أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-08-2015
5024
التاريخ: 19-12-2017
741
التاريخ: 9-11-2017
620
التاريخ: 8-10-2017
860
|
(مسألة) : ان قيل : ما الوجه في قتل موسى عليه السلام للقبطي وليس يخلو من ان يكون مستحقا للقتل أو غير مستحق ، فإن كان مستحقا فلا معنى لندمه (عليه السلام) ، وقوله : {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [القصص: 15] وقوله : {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} [النمل: 44] ، وان كان غير مستحق فهو عاص في قتله ، وما بنا حاجة إلى ان نقول ان القتل لا يكون صغيرة لأنكم تنفون الصغير والكبير من المعاصي عنهم عليهم السلام.
(الجواب) : قلنا مما يجاب به عن هذا السؤال ان موسى عليه السلام لم يعتمد القتل ولا اراده ، وانما اجتاز فاستغاث به رجل من شيعته على رجل من عدوه بغى عليه وظلمه وقصد إلى قتله ، فأراد موسى (عليه السلام) ان يخلصه من يده ويدفع عنه مكروهه ، فأدى ذلك إلى القتل من غير قصد إليه ، فكل ألم يقع على سبيل المدافعة للظالم من غير ان يكون مقصودا فهو حسن غير قبيح ولا يستحق عليه العوض به ، ولا فرق بين ان تكون المدافعة من الانسان عن نفسه ، وبين ان يكون عن غيره في هذا الباب والشرط في الامرين ان يكون الضرر غير مقصود ، وأن يكون القصد كله إلى دفع المكروه والمنع من وقوع الضرر. فإن ادى ذلك إلى ضرر فهو غير قبيح.
ومن العجب ، ان ابا علي الجبائي ذكر هذا الوجه في تفسيره ، ثم نسب مع ذلك موسى (عليه السلام) إلى أنه فعل معصية صغيرة ، ونسب معصيته إلى الشيطان. وقد قال في قوله (رب اني ظلمت نفسي) أي في هذا الفعل الذي لم تأمرني به ، وندم على ذلك وتاب إلى الله منه ، فياليت شعري ، ما الذي فعل بما لم يؤمر به ، وهو انما دافع الظالم ومانعه ، ووقعت الوكزة منه على وجه الممانعة من غير قصد.
ولا شبهة في ان الله تعالى امره بدفع الظلم عن المظلوم ، فكيف فعل ما لم يؤمر به ، وكيف يتوب من فعل الواجب؟ وإذا كان يريد ان ينسب المعصية إليه فما الحاجة به إلى ذكر المدافعة والممانعة ، وله أن يجعل الوكزة مقصودة على وجه تكون المعصية به صغيرة.
فان قيل : أليس لا بد أن يكون قاصدا إلى الوكزة وان لم يكن مريدا بها اتلاف النفس؟
قلنا : ليس يجب ما ظننته ، وكيف يجعل الوكزة مقصودة ، وقد بينا الكلام على ان القصد كان إلى التخليص والمدافعة ، ومن كان إنما يريد المدافعة لا يجوز ان يقصد إلى شئ من الضرر ، وإنما وقعت الوكزة وهو لا يريدها ، انما أراد التخليص ، فأدى ذلك إلى الوكزة والقتل.
ووجه آخر : وهو أن الله تعالى كان عرف موسى عليه السلام استحقاق القبطى للقتل بكفره ، وندبه إلى تأخير قتله إلى حال التمكن ، فلما رأى موسى (عليه السلام) منه الاقدام على رجل من شيعته تعمد قتله تاركا لما ندب إليه من تأخير قتله.
فأما قوله : (هذا من عمل الشيطان) ففيه وجهان :
احدهما : انه أراد ان تزيين قتلي له وتركي لما ندبت إليه من تأخيره وتفويتي ما استحقه عليه من الثواب من عمل الشيطان.
والوجه الآخر : انه يريد ان عمل المقتول من عمل الشيطان ، مفصحا بذلك عن خلافه لله تعالى واستحقاقه للقتل.
وأما قوله (رب اني ظلمت نفسي فاغفر لي) ، فعلى معنى قول آدم عليه السلام {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] والمعنى احد وجهين : اما على سبيل الانقطاع والرجوع إلى الله تعالى والاعتراف بالتقصير عن حقوق نعمه وان لم يكن هناك ذنب ، أو من حيث حرم نفسه الثواب المستحق بفعل الندب.
وأما قوله (فاغفر لي) فإنما أراد به : فاقبل منى هذه القربة والطاعة والانقطاع. ألا ترى ان قبول الاستغفار والتوبة يسمى غفرانا؟ وإذا شارك هذا القبول غيره في معنى استحقاق الثواب والمدح به جاز ان يسمى بذلك ، ثم يقال لم ذهب إلى ان القتل منه (عليه السلام) كان صغيرة ، ليس يخلو من أن يكون قتله متعمدا وهو مستحق للقتل ، وقتله عمدا وهو غير مستحق ، أو قتله خطأ ، وهو مستحق.
والقسم الاول يقتضى ان لا يكون عاصيا جملة والثاني لا يجوز مثله على النبي (عليه السلام) ، لان قتل النفس عمدا بغير استحقاق لو جاز ان يكون صغيرة على بعض الوجوه جاز ذلك في الزنا وعظائم الذنوب ، فإن ذكروا في الزنا وما اشبهه التنفير ، فهو في القتل اعظم.
وان كان قتله خطأ غير عمد وهو مستحق أو غير مستحق ، ففعله خارج من باب القبيح جملة. فما الحاجة إلى ذكر الصغيرة؟
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|