أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-5-2017
3395
التاريخ: 12-5-2016
3443
التاريخ: 28-5-2017
3755
التاريخ: 7-6-2017
3674
|
دخل رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو على راحلته القصواء وأصحابه متوشحو السيوف محدقون به يلبّون وهم ألفان، فدوّى صوتهم الموحّد بالتلبية في أرجاء مكة، وكانت نغمة هذه التلبية الكبرى من الجلال والجمال بحيث بهرت كل سكان مكة، وسحرت قلوبهم وعطفها نحو المسلمين، وفي نفس الوقت أرعب اتّحاد المسلمين، ونظامهم، والتفافهم حول النبي قلوب المشركين، ولم يقطع رسول الله (صلى الله عليه واله) تلبيته حتى استلم الركن.
فلما انتهى رسول الله (صلى الله عليه واله) الى البيت وهو على راحلته وابن رواحة آخذ بزمامها وقد صف له المسلمون حين دنا من الركن حتى انتهى إليه، استلم الركن بمحجنه مضطبعا بثوبه على راحلته انشد عبد الله بن رواحة يقول :
خلّوا بني الكفّار عن سبيله
إني شهدت أنه رسوله
حقا وكل الخير في سبيله
نحن قتلناكم على تأويله
كما ضربناكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله
وطاف رسول الله (صلى الله عليه واله) بالبيت المعظم على راحلته، وهنا أمر (صلى الله عليه واله) ابن رواحة ان يردّد هذا الدعاء بلحن ونغم خاص ؛ وان يتبعه المسلمون : لا إله إلاّ الله وحده وحده، صدق وعده، ونصر عبده واعز جنده، وهزم الاحزاب وحده.
كانت مكة بجميع مشاعرها في ذلك اليوم تحت تصرف المسلمين، المسجد، الكعبة، الصفا، المروة، وغيرها، وقد كانت هذه الشعارات التوحيدية الساخنة في مكان كان طوال سنين مديدة مركزا للوثنية، والشرك توجّه ضربات روحية قوية إلى نفسيّة سادة المشركين، وأتباعهم، ممّا كان يوحي بغلبة محمّد (صلى الله عليه واله) على كل أرجاء الجزيرة العربية حتما ويقينا.
ولما قضى رسول الله (صلى الله عليه واله) نسكه دخل البيت فلم يزل فيه حتى حان الظهر، فصعد بلال الذي طالما عذّب في هذا البلد بسبب اسلامه فوق ظهر الكعبة بأمر رسول الله (صلى الله عليه واله)، واذّن لصلاة الظهر.
ولقد كان لهذا المنظر مردود عجيب في نفوس المشركين فبلال واقف في نقطة طالما عدّت فيها الشهادة بالتوحيد وبرسالة محمّد، ذنبا لا يغتفر، وجريمة لا ينجو صاحبها من العذاب، يردد ويردد معه المسلمون ما يردّد من فصول الأذان فصلا فصلا في خشوع وروحانية بالغة.
لقد أزعج أذان بلال المشركين واعداء التوحيد، حتى قال صفوان بن أميّة : الحمد لله الذين أذهب أبي قبل أن يرى هذا، وقال خالد بن اسيد : الحمد لله الذي أمات أبي ولم يشهد هذا اليوم، ولم يسمع هذا العبد الحبشيّ يقول ما يقول.
واما سهيل بن عمرو فانه لما سمع تكبير بلال غطّى وجهه بمنديل.
إنهم لم ينزعجوا من صوت بلال بل أحرجتهم مضامين فصول الأذان التي كانت ضدّ ما يحملونه من المعتقدات الباطلة الموروثة، وجعلتهم يعانون بسبب ذلك من عذاب روحي شديد، ثم ان رسول الله (صلى الله عليه واله) حين أراد السعي بين الصفا والمروة سمع بأن قريشا تحدثت بينها أن محمّدا وأصحابه في عسرة وجهد وشدة، وان الذين هاجروا معه الى المدينة مرضى، وأنهم صفّوا له عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه، فهرول رسول الله (صلى الله عليه واله) هرولة في المكان المعلّم الآن في المسعى، وتبعه المسلمين وقد قال لهم قبل ذلك: رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوة .
وذلك ليبطل ما اشاعته قريش حول المسلمين المهاجرين من الضعف والهزال بسبب ظروف المهجر، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على امرين :
أولا : جواز القيام بالأعمال السياسية في موسم الحج.
ثانيا : ان النبي (صلى الله عليه واله) كان حذرا جدا فكان يبطل كل خطط العدو أولا بأول.
يقول صاحب زاد المعاد : أمر النبي بذلك ليرى المشركون جلدهم وقوتهم، وكان يكايدهم ( أي يبطل كيدهم ) بكل ما استطاع.
ثم ان رسول الله (صلى الله عليه واله) بعد أن فرغ من السعي نحر البدن، ثم قصّر من شعره، ثم خرج من إحرامه، وتبعه المسلمون في كلّ ما فعل.
ثم أمر (صلى الله عليه واله) مائتين من أصحابه بعد أن طافوا بالبيت وانتهوا من مناسك العمرة ان يذهبوا إلى أصحابه بمرّ الظهران فيقيموا على السلاح فيأتي الآخرون فيقضوا مناسكهم، ففعلوا.
انتهت أعمال العمرة ونسكها، وذهب المهاجرون إلى منازلهم التي هجروها قبل سبعة أعوام، ليجدّدوا اللقاء بذويهم وأقربائهم بعد طول فراق، واستضافوا جماعة من الأنصار في بيوتهم وفاء لجميلهم وتقديرا لخدماتهم حين قدموا عليهم المدينة بعد الهجرة، فأسكنوهم واكرموهم في منازلهم وخدموهم سنينا عديدة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|