المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6253 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



آداب الحج إلى بيت الله الحرام  
  
1117   11:00 صباحاً   التاريخ: 22-6-2017
المؤلف : عبد الله الهاشمي.
الكتاب أو المصدر : الأخلاق والآداب الإسلامية (الآداب الإسلامية)
الجزء والصفحة : ص46- 53.
القسم : الاخلاق و الادعية / آداب / آداب الحج و العمرة و الزيارة /

أهداف ومنافع الحج : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }[الحج : 27-28].

الحج ، ذلك المؤتمر الإسلامي الكبير ، والتظاهرة الإيمانية الرائعة التي تشترك فيها صنوف متعددة من الأجناس ، والفئات والطبقات ، والقوميات على موعد واحد  وفي أرض واحدة ، يرددون هتافاً واحداً، ويمارسون شعاراً واحداً ، ويتجهون لغاية واحدة  وهي الإعلان عن العبودية والولاء لله وحده ، والتحرر من كل آثار الشرك والجاهلية  بطريقة جماعية حرية ، تؤثر في النفس ، وتشيع المشاعر والاحاسيس بمستوحيات الإيمان ، ومداليل التوحيد .

والحج كما صرح القرآن الكريم ، والاحاديث الشريفة إلى جانب كونه عبادة وتقرباً إلى الله سبحانه ، فإن فيه منافع اجتماعية ، وفوائد ثقافية ، واقتصادية وسياسية ، وتربوية ، تساهم في بناء المجتمع الإسلامي ، وتزيد في وعيه وتوجيهه ، وتساهم في حل مشاكله ، وتنشيط مسيرته.

ففي الحج يشهد المسلمون : أروع مظاهر المساواة ، والتواضع ، والاخوة الإنسانية ، بإلغاء الفوارق والأزياء ، وخلع أسباب الظهور الاجتماعي . . . والظهور باللباس العبادي الموحد (لباس الإحرام) ، حيث يحس الجميع بوحدة النوع الإنساني . . . وبالأخوة والمساواة.

وفي الحج يستشعر المسلمون وحدة الأرض  ، ووحدة البشر ويمثلون عملية إسقاط الحدود التي صنعتها الأنانيات والأطماع البشرية : الإقليمية ، والقومية   والعنصرية...

فهم يقطعون آلاف الأميال ، ويخترقون كل حواجز الحدود ، ويجتازون كل الموانع التي صنعها الإنسان على أرض الله سبحانه . . . استجابة لنداء العقيدة ، وتلبية لهتاف الإيمان.

وفي الحج يلتقي المسلمون بمؤتمرهم الكبير ، فيتذاكرون في شؤونهم ، ويتشاورون   في امور حياتهم وعقيدتهم ، ويتبادلون الخبرات والتجارب والآراء والعادات الحسنة  ويتعرف بعضهم على أخبار البعض الآخر ، فيزداد الوعي ، وتنمو المعرفة ، وتشحذ الهمم من أجل الإصلاح والتغيير والاهتمام بشؤون الامة والعقيدة ، فتخطط المشاريع   ويفكر في الأعمال ، وتؤسس المراكز الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية   ويستعين بعضهم بالبعض الآخر ، وكأنهم جسد واحد ، وروح واحدة.

والحج بما هو تجمع بشري ضخم ، يستقطب الملايين من المسلمين ، من مختلف الأقطار والامطار ، فهو ينتج حركة بشرية هائلة ، يتبعها تحرك اقتصادي ومالي ضخم ، عن طريق النقل ، والاستهلاك ، وحمل البضائع وتبادل النقود ، وشراء الأضاحي والحاجيات ومستلزمات الحج والإقامة والسفر ، فينتفع العديد من المسلمين   ويشهد مجتمعهم حركة اقتصادية ومالية نشطة.

