مسيلمة بن حبيب المعروف بالكذاب
المؤلف:
هاشم معروف الحسني
المصدر:
سيرة المصطفى "ص"
الجزء والصفحة:
ص653-655
2025-12-14
36
لقد كان مسيلمة من أولئك الذين استبد بهم الجهل والغرور فقد جاء إلى المدينة مع وفد بني حنيفة ودخلوا على النبي وهم يسترونه بالثياب ، والنبي جالس وبيده عسيب من سعف النخل له في رأسه خوصات ، فلما انتهى إلى رسول اللّه ( ص ) كلمه وسأله ، فقال له رسول اللّه واللّه لو سألتني هذا العسيب ما أعطيتكه .
وجاء في رواية ابن إسحاق عن شيخ من بني ضبعة ان بني حنيفة لما وفدوا على رسول اللّه خلفوا مسيلمة في رحالهم ، فلما اسلموا ذكروا مكانه وقالوا يا رسول اللّه : انا قد خلفنا صاحبا لنا في رحالنا وفي ركابنا يحفظها لنا ، فأمر له رسول اللّه بمثل ما امر به للقوم وقال إنه ليس بشركم مكانا ، يعني بذلك انه قد حفظ لكم امتعتكم ، فلما رجعوا إلى اليمامة ادعى بأنه شريك مع النبي في الرسالة ، وقال لأصحابه ان محمدا لم يقل لكم بأني لست بشركم مكانا الا لعلمه بأني شريك له في الأمر وجعل يسجع لقومه ويتكلم بكلمات يدعي انه يضاهي بها القرآن ، ومن أمثلة كلامه لقد أنعم اللّه على الحبلى فأخرج منها نسمة تسعى من بين صفاق وحشا .
وجاء في البداية والنهاية انه جاء رجل إلى عبد اللّه بن مسعود ، فقال له اني مررت ببعض مساجد بني حنيفة وهم يقرءون قراءة ما انزلها اللّه على محمد بن عبد اللّه قال وما سمعتهم يقولون ؟ قال سمعتهم يقولون والطاحنات طحنا والعاجنات عجنا والخابزات خبزا ، والثاردات ثردا واللاقمات لقما ، فأرسل إليهم عبد اللّه بن مسعود وهم سبعون رجلا ، وعلى رأسهم عبد اللّه بن النواحة فأمر بعبد اللّه فقتل .
وجاء في تاريخ الطبري انه كتب إلى النبي كتابا قال فيه من مسيلمة رسول اللّه إلى محمد رسول اللّه سلام عليك وبعد فاني شريكك في الأمر وان لنا نصف الأرض ولقريش النصف وارسله مع رسولين ، فلما قدما على النبي ( ص ) بكتاب مسيلمة قال لهما ما تقولان أنتما : قالا نقول كما قال ، فقال لهما النبي ( ص ) لولا ان الرسل لا تقتل لضربت عنقيكما ، ثم كتب إلى مسيلمة من محمد رسول اللّه إلى مسيلمة الكذاب ، سلام على من اتبع الهدى ، اما بعد فإن الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين .
اما ما عدا هؤلاء وأمثالهم من المغرورين ، فقد اقبلوا على الإسلام من مختلف انحاء الجزيرة وعلى رأس وفودهم رجال اعزاء في قومهم تاركين عبادة الأوثان ، فقابلهم بالترحاب وبكل حفاوة واعزاز مما زادهم تعلقا به واقبالا على الاسلام ، وأصبح القسم الأكبر من شبه الجزيرة لا يعرف دينا غير الإسلام ، وتم أكثر ذلك بعد غزوة تبوك طواعية واختيارا من غير أن تزهق نفس أو تراق قطرة دم .
ولا أرى من حاجة لتعداد تلك الوفود كما فعل أكثر المؤلفين في السيرة من المؤرخين القدامى لتشابه امرهم ودوافعهم في الغالب .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة