المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



علي في أرض طيّ  
  
4541   09:58 صباحاً   التاريخ: 2-7-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص547-551.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-6-2017 3001
التاريخ: 29-3-2017 5390
التاريخ: 23-5-2022 2258
التاريخ: 2024-09-04 372

كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يعرف من قبل، أن في قبيلة طيّ صنما كبيرا يقدّس إلى الآن ومن هنا بعث (صلى الله عليه واله) بطل جيشه الشجاع علي بن أبي طالب (عليه السلام) على رأس مائة وخمسين فارس إلى أرض طيّ، وأمره بأن يحطّم صنم طيّ، ويهدم بيته.
وقد أدرك قائد هذه السرية أن القبيلة المذكورة ستقاوم جنود الاسلام، وأنّ الأمر لن يتمّ من دون قتال، ولهذا حمل بأفراده على موضع ذلك الصنم، عند الفجر والناس نيام، فاستطاع أن يأسر جماعة من تلك القبيلة ممن قاوم، وان يعود بهم وبالغنائم الى المدينة وقد فرّ عديّ بن حاتم الطائي الذي انضمّ فيما بعد الى صفوف المسلمين، المجاهدين في سبيل الله، وكان يرأس تلك القبيلة، حين سمع بتوجه على (عليه السلام) نحوها.
ولنستمع إلى عديّ الطائي نفسه وهو يقصّ علينا قصة هروبه.
يقول عديّ : ما من رجل كان أشدّ كراهية لرسول الله (صلى الله عليه واله) حين سمع به، منّي.
أمّا أنا فكنت امرأ شريفا، وكنت نصرانيا، وكنت اسير في قومي بالمرباع ( أي آخذ الربع من الغنائم لأني سيدهم ) فكنت في نفسي على دين، وكنت ملكا في قومي لما كان يصنع بي فلما سمعت برسول الله (صلى الله عليه واله) كرهته، فقلت لغلام كان لي عربيّ، وكان راعيا لابلي : لا أبا لك أعدد لي من إبلي أجمالا ذللا سمانا، فاحتبسها قريبا منّي، فاذا سمعت بجيش لمحمد قد وطىء هذه البلاد فآذنّي ؛ ففعل ؛ ثم أنه أتاني ذات غداة، فقال : يا عديّ ما كنت صانعا اذا غشيتك خيل محمّد، فأصنعه الآن، فاني قد رأيت رايات، فسألت عنها، فقالوا : هذه جيوش محمّد. 
قال : فقلت : فقرّب إليّ أجمالي فقرّبها، فاحتملت بأهلي وولدي، ثم قلت : ألحق بأهل ديني من النصارى بالشام فسلكت الجوشية  وقد تركت أختي في قومي.
ثم تغزو خيل رسول الله (صلى الله عليه واله) قومي فتصيب ( اختي ) ابنة حاتم فيمن أصابت، فقدم بها على رسول الله (صلى الله عليه واله) في سبايا من طيّ، وقد بلغ رسول الله (صلى الله عليه واله) هربي الى الشام.
فجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد كانت السبايا يحبسن فيه، فمرّ بها رسول الله (صلى الله عليه واله) فقامت إليه اختي وكانت امرأة جزلة، فقالت : يا رسول الله هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليّ منّ الله عليك.
قال : ومن وافدك؟
فقالت : عديّ بن حاتم.
قال : الفارّ من الله ورسوله؟
ثم مضى رسول الله (صلى الله عليه واله) وتركني حتى إذا كان من الغد مرّ بي، فقلت له مثل ذلك، وقال لي مثل ما قال بالأمس، حتى إذا كان من الغد مرّ بي وقد يئست منه، فأشار إليّ رجل من خلفه أن قومي فكلّميه، فقامت إليه، وقالت : يا رسول الله هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليّ منّ الله عليك، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : قد فعلت فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك ثم آذنيني.
تقول اختي : فسألت عن الرجل الذي أشار إليّ أن أكلمه فقيل : علي بن أبي طالب (رضوان الله عليه).