وفي الحج إعداد وتربية لسلوك الفرد وتوازعه ، ففي الحج يتعود الصير ، وتحمل المشاق ، وحسن الخلق . . . من اللطف ، والتواضع ، واللين وحسن المحادثة   والكرم والتعاطف ، والامتناع عن : الكذب ، والغيبة ، والخصومة ، والتكبر . . .الخ.

وفيه يتعود الألفة ، والتعارف عن طريق السفر والاختلاط ، فتنمو لديه الروح الاجتماعية ، وتتهذب ملكاته الأخلاقية ، عن طريق  هذه الممارسة التربوية   والتفاعل البشري الرائع ، الذي يشهده في الحج ، بأرقى درجات الالتزام   والاستقامة السلوكية.

وقد تحدث الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) : عن منافع الحج ، وفوائده ، بإجابته البليغة على سؤال أحد أصحابه (هشام بن الحكم).

قال : هذا الصحابي الجليل للإمام يسأله : ما العلة التي من أجلها كلف الله العباد الحج والطواف بالبيت .

فقال (عليه السلام) : (إن الله خلق الخلق . . . ــ إلى أن قال ــ وأمرهم بما يكون من أمر الطاعة في الدين ، ومصلحتهم من أمر دنياهم ، فجعل فيه الاجتماع من الشرق والغرب ، ليتعارفوا ولينزع كل قوم من التجارات من بلد إلى بلد ، ولينتفع بذلك المكاري والجمال ، ولتعرف آثار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعرف أخباره ، ويذكر ولا ينسى . . . الخ) (1).

ويتطابق مع هذا التعليل والتحليل شرح حفيده الإمام عليه بن موسى الرضا (عليه السلام) لمنافع الحج ، وآثاره الاجتماعية التي يجنيها الفرد والمجتمع حين قال : (إنما أمروا الحج لعلة الوقادة إلى الله عز وجل ، وطلب الزيادة ، والخروج من كل ما اقترف العبد ، تائباً مما مضى ، مستأنفاً لما يستقبل ، مع ما فيه من إخراج الأموال  وتعب الأبدان ، والاشتغال عن الأهل والولد ، وحظر النفس عن اللذات ، شاخصاً في الحر والبرد ، ثابتاً على ذلك ، دائماً مع الخضوع  والاستكانة والتذلل ، مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع ، لجميع من في شرق الأرض وغربها ، ومن في البر والبحر ممن يحج ومومن لم يحج ، من بين تاجر ، وجالب ، وبائع ومشتري   وكاسب ، ومسكين ، ومكار ، وفقير ، وقضاء حوائج أهل الأطراف في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيه ، مع ما فيه من النفقه ، ونقل أخبار الأئمة إلى كل صفع وناحية ، كما قال الله عز وجل : { فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }[التوبة : 122] , { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ }[الحج:28] , (2).

وهكذا شاء الله ان يكون الحج محراباً للعبادة . . وموسماً للتربية والتوجيه ، ومجالاً للمنفعة وتحقيق المصالح الاجتماعية للإنسان.

نداء الحج : ومنذ أن اطلع القرآن نداء الحج ، أنطلق الحجيج يلبي ، ويستجيب للنداء . . . ويردد هتاف الحب ، والإخلاص ، والوفاء لله سبحانه : (لبيك اللهم لبيك . . . لبيك لا شريك لك لبيك . . . إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبيك).

وهكذا كان نداء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي علمه أمته . . نداء تطلقه القلوب المستجيبة لنداء الله . . . لتعلن عن ولائها ، وصدق توجهها ، متحدية المتاعب والمشاق ، حباً لله ، وشوقاً إلى ارتياد أرض المقدسات ، ومواطن التعبير عن الإخلاص لله.

فالملبي يردد ضمن جمع الحجيج ــ لبيك اللهم لبيك ، استجبت اللهم لندائك وامرك . . وحضرت بين يدي رحمتك ، حباً لك ، وإخلاصاً. فأنت الواحد الذي ملك مني نفسي  ومشاعري ، وحياي  . . . فلا شيء غيرك يمكن ان يحول بيني ، وبين الوصول إليك . . . إنك شرفتني ، وأحببتني ، ودعوتني للحضور بساحة رحمتك . . . وكيف لا أستجيب لك . . . ؟!.

