اكد السيد احمد الصافي دام عزه خلال خطبته الدينية التي القاها في الصحن الحسيني الشريف يوم الجمعة في 22/ ربيع الآخر/1437هـ الموافق 11/1/2016م ، على ضرورة توخي المكاسب حذر الوقوع في الربوية منها .
وفي مورد حديثه عن نسبة العبد الى ربه ، بيّن الصافي انها نسبة العبد الى السيد والمحتاج الى الغني والمخلوق الى الخالق ، وبمقتضى ذلك فله علينا حق الربوبية والقيمومة ، ونحن بالخيار في اتباع طريق الهدى لتحصيل الجزاء الاوفى او اتباع الطريق الاخرى الذي سيحتج به جل وعلا علينا وسنجد ذلك فيما كسبته ايدينا يوم القيامة .
وبخصوص مفهوم الطاعة ، بيّن سماحته ، ان مفهومها لا يتبع المزاج ، بل يبتنى على اسس وواقعيات وحالة من الرضا ، ولكن للأسف نرى البعض منا عندما يتعرض الى خصومة ونزاع يطلب الحكم الشرعي لها شريطة ان يكون مطابقا لهواه والا فقد يضرب به عرض الحائط .
كما تطرق الصافي الى الربا القرضي ، باعتباره مسألة شائعة بشكل كبير ويتعاطى البعض معها ، ووظيفتنا ان نحذر وننبه لها وهي غير مختصة بنا فقط ، كما ربط سماحته ببعض ما نعانيه من مشاكل بداعي معاملاتنا الربوية ومنها عدم التزام البعض منا بالضوابط والمعاملات السوقية مستشهدا بقول صادق الأئمة عليه السلام : " الدرهم الواحد ربا اعظم من عشرين زنية كلها بذات مَحرم " .
كما تطرق سماحته الى بعض المفاسد والمحرّمات التي تحتاج لهمّة الجميع وتحتاج لحالة من الاستياء لها بناءً على حرمتها ، بل وخلق جو رافض لمظاهر الرشوة والربا والكذب بما يجعلنا نستوحش منها لأن هذا يدفعنا لتركها ، ناهيك عن مسؤولية الجميع في ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
هذا وقد جاء فيها ما يلي :
ذكرنا في الخطبة السابقة شكل مختصر على نحو الاشارة ووعدنا ان نتمم الموضوع بجهة مستقلة ألا وهو ما يتعلق بموضوع الربا ...
طبعاً لا يخفى على حضراتكم ان نسبتنا الى الله تعالى هي نسبة العبد الى سيده ونسبة المحتاج الى الغني ونسبة المخلوق الى خالقه ، ونحن واقعاً لا نملك من الامر شيئاً الا ان الله تبارك وتعالى هو الذي افاض علينا هذه النعمة ؛ نعمة الوجود ، واعطانا العقل وارسل الينا الانبياء والرسل حتى نسير مسيرة طيبة في هذه الحياة الدنيا ، ونلتقيه يوم القيامة بحالة اخرى وهي حالة جزاءات ما عملنا .
الله تعالى بمقتضى ربوبيته علينا فهو رب العالمين وهذه الربوبية والقيمومة علينا ، الله تبارك وتعالى يرشدنا وينبهنا ويوجهنا الى ما فيه صلاحنا ونحن بالخيار ان اتبعنا هذا الطريق طريق الهدى الله تعالى سيجزينا الجزاء الاوفى وان لا سامح الله اتبعنا الطريق الاخرى الله تعالى سيحتج علينا وسنجد ما كسبت ايدينا يوم القيامة .
اخواني ... ان مفهوم الطاعة ليس مفهوماً يتبع المزاج ، مفهوم الطاعة يبتني على اسس وعلى واقعيات وعلى حالة من الرضا ، لاحظوا اخواني القرآن يُقسم برب العِزة وعندما نقرأ (( كلا وربك لا يؤمنون حتى يحكمّوك فيما شجرَ بينهم)) ، لاحظ الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لاحظوا اخواني في مورد الخصومة والنزاع يتعرض ويتعرض غيرنا لهذه المسألة ، مشاكل تحدث واريد الحكم الشرعي ، ينطق هذه الكلمة لكن عندما يجلس فعلا ً ويرى ان الحق ليس له يضرب الحكم الشرعي عرض الحائط ، ليس علاقة الحكم الشرعي ... لماذا ؟! لأنه يريد ان يكيّف الامور وفق ما يشتهي ..
لاحظوا هذه الرواية الشريفة يقول: دخل امير المؤمنين عليه السلام سوق التمّارين فاذا امرأة قائمة تبكي وهي تخاصم رجلا ً تمّاراً، فقال لها : ما لك ِ ، فقالت يا امير المؤمنين اشتريت من هذا تمراً وخرج اسفله رديئاً ليس مثل الذي رأيت، فقال : ردّ عليها ، فأبى حتى قالها ثلاثا ً فعلاه بالدرة حتى رد عليها..
