المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9093 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

الطاقة من الموج والمد والجزر
17-7-2016
مثل المؤمن
2023-03-26
Nikolai Vladimirovich Efimov
13-12-2017
Brain in Fasting
25-11-2021
اللادقة والنجوم
2023-06-22
حكمة صلاة العيد
3-8-2016


علي (عليه السلام) وأول مراحل الفَدى  
  
2639   05:28 مساءً   التاريخ: 7-11-2017
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ص21-25.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) /

ان الرغبة في البقاء على قيد الحياة ليست مرتبة بمقدار اللذة والمتع المادية التي يجنيها الانسان من بقائه حياً بل ان تلك الرغبة شعور غريزي لا يمكن الا للقلّة أو النخبة الافلات منه وهذا الشعور الفطري في التشبث بالحياة الدنيا له منشأ مرتبط برغبة الانسان الغريزية نحو البقاء على قيد الحياة حتى لو كان الانسان فقيراً معذّباً فقد يفضّل الفرد الفقير او المعذّب، الحياة مع الفاقة والحاجة، على الموت فالموت اذن، عملية مرعبة لا يريد الانسان ان يفكر فيها ما دام حياً واذا صدق هذا، فان الايثار لا يتم؛ لأنه يعني ببساطة طلب الموت على الحياة اختياراً.
لكن علي (عليه السلام) _ وهو في الثالثة والعشرين من عمره _ غيّر هذا المفهوم؛ وجعل طلب الموت والتضحية والايثار، الاصل في منهج حياته الدينية والاجتماعية فجعل حياته وقفاً للدين، واستعداداً كاملاً لحماية النبي (صلى الله عليه واله) في كل موقف فقد قرر (عليه السلام) امتثال أمر النبي (صلى الله عليه واله) والمبيت في فراشه (صلى الله عليه واله) ليلة الهجرة وكان عملاً جريئاً للغاية، لان أقل ما يمكن توقعه في تلك الليلة هو أن يقطّع بالسيوف دون مقاومة وبدم بارد فيضيع دمه بين قبائل العرب وفي خصوص تضحيته تلك أنزل الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 207].
فكان ما يميز ايثار علي (عليه السلام) ليلة الهجرة هو أن الظرف الذي كان يمرُّ به رسول الله (صلى الله عليه واله) والرسالة التي يحملها كان صعباً للغاية، وكانت التضحية جسيمة جداً، ولذلك كان انكار المصلحة الذاتية عند الامام (عليه السلام) في ذلك الموقف، ضخماً وعملاقاً.
ولا شك أن المصلحة الذاتية تحدد الدافع نحو العمل في ظروف معينة فعندما يأكل الانسان طعاماً طيباً في بلد يفيض بالخيرات والطيبات، فانه يتصرف من وحي مصلحته التكوينية، ولا ضير في ذلك ما دام الخيرُ كثيراً ولكنه لو أكل نفس نوعية ذلك الطعام في وقت مجاعة يتضور فيها أرحامه وجيرانه جوعاً وألماً، لعُدّ ذلك اهتماماً بمصلحته الذاتية وتكريساً لفكرة الانانية.
ولو كان رسول الله (صلى الله عليه واله) قد أمر علياً (عليه السلام) بالمبيت على فراشه وهو في المدينة وقت سلم وأمان لما انطوى ذلك العمل على قضية مهمّة، لأنه لا يبرز انكاراً لمصلحة ذاتية ولكن الامر حصل في ظرف خطير للغاية، حيث تجمّع ممثلو بطون العرب ليقتلوا رسول الله (صلى الله عليه واله)، فنام علي (عليه السلام) - مختاراً - على فراش النبي (صلى الله عليه واله) تحت ظلّ سيوف الأعداء، يتوقّع فيها سفك دمه في أية لحظة، هنا تجلى عند علي (عليه السلام) انكار الذات والترفع عن المصالح الذاتية بأجلى صورها.
ولو لم يكن هناك انسجامٌ فكري وعقائدي وروحي تام بين المُؤْثِر -وهو علي (عليه السلام)- والمُؤْثَر له -وهو رسول الله (صلى الله عليه واله)- ، لما تحقق الايثار بمعناه الكلي الواقعي؛ لان الاختلاف في الدوافع والاهداف لا يولّد ايثاراً. 
ذلك، أن اليقين بصحة الرسالة، والقطع بالنبوة الحقة، والثقة بنصر الله عزّ وجلّ، جعلت من قضية ذلك الايثار أمراً حتميّاً، واندماجاً لا يمكن تفكيكه بينهما (عليهما الصلاة والسلام) فلم تكن هناك مشاعر فردية في حبّ الذات، أو الخوف من الموت، أو الحفاظ على المصالح الشخصية بقدر ما كان هناك اندماجٌ في الرسالة وقائدها واندكاكٌ في أهدافها ووسائلها.

ولكن الرسالة السماوية كانت بحاجة الى جهد جماعي متظافر من أجل نقل فحواها وأهدافها النبيلة الى البشرية كي تؤمن بها وتدافع عنها، وتركيبة دينية تضم أفراداً على رأسهم رسول الله (صلى الله عليه واله) ومن بعده علي بن أبي طالب (عليه السلام) ونخبة طيبة من الموالين لرسول الله (صلى الله عليه واله) وأهل بيته (عليه السلام) لابد أن تنتصر على أعدائها؛ ذلك لان التظافر والتآزر الذي كان يشدّ تلك التركيبة أوصلها الى درجات عليا من الايثار وتفضيل الغير على الذات.
لقد أظهر علي (عليه السلام) بايثاره ذلك ثلاث خصال على درجة كبيرة من الاهمية، وهي:

الاولى: الاقرار بنبوة محمد (صلى الله عليه واله) والتضحية من أجلها ومن أجل الحفاظ على قائدها (صلى الله عليه واله).
الثانية: أنه كان المدافع الحقيقي عن رسول الله (صلى الله عليه واله)، وأقصى ما يفعله المؤْثِر أن يقدّم للمؤْثَر له نفسه وجسده.
الثالثة: ان طبيعة الامام (عليه السلام) كانت ترى الموت والحياة في الله، على حد سواء، فاذا كان في الموت رضىً لله سبحانه فمرحباً بالموت. وإذا كان في الحياة - بخشونتها وآلامها - رضىً لله عزّ وجل فمرحباً بها وسيلة من وسائل نشر الدين. والى ذلك يشير (عليه السلام) ضمن كلام له لمّا قُبض رسول الله (صلى الله عليه واله): ... واللهِ لابنُ أبي طالب آنسُ بالموتِ من الطفل بثدي أمه... .
فلم يكن الايثار عند الامام (عليه السلام) حبّاً لمصلحة ذاتية، بل كان حبّاً لله عزّ وجل وذوباناً في القيم الدينية العليا والصفات المعنوية الأسمى، واندماجاً في مصلحة الدين وملاكاته وأهدافه العليا في الحياة الانسانية.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.