أليس الخلق والملك لك . . . ؟!.

ألست صاحب النعم الذي يستحق الشكر والحمد . . . ؟!.

ألست المدين لك . . الذي يلهج بحمدك والثناء عليك والتعظيم لك . . . ؟!.

ها أنا قد حضرت بين يديك . . . وقد تركت كل ما خولتني وراثي . . . من الأهل   والمال ، والجاه ، والمتع واللذات  . . . سعياً لرضاك  ، ووفوداً عليك ، وشوقاً إليك...  فتقبلني اللهم بأحسن قبولك ، وأجب دعائي ، وأكرم وفادتي عليك ، وأجر فراري من الذنب إليك .

روي عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن أبي طالب (عليه السلام) أنه لما رجع من الحج استقبله احد الحجاج (الشبلي) ، فقال له الإمام (عليه السلام) حججت يا شبلي ؟ قال : نعم يا بن رسول الله ، فقال (عليه السلام) : أنزلت الميقات نويت انك خلعت ثياب المعصية ، ولبست ثوب الطاعة ؟ قال : لا.

قال : فحين تجردت عن مخيط ثيابك نويت أنك تجردت عن الرياء والنفاق والدخول في الشبهات ؟ , قال : لا . . . قال : فحين اغتسلت نويت انك اغتسلت من الخطايا والذنوب ؟ , قال : لا . . . قال : غما نزلت الميقات ، ولا تجردت عن مخيط الثياب ، ولا اغتسلت.

ثم قال (عليه السلام): حين تنظفت ، وأحرمت ، وعقدت الحج نويت انك تنظفت بنور التوبة الخالصة لله تعالى ؟ قال : لا.

قال : فحين أحرمت نويت انك حرمت على نفسك كل محرم حرمه الله عز وجل قال : لا .

قال : فحين عقدت الحج نويت انك قد حللت كل عقد لغير الله ؟ , قال : لا.

قال له (عليه السلام) : ما تنظفت ، ولا أحرمت ، ولا عقدت الحج.

ثم قال (عليه السلام)  له : ادخلت الميقات وصليت ركعتي الإحرام ولبيت ؟ ؟ قال : نعم ، قال حسنات العباد ؟ , قال : لا.

قال له (عليه السلام) : ما دخلت الميقات ولا لبيت ، ثم قال له : أدخلت الحرم  ورأيت الكعبة وصليت؟.

قال : نعم .

قال : فحين دخلت الحرم نويت انك حزمت على نفسك كل غيبة تستغيبها المسلمين من اهل ملة الإسلام ؟ , قال : لا.

قال : فحين وصلت مكة نويت بقلبك انك قصدت الله ؟ قال : لا ، قال (عليه السلام) : فما دخلت الحرم ، ولا رأيت الكعبة ، ولا صليت .. .

ثم قال (عليه السلام) : طفت بالبيت ، ومسست الأركان وسعيت ؟ قال : نعم ، قال (عليه السلام) : فحين سعيت نويت أنك هربت إلى الله ، وعرف ذلك منك علام الغيوب ؟ قال : لا.

قال : فما طفت بالبيت ، ولا مسست الأركان ، ولا سعيت.

ثم قال (عليه السلام) له : صافحت الحجر ، ووقفت بمقام إبراهيم (عليه السلام)   وصليت به ركعتين : قال : نعم ، فصاح (عليه السلام) صيحة كاد يفارق الدنيا بها ثم قال (عليه السلام) : آه . آه . وقال : من صافح الحجر الأسود فقد صافح الله تعالى  فانظر يا مسكين ولا تضيع أجر ما عظم حرمته ، وتنقض المصافحة بالمخالفة وقبض الحرام ، نظير اهل الآثام , ثم قال (عليه السلام) : نويت حين وقفت عند مقام إبراهيم انك وقفت على كل طاعة , وتخلفت عن كل معصية ؟ قال : لا .

