أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-8-2017
2358
التاريخ: 14-8-2017
2561
التاريخ: 8-8-2017
2215
التاريخ: 12-8-2017
2285
|
لما استشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) انتقلت ودائع الامامة إلى ولده الحسن (عليه السلام)، السبط الأكبر للنبيّ الأكرم (صلى الله عليه واله)، وتقلد شيعته وأهل بيته، بل والمسلمون جميعاً قلادة الاطاعة لإمام زمانهم (عليه السلام).
وكان العباس (عليه السلام) واقفاً إلى جنب أخيه في الحربين مع معاوية، ثابت القدم، راسخ الايمان، مما أكسبه تجارب عظيمة، وخبرة كبيرة في جفاء القوم وخيانة رؤوسهم وقادتهم.
فلما اتخذ الامام (عليه السلام) قرار «الصلح» مع معاوية - بناءً على المصلحة وعملاً بالأمر الالهي - أطاعه العباس (عليه السلام) في ذلك وسلّم لأمر إمامه، ومضت عشرة سنوات في الهدوء الظاهر، والصمت المخيم على الموقف التزاماً بالصلح، وإطاعة للأمام حتى استشهد الامام المجتبى (عليه السلام).
فتمادى الأمويون بالشر، وظهرت خفايا نفوسهم المنطوية على الحقد والعداء لآل البيت، فقد مانعت عائشة ووقف مروان بكلّ صلف ودناءة ليحولوا دون أن يدفن سبط النبي (صلى الله عليه واله) وريحانته عند جدّه (صلى الله عليه واله)، وأوعزوا إلى عملائهم برمي جنازة الامام، فرموها بقسيّهم وسهامهم، وكادت الحرب أن تقع بين الهاشميين والأمويين، وأسرع أبو الفضل العباس إلى مناجرة الأمويين وتمزيقهم، ومدّ يده القوية إلى سيفه البتار، فمنعه أخوه الامام الحسين (عليه السلام) من القيام بأي عمل إمتثالاً لوصية أخيه حيث أوصاه بأن «لا يهراق في أمره ملء محجمة من دم»... ولو لا ذاك لانقض أبو الفضل على الحكام وأعوانهم وعائشة ومردتها.
وكان العباس يومها في الرابعة والعشرين من عمره، وهو يتمتع بكل هذه الهيبة والشجاعة والاقدام.
قاسماً بصارمه الصقيل وإنني ... في غير صاعقة السما لا أقسم
لو لا القضا لمحا الوجود بسيفه ... والله يقضي ما يشاء ويحكم
بقي أبو الفضل العباس خلال فترة «الصلاح» مع معاوية ملتزماً بالمعاهدة إطاعة لإمامه وامتثالاً لتكليفه، وكان طيلة فترة حياته مع أخيه حاضراً جاهزاً مطيعاً ممتثلاً لأمام زمانه، ولم يؤثر عنه أنّه خاطبه ولا مرة واحدة بـ «أخي»، وإنّما كان يخاطبه بـ «مولاي» و «سيدي»، ولم يؤثر عنه أنّه عبّس وجهه إلا في وجوه الأعداء وكان ينقض كالصقر إذا ما سمع أمراً صادراً من إمامه الحسين (عليه السلام)، فينفذه فوراً، وكان وفياً له حتى بعد شهادته.
فقد روي: أنّ ملكة الهند توسلت في حاجة لها بأبي الفضل العباس (عليه السلام) ونذرت إن قضى الله لها حاجتها أن تطلي منائر الروضة العباسية المباركة بالذهب، فقضى الله لها حاجتها ببركة أبي الفضل العباس (عليه السلام)، فعزمت على أداء نذرها والوفاء بوعدها، فشدّت الرحال وتوجهت نحو المشاهد المشرفة والأعتاب المقدسة، وأخذت معها ذهباً كثيراً، واصطحبت معها مهندسين ماهرين بارعين.
فلما وصلت الملكة بموكبها إلى كربلاء المقدسة وعزمت على الشروع بتذهيب المنائر - إذ قد تمّ إعداد كلّ شيء من قبل - واستعد المهندسون والعمال لمباشرة أعمالهم في الصباح الباكر، وإذا بسادن الروضة العباسية المباركة يرى في نفس الليلة - التي كان من المقرر أن يباشروا العمل في صبيحتها - في ما يرى النائم أبا الفضل العباس (عليه السلام) وهو يقول له - بما معناه -: إنّي لا أرضى بتذهيب منائر روضتي، فان منائر روضة سيدي الامام الحسين (عليه السلام) مذهّبة، ولا بد أن يكون ثمة فرق بين روضة العبد وروضة سيده.
وفي الصباح الباكر أقبل سادن الروضة العباسية المباركة وأخبرهم بما قاله أبو الفضل العباس (عليه السلام) وأدى رسالته اليهم، فكفوا عن العمل، وانفقوا الذهب الذي جاءت به الملكة على الفقراء والمعوزين بحساب أبي الفضل العباس .
ويستفاد من هذه القصة أمران:
الأول: إنّ أدب أبي الفضل العباس (عليه السلام) ووفائه لأخيه الحسين (عليه السلام) لم يكن مقصوراً على أيام حياته، بل بقي كذلك حتى بعد شهادته، علماً لأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.
والثاني: إنّ الفقراء والمعوزين كانوا من الكثرة بمكان في ذلك الزمان، وقد شملتهم أفضال أبي الفضل العباس (عليه السلام).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|