أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-12-2017
1594
التاريخ: 27-11-2017
824
التاريخ: 25-12-2017
657
التاريخ: 27-12-2017
849
|
[نص الشبهة] : حكى الله تعالى عن ابراهيم (عليه السلام) قوله إذ قال لقومه : {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 95، 96] وظاهر هذا القول يقتضي انه تعالى خلق اعمال العباد ، فما الوجه فيها وما عذر ابراهيم عليه السلام في اطلاقه ؟
[جواب الشبهة] : قلنا من تأمل هذه الآية حق التأمل ، علم ان معناها بخلاف ما يظنه المجبرة ، لان قوله تعالى خبر عن ابراهيم (عليه السلام) بأنه غير قومه بعبادة الاصنام واتخاذها آلهة من دون الله تعالى ، بقوله (اتعبدون ما تنحتون) ، وانما اراد منحوت وما حمله النحت دون عملهم الذي هو النحت لان القوم لم يكونوا يعبدون النحت الذي هو فعلهم في الاجسام ، وإنما كانوا يعبدون الاجسام انفسها.
ثم قال : (والله خلقكم وما تعملون) وهذا الكلام لابد من ان يكون متعلقا بالأول ومتضمنا لما يقتضي المنع من عباده الاصنام ، ولا يكون بهذه الصفة الا والمراد بقوله : وما تعملون الاصنام التي كانوا ينحتونها ، فكأنه تعالى قال : كيف تعبدون ما خلقه الله تعالى كما خلقكم.
وليس لهم ان يقولوا ان الكلام الثاني قد يتعلق بالكلام الاول على خلاف ما قدرتموه ، لأنه إذا أراد ان الله خلقكم وخلق اعمالكم ، فقد تعلق الثاني بالأول ، لان من خلقه الله لا يجوز ان يعبد غيره وذلك أنه لو اراد ما ظنوه ، لكفى ان يقول الله تعالى : والله خلقكم ويصير ما ضمنه إلى ذلك من قوله : (وما تعملون) لغوا ولا فائدة فيه ، ولا تعلق له بالاول ولا تأثير له في المنع من عبادة الاصنام فصح أنه أراد ما ذكرناه من المعمول فيه ، ليطابق قوله : (اتعبدون ما تنحتون).
فإن قالوا : هذا عدول عن الظاهر ، لقوله تعالى : (وما تعملون) لان هذه اللفظة لا تستعمل على سبيل الحقيقة إلا في العمل دون المعمول فيه ، ولهذا يقولون : اعجبني ما تعمل وما تفعل ، مكان قولهم : اعجبني عملك وفعلك.
قيل لهم : ليس نسلم لكم ان الظاهر ما ادعيتموه ، لان هذه اللفظه قد تستعمل في المعمول فيه ، والعمل على حد واحد بل استعمالها في المعمول فيه اظهر واكثر. ألا ترى انه تعالى قال في العصا { تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} [الأعراف: 117] وفي آية اخرى : {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا} [طه: 69] ومعلوم أنه لم يرد أنها تلقف اعمالهم التي هي الحركات واعتمادات ، وإنما أراد انها تلقف الحبال وغيرها مما حله الافك وقد قال تنبيه قد وقع في ص 36 س 9 هكذا (مجاوريهم) و صوابه (بناويهم) ...
وههنا مواضع لا يستعمل فيها (ما) مع الفعل الا والمراد بها الاجسام دون الاعراض التي هي فعلنا لان القائل إذا قال : اعجبني ما تأكل وما تشرب وما تلبس ، لم يجز حمله إلا على المأكول والمشروب والملبوس دون الاكل والشرب واللبس.
فصح ان لفظة (ما) فيما ذكرناه أشبه بأن تكون حقيقة ، وفيما ذكروه اشبه بأن تكون مجازا.
ولو لم يثبت فيها إلا انها مشتركة بين الامرين ، وحقيقة فيهما ، لكان كافيا في اخراج الظاهر من ايديهم ، وابطال ما تعلقوا به.