قال (عليه السلام) :  فحين صليت ركعتين نويت انك بصلاة إبراهيم (عليه السلام)  وأرغمت بصوتك أنف الشيطان ؟ , قال : لا . قال : فما صافحت الحجر الأسود  ولا وقفت عند المقام ، ولا صليت فيه الركعتين.

ثم قال له : أأشرقت على بئر زمزم ، وشربك من مائها؟ قال : نعم . قال : نويت انك أشرفت على الطاعة ، وغضضت طرفك عن المعصية ؟ , قال : لا.

قال : فما أشرقت عليها ، ولا شربت من مائها , قال : أسعيت بين الصفا والمروة   ومشيت وترددت بينهما ؟ قال : نعم. قال نويت انك بين الرجاء والخوف ؟ قال : لا   قال : فما سعيت ولا مشيت ، ولا ترددت بين الصفا والمروة , ثم قال : خرجت إلى منى ؟ قال : نعم.

قال : نويت انك امنت الناس من لسانك وقلبك ويدك ؟.

قال : لا.

قال : فما خرجت إلى منى.

قم قال له : أوقفت الوقفة بعرفة ؟  . . وطلعت جبل الرحمة وعرفت وادي نمرة  ودعوت الله سبحانه عند الميل والحجرات ؟ . . . قال : نعم , قال : هل عرفت بموقفك بمعرفة معرفة الله سبحانه ، امر المعارف والعلوم ، وعرفت قبض الله على صحيفتك ، واطلاعه على سريرتك وقلبك ؟ . . قال : لا ، قال (عليه السلام) : نويت بطلوعك جبل الرحمة ان الله يرحم كل مؤمن ومؤمنة ، ويتولى كل مسلم ومسلمة ؟ قال : لا , قال : فنويت نعد النمرة انك لا تامر حتى تأتمر ، ولا تزجر حتى تنزجر  قال : لا ، قال : فعندما وقفت عند العلم نويت انها شاهدة لك على الطاعات ، حافظة لك مع الحفظة بأمر رب السماوات ؟ , قال : لا , قال : فما وقفت بعرفة ، ولا طلعت جبل الرحمة ، ولا عرفت نمرة ، ولا دعوت ، ولا وقفت عند النمرات , ثم قال : مررت بين العلمين وصليت قبل مرورك ركعتين ، ومشيت بمزدلفة ، ولقطت فيها الحصى ، ومررت بالمشعر الحرام ؟ قال : نعم ، قال : فحين صليت ركعتين نويت أنها صلاة شكر في ليلة عشر تنفي كل عسر ، وتيسر كل يسر ؟ قال : لا.

قال : فعندما مشيت بين العلمين ، ولم تعدل عنهما يميناً وشمالاً ، نويت ان لا تعدل عن دين الحق يميناً وشمالاً ، لا بقلبك ، ولا بلسانك ، ولا بجوارحك ؟ , قال : لا.

قال : فعندما علم وعمل ؟ , قال : لا .

قال : فعندما مررت بالمشعر  الحرام نويت انك اشعرت قلبك إشعار اهل التقوى والخوف لله عز وجل ؟ قال : لا.

قال : فما مررت بالعلمين ، ولا صليت ركعتين ، ولا مشيت بالمزدلفة ، ولا رفعت منها الحصى ، ولا مررت بالمشعر الحرام .

