من أبرز المظاهر الإحيائيّة لذكرى استشهاد الإمام الحسين "عليه السلام" هي مجالس العزاء والتأبين، التي تكتسب أهميتها من خلال توعية المجتمع تجاه العديد من القضايا الفكرية والعقائدية والإنسانية الهامّة، فالقضية الحسينية وعلى مرّ الدهور والعصور أمست مناراً يتجدد كلّ عام ومثالاً عظيما لأروع صور التضحية والإيمان، إذ يواصل مجلس العزاء الحسيني السنوي المركزي نشاطاته في رحاب الصحن الكاظمي الشريف، وإحياء أيام عاشوراء الأليمة بالتعاون بين العتبة الكاظمية المقدسة وممثلية المرجعية الدينية العُليا في مدينة الكاظمية المقدسة، حيث استضاف في ليلته الثامنة سماحة السيد رشيد الحسيني "دامت توفيقاته"، وتناول في محاضرته بحثٍ قيّمٍ حول " أهمية الشعائر وبُعدها الحضاري " منطلقاً من قوله تعالى: (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)، إذ عرّف معنى الشعيرة بمفهومها العام والتي عدّها من القضايا المركزية للهوية الإسلامية ولا يمكن للإنسان المؤمن التنصل منها أو التراجع عنها.
كما قدّم سماحة السيد الحسيني شرح عن قاعدة الشعائر التي تُذكرنا بديننا وعقيدتنا حينما أسس لها الشارع المقدس، وشَرعَنَ هذه المجالس والشعائر لأجل بناء أمة ومجتمع صالح وواعٍ، بل وتُسهم في بناء الأسرة التي حرص الأنبياء والشرائع السماوية على بنائها بناءً إيمانياً وعقائدياً وفكرياً وثقافياً.
وأوضح سماحته أن هذه الشعائر حينما ذكرها القرآن الكريم إحياءً وتقوى للقلوب أي فيها جنبة لمرضاة الله تعالى، ومواساة لأهل بيت النبوة "عليهم السلام" وإعلان الحِداد على مصاب سيد شباب أهل الجنة "عليه السلام، فضلاً عن إنها تحافظ على صلاة المؤمن وحجته والتزامه، وتحافظ على حجاب المرأة وعفتها، وتحافظ على استقلالية الإنسان وبناء شخصيته، لذا ينبغي على المؤمنين مسؤولية التصدي لماكنة التسقيط والتشوية وكلّ من يستهدف الشعائر الحسينية والمجالس الإحيائية التي تُقام لسيد الشهداء "عليه السلام".
بعدها كانت مشاركة رثائية لفضيلة الشيخ سعيد آل كثير ليختتم المجلس العزائي بالدعاء بتعجيل فرج قائم آل محمد وتجديد العزاء والولاء له، وأن يَعُمّ الخير والأمن والأمان على بلاد المسلمين.
من الجدير بالذكر تواصل فرق السلامة العامة في العتبة الكاظمية المقدسة وبتوجيه من أمينها العام الأستاذ الدكتور حيدر حسن الشمّري بحملات تعفير موقع إقامة المجالس العزائية وجميع أرجاء الصحن الكاظمي الشريف، وذلك لخلق بيئة مناسبة وتأمين الحماية الصحية اللازمة للمشاركين في العزاء ولزائري الإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام".