المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9093 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



الاهتمام الاستثنائي بالقرآن المجيد  
  
3382   05:19 مساءً   التاريخ: 1-11-2017
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ص40-42.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / التراث العلوي الشريف /

اهتمّ الامام علي (عليه السلام) في المدينة وبالقرب من رسول الله (صلى الله عليه واله) بالقرآن الكريم كتابةً وجمعاً وحفظاً وكان ذلك الاهتمام غير منفك عن اهتمامٍ آخر وهو القتال في سبيل الله في المعارك والغزوات التي ابقت شوكة الدين قوية فعالة، ولكن الاهتمام بالقرآن الكريم كان اهتماماً استثنائياً، فلا عجب ان يقول (عليه السلام): والله ما نزلت آية الا و قد علمتُ فيما أنزلت وأين نزلت، وان ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا سؤولا(1) ، واهتم بالخصوص بـ جمع القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله)(2) حتى يُصان من التحريف بعد رحيل خاتم الانبياء (صلى الله عليه واله).
فليس عجبا أن نرى النبي (صلى الله عليه واله) يبذل وقتاً مديداً وجهداً طائلاً من أجل تعليم علي (عليه السلام) معاني القرآن الكريم واسراره وخفاياه، وكان (عليه السلام) يجهر بذلك مصرّحا: ما نزلت على رسول الله  (صلى الله عليه واله) آية من القرآن الا أقرأنيها وأملاها عليّ فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها، وتفسيرها، وناسخها، ومنسوخها، ومحكمها، ومتشابهها، ودعا الله عز وجل ان يعلمني فهمها وحفظها فما نسيت آية من كتاب الله عز وجل ولا علماً أملاه عليّ فكتبته وما ترك شيئا علمه الله عز وجل من حلال، ولا حرام، ولا أمر، ولا نهي، وما كان أو يكون من طاعة أو معصية الا علمنيه وحفظته، فلم أنس منه حرفاً واحداً. ثم وضع يده على صدري ودعا الله تبارك وتعالى، بان يملأ قلبي علماً وفهماً، وحكمةً ونوراً، ولم أنس من ذلك شيئا ولم يفتني من ذلك شيء لم اكتبه...(3)  .
ولم تنحصر الكتابة بعليّ (عليه السلام)، ولم يكن الكاتب الوحيد للوحي، بل اشرك رسول الله (صلى الله عليه واله) افراداً آخرين بجانب علي (عليه السلام) منهم: زيد بن ثابت، وابيّ بن كعب الانصاري، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهم، والعلّة في ذلك هو ان تثبت الامة - بكافة مذاهبها وطوائفها ومتبنياتها- بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) على قرآن واحد متفق على صحته، مصون بين الدفتين. فكتابة القرآن ليست كالولاية الشرعية، فالكتابة تقتضي التعدد بينما تنحصر قضية الولاية الشرعية بشخصية واحدة، وتعدد الكتّاب واختلاف مذاهبهم يثبت صحة القرآن، بينما يؤدي تعدد الطموحات نحو كسب مقعد الولاية الشرعية الى صراع وربما الى تراجع مؤقت في تطبيق الافكار السياسية التي جاء بها الاسلام.
وكان الكتّاب يكتبون القرآن على الجلود الرقاع، وجرائد النخل العسب، وصفائح الحجارة الرقيقة اللخاف، وعظام الجمال الجافة العريضة الاكتاف، وصحف الحرير، والاخشاب الاقتاب حيث تُنقش عليه الحروف والكلمات. 
وقد ورد في الروايات ان عليا (عليه السلام) جمع القرآن المكتوب على جرائد النخل، واكتاف الابل، والصحف، والحرير، والقراطيس.
وكتابة الوحي مقيّدة تماما بالنقل الامين لألفاظ القرآن الكريم على صحف متداولة في ذلك الزمان، على شكل كلمات وحروف، فهي لا تتضمن ابداعاً للأفكار والآراء، أو تبادلاً للقيم بين الكاتب والقارئ، ولا تتضمن احكاماً يصدرها المؤلف للمخاطَبين، فالكتابة هنا مختصة فقط بالأمانة القصوى والدقة المتناهية في نقل الخطاب الشفهي الى مادة مكتوبة، فكاتب الوحي يحتاج - ضمن خصائصه- الى ملكة من التقوى والخوف من الله سبحانه ويقين تام بالدرجة الاولى، وقدرة على الكتابة والقراءة بالدرجة الثانية، وقد كان أفضل المرشحين لذلك العمل على الاطلاق: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، وكانت البقية من الافراد من اتجاهات شتى مثل: زيد بن حارثة، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله ابن ابي سرح الذي ارتد لاحقاً وغيرهم من الذين كتبوا القرآن، وانما سَمَحَ لهم رسول الله (صلى الله عليه واله) بالكتابة، من أجل اتمام الحجة على الاعداء، والاّ فان خط علي (عليه السلام) كان كافياً لصيانة القرآن الكريم.
وليس غريباً ان نجرم بان الحفاظ على القرآن المجيد مصوناً بين الدفتين عبر التدوين، ساهم دون شك في حفظ افكار القرآن، ومفاهيمه، وكلماته، ورسالته السماوية في الهداية، وبذلك اصبح الكتاب السماوي المجيد يعيش في وراء حدود الاجيال، والثقافات، والعلوم، والمعرفة الحقة المتجددة مع تغير المجتمعات الانسانية، وهذا يفسّر لنا الاهتمام البالغ الذي اولاه الامام (عليه السلام) لكتابة القرآن المجيد في حياة رسول الله (صلى الله عليه واله)، والاهتمام الشديد بجمعه بعد وفاته (صلى الله عليه واله) مباشرة.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المناقب : الخوارزمي، الفصل السابع، ص 46.
2- توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل : شهاب الدين الايجي، ص 418.
3- بحار الانوار: رواه المجلسي بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي، ج19، ص 26، الطبعة القديمة.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.