ثم قال : وصلت منى الحصى ، ولا مررت بالمشعر الحرام , ثم قال : وصلت منى ورميت الجمرة ، وحلقت رسك ، وذبحت هديك ، وصليت في مسجد الخيف  ورجعت الجمار أنك بلغت إلى مطليك ، وقد قضى ربك لك كل حاجتك ؟ قال : لا. قال : فعندما رميت الجمار نويت انك رميت عدوك إبليس ، وعصيته بتمام حجك النفيس؟ قال : لا . قال : فعندما حلقت رأسك نويت انك تطهرت من الأدناس ، ومن تبعة بني آدم ، وخرجت من الذنوب كما ولدتك امك ؟ قال : لا. قال : فعندما صليت في مسجد الخيف نويت أنك لا تخاف إلا الله عز وجل وذبنك ، ولا ترجو إلا رحمة الله تعالى ؟ قال : لا. قال : فعندما ذبحت هديك نويت انك ذبحت حنجرة الطمع بما تمسكت بقيقة الورع ، وانك اتبعت سنة إبراهيم (عليه السلام) بذبح ولده وثمرة فؤاده وريحانة قلبه وحاجة سنته لمن بعده ، وقربه إلى الله تعالى لمن خلقه ؟ قال : لا.

قال : فعندما رجعت إلى مكة ، وطفت طواف الإفاضة نويت انك أفضت من رحمة الله تعالى : ورجعت إلى طاعته ، وتمسكت بوده ، وأديت فرائضه ، وتقربت إلى الله تعالى ؟ قال : لا. قال له زين العابدين (عليه السلام) : فما وصلت منى ، ولا رميت الجمار ، ولا حلقت رأسك ، ولا ذبحت ، ولا أديت نسكك ، ولا صليت في مسجد الخيف ، ولا طفت طواف الإفاضة ، ولا تقربت ، ارجع فإنك لم تحج ، فطفق (الشبلي) يبكي على ما فرط في حجه ، وما زال يتعلم حتى حج من قابل بمعرفة ويقين (3). (4).

عن الإمام الباقر (عليه السلام) : ما يعبأ بمن سلك هذا الطريق إذا لم يكن فيه ثلاثة خصال : ورع بحجزه عن معاصي الله ، وحلم يملك به غضبه وحسن الصحابة لمن صحبه (5).

عن الإمام الصادق (عليه السلام) : إذا احرمت فعليك بتقوى الله وذكر الله كثيراً  وقلة الكلام إلا بخير ، فإن من تمام الحج والعمرة أن يحفظ المرء لسانة إلا من خير ، كما قال الله تعالى  ، فإن الله عز وجل يقول : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة : 197] , (6). 

عن الإمام الصادق (عليه السلام) :  إذا أردت الحج فجرد قلبك لله من قبل عزمك من كل شاغل ، وحجاب كل حاجب وفوض امورك كلها إلى خالقك ، وتوكل عليه في جميع ما يظهر من حركاتك وسكناتك ، وسلم لقضائه وحكمه وقدره ، ودع الدنيا والراحة والخلق  ، وأخرج من حقوق تلزمك من جعة المخلوقين ولا تعتمد على زادك وراحتك وأصحابك وقوتك وشبابك ومالك ، مخافة  أن يصير ذلك عدواً ووبالاً.

قال : من ادعى رضى الله واعتمد على شيء سواه صيره عليه عدواً ووبالا ليعلم انه ليس له قوة ولا حيلة ولا لأحد إلا بعصمة الله وتوفيقه.

واستعد استعداد من لا يرجو الرجوع ، وأحسن الصحبة ، وراع أوقات فرائض الله وسنن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وما يجب عليك من الأدب والاحتمال والصبر والشكر والشفقة والسخاء وإيثار الزاد على دوام الأوقات.

ثم أغسل بماء التوبة الخالصة ذنوبك وألبس كسوة الصدق والصفاء والخضوع والخشوع  واحرم عن كل شيء يمنعك من ذكر الله ويحجبك عن طاعته , ولب بمعنى إجابة صافية خالصة زاكية الله عز وجل في دعواتك متمسكاً بالعوى الوثقى.

وطف بقلبك مع الملائكة حول العرش كطوافك مع المسلمين بنفسك حول البيت.

