أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-10-2014
2891
التاريخ: 8-10-2014
2088
التاريخ: 9-10-2014
6150
التاريخ: 24-04-2015
2310
|
علم أسباب النزول من فروع علوم القرآن، وهو علم يبحث فيه عن سبب نزول سورة او آية ووقتها ومكانها وغير ذلك، (فأسباب النزول هي: أمور وقعت في عصر الوحي واقتضت نزول الوحي بشأنها)(1).
فهي ليست بمعنى السبب والعلة التامة قطعا، وانما هي مناسبة دعت الى نزول آية او آيات بنحو الاقتضاء، وكل ذلك بترتيب الله وعلمه، اذ لا يتوقف البيان للناس على هذه الواقعة حسب بحيث لولاها لما صدر بيان من الشارع، لكن هذه المناسبة كانت اول مصاديق الداعي والاقتضاء.
ثم ان معرفة أسباب النزول يعتمد على ما نقل عن السلف. والغرض منه ضبط ما يتعلق بالآيات من اقترانها بالمناسبة، ليتعرف المفسر على وجه من وجوه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم، ومنه ما له خصوصية، ومنه ما يكون عاما.
فقد يحتاج المفسر الى معرفة السبب اشد احتياجا ليسير على ضوئه في فهم النص، اذ ربما لا يمكن معرفة تفسير الآية من دون الوقوف على سبب نزولها، لان النص القرآني المرتبط بسبب معين للزول تجئ صياغته وطريقة التعبير فيه على وفق ما يقتضيه ذلك السبب، فما لم يعرف ويحدد، لا تستجلى اسرار صياغته، ولا شك (انه لا يحل القول فيه الا بالرواية والسماع ممن شاهد التنزيل)(2).
وحيث ان أسباب النزول يدرس فيه كلام الله تعالى في القرآن من حيث ارتباطه بالأحداث والوقائع التي وافقت نزوله في عصر الوحي، واقتضت نزول الوحي بشأنها، فكان له الأثر الكبير في تنوع الفهم واختلاف التفسير، نتيجة لاختلاف الرواية لمناسبة نزول آية معينة، فالأسباب تؤدي دورا كبيرا في إيضاح مفاد الآيات وتبين أهدافها، وتلقي ضوءا على مضامينها، فيفيد كل مفسر بحسب فهمه من ذلك السبب حتى مع وحدة السبب.
ومما وقع من الاختلاف بسبب مناسبة النزول ما أشار اليه ابن الجوزي (ت 597÷ـ)، في معنى الولاية من قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [المائدة: 51].
حيث فسرت بالتولي في الدين تارة، وبالنصرة والاستعانة تارة، والعهد أخرى(3)، اذ ذكروا في أسباب نزولها ثلاثة اقوال:
الأول:
انها نزلت في ابي لبابة حين قال لبني قريظة اذ رضوا بحكم سعد: انه الذبح.
ويفهم من هذه الموادة، ويكون معنى:
((لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء)).
(أي: لا تعتمدوا على الاستنصار بهم، متوددين اليهم)(4) بالملاطفة والملاينة، اذ طلت الآية على انه ينبغي ان يعامل اليهود والنصارى بالغلظة والجفوة دون الملاطفة، والملاينة(5).
الثاني:
ان عبادة بن الصامت قال: يا رسول الله ان لي موالي من اليهود، واني ابرا الى الله من ولاية يهود، فقال عبد الله بن ابي: اني رجل أخاف الدوائر، ولا ابرا الى الله من ولاية يهود، فنزلت هذه الآية. ويفهم منها معنى المهادنة والموادعة خوفا من غلبتهم ودولة الامر لهم(6).
الثالث:
انه لما كانت وقعة احد خافت طائفة من الناس ان يدال عليهم الكفار، فقال رجل لصاحبه: اما انا فالحق بفلان اليهودي، فآخذ منه امانا، او اتهود معه، فنزلت هذه الآية. ويفهم منها اخذ العهد والاستنصار والاستعانة(7).
وهذا الميل الى المحاربين من اهل الكتاب وموالاتهم ينظر اليه على انه مماثلتهم في مخالفة الامر مرة، والدخول في دينهم والخروج عن الإسلام أخرى.
ويتفرع عليه ان تفسير (الولاية) في ذيل الآية، وهو قوله تعالى:
{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } [المائدة : 51]: في العون والنصرة.
وفي قوله تعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51].
ذكر ابن الجوزي (ت 597هـ) قولين:
1- من يتولهم في الدين، فانه منهم في الكفر.
2- من يتولهم في العهد فانه منهم في مخالفة الامر(8).
وهذه الأسباب والاقوال المتفرعة عليها، من ولاية الدين والذي تترتب عليها احكام تغاير ما لو قيل ان هذه الولاية تعني مخالفة الامر، او انها تختص بالمنافق من دون غيره، او المحارب عموما، او خصوص اليهود والنصارى، الى غير ذلك مما يمكن التفريع به، كالقول بتسرية حكم الآية لما بعد زمن الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله)، او ان الولاية المقصودة هنا هي مجرد مخالفة لا تستلزم الخروج من الدين، وما يتفرع على ولاية الدين، مع اختلاف التفسيرات والاحكام المترتبة عليها، قال ابن جرير الطبري (ت 310هـ): (ولم يصح بواحد من هذه الاقوال الثلاثة خبر يثبت بمثله حجة فيسلم لصحته القول بانه كما قيل. فاذ كان ذلك كذلك، فالصواب ان يحكم لظاهر التنزيل بالعموم على ما عم(9).
فقد يفهم ان من اتخذهم نصيرا وحليفا ووليا من دون الله ورسوله والمؤمنين، فانه منهم في التحزب او الدين او غير ذلك، اذ ان الولاية في اللغة(10) مما يحتمل معاني كثيرة جدا، فتغاير شان النزول قد يعطي فهوما متنوعة، يمكن ان تنتج تفسيرات مختلفة، كما في هذا الشاهد القرآني، حيث يمكن ان يفهم منها الردع عن التودد، والردع عن الاستنصار، والردع عن المهادنة، وعد الموالي مخالفا او خارجا عن الدين، ودلالة نفاق المتولي لمطلق المحارب او اهل الكتاب او اليهود والنصارى خاصة، او اختصاص ذلك بزمن النبي (صلى الله عليه واله)، او تعديته الى ما بعده، كل ذلك بناء على التأمل في سبب النزول واعتماده لجعله قرينة على فهم معين.
ــــــــــــــــــــــــــ
1) محمد باقر الحكيم – علوم القرآن: 38.
2) ينظر: الواحدي: أسباب النزول: 4.
3) زاد المسير: 2/ 288 – 289.
4) الطبرسي – مجمع البيان: 3/ 355.
5) ينظر: الطبري – جامع البيان: 6/ 374 والشريف الرضي – حقائق التأويل: 75 والطوسي – التبيان: 2/ 434.
6) ينظر: الطبري – جامع البيان: 6/ 374 والطبرسي – مجمع البيان: 3/ 354 – 355.
7) ينظر: الطبري – جامع البيان: 6/ 374 وزاد المسير: 2/ 288 – 289.
8) زاد المسير: 2/ 289.
9) الطبري – جامع البيان: 6/ 374.
10) الجوهري – الصحاح: 6/ 2528 وأبو هلال العسكري – الفروق اللغوية: 577 وابن فارس – معجم مقاييس اللغة: 6/ 141 – 142 وابن منظور – لسان العرب: 15/ 406 – 410.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|