أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-6-2019
2013
التاريخ: 23-5-2019
2120
التاريخ: 6-2-2020
5451
التاريخ: 3-04-2015
3354
|
إنّ العنصر الاجتماعي شديد البروز في ثورة الحسين (عليه السّلام) ويستطيع الباحث أن يُلاحظه فيها من بدايتها حتّى نهايتها ويرى أنّ الحسين (عليه السّلام) ثار من أجل الشعب المسلم.
لقد ثار على يزيد باعتباره مُمثّلاً للحكم الاُموي ، هذا الحكم الذي جوّع الشعب المسلم وصرف أموال هذا الشعب في اللذات والرشا وشراء الضمائر وقمع الحركات التحرّرية ، هذا الحكم الذي اضطهد المسلمين غير العرب وهدّدهم بالإفناء ومزّق وحدة المسلمين العرب وبعث بينهم العداوة والبغضاء ، هذا الحكم الذي شرّد ذوي العقيدة السياسيّة التي لا تنسجم مع سياسة البيت الأموي وقتلهم تحت كلّ حجر ومدر وقطع عنهم الأرزاق وصادر أموالهم .
هذا الحكم الذي شجّع القبيلة على حساب الكيان الاجتماعي للاُمّة المسلمة ، هذا الحكم الذي عمل عن طريق مباشر تارة وعن طريق غير مباشر تارة اُخرى على تقويض الحس الإنساني في الشعب وقتل كلّ نزعة إلى التحرّر بواسطة التخدير الديني الكاذب .
كلّ هذا الانحطاط ثار عليه الحسين (عليه السّلام) وها هو يقول لأخيه محمد بن الحنفيّة في وصيته له : إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ومَنْ ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يحكم الله بيني وبين القوم بالحقّ وهو خير الحاكمين ، فالإصلاح في اُمّة جدّه (صلّى الله عليه وآله) هو هدفه من الثورة .
وهنا شيء اُريد أن أنبه عليه في قوله : ... فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ .
إنّه لم يقل : فمَنْ قبلني لشرفي ومنزلتي في المسلمين وقرابتي من رسول الله وما إلى ذلك ، لم يقل شيئاً من هذا إنّ قبوله يكون بقبول الحقّ فهذا داع من دعاته وحين يقبل الناس داعي الحقّ فإنّما يقبلونه لما يحمله إليهم من الحقّ والخير لا لنفسه وفي هذا تعالٍ وتسامٍ عن التفاخر القبلي الذي كان رأس مال كلّ زعيم سياسي أو ديني في عصره (عليه السّلام) .
وظهر العصر الاجتماعي في ثورة الحسين (عليه السّلام) أيضاً حين التقى مع الحرّ بن يزيد الرياحي وقد كان ذلك بعد أن علم الحسين (عليه السّلام) بتخاذل أهل العراق عنه بعد بيعتهم له وبعد أن انتهى إليه نبأ قتل رسوله وسفيره إليهم مسلم بن عقيل وبعد أن تبيّن له ولمَنْ معه المصير الرهيب الذي ينتظرهم جميعاً فقد خطب الجيش الذي مع الحرّ قائلاً : أيّها الناس إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : مَنْ رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يُغيّر ما عليه بفعل ولا قول كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله ، ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله وأنا أحقّ مَنْ غيّر ، وقد أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم ببيعتكم وإنّكم لا تُسلموني ولا تخذلوني فإن تممتم عليّ بيعتكم تصيبوا رُشدكم ؛ فإنّي الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم فلكم فيّ اُسوة .
وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنُكر ؛ لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمّي مسلم بن عقيل والمغرور مَنْ اغترّ بكم فحظّكم أخطأتم ونصيبكم ضيّعتم ومَنْ نكث فإنّما ينكث على نفسه ، فهو هنا يبيّن لهم أسباب ثورته : إنّها الظلم والاضطهاد والتجويع وتحريف الدين واختلاس أموال الاُمّة .
ثمّ انظر كيف لمّح لهم إلى ما يخشون لقد علم أنّهم يخشون الثورة لخشيتهم الحرمان والتشريد فهم يؤثرون حياتهم على ما فيها من انحطاط وهوان على محاولة التغيير خشية أن يفشلوا فيعانوا القسوة والضّنك .
لقد علم منهم هذا فقال لهم : فإنّي الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .
فبيّن لهم مركزه أوّلاً ثمّ قال لهم : نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم فلكم فيّ اُسوة فيما قد يحدث من اضطهاد وحرمان .
ويقف المتأمّل وقفة اُخرى عند قوله : وأنا أحقّ من غيّر . فيها تعبير عن شعوره بدوره التأريخي الذي يتحتّم عليه أن يقوم بأدائه .
ومرّة ثالثة حدّث الحسين (عليه السّلام) أهل العراق عن ثورته ومبرراتها وكانت خطبته هذه في الساعات الأخيرة التي سبقت اشتباك القتال بينه وبين الجيش الأموي قالوا : إنّه (عليه السّلام) ركب فرسه فاستنصتهم فلم ينصتوا حتّى قال لهم : ويلكم ! ما عليكم أن تنصتوا لي فتسمعوا قولي ؟! وإنّما أدعوكم إلى سبيل الرشاد فمَنْ أطاعني كان من المرشدين ومَنْ عصاني كان من المهلكين وكلّكم عاصٍ لأمري غير مستمع لقولي فقد مُلئت بطونكم من الحرام وطُبع على قلوبكم.
ويلكم ! ألا تنصتون ؟ ألا تسمعون ؟ .
فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم وقالوا : أنصتوا له ، فحمد الله وأثنى عليه وذكره بما هو أهله وصلّى على محمد وعلى الملائكة والأنبياء والرسل وأبلغ في المقال .
ثمّ قال : تبّاً لكم أيّها الجماعة وترحاً ! أحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم وحششتم علينا ناراً أوقدناها على عدوّنا وعدوّكم فأصبحتم إلباً على أوليائكم ويداً عليهم لأعدائكم بغير عدل أفشوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم إلاّ الحرام من الدنيا أنالوكم وخسيس عيش طمعتم فيه من غير حدث كان منّا ولا رأي تفيّل لنا . .. .
في هذه الخطبة حدّثهم الحسين (عليه السّلام) عن أنفسهم وعن واقعهم وعن زيف حياتهم . حدّثهم كيف أنّهم استصرخوه على جلاّديهم ثمّ انكفؤوا مع هؤلاء الجلاّدين عليه .
هؤلاء الجلاّدون الذين لم يسيروا فيهم بالعدل وإنّما حملوهم على ارتكاب الحرام في مقابل عيش خسيس ، خسيس في نفسه قليل دون الكفاية خسيس لأنّه يعمل على مدّ الأجل بحياة حقيرة ذليلة خسيس باعتباره أجراً لعمل خسيس .
وحدّثهم عن مواقفهم المتكرّرة من الحركات الإصلاحية إنّهم دائماً يُظهرون العزم على الثورة والرغبة فيها يُظهرون العزم على تطوير واقعهم السيِّئ حتّى إذا جدّ الجدّ انقلبوا جلاّدين للثورة بدل أن يكونوا وقوداً لها .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|