وهرول هرباً من هواك وتبرياً من جميع أحوالك وقوتك , واخرج عن غفلتك وزلاتك بخروجك إلى منى ولا تتضمن ما لا يحل لك ولا تستحقه , واعترف بالخطايا بعرفات ، وجدد عهدك عند الله بوحدانيته , وتقترب إلى الله واتقه بمزدلفة , واصعد بروحك إلى الملأ الأعلى بصعودك إلى الجبل , واذبح حنجرة الهواء والطمع عند الذبيحة , وارم الشهوات والخساسة والدناءة والأفعال الذميمة عند رمي الجمرات واحلق العيوب الظاهرة والباطنة بحلق شعرك , وادخل في أمان الله وكنفه وستره وكلاءته من متابعة مرادك بدخولك الحرم , وزر البيت متحققاً لتعظيم صاحبه ومعرفة جلاله وسلطانه , واستمل الحجر رضاء بقسمته وخضوعاً لعزته , وودع ما سواء بطواف الوداع , واصف روحك وسرك للقاء لله يوم تلقاه بوقوفك على الصفا وكن ذا مروة من الله نقياً أوصافك عند المروة , واستقم على شرط حجتك ووفاء عهدك الذي عاهدت به مع ربك وأوجبت له إلى يوم القيامة .. (7).

عن الإمام الصادق (عليه السلام) : إذا اكتسب الرجل مالاً من غير حله ثم حج فلبى  نودي لا لبيك ولا سعديك ، وإن كان من حله فلبى نودي : لبيك وسعديك (8).

المناجاة لطلب الحج :  اللهم ارزقني الحج الذي اقترضته على من استطاع إليه سبيلاً  وأجعل لي فيه هادياً وإليه دليلاً ، وقرب لي بعد المسالك ، وأعني على تأدية المناسك  وحرم بإحرامي على النار جدي ، ورد للسفر قوتي وجلدي ، وارزني رب الوقوف بين يديك ، والإفاضة إليك ، وأظفرني بالنجح بوافر الريح ، وأصدرني رب من موقف الحج الأكبر إلى مزدلفة المشعر واجعلها زلفة إلى رحمتك ، وطريقاً إلى جنتك  وقفني موقف المشعر الحرام ، ومقام وقوف الإحرام ، واهملني  لتأدية المناسك ونحر الهدي التوامك بدم يثج وأوداج تمج وإراقة الدماء المسفوحة ، والهدايا المذبوحة  وفري اوداجها على ما أمرت ، والتنقل بها كما وسمت ، واحضرني اللهم صلاة العيد راجياً للوعد ، خائفاً من الوعيد ، حالقاً شعر رأسي ، ومقصراً ومجتهداً في طاعتك  مثمراً رامياً للجمار يسبع بعد سبع من الأحجار ، وأدخلني اللهم عرصة بيتك  وغفوتك ، ومحل أمنك ، وكعبتك ومساكينك ، وسؤالك ومحاويجك ، وجد علي اللهم بوافر الأجر من الأنكفاء ، والنفر  واختم اللهم مناسك حجي وانقضاء عجي بقبول منك لي ورأفه منك بي يا أرحم الراحمين.

_____________________

  1. وسائل الشيعة : ج11 , ص14 , ح14124.
  2.  وسائل الشيعة : ج11 , ص13 , ح14121.
  3. نقلاً عن الشيخ محمد حسن الناشيئي ــ روائع مختارة  من الحج : ص40.
  4. ملاحظة : إن نفي الإمام (عليه السلام) للمناسك التي أداها (الشبلي) يعني انتفاء آثارها التربوية والنفسية لا بمعنى إبقاء ذمته مشغولة بالحج وهذا على غرار لا صلاة لمن جاره المسجد.
  5. الوسائل : ج12 , ص10 , ح15508.
  6. تفسير نور الثقلين : ج1 , ص183 , ح651.
  7. البحار : ج96 , ص125 , ح1.
  8. الوسائل : ج17 , ص89 , ح32052.

 

 

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.