لَيلَة القَدر .. لَيلَة لا تُضاهيها في الفضل سواها مِن الّليالي، حيث قال الإمام محمد الباقر "عليه السلام" فيها: (من أحيى ليلة القدر غُفرت له ذنوبه ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السماء ومثاقيل الجبال ومكاييل البحار)، ومن جوار مرقدي الإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام"، ووسط أجواء روحانية تفيض بالإيمان ورجاء القبول وبدموع اختلطت مع قطرات غيث السماء شهدت العتبة المقدسة حضوراً كبيراً لجموع المؤمنين لإحياء ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك.
استُهلت هذه المراسم بمحاضرة دينية إرشادية لفضيلة المُربي الشيخ حبيب الكاظمي استعرض خلالها ملف ليلة البشارة ولزوم إحيائها من قبل المؤمنين طمعاً في ما أعدّه الله لعباده من العطاء الجزيل والمثوبة الراجحة حيث جاء في معرض حديثه عن ليلة القدر المباركة قائلا: علينا أن ندرك حقيقة ليلة القدر، ونشرع فيها إلى الأمر الولائي والأمر التوحيدي، ونعلم ما هو الطريق إلى الله تعالى، وإذا توجّه الإنسان بالدعاء في هذه الليلة فسوف يكون أقرب إلى الرحمة الإلهية وعلى وجه الخصوص في مشاهد أهل البيت "عليهم السلام"، فلنمتلك منهجاً ونجعل طموحنا في ليلة الحادي والعشرين من هذا الشهر الفضيل ومن جوار مرقد الإمامين الجوادين "عليهما السلام" خير من أحيى ليلة القدر على وجه الأرض.
وأكد فضيلته خلال حديثه بأن يحصّن الإنسان نفسه من الحرام بدءاً من هذه الليالي المباركة، وأن يخشى طريق السوء ولا يتقرّب إلى المنكر وأدواته، وأن يكون من السالكين ويأخذ بيد الغير إلى الخير والرشد، ويسعى لطرق أبواب الفقراء واليتامى والمساكين تأسّياً بإمامه أمير المؤمنين ابا السبطين علي بن أبي طالب "عليه السلام".
كما بيّن فضيلته أن توجّهنا في هذه الليلة المباركة إلى الباري عزّ وجل هو أن نُحييّ ديوان أعمالنا، واللقاء مع الله تعالى بقلب سليم مطمئن لنلوذ به، وندخل حصنه لطلب نجاته وشمولنا بواسع رحمته، ونتوب إليه توبة نصوحة من خلال هجران الذنوب.
وتخلّل البرنامج قراءة الأدعية الواردة عن الرسول الأكرم وأهل بيته الأطهار "عليهم السلام" في إحياء هذه الليلة من صلاة ودعاء رفع المصاحف كما شهد قراءة دعاء الجوشن الكبير بمشاركة القارئ الدكتور رافع العامري، والقارئ السيد عبد الكريم قاسم، والقارئ الحاج همام عدنان، والقارئ حسين مع الله، وسط حضور جموع المؤمنين الموالين الذين تضرعوا الى الله تعالى بعيونٍ دامعة وقلوبٍ خاشعة وأكفّ مرفوعة رغبةً لنيل الرحمة الإلهية، مُبتهلين إلى العليّ القدير بتعجيل فرج بقية الله الماضي مولانا صاحب العصر والزمان "عجّل الله فرجه الشريف"، وأن يحفظ العراق وأهله ومقدساته ويسوده الخير والرخاء.
وبعد انتهاء تلك المراسم المباركة، توجّه خدّام الإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام" بتقديم وجبات السحور إلى الزائرين الكرام.