استعرض ممثل المرجعية الدينية العليا في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف المبادئ العامة للنجاح في اداء الوظائف.
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي اليوم الجمعة (23 /11 /2018) ان المبادئ العامة للنجاح في اداء الوظائف تشمل الجميع ابتداء من المسؤول الاعلى الى الادنى وكذلك المدير ورب العمل وصاحب الحرفة والمعلم والاستاذ والطبيب والمهندس وغيرهم.
واضاف ان الحديث يتركز على المبادئ العامة، لافتا الى ان المبادئ الخاصة هي من شأن اهل الاختصاص سواء في مجال الطب او الهندسة او الفيزياء او الوظائف العامة والادارية والاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك، مؤكدا على ضرورة ان تترافق المبادئ العامة مع المبادئ الخاصة للوصول الى النجاح.
واوضح ان من الامور المهمة للنجاح الوظيفي هو الشعور باهمية العمل وقدسيته لدى الفرد والمجتمع، ودوره المهم والخطير في تحقيق الهدف من وجود الانسان على الارض، مبينا ان من الضروري ان يكون هنالك شعور بان العمل امر مقدس ومهم وخطير في حياتنا، وان الله تعالى أوكل للانسان مهمة ان يكون خليفته في الارض، وأوكل اليه اداء الامانة الالهية التي تحملها كما أوكل اليه عمارة الارض وتطوير الانسان وحياته، فضلا عن مهمة استخراج الكنوز العلمية الدقيقة التي اودعها الله في الخلق.
ولفت ممثل المرجعية الدينية العليا الى ان ذلك يتحقق متى ما شعرنا بان العمل ومقوماته لها مدخلية كبيرة في تحقيق هذه الاهداف العظيمة، فضلا عن شعورنا بان العمل مبدأ عظيم ومقدس وله قيمة انسانية كبرى وله ارتباط بان نؤدي مهمة استخلاف الله تعالى في الارض، وانه لايمكن ان تقوم لهذه المهمة قائمة ما لم نلتزم بهذه المقومات والمبادئ التي بينها الاسلام واصحاب الاختصاص.
وبين الكربلائي ان الفرد حينما يشعر بان العمل مهمة ومسؤولية الهية في الارض سيكون حينئذ له قيمة مقدسة، وسيتحفز ويندفع للعمل بكل جدية واخلاص واتقان ويؤدي هذه المهمة الموكلة له على افضل وجه، سواء اكانت هذه المهمة عبادية ام اخلاقية ام اداء وظيفي عام، مبينا انه بهذا الشعور يتم الابتعاد عن حياة الكسل والتراخي والتعطيل التي تؤدي الى تأخر المجتمع.
ونوه ان القصد والباعث للعمل من المقومات المهمة وعلى المؤمن ان يقوي ويرسخ في داخله بان يكون قصده وباعثه ودافعه هو رضا الله تعالى، لانه حينئذ سيكون العمل مرتبط بهدف عظيم ومقدس ويندفع الانسان للعمل أكثر، لافتا الى ان ذلك ليس على مستوى العبادة وانما يشمل الاستاذً في الجامعة والطبيب والمهندس والموظف ورب العمل والمكلف بمهنة ومهمة.
ويرى ان هنالك مقاصد ومباعث متعددة ومن الممكن ان يكون القصد والباعث هو حب الوطن والتضحية من اجله وحب الشعب، وهوية الانتماء الى الوطن لفضله على الانسان، مبينا ان حب الوطن والانتماء له قد يدفع الانسان ان يكون جاداً ومخلصاً وصاحب همّة في العمل، لافتا الى ان حب الحرفة والمهنة وحب خدمة الناس تشكل عوامل مهمة وقوية لدفع الناس للخدمة.
ويرى خطيب جمعة كربلاء انه حينما يضعف هذا الباعث والدافع عند الانسان فسيضعف اندفاعه واخلاصه واتقانه للعمل، مشيرا الى ان البعض يربط عمله بأهداف دنيوية.
وحذر ممثل السيد السيستاني من مشكلة ربط العمله والاندفاع بالمال او الحصول على جاه او ترفيع او امر دنيوي آخر، مبينا ان هذه الامور زائلة ودنيوية تحصل او قد لا تحصل.
واكد ان من مقتضيات الايمان ربط العمل برضا الله تعالى ليحقق العمل النجاح الكبير.
ودعا الى ضرورة الاهتمام بثقافة المجتمع واحترام وتقديس ومحبوبية العمل، مبينا ان هناك بعض المجتمعات الناجحة في عملها وبلغت مرتبة عالية من التطور والتقدم والرفاه والازدهار، بالرغم من انها لاتدين بدين، لافتا الى ان بعض المجتمعات تعتبر اتقان العمل واتمامه مبدأ مقدس ومحترم ومرتبط بالوطن والشعب، مبينا ان اتقان العمل ومحبوبيته وقدسيته ناشئ من الثقافة لدى هذا المجتمع.