وليس لهم ان يقولوا أن كل موضع استعملت فيه لفظة (ما) مع الفعل ، واريد بها المفعول فيه ، إنما علم بدليل ، والظاهر بخلافه.
وذلك أنه لا فرق بينهم في هذه الدعوى وبين من عكسها ، فادعى ان لفظة (ما) إذا استعملت مع الفعل واريد بها المصدر دون المفعول فيه كانت محمولة على ذلك بالدليل ، وعلى سبيل المجاز والظاهر بخلافه ، على ان التعليل وتعلق الكلام الثاني بالاول على ما بيناه ايضا ظاهر ، فيجب ان يكون مراعى.
وقد بينا ايضا انه متى حمل الكلام على ما ظنوه لم يكن الثاني متعلقا بالاول ولا تعليلا فيه ، والظاهر يقتضي ذلك فقد صار فيما ادعوه عدول عن الظاهر الذي ذكرناه في معنى الآية ، فلو سلم ما ادعوه من الظاهر في معنى اللفظة معه لتعارضتا ، فكيف وقد بينا أنه غير سليم ولا صحيح؟
وبعد : فإن قوله : (وما تعملون) لا يستقل بالفائدة بنفسه ، ولابد من أن يقدر محذوف ، ويرجع إلى (ما) التي بمعنى (الذي) ، وليس لهم ان يقدروا الهاء ليسلم ما ادعوه بأولى منا إذا قدرنا لفظة فيه ، لان كلا الامرين محذوف ، وليس تقدير احدهما بأولى من الآخر ، إلا بدليل هذا.
على انا قد بينا ان مع تقدير الهاء يكون الكلام محتملا لما ذكرناه ، كاحتماله لما ذكروه.
ومع تقديرنا الذي بيناه يكون الكلام مختصا غير مشترك ، فصرنا بالظاهر اولى منهم ، وصار للمعنى الذي ذهبنا إليه الرجحان على معناهم.
على أن معنى الآية والمقصود منها يدلان على ما ذكرناه ، حتى أنا لو قدرنا ما ظنه المخالف لكان ناقضا للغرض في الآية ومبطلا لفايدتها ، لأنه تعالى خبر عن إبراهيم (عليه السلام) بأنه قرعهم ووبخهم بعبادة الاصنام ، واحتج عليهم بما يقتضي العدول عن عبادته ولو كان مراده بالآية ما ظنوه من انه تعالى خلقهم وخلق اعمالهم ، وقد علمنا ان عبادتهم للأصنام من جملة اعمالهم ، فكأنه قال الله تعالى : والله خلقكم وخلق عبادة اصنامكم لوجب ان يكون عاذرا لهم ومزيلا للوم عنهم ، لان الانسان لا يذم على ما خلق فيه ولا يعاتب ولا يوبخ.
وبعد فلو حملنا الآية على ما توهموه لكان الكلام متناقضا من وجه آخر ، لأنه قد أضاف العمل إليهم بقوله (وما تعملون) وذلك يمنع من كونه خلقا لله تعالى ، لان العامل للشئ هو من احدثه واخرجه من العدم إلى الوجود والخلق في هذا الوجه لا يفيد إلا هذا المعنى ، فكيف يكون خالقا ومحدثا لما احدثه غيره وعمله؟ على ان الخلق إذا كان هو التقدير في اللغة ، فقد يكون الخالق خالقا لفعل غيره إذا كان مقدرا له ومدبرا.
ولهذا يقولون خلق الاديم فيمن قدره ودبره ، وإن كان ما احدث الاديم نفسه فلو حملنا قوله: (وما تعملون) على افعالهم دون ما فعلوا فيه من الاجسام ، لكان الكلام على هذا الوجه صحيحا. ويكون المعنى : والله دبركم ودبر أعمالكم وان لم يكن محدثا لها وفاعلا.
وكل هذه الوجوه واضح لا إشكال فيه بحمد الله تعالى ومنه.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|