ثم إن أختي أقامت حتى قدم ركب من بلّي او قضاعة قالت : وإنما اريد أن آتي أخي بالشام. قالت : فجئت رسول الله (صلى الله عليه واله) فقلت : يا رسول الله قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ.
قالت : فكساني رسول الله (صلى الله عليه واله) وحملني، واعطاني نفقة، فخرجت معهم حتى قدمت الشام.
قال عديّ : فو الله إني لقاعد في أهلي إذ نظرت إلى ظعينة ( وهي المرأة في هودجها ) تصوّب إليّ تؤمنا قال : فقلت ابنة حاتم.
قال : فإذا هي هي، فلما وقفت عليّ أخذت في اللوم تقول : القاطع الظالم، احتملت أهلك وولدك، وتركت بقيّة والدك عورتك.
فقلت : أي أخيّة، لا تقولي إلاّ خيرا، فو الله ما لي من عذر، لقد صنعت ما ذكرت، ثم نزلت فأقامت عندي فقلت لها، وكانت امرأة حازمة : ما ذا ترين في أمر هذا الرجل؟
قالت : أرى والله أن تلحق به سريعا، فان يكن الرجل نبيا فللسابق إليه فضله، وان يكن ملكا فلن تذل في عز اليمن، وأنت أنت. 
فقلت : والله إنّ هذا الرأي.
قال عديّ : فخرجت حتى أقدم على رسول الله (صلى الله عليه واله) المدينة فدخلت عليه، وهو في مسجده، فسلّمت عليه، فقال : من الرجل؟ فقلت : عديّ بن حاتم، فقام رسول الله (صلى الله عليه واله) فانطلق بي إلى بيته، فو الله إنه لعامد بي إليه، إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته، فوقف لها طويلا تكلّمه في حاجتها. 
فقلت في نفسي : والله ما هذا بملك.
ثم مضى بي رسول الله (صلى الله عليه واله) حتى إذا دخل بي بيته تناول وسادة من أدم محشوّة ليفا فقذفها إليّ، فقال : اجلس على هذه، فقلت : بل أنت فاجلس عليها فقال : بل أنت، فجلست عليها، وجلس رسول الله (صلى الله عليه واله) بالأرض ( وهو عظيم الحجاز ) فقلت في نفسي : والله ما هذا بأمر ملك ثم قال : إيه يا عديّ بن حاتم، ألم تك ركوسيّا ( وهو دين بين دين النصارى والصابئين )؟
قلت : بلى.
قال : أولم تكن تسير في قومك بالمرباع؟
قلت : بلى.
قال : فان ذلك لم يحل لك في دينك.
قلت : أجل والله، وعرفت أنه نبي مرسل، يعلم ما يجهل، ثم قال : لعلّك يا عديّ إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم، فو الله ليوشكنّ المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه، ولعلّك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوّهم وقلة عددهم، فو الله ليوشكنّ أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت، لا تخاف، ولعلّك إنما يمنعك من دخول فيه أنّك ترى أنّ الملك والسلطان في غيرهم وأيم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم.
قال عديّ : فأسلمت.
وكان عديّ يقول : قد مضت اثنتان وبقيت الثالثة والله لتكوننّ، قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت، وقد رأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف حتى تحجّ هذا البيت، وأيم الله لتكونن الثالثة، ليفيضنّ المال حتى لا يوجد من يأخذه.
ولقد نقل العلامة الطبرسي في تفسير قوله تعالى : {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} [التوبة: 31] .
اللقاء الذي تمّ بين عدي ورسول الله (صلى الله عليه واله) ويقول : قال عديّ انتهيت إلى رسول الله وهو يقرأ من سورة البراءة هذه الآية {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ...} [التوبة: 31]  حتى فرغ منها، فقلت له : انّا لسنا نعبدهم.
فقال : أليس يحرّمون ما أحلّ الله فتحرّمونه، ويحلّون ما حرّم الله فتستحلّونه، فقلت : بلى.
قال : فتلك عبادتهم.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.