وبين ممثل المرجعية الدينية العليا ان "المجتمع الذي تولي فيه المؤسسات التعليمية والتربوية والاسرية والمؤسسات الوظيفية الاعلامية وغيرها اهتماما بان تربي افراد المجتمع على حب العمل وتقديسه واحترامه، تجده مجتمعا ناجحا ويحقق التطور والازدهار".
ولفت الى انه "كلما قل اهتمام المؤسسات بتثقيف وتربية المجتمع على احترام العمل واعتباره قيمة مقدسة ومحترمة، كلما تخلف وتأخر ذلك المجتمع ولن يستطيع ان يحقق الانجازات والنجاحات في جميع المجالات".
واكد على ضرورة السعي لتثقيف المجتمع ابتداء من الاسرة قائلا "نأمل ابتداء من الاسرة والمؤسسات المعنية بان تهتم بتثقيف وتربية الفرد والمجتمع على ان العمل مبدأ مقدس ومحترم، ليكون العمل محبوبا على مستوى الفرد والكيان الاجتماعي، وانه في حال العكس من ذلك لو ان تلك المؤسات لم تهتم ولم تثقف ولم تولي هذه المسالة الاهتمام الكافي فان المجتمع سيسوده الكسل وحب التعطيل والخمول والاتكال على الغير مما يؤدي الى التخلف عن المجتمعات الاخرى وعدم الاستفادة من الثروات والامكانات والطاقات".
وطالب خطيب جمعة كربلاء جميع المؤسسات والجامعات والمؤسسات التربوية والتعليمية والتثقيفية والاعلامية بان تعطي اهتماما كافيا بتثقيف المجتمع على هذا المبدأ المهم والمقدس بحيث يكون هنالك محبوبية واندفاع للعمل.
ويرى ان بعض المجتمعات والافراد يكون اندفاعها وحركتها للعمل بكل قوة، وان الفرد تجده يخلص في عمله ويتقنه من تلقاء نفسه لانه يشعر بمسؤولية عظيمة على عاتقه فلايقصر في عمله.
واكد ممثل المرجعية العليا على ضرورة مراعاة النظم الادارية وانظمة العمل والاجراءات التي تتخذ، مبينا ان المجتمع يتربى احيانا بالتثقيف الطوعي والاختياري واحيانا بالاجراءات التي تؤدي الى تطبع الفرد والمجتمع على حب العمل والاندفاع له.
كما دعا الى الى ضرورة حفظ الامانة المالية والوظيفية، مبينا "ان العمل واداء الوظيفة امانة الهية ووطنية واخلاقية بعنق كل عامل مهما كان اختصاصه، كالطبيب او المهندس او الاستاذ او الموظف او العامل وحتى في مجالات السياسة والادارة والمال والاقتصاد وغيرها".
واكد على ضرورة حفظ تلك الامانة قائلا "لابد من رعاية حفظ هذه الامانة وصيانتها من الفساد والانحراف والاهمال والتقصير".
وبين ممثل المرجعية الدينية العليا ان التطبيب للمرض والتعليم للطلاب وتقديم الخدمات للمواطنين وادارة شؤون الرعية من المسؤول"، مبينا ان "جميع ذلك امانات في رقاب من يتصدى لهذه المسؤوليات وعليهم جميعا حفظها بكل مقوماتها من خلال القرار الصائب وحسن الادارة ونزاهة اليد وصرف المال وحفظه من الفساد والهدر والتلف وتوظيف القدرات بتمامها في مواردها المقررة ونحو ذلك من الامور التي تحفظ هذه الامانة الوظيفية والمالية".
وسلط الشيخ الكربلائي الضوء في ختام خطبته على اخلاقيات المهنة باعتبارها من المقومات المهمة للاداء الوظيفي الناجح، موضحا ان هذه غير الاخلاقيات العامة، وان لكل عمل ومهنة اخلاقيات لابد من معرفتها ومراعاة تطبيقها لكي تستكمل الخدمة الانسانية المرجوة منها وتحقق الهدف، مبينا ان للتطبيب والتمريض اخلاقياته الانسانية وللتعليم مبادئه وقيمه التعليمية لطالب العلم، وللموظف في تقديم ما هو مطلوب من خدمة لعموم المواطنين، مبينا ان تلك الامور من السلوكيات والمبادئ التي لابد من مراعاتها، مستدركا ان للسياسي اخلاقيات ومبادئ تُضبط من خلالها كيفية ادارة الامور العامة للناس بما يصلحهم ويحسّن امورهم.