اكد ممثل المرجعية الدينية العليا خلال خطبة صلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف ان الاصلاح الاخلاقي والتربوي عند الفرد والمجتمع يمثل من ابرز الاصلاحات المهمة التي اراد الامام الحسين عليه السلام ان يحققها من خلال ثورته ومبادئه وسيرته.
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي اليوم الجمعة (12/10/2018) ان لدينا نقطة خلل ازاء تقيمنا واهتمامنا وعنايتنا بالعملية التربوية والاخلاقية.
ولفت الى وجود عملية للتعليم الاكاديمي بمختلف الاختصاصات المتعددة الى جانب وجود عملية وصفها بالحساسة والخطرة تتمثل بالعملية التربوية والاخلاقية لدى المجتمع.
واضاف ان الانسان لديه الكثير من الطاقات والامكانات والثروات وامور اخرى، الا انه في حال لم يتم توجيهها وفق الوجهة الاخلاقية والتربوية الصحيحة يتعذر عند ذلك الوصول بتلك الطاقات والامكانيات الى تحقيق الهدف في الحياة وهو السعادة والاستقرار والراحة والتفاؤل.
وبين الكربلائي ان الجميع يمتلك تلك الطاقات والامكانات الا ان من الضروري التعرف على طرق توظيفها وتوجيهها واستعمالها للوصول الى البناء وتحقيق الخير والسعادة في المجتمع، مستدركا ان هذا لا يأتي من العلوم الصرفة البحتة ولا يتأتى من الطاقات والامكانات لوحدها مهما امتلك الانسان من علوم وثقافات وقدرات من دون ان تكون هنالك ضوابط اخلاقية وتربوية.
واشار الى ان الكثير ممن يمتلك التقنيات والعلوم المتطورة والافكار والثقافات تراه مصدر شر ونقمة على المجتمع بدلا من ان يكون مصدر خير كونه لم يوجهها وفق الوجهة الاخلاقية والتربوية الصحيحة.
واوضح ممثل المرجعية الدينية العليا ان الانسان اجتماعي بطبعه ولا يمكن ان يعيش بمفرده بل انه يحتاج الى الاجتماع والتعايش والاختلاط مع الاخرين من اجل ان يتمكن من أداء وظيفته في الحياة.
وبين ان هذا الاجتماع والتعايش بين الفرد والاخرين تنشأ منه علاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية وفكرية، مبينا ان هذه العلائق ان لم تنضّم وفق اسس اخلاقية وتربوية صحيحة لا يمكن ان تكون منتظمة ومستقرة.
ويرى الشيخ الكربلائي ان هذه العلاقات لابد ان تؤدي الى الانسجام والأُلفة والمودة والتعاون لتحقيق الاهداف المرجوة، وبخلاف ذلك تسودها العداوات والإحن والبغضاء والنزاع والصراع وتتحول حياة الانسان حينها الى شقاء وتعاسة، داعيا الى ضرورة وجود محددات وضوابط وقيود لهذه العلاقات لبناء الحياة الصحيحة للفرد والمجتمع.
وبين اننا نعيش الان في عصر ينتشر فيه الكذب والخداع والتضليل وبالخصوص التضليل والكذب الاعلامي والسياسي الذي وصفه بالخطر، فضلا عن انتشار الغش والتدليس والاستغلال وانعدام الامانة والاعتداء بالقتل والتهجير بين أبناء العشائر لأسباب تافهة وبيع المناصب وشراء الاصوات بالمال، الى جانب انتشار حالات الاختلاط المنحرفة بين طبقة الشباب والشابات كاقامة الاحتفالات في أماكن عامة يسود فيها الاختلاط وبعض الممارسات غير المقبولة اخلاقياً وبالعلن.
وحذر ممثل السيد السيستاني من حصول الانهيار الاخلاقي وموت القيم والمبادئ السامية والضمير الانساني نتيجة انتشار هذه الممارسات وفي ظل غياب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومع انقلاب المعروف منكراً والمنكر معروفاً والحق باطلاً والباطلُ حقاً، الى جانب عدم وجود تحرك سريع وفاعل لتدارك هذه المخاطر.
وانتقد حال البلد الذي تتقاذفه موجات الفساد المالي والاداري وسوء الادارة وانتشار ظواهر الفساد الاخلاقي بين شبابه وشاباته بسبب سوء الاستغلال لمنظومات التواصل الاجتماعي وغيرها، فضلا عن اضطرار المواطن في الكثير من الاحيان دفع المال لانجاز اموره ومعاملاته في الكثير من دوائر الدولة.
ولفت ممثل المرجعية العليا الى ان عملية التعليم في مدارسنا وجامعاتنا لا ترافقها ولا يتزامن معها عملية الاهتمام بالعملية التربوية والاخلاقية، منوها الى ان الاهتمام والعناية بتعليم العلوم الاكاديمية التخصصية مطلوب لانه من دون تلك العلوم لا يمكن للحياة ان تتطور وتزدهر.
واوضح ان الخلل في عدم التزامن والترافق بين الاهتمام والعناية الكبيرة بالعلوم الاكاديمية التخصصية وبين الاهتمام والعناية بالعملية التربوية والاخلاقية لأطفالنا وشبابنا وشاباتنا، وغياب هذا الاهتمام والعناية عن ساحة المدارس والجامعات والمؤسسات وغير ذلك من الجهات المعنية بهذه الامور.
واكد ان من المهم جداً اذا اُريد لكل شعب ان يستقر ويتطوّر ويكون مجتمعه انسانياً بكل ما للإنسانية من معنى ان يحقق التزامن بين العملية التعليمية الاكاديمية التخصصية والعملية التربوية الاخلاقية.
ويرى خطيب جمعة كربلاء ان الاهتمام والعناية بتعلّم العلوم والثقافات والمعارف يجب ان يماثلها اهتمام بنفس القدر او ربما اكثر منه بالعملية التربوية الاخلاقية للفرد والمجتمع.
وحذر من اهمال العملية التربوية والاخلاقية كونها تتسبب بالانهيار الاخلاقي للمجتمع.
ودعا الى ضرورة وجود تحرك مجتمعي وحكومي واعلامي واسع وفاعل وتحشيد كل الطاقات والامكانات لحفظ قيم المجتمع العراقي الاصيلة وصيانتها من الانحرافات الاخلاقية التي تنذر بعواقب حالية ومستقبلية خطيرة.