بضرورة اللجوء الى الاعتصام لانه يمثل القوة والمنعة وان المعتصمين لاخوف عليهم.
واستدرك ان الاية في مقابل ذلك تنهى عن التفرقة (وَلَا تَفَرَّقُوا)، مؤكدا ان المقابلة ما بين الامرين تكشف لنا الفوائد الجمة للاعتصام والتداعيات السيئة للتفرقة، موضحا ان القران الكريم ليس له مصلحة سوى الارشاد والتعليم والتوجيه والاية تبين ان التفرقة غير مجدية وستورد مشاكل تلو الاخرى.
واردف ان عبارة (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) تشير الى ضرورة التذكر لان الانسان في بعض الحالات ينسى خصوصا حينما ينتقل من ظرف زمان الى اخر، مبينا ان الانسان في حالة المرض تجده يعطي لنفسه مواثيق ثم بعد ان يمن الله عليه بالصحة ينسى ويتنكر لتلك المواثيق، كذلك حينما يسجن لسبب معين تجده متألم فينفرد لحظات مع الله ويعطي مواعيد ومواثيق وحينما يفرج الله عنه ينقلب ويتهرب عن كل المواعيد التي ذكرها.
وشدد السيد الصافي على ضرورة الالتفات الى التبيهات التي وردت في الاية الشريفة، مبينا ان الاية تلفت الانتباه الى ضرورة تذكر النعمة في قوله تعالى (إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)، موضحا ان الاية تعاملت بدقة اذ انها لم تقل (صالحكم) بعد ان كنتم اعداء، لان المصالحة تبقي في النفس شيء، مشيرا الى ان البعض يحاول في حال وجود مشكلة بين اثنين الى ترطيب الاجواء ويطلب من كل شخص ان يغسل قلبه، الا ان ماورد في الاية الكريمة (فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) تشير الى تكوين الفة حقيقية وواقعية بين القلوب المتنافرة، مبينا ان القلوب اذا تنافر ودها تكون كالزجاج المنكسر لايرجى له اي علاج.
وتابع في قوله تعالى (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً)، موضحا ان لفظ (الاخ) من الالفاظ المهمة لان فيه علقة كبيرة ومهمة بين المتنافرين، مستشهدا بقصة حدثت مع احد العلماء قبل (400) سنة حينما جاءه احد المؤمنين طالباً منه ان يشفع له بحاجة عند احد السلاطين فاستجاب له وكتب للسلطان (الى اخي فلان)، مبينا انه عندما وصل الكتاب الى السلطان اهتم به كثيراً وقال سأدفن هذه الورقة معي حتى عندما يأتيني الملكان اقول ان الشيخ الفلاني او العالم الفلاني عبّر عني بأني اخاه.
وقال السيد الصافي ان الاية تشير في خطابها انكم اوشكتم ان تسقطوا لكن الله تعالى تدارككم، منبها الى ضرورة الالتفات الى فضل الله تعالى، وان على الانسان ان لاينسى ويتذكر دائما نعم الله عليه، مبينا ان من اخلاق العقلاء ان يراقب الانسان نفسه بشكل دائم ويتذكر اين كان واين اصبح، مشيرا الى ان القران الكريم في هذه الاية يستعرض حال هؤلاء الذين كانوا يتنافرون وكانوا اعداء الله تعالى فجمعهم على منهج واحد وصراط واحد.