اخواني ان الربا الذي هو الآن في موضع الابتلاء هو الربا القرضي يعني احدنا يقرض الآخر في مقابل فائدة وهذه المسألة للاسف شائعة بشكل كبير (اقرض بـ 100 واشترط اخذ 110 ) والناس حقيقة تتعاطى هذه المسألة بشكل كبير، الانسان قد يرى ابتلاءات لا يستطيع ان يوجه الابتلاءات او لا يفهم ، بعض الابتلاءات تكون عامة..
هناك مشاكل عامة اخواني نحن وظيفتنا ان نحذر وننبه وهذه الوظيفة غير مختصة بنا فقط وهذه الاحكام الشرعية غير مختصة بجهة دون اخرى، انا اتمنى من الاخوة الذين يتصدون الى معاملات فيها شبهات ان هم يأتون الى الشيخ الفلاني الى السيد الفلاني يطلبون منه دورات في ان يفقههم فيما يدرسون.. نسمع الان دوائر الدولة مؤسسات شركات تريد ان تفتح شيء تعلن هناك دورة لتعليم الفن الفلاني لمدة اسبوعين او ثلاثة .. لماذا لا يفكر التاجر او المتصدي ان يدخل دورة الى ان ينتظر ان يسمعها على نحو الصدفة كما نقول .. لماذا لا يكون هناك حرص عليه..
الربا الان متفشي اخواني وبعض مشاكلنا التي نعاني منها ليس من البعيد ان تكون مرتبطة بهذه الاعمال.. طفلنا يتكلم كلاماً نابياً الشاب غير ورع المرأة لا تلتزم بالضوابط والاسواق كلها تعمل بربا .. والانسان يقول انا مُطيع ..!!
هذا غير صحيح اخواني الانسان يستعجل حتفه بطريقة يعتقد ان هذا اذا لم اكسبه بهذه الطريقة رزقي ينسد..
لاحظوا هذه الرواية : قال ابو عبدالله الامام الصادق (عليه السلام) قال : الدرهم الواحد ربا اعظم من عشرين زنية كلها بذات مَحرم..
بربك الان كيف نتقزز نحن من الزنية ، درهم واحد الامام (عليه السلام) يقول، التفتوا يا معاشر المسلمين ، انت تتوقع ان مالك بدأ ينمو لأنك زدته مئة والعائلة تحاول ان تتبضع لها من السوق من هذا السُحت وانت ترتكب هذه المحرمات اعظم من عشرين زنية .. ما الذي دفعك لذلك .. في الوقت الذي عندنا روايات تؤكد ان إقراض المؤمن أفضل من الصدقة ..الروايات تقول : (صدقة السر تطفئ غضب الرب)، الإقراض افضل من الصدقة لأن الاقراض سيرجع لك المال وتقرضه ويرجع .. وتقرضه وبعض الاخوة جزاهم الله خير عندهم مشروع في القرضة الحسنة .. شتّان ما بين هذا الدرهم الذي فيه الآثار وما بين انسان يُقرض الناس المحتاجين.. انت تستغل هذه الحاجة وتفرض عليه اموال اكثر من اين سيعطي وبالنتيجة سيرهن او يبيع بيته واثاثه ويحاول هذه العائلة ان تذهب الى الشارع.. ساعدت وللاسف في تدمير عائلة ..
لاحظوا هذه الرواية الاخرى عن علي (عليه السلام) قال : لعنَ رسول الله (صلى الله عليه واله) الربا وآكله وبائعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه.
هذه المجموعة كلها معلونة لأنه يحارب الله تعالى (احل الله البيع وحرّم الربا)..
في حديث آخر عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال : (ومن اكل الربا ملأ الله بطنه من نار جهنم بقدر ماله وان اكتسب منه مالا ً لم يقبل الله منه شيئاً من عمله ولم يزل في لعنة الله والملائكة ما كان عنده قيراط).
هذا كله حماية اخواني لنا حماية حتى لا نقع في نار جهنم، لذة وقتية ليس لها قيمة حفنة من الدراهم المعدودة تجعل الانسان يخسر الدنيا والاخرة، في الدنيا غير مرتاح هذا وعد.. اهل الباطل وان كانت اموالهم هائلة تجده غير مرتاح (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) القلب لا يطمئن الا بذكر الله وان اوتي ما اوتي يظل يتخبط ويبتليه الله بابتلاءات لا يخرج منها وشاهدوا الكثير من الناس زلّت به النعمة هو ازلها واقعاً وانتهى به الى ان يكون شخصاً آخر..
اخواني واقعاً بعض المفاسد والمحرّمات تحتاج الى همّة من الجميع وتحتاج الى حالة من الاستياء لهذا المحرّم وحالة من الجو لابد ان نخلق جواً امام الرشوة والربا والكذب ، حتى تستوحش الناس ايضاً من الباطل.. الناس اذا استوحشت من شيء تتركه فيتحمل الجميع مسؤولية عدم النهي عن ذلك.. انه َ عن هذه الحرمات أؤمر بالمعروف وانهى عن المنكر هذه حالة من حالات الصحية ان الانسان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر والربا من اشد المناكير التي يعيشها الناس الآن.