قال تعالى : {وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف : 79] أي أمامهم ويكون أيضا خلفا وهو من الأضداد .
ومعناه ما توارى عنك واستتر ، قال النابغة ( 1 ) : وليس وراء الله للمرء مذهب أي بعد الله {وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ} [البقرة : 91] أي بما سواه ومثله {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ} [المؤمنون : 7] أي طلب سوى الأزواج وملك اليمين {فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون : 7] الكاملون في العدوان ، و {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ} [النحل : 59] يستخفي من أجل { سوء } المبشر به ويحدث نفسه وينظر {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} [النحل  : 59] وذل {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [النحل: 59] حيا ، و {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: 20] ما عفى عنهما من عوراتهما وكانا لا يريانهما من أنفسهما ولا أحدهما من الأخر ، والتورية معناها الضياء والنور قال البصريون أصلها ورية فوعلة من ورى الزند بالفتح وورى بالكسر لغتان أي خرجت ناره ولكن الأولى قلبت تاء كما في تولج والياء قلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها . وقال الكوفيون : أصلها تورية على تفعلة إلا أن الياء قلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها . و {تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص : 32] استترت بالليل يعني الشمس أضمرها ولم يجر لها ذكر والعرب تفعل ذلك إذا كان في الكلام ما يدل على المضر . و { تودون } تستخرجون النار بقداحكم من الزنود والعرب تقدح بعودين بحك إحداهما على الآخر . ويسمى الأعلى الزند والأسفل الزندة ومنه : {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} [العاديات : 2] وهو ما ينقدح من حوافرها صاكات الحجارة والايراء
إخراج النار .
_____________
1 - النابغة : أبو أمامة زياد بن معاوية النابغة الذبياني أحد فحول الطبقة الأولى من شعراء الجاهلية وزعيمهم بعكاظ ولقب بالنابغة لنبوغه في الشعر فجأة وهو كبير بعد أن امتنع عليه وهو صغير ، وهو من أشراف ذبيان ، اتصل بملوك الحيرة ومدحهم وطالت صحبته للنعمان بن المنذر فأدناه  منه إلى أن وشى به عند النعمان أحد بصانته فغضب عليه وهم بقتله فعرب النابغة إلى  ملوك غسان في الشام وأخذ يراسل النعمان متنصلا إليه بقصائد عطفت عليه قلبه منها قوله : حلفت فلم أترك لنفسك ريبة * وليس وراء الله للمرء مذهب وعمر النابغة طويلا . ومات قبيل البعثة .