المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24

معنى (الختم على الأفواه)
27/9/2022
البيع
22-9-2016
الإعجاز البلاغي والعددي في القرآن الكريم‏
19-01-2015
سلطة القاضي في تقدير بدل الخلع في التشريع الجزائري
24-4-2019
Morphemes
22-2-2022
الغرض من الإمامة وصفات الإمام
30-06-2015


النبي يدخل مكة  
  
3079   06:50 صباحاً   التاريخ: 21-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص432-436.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-6-2017 2899
التاريخ: 2-7-2017 2938
التاريخ: 28-6-2017 3093
التاريخ: 11-5-2017 3683

دخل رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو على راحلته القصواء وأصحابه متوشحو السيوف محدقون به يلبّون وهم ألفان، فدوّى صوتهم الموحّد بالتلبية في أرجاء مكة، وكانت نغمة هذه التلبية الكبرى من الجلال والجمال بحيث بهرت كل سكان مكة، وسحرت قلوبهم وعطفها نحو المسلمين، وفي نفس الوقت أرعب اتّحاد المسلمين، ونظامهم، والتفافهم حول النبي قلوب المشركين، ولم يقطع رسول الله (صلى الله عليه واله) تلبيته حتى استلم الركن.

فلما انتهى رسول الله (صلى الله عليه واله) الى البيت وهو على راحلته وابن رواحة آخذ بزمامها وقد صف له المسلمون حين دنا من الركن حتى انتهى إليه، استلم الركن بمحجنه مضطبعا بثوبه على راحلته انشد عبد الله بن رواحة يقول :

خلّوا بني الكفّار عن سبيله

                   إني شهدت أنه رسوله

حقا وكل الخير في سبيله

                   نحن قتلناكم على تأويله

كما ضربناكم على تنزيله

                   ضربا يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله

وطاف رسول الله (صلى الله عليه واله) بالبيت المعظم على راحلته، وهنا أمر (صلى الله عليه واله) ابن رواحة ان يردّد هذا الدعاء بلحن ونغم خاص ؛ وان يتبعه المسلمون : لا إله إلاّ الله وحده وحده، صدق وعده، ونصر عبده واعز جنده، وهزم الاحزاب وحده.

كانت مكة بجميع مشاعرها في ذلك اليوم تحت تصرف المسلمين، المسجد، الكعبة، الصفا، المروة، وغيرها، وقد كانت هذه الشعارات التوحيدية الساخنة في مكان كان طوال سنين مديدة مركزا للوثنية، والشرك توجّه ضربات روحية قوية إلى نفسيّة سادة المشركين، وأتباعهم، ممّا كان يوحي بغلبة محمّد  (صلى الله عليه واله) على كل أرجاء الجزيرة العربية حتما ويقينا.

ولما قضى رسول الله (صلى الله عليه واله) نسكه دخل البيت فلم يزل فيه حتى حان الظهر، فصعد بلال الذي طالما عذّب في هذا البلد بسبب اسلامه فوق ظهر الكعبة بأمر رسول الله (صلى الله عليه واله)، واذّن لصلاة الظهر.

ولقد كان لهذا المنظر مردود عجيب في نفوس المشركين فبلال واقف في نقطة طالما عدّت فيها الشهادة بالتوحيد وبرسالة محمّد، ذنبا لا يغتفر، وجريمة لا ينجو صاحبها من العذاب، يردد ويردد معه المسلمون ما يردّد من فصول الأذان فصلا فصلا في خشوع وروحانية بالغة.

لقد أزعج أذان بلال المشركين واعداء التوحيد، حتى قال صفوان بن أميّة  : الحمد لله الذين أذهب أبي قبل أن يرى هذا، وقال خالد بن اسيد : الحمد لله الذي أمات أبي ولم يشهد هذا اليوم، ولم يسمع هذا العبد الحبشيّ يقول ما يقول.

واما سهيل بن عمرو  فانه لما سمع تكبير بلال غطّى وجهه بمنديل.

إنهم لم ينزعجوا من صوت بلال  بل أحرجتهم مضامين فصول الأذان التي كانت ضدّ ما يحملونه من المعتقدات الباطلة الموروثة، وجعلتهم يعانون بسبب ذلك من عذاب روحي شديد، ثم ان رسول الله (صلى الله عليه واله) حين أراد السعي بين الصفا والمروة سمع بأن قريشا تحدثت بينها أن محمّدا وأصحابه في عسرة وجهد وشدة، وان الذين هاجروا معه الى المدينة مرضى، وأنهم صفّوا له عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه، فهرول رسول الله (صلى الله عليه واله) هرولة في المكان المعلّم الآن في المسعى، وتبعه المسلمين وقد قال لهم قبل ذلك: رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوة .

وذلك ليبطل ما اشاعته قريش حول المسلمين المهاجرين من الضعف والهزال بسبب ظروف المهجر، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على امرين :

أولا : جواز القيام بالأعمال السياسية في موسم الحج.

ثانيا : ان النبي (صلى الله عليه واله) كان حذرا جدا فكان يبطل كل خطط العدو أولا بأول.

يقول صاحب زاد المعاد : أمر النبي بذلك ليرى المشركون جلدهم وقوتهم، وكان يكايدهم ( أي يبطل كيدهم ) بكل ما استطاع.

ثم ان رسول الله (صلى الله عليه واله) بعد أن فرغ من السعي نحر البدن، ثم قصّر من شعره، ثم خرج من إحرامه، وتبعه المسلمون في كلّ ما فعل.

ثم أمر (صلى الله عليه واله) مائتين من أصحابه بعد أن طافوا بالبيت وانتهوا من مناسك العمرة ان يذهبوا إلى أصحابه بمرّ الظهران فيقيموا على السلاح فيأتي الآخرون فيقضوا مناسكهم، ففعلوا.

انتهت أعمال العمرة ونسكها، وذهب المهاجرون إلى منازلهم التي هجروها قبل سبعة أعوام، ليجدّدوا اللقاء بذويهم وأقربائهم بعد طول فراق، واستضافوا جماعة من الأنصار في بيوتهم وفاء لجميلهم وتقديرا لخدماتهم حين قدموا عليهم المدينة بعد الهجرة، فأسكنوهم واكرموهم في منازلهم وخدموهم سنينا عديدة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.