المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



العفو عند المقدرة  
  
2685   07:43 صباحاً   التاريخ: 21-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص477-480.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /

لقد كانت سوابق رسول الله (صلى الله عليه واله) المشرفة، واخلاقه الحميدة، وصدقه وأمانته، طوال حياته من الامور الواضحة المعلومة عند أقربائه، وأبناء عشيرته.

فقد كان الجميع يعلم بأن رسول الله (صلى الله عليه واله) لم يرتكب طيلة حياته الشريفة إثما، ولم يفكر في ذنب، ولم ينو الاعتداء على أحد، ولم يقل بلسانه سوءا ولا قبيحا، ولا خان في امانة، ولا افشى سرا ولا تخلف عن فضيلة، ولهذا استجاب لدعوته ـ في الايام الاولى من دعوته العامة ـ الاكثرية الساحقة من قبيلته ( بني هاشم )، والتفّوا حوله، وتحمّلوا الدفاع عنه، ودعم مواقفه.

ولقد اشار أحد المستشرقين المنصفين إلى هذه الحقيقة، واعتبرها دليلا على طهارة رسول الله (صلى الله عليه واله) وصدقه ونزاهته، فهو يقول : مهما كان المرء متكتّما متسترا على أعماله وأفكاره فانه لا يستطيع بحال أن يخفي تفاصيل حياته عن ذويه وأقربائه، ولو كان لمحمد حالات نفسية أو أفعال سيئة لما خفيت على أقربائه، ولما كانوا ينقادون إليه بمثل هذه السرعة.

نعم يستثنى من بني هاشم عدة أشخاص أحجموا عن الايمان برسول الله (صلى الله عليه واله) والاستجابة لدعوته، ويمكن الاشارة ـ في هذا المجال ـ بعد أبي لهب المعروف بل والمصرح بعداوته في القرآن ـ إلى أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب و عبد الله بن أبي أميّة بن المغيرة اللذين خاصما رسول الله (صلى الله عليه واله) وعارضا دعوته بشدة، ولم يكتفيا بعدم الايمان برسالته، بل منعا من انتشار الحق، وآذيا رسول الله (صلى الله عليه واله) اشدّ الأذى وألّبا عليه اكثر من أي شخص آخر.

ولقد كان أبو سفيان هذا ابن عمّ رسول الله (صلى الله عليه واله) وأخاه من الرضاعة، وكان يألف رسول الله (صلى الله عليه واله) قبل البعثة، ولكنه اختلف مع النبي بعد ابتعاثه بالرسالة، وبنى على مخالفته ومعاداته.

وأما عبد الله بن أبي اميّة فهو أخو أمّ سلمة ابنة عاتكة عمة رسول الله (صلى الله عليه واله) وابنة عبد المطلب.

ولقد حدى انتشار الاسلام في كل أنحاء الجزيرة العربية بهذين الرجلين إلى أن يخرجا من مكة ويلتحقا بالمسلمين.

فقد خرجا قبيل الفتح من مكة، فلقيا رسول الله (صلى الله عليه واله) وأصحابه في أثناء الطريق ـ وعلى وجه التحديد في نقطة تدعى بثنية العقاب، والنبي قاصد مكة، فاستأذنا رسول الله (صلى الله عليه واله) ليدخلا عليه، وأصرّا على ذلك، فأبى النبي (صلى الله عليه واله) أن يأذن لهما.

وقد وسّطا أمّ سلمة، وطلبا منها بلهجة عاطفية أن تشفع لهما عند رسول الله (صلى الله عليه واله) حتى يرضى عنهما، فكلّمته فيهما، ولكن رسول الله (صلى الله عليه واله) أبى وقال :

لا حاجة لي بهما، أما ابن عمّي فهتك عرضي وأما ابن عمّتي وصهري فهو الذي قال بمكة ما قال .

ولما كان عليّ (عليه السلام) أعرف الناس بنفسيّة رسول الله (صلى الله عليه واله) وأخلاقه، وبطريقة استعطافه، فقد كلّمه أبو سفيان في الأمر، فعلّمه علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن يأتي رسول الله (صلى الله عليه واله) من قبل وجهه فيقول : {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف: 91]، فان رسول الله (صلى الله عليه واله) سيجيبه بما قاله يوسف لاخوته اذ قال لهم : {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92] ؛ لأنه (صلى الله عليه واله) لا يرضى بأن يتفوق عليه أحد في حسن القول.

ففعل أبو سفيان هذا ما أشار عليه الامام علي (عليه السلام) ودخل من الطريق الذي بيّنه له، فعفا عنه رسول الله كما فعل يوسف باخوته، فانشد أبو سفيان قصيدة أراد بها أن يكفّر عما سبق منه، قال فيها :

لعمرك إني يوم أحمل راية

                   لتغلب خيل اللات خيل محمّد

فكالمدلج الحيران أظلم ليله

                   فهذا أواني حين اهدى فأهتدي

ويكتب ابن هشام  في سيرته قائلا : قال أبو سفيان ومعه ابنه، لما أعرض رسول الله (صلى الله عليه واله) عنه وأبى أن يأذن له : والله ليقبلنّي، أو لأخذت بيد ابني هذا فلأذهبنّ في الارض حتى أهلك عطشا وجوعا وأنت أحلم الناس مع رحمي بك .

وقد سبق أن قالت أمّ سلمة لرسول الله (صلى الله عليه واله) قد كلّمته في أبي سفيان : بأبي أنت وامّي يا رسول الله ألم تقل : أنّ الاسلام يجبّ ما كان قبله؟ فرقّ رسول الله (صلى الله عليه واله) لهما، وأذن لهما، فدخلا، وقبل اسلامهما.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.