المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
Untitled Document
أبحث في الأخبار


اللون الأسود ودلالته


  

599       10:03 صباحاً       التاريخ: 2024-05-29              المصدر: الدكتور ضرغام كريم الموسوي

أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2015 2330
التاريخ: 2024-09-04 114
التاريخ: 3-10-2021 2149
التاريخ: 13-11-2014 2252
التاريخ: 11-12-2015 12893
اللون الأسود ودلالته:          السواد : اللون المضاد للبياض سَوِدَ فهو أسود , وجمعه سود[1], ولقد ورد ذكر هذا اللون في القرآن الكريم في ستة مواضع , يخرج الى معاني عدة , بحسب ما يساق له وهي:
       الأول : قال تعالى:{وَكُلُوا وَاشـربُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ}[2]. ويقصد بهذا السواد , سواد الليل , ومصداق كلامنا , حديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) إذ قال الخيط الأبيض: (بياض النهار والخيط الأسود سواد الليل)[3].
         والخيط الأسود هنا فيه قولان :
         أحدهما : أنه استعارة وهو ضعيف , لأن في كل استعارة دلالة على حذف المشبه[4].
         الأخر : إنه تشبيه وهذا مختار السكاكي والزمخشـري[5], فكان لذكر اللون الأسود دلالة مقصودة , تعود بالنفع على المكلف , فهو من باب اللطف الإلهي , فهو علامة للصائم لجواز الأكل والشـرب والجماع من بعد صلاة العشاء الأول إلى صلاة الفجر , فهو ذو دلالة شـرعية تعرف بالحس .
       الثاني : قال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}[6]. هذا السواد في هذه الآية فيه قولان :
         أحدهما : أن السواد مجاز عن الغم والحزن[7], فيكون المعنى إذا رأى الكافر أعماله القبيحة محصاة اسود وجهه حزناً واغتماماً .
         الآخر : أن هذا السواد حقيقة , يحصل في وجه الكافر[8], ولهذا السواد دلالات كثيرة منها :
الترهيب من مصير الكافرين , وما ينالهم من عذاب اليم , والحث على ترك المحرمات وهذا في الدنيا . سواد الوجه سبباً لمزيد من الغم والحزن والندم على ما فاته من الدنيا . اتفق قديماً وحديثاً على أنَّ اللون الأسود يدل على الحزن وضيق الصدر .        نكته في تقديم اللون الأبيض على اللون الأسود في القرآن:
         قدم اللون الأبيض على اللون الأسود؛ لأن اللون الأبيض يمثل الرحمة , وهي المقصود من الخلق لا إيصال العذاب , قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عن الله : (خلقتهم ليربحوا عليَّ لا لأربح عليهم)[9], فكان الابتداء به؛ لأنه يمثل أهل طاعته وهم الاشـرف , فكان من باب تقديم الأشـراف على الاخس , وهذا منهج العرب في أدبياتهم , فكانوا يذكرون في مطلع كلامهم ما يسـر ويشـرح الصدر[10].
       الثالث : قال تعالى:{ وَإِذَا بُشـر أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشـر بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[11].
         ومثله قوله تعالى:{وَإِذَا بُشـر أَحَدُهُمْ بِمَا ضـربَ لِلرَّحْمَانِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}[12].  قال الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (ظل وجهه مسوداً) : أي صار متغيراً لما يظهر فيه من اثر الحزن والكراهة , فقد جعلوا لله ما يكرهونه لأنفسهم وهذا غاية الجهل[13].
         إن اسوداد الوجه في هاتين الآيتين كناية عن الغم ؛ وذلك لأن الإنسان إذا فرح وانشـرح صدره وانبسط روح قلبه , ووصل إلى الأطرف , ولاسيما الوجه لما بينهما من التعلق الشديد , وإذا وصل الروح إلى ظاهر الوجه , تلألأ واستنار.
         أما إذا قوى غم الإنسان أحتقن الروح في باطن القلب[14], فيكمد الوجه ويغبره ويعلوه السواد , وعدَّ كناية ؛ لأن السواد من لوازم الغم والحزن والكراهية .
         وكذا يفيد التكتم , يقال ساودته : إذا ساررته؛ لأنك تدني سوادك من سواده[15], فعلى هذا المعنى يكون الذي بشـر بالأنثى يكتم في نفسه حيرة وتردداً وغماً شديداً واضطراباً , وانه يحاول أن يكتم ما رزق به , ومصداق كلامنا قوله تعالى:{يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشـر بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ}[16].
 
  [1] عبد الباقي : محمد فؤاد: معجم ألفاظ القرآن الكريم 1 :630- 631 .
[2] سورة البقرة: 187.
[3] ظ: الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير: جامع البيان 2 : 176 .
[4] ظ: الزمخشري: الكشاف 2 :52 .
[5] المصدر نفسه .
[6] سورة آل عمران :106.
[7] ظ : الفخر الرازي: مفاتيح الغيب 8 : 183.
[8] ظ: الفخر الرازي: مفاتيح الغيب 8 :184 . والزمخشري: الكشاف 2 : 52 .
[9] ظ: الفخر الرازي: مفاتيح الغيب 8 :182 .
[10] ظ: الفخر الرازي: مفاتيح الغيب8: 182.
[11] سورة النحل:58 –59.
[12] سورة الزخرف: 17.
[13] ظ: الطبرسي: مجمع البيان في تفسير القرآن4 : 18.
[14] المصدر نفسه 4  : 18 .
[15] ظ: الزمخشري : أساس البلاغة : 312 .
[16] سورة النحل :  59.


Untitled Document
السيد رياض الفاضلي
جواهر نبويّة: الحلقة السابعة عشرة
د. فاضل حسن شريف
مصطلحات رياضة المعوقين في القرآن الكريم (ح 5) (أبكم،...
حسن السعدي
الحالة الرابعة للمادة: حالة البلازمة
حامد محل العطافي
التربة والاستشعار عن بعد
السيد رياض الفاضلي
جواهر نبويّة: الحلقة السّادسة عشرة
الدكتورة مواهب الخطيب
أثر الحجاب على الأسرة والمجتمع
.مرتضى صادق
البيت موس واستخدامه في الزراعة العضوية Peat Moss
د . حميد ابولول جبجاب
دور المخابرات الامريكية والموقف الدولي من حرب الخليج...
السيد رياض الفاضلي
جواهر نبويّة: الحلقة الخامسة عشرة
السيد رياض الفاضلي
جواهر نبويّة: الحلقة الرابعة عشرة
حسن الهاشمي
الآثار الوضعية للذنوب... فلسفة تحريم اللواط (19)
محمدعلي حسن
مراتب المعرفة
السيد رياض الفاضلي
جواهر نبويّة: الحلقة الثالثة عشرة
حامد محل العطافي
الدعاء