أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-4-2016
2852
التاريخ: 19-4-2016
2993
التاريخ: 7-02-2015
3304
التاريخ: 14-4-2016
2903
|
اهتمّ الامام علي (عليه السلام) في المدينة وبالقرب من رسول الله (صلى الله عليه واله) بالقرآن الكريم كتابةً وجمعاً وحفظاً وكان ذلك الاهتمام غير منفك عن اهتمامٍ آخر وهو القتال في سبيل الله في المعارك والغزوات التي ابقت شوكة الدين قوية فعالة، ولكن الاهتمام بالقرآن الكريم كان اهتماماً استثنائياً، فلا عجب ان يقول (عليه السلام): والله ما نزلت آية الا و قد علمتُ فيما أنزلت وأين نزلت، وان ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا سؤولا(1) ، واهتم بالخصوص بـ جمع القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله)(2) حتى يُصان من التحريف بعد رحيل خاتم الانبياء (صلى الله عليه واله).
فليس عجبا أن نرى النبي (صلى الله عليه واله) يبذل وقتاً مديداً وجهداً طائلاً من أجل تعليم علي (عليه السلام) معاني القرآن الكريم واسراره وخفاياه، وكان (عليه السلام) يجهر بذلك مصرّحا: ما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه واله) آية من القرآن الا أقرأنيها وأملاها عليّ فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها، وتفسيرها، وناسخها، ومنسوخها، ومحكمها، ومتشابهها، ودعا الله عز وجل ان يعلمني فهمها وحفظها فما نسيت آية من كتاب الله عز وجل ولا علماً أملاه عليّ فكتبته وما ترك شيئا علمه الله عز وجل من حلال، ولا حرام، ولا أمر، ولا نهي، وما كان أو يكون من طاعة أو معصية الا علمنيه وحفظته، فلم أنس منه حرفاً واحداً. ثم وضع يده على صدري ودعا الله تبارك وتعالى، بان يملأ قلبي علماً وفهماً، وحكمةً ونوراً، ولم أنس من ذلك شيئا ولم يفتني من ذلك شيء لم اكتبه...(3) .
ولم تنحصر الكتابة بعليّ (عليه السلام)، ولم يكن الكاتب الوحيد للوحي، بل اشرك رسول الله (صلى الله عليه واله) افراداً آخرين بجانب علي (عليه السلام) منهم: زيد بن ثابت، وابيّ بن كعب الانصاري، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهم، والعلّة في ذلك هو ان تثبت الامة - بكافة مذاهبها وطوائفها ومتبنياتها- بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) على قرآن واحد متفق على صحته، مصون بين الدفتين. فكتابة القرآن ليست كالولاية الشرعية، فالكتابة تقتضي التعدد بينما تنحصر قضية الولاية الشرعية بشخصية واحدة، وتعدد الكتّاب واختلاف مذاهبهم يثبت صحة القرآن، بينما يؤدي تعدد الطموحات نحو كسب مقعد الولاية الشرعية الى صراع وربما الى تراجع مؤقت في تطبيق الافكار السياسية التي جاء بها الاسلام.
وكان الكتّاب يكتبون القرآن على الجلود الرقاع، وجرائد النخل العسب، وصفائح الحجارة الرقيقة اللخاف، وعظام الجمال الجافة العريضة الاكتاف، وصحف الحرير، والاخشاب الاقتاب حيث تُنقش عليه الحروف والكلمات.
وقد ورد في الروايات ان عليا (عليه السلام) جمع القرآن المكتوب على جرائد النخل، واكتاف الابل، والصحف، والحرير، والقراطيس.
وكتابة الوحي مقيّدة تماما بالنقل الامين لألفاظ القرآن الكريم على صحف متداولة في ذلك الزمان، على شكل كلمات وحروف، فهي لا تتضمن ابداعاً للأفكار والآراء، أو تبادلاً للقيم بين الكاتب والقارئ، ولا تتضمن احكاماً يصدرها المؤلف للمخاطَبين، فالكتابة هنا مختصة فقط بالأمانة القصوى والدقة المتناهية في نقل الخطاب الشفهي الى مادة مكتوبة، فكاتب الوحي يحتاج - ضمن خصائصه- الى ملكة من التقوى والخوف من الله سبحانه ويقين تام بالدرجة الاولى، وقدرة على الكتابة والقراءة بالدرجة الثانية، وقد كان أفضل المرشحين لذلك العمل على الاطلاق: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، وكانت البقية من الافراد من اتجاهات شتى مثل: زيد بن حارثة، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله ابن ابي سرح الذي ارتد لاحقاً وغيرهم من الذين كتبوا القرآن، وانما سَمَحَ لهم رسول الله (صلى الله عليه واله) بالكتابة، من أجل اتمام الحجة على الاعداء، والاّ فان خط علي (عليه السلام) كان كافياً لصيانة القرآن الكريم.
وليس غريباً ان نجرم بان الحفاظ على القرآن المجيد مصوناً بين الدفتين عبر التدوين، ساهم دون شك في حفظ افكار القرآن، ومفاهيمه، وكلماته، ورسالته السماوية في الهداية، وبذلك اصبح الكتاب السماوي المجيد يعيش في وراء حدود الاجيال، والثقافات، والعلوم، والمعرفة الحقة المتجددة مع تغير المجتمعات الانسانية، وهذا يفسّر لنا الاهتمام البالغ الذي اولاه الامام (عليه السلام) لكتابة القرآن المجيد في حياة رسول الله (صلى الله عليه واله)، والاهتمام الشديد بجمعه بعد وفاته (صلى الله عليه واله) مباشرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المناقب : الخوارزمي، الفصل السابع، ص 46.
2- توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل : شهاب الدين الايجي، ص 418.
3- بحار الانوار: رواه المجلسي بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي، ج19، ص 26، الطبعة القديمة.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|