أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-4-2021
2421
التاريخ: 25-9-2018
1130
التاريخ: 8-1-2017
7335
التاريخ: 5-9-2019
1278
|
فهل آمن الامويون بالله ؟ ومن ثم استقاموا .
معاوية والموالي
إن تاريخهم يشير إلى الاجابة بالنفي عن هذين السؤالين . وبقدر ما يتعلق الامر بجانب الاستقامة يمكننا أن نلاحظ بعدهم عن الاسلام إذا وازنا موقفهم من الموالي ـ الذي سنشرحه مفصلا ـ بموقف رسول الله .
ذكر البخاري ( 1 ) بإسناده عن عائد بن عمرو : « أن أبي سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر . فقالوا : ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها !!
قال : فقال أبو بكر أتقولون هذا الشيخ قريشي وسيدهم ؟ فأتى النبي فأخبره . فقال يا أبا بكر لعلك أغضبتهم ؟ لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت الله . فأتاهم أبو بكر فقال يا إخوتنا أغضبتكم ؟ قالوا : لا . يغفر الله لك . »
وقال عمر بن الخطاب ـ قبيل وفاته ـ « لو كان سالم ـ مولى حذيفة ـ حياً لاستخلفته وقلت لربي إن سألني أني سمعت نبيك يقول إن سالماً كان شديد الحب لله ( 2 ) . »
وأما منزلة سلمان الفارسي ـ عند النبي ـ ومنزلة الاسلام عند سلمان فأشهر من ان تذكر .
قال ابن حجر : ( 3 ) « سلمان أبو عبد الله الفارسي ـ ويقال له سلمان الخير وسلمان بن الاسلام ...
روى عنه أنس بن مالك وكعب بن عجرة ، وابن عباس ، وأبو سعيد وغيرهم من الصحابة ، ومن التابعين أبو عثمان والنهدي ، وطارق بن شهاب وسعيد بن وهب وآخرون بعدهم » .
وذكر يوسف المالكي ( 4 ) أن سلمان كان إذا قيل له : ابن من أنت ؟ قال أنا سلمان بن الاسلام من ولد آدم ...
وذكر معمر عن رجل من أصحابه قال دخل قوم على سلمان ـ وهو أمير على المدائن ـ وهو يعمل الخوص . فقيل له تعمل هذا وأنت أمير يجري عليك رزق ؟ فقال أني أحب أن أكل من عمل يدي ( 5 ) ...
وكان خيراً فاضلا حبرا عالما زاهدا متقشفا ...
وروى عن النبي ـ من وجوه ـ أنه قال لو كان الدين عند السماء لناله سلمان ... وعن عائشة قالت كان لسلمان مجلس مع رسول الله ينفرد به بالليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله .
وروى من حديث أبي بريدة عن أبيه عن النبي أنه قال :
أمرني ربي بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم ، علي وأبي ذر والمقداد وسلمان . »
فسلمان الفارسي بنظر الاسلام أفضل من معاوية وأبيه العربيين . القريشيين . ذكر لمقري ( 6 ) « إن أبا بكر كلم أبا سفيان فرفع صوته . فقال أبو قحافة : أخفض صوتك يا أبا بكر عن ابن حرب . فقال أبو بكر يا أبا قحافة : إن الله بنى في الاسلام بيوتا كانت غير مبنية . وهدم بيوتا كانت في الجاهلية مبنية . وبيت أبي سفيان مما هدم »
فموقف الامويين من الموالي إذن موقف لا يجيزه الاسلام من الناحية المبدئية العامة . وتتجسم بشاعة ذلك الموقف إذا تذكرنا أن قسما كبير امن الموالي ـ وبخاصة الفرس منهم ـ كانوا من أفاضل المسلمين الامر الذي حمل ابن خلدون على القول بان حمله العلم في الاسلام أكثرهم العجم .
قال ابن خلدون : « من الغريب الواقع أن حملة العلم في الاسلام اكثرهم العجم لا من العلوم الشرعية ولا من العلوم العقلية إلا في القليل النادر وإن كان منهم العربي في نسبته ومرباه ومشيخته مع أن اللغة عربية وصاحب شريعتها عربي ... فكان صاحب صناعة النحو سيبويه والفارسي من بعده والزجاج من بعدهما : وكلهم عجم في أنسابهم . وكذا حملة الحديث الذي حفظوا عن أهل الاسلام اكثرهم عجم ...
وكان علماء اصول الفقه كلهم عجما ... وكذا حملة الكلام . وكذا اكثر المفسرين . ولم يقم بحفظه وتدوينه إلا الاعاجم ... وظهر مصداق قول النبي : « لو تعلق العلم بأكناف السماء لناله قوم من اهل فارس ( 7 ) » فأنت ترى ان الفرس ـ وهم الذين تطلق عليهم كلمة الموالي في الاعم والاغلب ـ قد برعوا في شتى صنوف المعرفة العربية الاسلامية .
ومن الغريب أن ينتزع الفرس من العرب ـ بالاضافة إلى علم الكلام وأصول الفقه والحديث وتفسير القرآن ـ قواعد اللغة العربية ، وهو أمر بعيد عن متناول المسلم غير العربي كما هو معروف .
أما براعة الفرس في الفقه فقد بلغت حد الاعجاز فقد روى عن أبي ليلى أنه قال : « قال لي عيسى بن موسى ـ وكان دياناً شديد العصبية .
من كان فقيه البصرة ؟ قلت الحسن بن أبي الحسن .
قال ثم من ؟ قلت محمد بن سيرين .
قال فما هما ؟ قلت موليان . قال فمن كان فقيه مكة ؟ قلت : عطاء بن ابي رباح ومجاهد وسعيد بن جبير وسليمان بن يسار .
قال فما هؤلاء ؟ قلت : موالي ، قال فمن فقهاء المدينة ؟ قلت يزيد بن اسلم ومحمد بن المنكدر ، ونافع بن أبي نجيح .
قال فما هؤلاء ؟ قلت موالي فتغير لونه ـ ثم قال : فمن أفقه أهل قباء ؟ قلت ربيعة الرأي ، وابن أبي الزناد قال : فما كانا ؟ قلت من الموالي . فاربد وجهه . ثم قال : فمن كان فقيه اليمن ؟ قلت طاووس وابنه وابن منبه .
قال فما هؤلاء ؟ قلت من الموالي . فانتفخت أوداجه فانتصب قاعدا . ثم قال : فمن كان فقيه الشام ؟ قلت مكحول . قال فما كان مكحول هذا ؟ قلت موالي .
قال فتنفس الصعداء . ثم قال : فمن كان فقيه الكوفة ؟ قال : فوالله لولا خوفه لقلت الحكم بن عينية ، وعمار بن أبي سليمان . ولكني رأيت فيه الشر فقلت : إبراهيم والشعبي . قال فما كانا ؟ قلت عربيان . قال الله اكبر . وسكن جأشه ( 8 ) . »
هؤلاء هم العجم الذين كان دعاة الامويين ـ وما زلوا ـ ينتقصونهم في دينهم وفي أحسابهم وفي خلقهم .
ومن المحزن حقا أن تلصق بهؤلاء المسلمين صنوف التهم ومختلف المثالب والموبقات حتى أصبح القول :
« بأن الفرس دخلوا الاسلام لهدمه » من الاقوال التي يرددها كثير من الناس دون تثبت أو انصاف .
وقد أسرفت كتب التاريخ المدرسي عندنا ـ في هذه القضية ـ غاية الاسراف .
فمصرع الخليفة الثاني مثلا : كان سببه ـ بنظر مؤلفيها ـ مؤامرة فارسية لهدم الاسلام ، وسقوط الدولتين الاموية ، والعباسية ، والنزاع بين المنصور وأبي مسلم الخراساني ، وبين الرشيد والبرامكة ، وبين الامين والمأمون الخ ...
كلها امثلة من هذا القبيل . وقد بلغ بعض الكتاب المعاصرين (9) في هذا الاتهام ذروته حين نسب للفرس مصرع الامام علي بن أبي طالب مع علمه بحبهم له ـ لعدالته وتقواه ـ .
ومن يدري فلعل حب الفرس لعلي هو الذي جعل هؤلاء الكتاب يبغضونهم ويكيلون لهم التهم دون حساب .
ولا يخفى ما في هذه المزاعم والاباطيل من تجن على التاريخ وتبسيط لحوادثه .
ومما يلفت النظر إن أولئك الكتاب يميزون احيانا بين الفرس على اسس اخرى غير فارسيتهم . فيحترمون بعضهم إلى حد العبادة ويمقتون بعضا آخر الى حد الكفر .
____________
(1) صحيح البخاري 2 | 362 .
(2) ابن الاثير « الكامل في التاريخ » 3 | 34 .
(3) الإصابة في تمييز الصحابة 2 | 60 .
(4) الاستيعاب في أسماء . الاصحاب 2 | 45 ـ 58 .
(5) وذكر انه تعلم عمل الخوص بالمدينة ـ من الانصار ـ عند بعض مواليه . وكان أول مشاهده الخندق ، وهو الذي اشار بحفره . فقال أبو سفيان وأصحابه هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها ، وتوفي في أواخر خلافة عثمان وقيل في خلافة عمر .
(6) النزاع والتخاصم 190 .
(7) مقدمة ابن خلدون : 543 ـ 544 .
(8) ابن عبد ربه : « العقد الفريد » 2 ص 262 . كان الاولى بعيسى بن موسى ان يرتاح لبروز الفرس في الفقه بجانب إخوانهم العرب ومساهمتهم لخدمة الدين الحنيف .
(9) الدكتور بديع شريف « الصراع بين الموالي والعرب » دار الكتاب العربي بمصر ، 1954 ص 32 ـ 33 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|